أبتاه

علي صدر الدين البيانوني

أبـــتــــــــاه قـــلبي دائــــم الخـفــقــــــــان

بــالحــب نحـــــــوك والحنين بـــــراني

والدمـع في عيني يفيض مـن الجــــــوى

شـــــــوقاً إليك فقد نـأت أوطــاني

كــم ذا أحـــنّ إلى لــيــــــــالٍ كـنـتَ لي

فيـهـــا ســـــكينـةَ مهجتي وجَنـاني

ويـــزيــــــد مـــن ألمــي لـبـعـــــــدك أنني

لا أســـــتـطيـع لقـــــــاك أو تلقـــاني

فـالقيـــــــد يمنعني ويُقعـــدك الجــــــوى

مــا حيلتي في القيــــد والأشـجــان

لمـــا علمت بــأن جســــمك مــوجـــع

مـــلأ الأســــــى قلبي وهــز ّكيــاني

وبكيـت حتى طــــال عهـدي بالبكـا

وتقــرّحــت مـن أدمـعـي أجـفــاني

واحتـــــار فكـري كيف أبلغ حيـلــــة

وأنــا الأســــــير يـدايَ مـوثـقتــان؟

ووددت لـــــو أني مكــانــك مــــوجــعٌ

تفـديـك نفسي كم وجعت مكاني

ولـطــــالمـــــا داوى حـنـــانـــك عــلـتي

أنّى - لبعــدي - أن يفيــد حنـــاني

أبتــــاه يــــا رمــــــز المحبــــــــة والتقــى

يـــا مجمـع الأخـــلاق في الإنســـــان

يـــا من دعــوت إلى اتبـــاع المصطـفى

في القـــــول والأفعــــال والإحســان

وغـرســـت فينا طـاعــة الرحمن مــذ

ألـقـيـتَ فـينــــا بـــــذرة الإيمــــــــان

وســـلكت في إعـــدادنــا نهج الهـدى

ورعيتنــــا بمحـبــــــــة وحنـــــــــان

وفتـحـتَ عيني للهـــدايــــــة عنــدمـــا

حـبـبتــني بــتـــــــــــلاوة الـقــــــــــرآن

فـغـــدوت أتــلـــو آيــــــه بســـلاســــــة

وأنـا ابن خمس ٍكم فقهت معاني!

أبشـر أبي شجراتُ غرسك أورقت

وبــدت أزاهـرهـا على الأغصـان

وثمــــارهــــــا قــــــد أينعت مـزدانـــــة

وجـنى الثـمـــار بـــهـــا قريـبٌ دان

ســــتـقــرّ عينـك بالثمــــــار وجنيهـــا

وتـــرى نتـــائــج ســــــعيك المتفاني

إني على العـهــــــد القــديم ولو عـــدا

ســـــهـم الـزمـــــان بغفلـة ورمـــاني

ســــــــــأظــلّ يـــــا أبتي كمـــــا ربيتـني

وكمــا أردتَ لـنــا مــدى الأزمـان

إنـــــي لأعـــجــــــز أن أوفيَ حـــقـــــــه

أو بـعـضــه يـا واهــب الإحســـان

فـلـقــــد أفـــــاض عليّ مـن تحنــــــانـه

مـــا لم يفضـــه أبٌ عـلى ولـــــــدان

فـــاجـــــزِ إلهــي فضـــــــلـه وجميـــــلـه

أنـت الـمــرجّـى يـا عظيم الشــــان

إن كــانـت الأبنـــــاءُ زينــــةَ عيشــــنا

فـالــرحمــــة العظمى هي الأبـــــوان

يــا مــن يــعـــزّ على فــــؤادي أن أرى

شــــكواه قـد عزّت على إمكــاني

لا أســــتطـيـع فــــداءهــــا ودواءهـــا

بل لســت أملك غير قول لســــاني

أرجــــو إلــــــه العـرش يشــفي لي أبي

أدعـــوه مضطــــراً إلى الإحسان

فـلـكـم أجـــــاب الله دعـــــوة مـذنب

مثـلي فـفضـــل الله لا ينســـــــــانـي

يـــا ربّ أســــألك الشــــفاء لـوالــدي

والاجتمــــاع بـــــه مــع الإخـــــــوان

واجمـع إلهــي شمــلـنـــــا واختـم لنـــــا

بـالخير والإحســــــــــان والإيمــــــان

يوم الثلاثاء 1 ربيع الأول 1395  الموافق 2 آذار 1976

وسوم: العدد 769