«وزير القائد» وصف قادة «الإطار» بثُلّة تعشق «الفساد والمال ‏والرذيلة»

مشرق ريسان

ما إن انتهت أحداث المنطقة الخضراء، وفضّ الصدريين اعتصامهم في محيط مبنى مجلس النواب، بدأ «الإطار التنسيقي» وحلفاؤه بالضغط نحو تفعيل عمل المجلس النيابي، واستئناف عقد جلساته المعطلّة، لاختيار رئيس الجمهورية الجديد وتكليف رئيس للحكومة بمهمة اختيار كابينته الوزارية، الأمر الذي يُنّذر بخطوات تصعيدية جديدة لأتباع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، المنادي بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، أفصح عنها وزيره «صالح محمد العراقي».

وبدت الأجواء داخل المنطقة الخضراء وسط العاصمة الاتحادية،  ، هادئة بعد ليلة دامية أسفرت عن سقوط المئات بين قتيل وجريح.

كما أعيد فتح الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الدولية من جهة الكرادة، أمام حركة المرور الاعتيادية، تمهيداً لإعادة فتح المنطقة تدريجياً.

يتزامن مع ذلك انطلاق حملة خدمية لتنظيف المنطقة الخضراء ومحيطها من آثار النزاع المسلّح الذي اندلع بين أتباع الصدر و«الحشد» والقوات الأمنية المكلّفة بحماية المنطقة، فضلا عن آثار المعتصمين.

حملة كبرى

وأعلن أمين بغداد، عمار موسى كاظم، في بيان صحافي أن «بعد رفع حظر التجوال من قبل قيادة العمليات المشتركة شرعت أمانة بغداد بتنفيذ حملة كبرى في داخل المنطقة الخضراء ومحيطها ومناطق العاصمة بغداد من خلال تحشيد جهود الدوائر البلدية في جانبي الكرخ والرصافة».

وأضاف أن «الحملة شملت إشراك عدد كبير من الجهد الآلي والبشري المنظم لرفع المخلفات والنفايات المتكدسة في بعض المناطق نتيجة فرض حظر التجوال الذي قيد حركة المركبات والعمال».

وبين أن «الحملة انطلقت بعد رفع الحظر مباشرة، وهي مستمرة لرفع النفايات وغسل الشوارع الرئيسية والساحات والتقاطعات العامة»، مشيراً إلى أن «حركة الطرق في العاصمة بغداد عادت بشكل طبيعي وانسيابي، وكان هناك تعاون مع قيادة عمليات بغداد ومديرية المرور العامة لرفع الكتل الكونكريتية عن الشوارع ‏التي أغلقت خلال فترة الحظر».

ويأتي ذلك تمهيداً لاستئناف جلسات البرلمان، التي من المقرر لها أن تشهد تصويتاً لمرشح رئاسة الجمهورية، محصور بين التجديد لبرهم صالح وبين مرشح «الديمقراطي» ريبر أحمد، الذي سيكلف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني، بتأليف كابينته.

غير أن ذلك يصطدم مع مطلب الصدر المنادي بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكّرة.

ولم يتمكن الصدر وحلفاؤه في «التحالف الثلاثي/ إنقاذ وطن» من تحقيق نصاب الثلثين لعقد جلسة البرلمان، وقرر بعدها سحب نوابه (73 نائباً) من البرلمان، الأمر الذي عزّز نفوذ «الإطار» وحلفائه برلمانياً.

ورغم انتهاء «التصعيد المسلح» الأخير، غير أن الصدر ما يزال مصراً على مطلبه، وهو ما يُنّذر بإعادة الاحتجاجات الصدرية مرّة أخرى، حال استئناف عمل البرلمان مجدّداً.

