تسخين ملف درعا: محاولات للنظام السوري وإيران لإحكام السيطرة على الجنوب بكامله

هبة محمد

دمشق – «القدس العربي»: يصر النظام السوري، تنفيذاً للأجندة الإيرانية، على المقاربة الأمنية التي تهدف إلى استعادة السيادة الكاملة على محافظة درعا جنوب سوريا، عبر إعادة احتكار العنف ونزع السلاح، مع تحييد كل الشخصيات المناهضة له، اعتقالاً أو اغتيالاً، وذلك بموازاة محاولة الميليشيات الإيرانية التموضع في هذه المنطقة لملء الفراغ الناجم عن الانكفاء الروسي.

حيث تشهد مدن وبلدات درعا، تصعيداً، يتناغم مع سياسة النظام الانتقامية ضد كل من خرج ضده، فما أن يتمكن النظام من السيطرة على مدينة أو بلدة، حتى يبرز الحقد الانتقامي لدى أجهزته الأمنية والميليشيات التابعة له، تجاه جارتها، فيبدأ على الفور في تنفيذ اغتيالات بشتى الأساليب.

مدينة طفس، التي توصلت إلى اتفاق تهدئة مع النظام السوري، منتصف الشهر الجاري، شهدت الجمعة، تشييع القيادي في المعارضة السورية خلدون بديوي الزعبي، و4 من عناصره، حيث لقوا مصرعهم جميعاً، في كمين محكم، من قبل قوات النظام في منطقة المفطرة بين بلدة اليادودة وحي الضاحية بدرعا، جنوب سوريا.

ووفقاً لشبكة «تجمع أحرار حوران» المحلية، فإن قوات النظام قتلت خلدون الزعبي، إلى جانب أربعة من عناصره، خلال عودتهم من اجتماع مع رئيس جهاز الأمن العسكري لؤي العلي التابع للنظام في مدينة درعا.

كما شهدت مدينة نوى، قبل يومين مواجهات عنيفة بين مجموعات مسلحة محلية، ودورية مشتركة لقوات النظام، أثناء عملية دهم شنتها هذه الأخيرة بهدف اعتقال ابن العقيد المنشق فواز الطياسنة في مدينة نوى في ريف محافظة درعا الغربي، الأمر الذي فتح التساؤل ما إذا كانت قوات النظام السوري تسعى لخلق ثغرات جديدة تسمح لها بتبرير حصار نوى وقصفها ضمن مساعيها الحثيثة لإخضاع المنطقة، أسوة بما شهدته مدينة طفس خلال الشهر الجاري.

ولفهم سياسة النظام السوري، في تسخين المنطقة والعودة إلى التوتر في محافظة درعا، عبر الباحث لدى مركز مشارق ومغارب للدراسات، عباس شريفة، عن اعتقاده بأن ما يجري في درعا هو محاولة الميليشيات الايرانية للتموضع في هذه المنطقة بحجة بسط سيطرة قوة النظام باعتبار أنها منطقة مصالحات وهذا يعني استهدافاً للعديد من قيادات المقاومة والجيش الحر في المنطقة.

وقال شريفة لـ»القدس العربي» إن «ما يجري ليس بأيادي النظام، وإنما هو محاولة إيرانية للتموضع في منطقة الجنوب السوري لتهديد أمن الأردن، ولتيسير عملية تهريب المخدرات، وأيضاً للقضاء على جيوب المقاومة التي أرهقت النظام في الأيام والشهور الماضية باستهداف الدوريات والعناصر الأمنية، الأمر الذي دفع بالميليشيات الإيرانية والنظام السوري لتسخين المنطقة، والعودة إلى التوتر بحجة بسط السيطرة وضبط الأمن.

وقضى خلال عملية الاستهداف، التي نفذتها المخابرات العسكرية، كل من يزن الرشدان من طفس، ومحمود الرمضان من طفس، ومحمد الصلخدي من طفس، وخليف وهو عسكري منشق من ريف حماه، جميعهم يتبعون لمجموعة القيادي خلدون الزعبي، وأصيب إلى جانبهم 5 آخرون.

العملية جاءت بعد اجتماع أمني بين الزعبي وآخرين والعميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري بمدينة درعا، الذي كان قد دعاهم في وقت سابق للتفاوض بشأن المنطقة الغربية من درعا، والتحقق من استكمال تنفيذ البنود التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين، والتي أنهت التصعيد العسكري في مدينة طفس قبل أيام.

الكاتب والمحلل السياسي د.باسل معراوي، اعتبر أن سياسة النظام السوري تجاه الجنوب بالتحديد، تقوم على تنفيذ الأجندة الإيرانية.

وقال لـ «القدس العربي» إن الميليشيات الايرانية تسعى لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الروسي عن تلك المنطقة، وتحلله من كل التفاهمات السابقة التي حدثت خصوصاً بعد 2018 عندما تم تسليم الجنوب السوري لميليشيات النظام بشروط منها أن تبقى الميليشيات الإيرانية بعيدة عن الحدود الأردنية الإسرائيلية مسافة اكثر من 50 – 80 كم.

وكانت موسكو تلعب وفق المتحدث، دور الضامن أو ضابط الإيقاع عبر تواجدها الجوي، وأرضاً عبر ذراعها المحلي، المتمثل باللواء الثامن التابع لها والذي يقوده أحمد العودة.

وأضاف، لم ترغب أو تقدر روسيا على ضبط تغلغل الميليشيات الموالية لإيران، وخاصة حزب الله اللبناني، وبعد انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، تخلت عن اللواء الثامن وبالتالي لم يعد لها أي قوة فعلية على الأرض، وكان أن لجأ بعض أفراده إلى مدن وبلدات درعا إلى جانب ما يسمى عناصر التسويات أو الثوار السابقين الذين رفضوا المصالحات، وكانوا يشكلون بؤراً أو جزراً أمنية غير خاضعة للنظام والميليشيات ذات التبعية الإيرانية، وهو ما دفع النظام السوري إلى افتعال أزمات معهم للتخلص منهم خاصة انهم ممن رفضوا التسوية، وهو ما شاهدنا العام الماضي في أحداث درعا البلد ومن فترة وجيزة أحداث طفس، والآن ما يجري من محاولات لإخضاع نوى» وهي أكبر بلدات ريف درعا.

وحول مآلات هذا التصعيد، رأى المتحدث أنه «سيتم بالنهاية السيطرة على المدينة كاملة وإحكام السيطرة على كل بلدات حوران خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها الميليشيات الإيرانية وقوات النظام في إخضاع السويداء».

وأضاف «ترمي الميليشيا الايرانية لإحكام السيطرة على كامل الحدود الجنوبية السورية الملاصقة للأردن والجولان».