وعلّق صالح محمد العراقي، المعروف بـ «وزير الصدر»،   على ‏دعوة «الإطار التنسيقي» الشيعي للمضي بعقد جلسات مجلس النواب ‏‏(البرلمان) وفيما وصف «الإطار» أنّهم ثُلّة تعشق «الفاسد والمال ‏والرذيلة»، اشترط عليهم «إعلان الحداد» على الضحايا الذين سقطوا جراء ‏أحداث المنطقة «الخضراء» الدامية، وإلا سيكون «عدوّهم الأول».‏

مواقف «وقحة»

وقال المقرّب من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في «تدوينة» له، «لم ‏استغرب ولا طرفة عين من مواقف (الإطار التنسيقي الوقحة) ولا من ‏‏(ميليشياته الوقحة) حينما يعلنون وبكل وقاحة متحدين الشعب برمته ‏وبمرجعيته وطوائفه أنهم ماضون بعقد البرلمان لتشكيل (حكومتهم الوقحة) ‏وما زال دم (المعدومين) غدرا من المتظاهرين السلميين وبطلقات ميليشياتهم ‏القذرة لم يجف. وكأن المقتول إرهابي أو صهيوني ولا يمت إلى (المذهب) ‏بصلة أو إلى (الوطن) بصلة».‏

وأضاف: «نعم تلك وقاحة ما بعدها وقاحة، فلا دين لهم ولا أخلاق ولا يتحلون ‏بقليل من (شرف الخصومة) فيا له من (ثالوث وقح) لا يعرف معنى ‏الإصلاح ولا الثورة ولا السلمية ولا معاناة الناس على الإطلاق».‏

وأشار إلى أن «تلك ثلةٌ عشقت الفساد والمال والرذيلة وتغذت عليها ‏كالدابة التي تغذت على العذرة فما عادت صالحة حتى للأكل. عَشِقت الفساد ‏الذي تتغذى وتنمو قوتها منه ولم تحاول ولو لمرة واحدة كشف ملف فساد ‏واحد وكأنهم معصومون».‏

وتابع: «إنهم لا يعشقون الفساد فحسب بل إنهم يبغضون الإصلاح ‏والمصلحين ويرقصون على (شهدائهم) مرة، وعلى (انسحابهم) من البرلمان ‏مرة، ومن المظاهرات مرة أخرى، وكأن الشهداء والمنسحبين من جنسية ‏ليست عراقية ومن أقلية لا تملك الملايين من المحبين والمنتمين في هذا ‏الوطن».‏

وزاد: «إنها الوقاحة يا سادة. إنه صراع الوجود. وجودهم في السلطة ‏والطغمة الفاسدة المقيتة التي حانت بشائر زوالها».‏

ومضى يقول: «ولتعلموا إنني لم ولن أتردد في كتابة هذه المقالة فإنها وإن ‏كانت شديدة أو يعتبرها البعض خارجة عن سياقات السياسة إلا أنها الحقيقة ‏المرة التي يجب أن ينطق بها الناطقون ويلهج بها اللاهجون وإلا كان ‏الساكت شيطاناً أخرس لا يحب الوطن».‏

«عدوهم الأول»

ولفت إلى أن «من هنا، إذا لم يعلنوا الحداد فليعتبروني والتيار من اليوم ‏عدوهم الأول بكل السبل المتاحة وبعيدا عن العنف والاغتيالات التي قرر ‏الفاسدون أن يصفوا خصومهم بها».‏

وفي ختام «تدوينته» توجّه العراقي بكلامه لإيران قائلاً: «هذا ندائي للجارة ‏إيران. أن تكبح جماح بعيرها في العراق وإلا ..فلات حين مندم»، حلى حدّ ‏قوله.‏

ولاحقا، هاجم العراقي، ما دعاه بـ«شيخ الإطار».

وزاد، في تدوينة «وخزة»، «من رآه سماحته يـشقّ فم صحافي. فنهره. ألا يطلق النار على الثوار؟»

وواصل: «من أراد قصـف قبّة حرم أمير المؤمنين، ألا يقـتل المتظاهرين بدم بارد؟، من أمر بقـتل الجيش والشرطة في النجف الأشرف أيام الانتفاضة ألا يقــتل أبناء جلدته وعقيدته؟ ثم من أراد أن يهجم على النجف الأشرف والتسريبات تثبت ذلك. ألا يقـتل المتظاهرين العزّل؟،

من يتبجّح بقـتل السنة والشيعة ألا يـقتـل الثوار؟، من تسبب بمقتل 1700 في معسكر سبايكر ألا يقتل ثـوّار الإصلاح؟».

وختم: «فكيف تريدنا يا (شيخ الإطار) أن يجمعنا الحسين، وهو سلام الله عليه لم يرض بالاجتماع مع يزيد؟ فمن الآن لن يجمعنا أي شيء، لكننا حبّاً بالوطن لا نريد أن يتزعزع سلم الوطن الأهلي، ثم أدعوك يا (شيخ الإطار) أن يجمعنا و (إياك) فقط حب الحسين».

وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، دعا «الإطار»، مجلس النواب وباقي المؤسسات للعودة الى ممارسة مهامها.

وقال، في بيان صحافي، إنه «في الوقتِ الذي نعربُ فيهِ عن أسفنا وحزننا الشديدِ لما وقعَ من فتنةٍ عمياءٍ تسببت بسقوطِ ضحايا من أبناءِ شعبنا بسببِ مواقف غير مدروسةٍ أدت إلى ما حدثَ، فإننا نتقدمُ بالشكرِ الجزيلِ لكلِ موقفٍ وكلمةٍ وفعلٍ ساهمَ في إيقافِ هذه الفتنةِ ووضعَ حداً لنزيفِ دماءِ الاخوةِ من أبناءِ الوطن الواحد».

وأضاف: «كما ونتقدمُ بالشكرِ والتقديرِ والامتنان إلى أبناءِ القواتِ الامنيةِ والحشدِ الشعبي لما تمتعوا بهِ من ضبطٍ للنفسِ والتزامٍ كبيرٍ بالمسؤوليةِ».

ولفت إلى أن «لأجلِ منع تكرار ما وقعَ من فتنةٍ وإنهاء الظروف التي تساعدُ عليها نرى ضرورةَ العمل بهمة راسخة والإسراعِ بتشكيلِ حكومة خدمةٍ وطنيةٍ تتولى المهام الاصلاحية ومحاربةِ الفسادِ ونبذ المحاصصةِ وإعادة هيبة الدولة لينعم الجميع بالأمنِ والاستقرارِ والإسراع إلى تحقيقِ ما يصبو إليهِ أبناء شعبنا الكريم، وبمشاركةٍ واسعةٍ من جميعِ القوى السياسيةِ الراغبة في المشاركةِ».

ودعا أيضاً مجلسَ النوابِ وباقي المؤسسات الدستوريةِ «للعودةِ إلى ممارسةِ مهامها الدستورية والقيام بواجبها تجاهَ المواطنين».

وعلى الرغم من إعلان الصدر اعتزال العمل السياسي، غير أن موقفه الأخير بسحب مسلحيه وإنهاء الاعتصامات في المنطقة «الخضراء»، «زاد من شعبيته» سياسياً واجتماعياً.

وحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، نديم الجابري، فإن «ثورة الصدر»، ستُفضي إلى «تحول مقتدى الصدر من زعيم سياسي لتنظيم سياسي محدد إلى زعيم وطني سيزيد من شعبيته مما سيمهد إلى رفعه إلى موقع ديني رفيع».

ورأى في إيضاحٍ له أن احتجاجات الصدريين «ستفضي حتما إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة في نهاية العام المقبل»، كذلك رجّح «تراجع فرص الإطار الشيعي في اختيار رئيس وزراء جديد، أذ سيقبل بالأمر الواقع ويقبل بتجديد ولاية مرة أخرى».