تدارأ قتلة الصحفية شيرين أبوعاقلة فقالوا إن الرصاص تشابه علينا

محمد شركي

مرّ ما يزيد عن مائة يوم على مقتل الصحفية العاملة بقناة الجزيرة القطرية شيرين أبو عاقلة على يد الجيش الصهيوني، والعالم ينتظر منه الكشف عن الجاني، وهو يماطل، ويسوف حتى طلع اليوم بتقرير فج مثير للسخرية  صرح فيه أن الاحتمال كبير بأن  أحد عناصره هو من رمى الضحية بالرصاص، لكنه لم يفعل ذلك عن عمد .

 وهذا التقرير جاء بعد إصرار كبير من الجيش الصهيوني على نفي قاطع بأن الرصاصة القاتلة لم تطلق من طرف جندي من جنوده بل مصدرها جهة فلسطينية. ولقد صرح بعض المراقبين عبر وسائل الإعلام أن  هذا التقرير بالصيغته التي خرج بها  إنما وراءه رغبة بإظهار الخضوع لإرادة الإدارية الأمريكية التي أصرت على فتح تحقيق في الجريمة باعتبار الضحية تحمل الجنسية الأمريكية مما قد يجعل الرأي العام الأمريكي ينتقد صمتها على جريمة واضحة المعالم  في حق مواطنة أمريكية ، فضلا عن انتقاد الرأي العام الدولي لها خصوصا وهي الداعم الأول للكيان الصهيوني الذي يحظى بأكبر عدد من الفيتوهات الأمريكية التي تنقض كل قرارات مجلس الأمن التي تدينه .

وحادثة مقتل الصحفية الفلسطينية ،وما صاحبها من تلكؤ الجهة المسؤولة عن الكشف عن الجاني، تذكرنا بحادثة  قتل وقع زمن نبي الله موسى عليه السلام حيث قتل بعض بني إسرائيل ابن عمّ لهم ليرثوا تركته ، فاتهموا غيرهم بالقتل ، واختصموا  في ذلك عند نبي الله موسى عليه السلام ، فأوحى إليه الله تعالى أن يأمرهم بذبح بقرة ،وبضرب القتيل ببعضها لتعود إليه الحياة من جديد، فيخبر عن قتلته  . وقبل أن تحدث هذه المعجزة على يد نبي الله موسى عليه السلام  كما أخبر بذلك الله عز وجل في محكم التنزيل في سورة البقرة تدارأ القتلة مع من اتهموهم بقتل قتيلهم، أي دفع كل فريق  منهم التهمة عن نفسه حتى كشف الله تعالى عن سر الجهة الجانية عن طريق معجزة أيد بها نبيه موسى عليه السلام .  ومما سجله الوحي عن الذين ادّرأوا في  جريمة القتل حين أمرهم نبي الله موسى عليه السلام بأن الله تعالى يأمرهم  بذبح البقرة، أنهم ظلوا يسألونه عنها، وعن لونها، وعن أحوالها، وهو يجيبهم وهم يقولون : (( إن البقر تشابه علينا )) .

وها هم خلفهم اليوم  في أرض فلسطين، يكررون نفس المقولة من أجل التسويف والتمويه على جريمة قتل الصحفية الفلسطينية التي كانت تكشف باستمرار عن ممارساتهم العنصرية ضد شعب اغتصبوا أرضه ،وشردوا منه من شردوا ، وقتلوا من قتلوا، وأسروا من أسروا على مرآى ومسمع العالم الذي لا يحرك ساكنا ، ويقولون بدورهم  : " إن الرصاص الذي قتل الصحفية الفلسطينية تشابه علينا ".

 مع أن الرصاصة القاتلة المستخرجة من رأس الضحية نطق لسان حالها نيابة عن الضحية، وأكدت أن القنّاص صهيونيا ، وأنها من النوع المخترق للدروع ،وأنها أطلقت من بندقية أمريكية الصنع ، وأنها أطلقت من سيارة جيب عسكرية ، وتحديد من نافذة فيها خاصة بالرمي وكان ذلك من مسافة قريبة من الضحية ، وأن الفلسطينيين لم يكونوا حيث كانت السيارة العسكرية الصهيونية  .

والفرق بين القتيل زمن نبي الله موسى عليه السلام أن القتلة شملتهم شريعته ، بينما صرح الجيش الصهيوني أنه لن يتابع قضائيا قاتل الصحفية، لأنه لم يتعمد قتلها مع أنه أصابها في المقتل بمنظار الرشاش ،وبدقة متناهية  بحيث تجنب ما كانت تلبسه من درع واق للرصاص .

و أخيرا نقول، ستبقى عادة التشابه عند خلف قد خلف سلفا تشابه عليه البقرعادة، ودأبا ، وديدنا للتنصل من كل جرم  يقترفه ضد أبرياء اغتصب أرضهم . وإذا ما تعطلت العدالة في هذه الدنيا الفانية ، فإن يوم القيامة ستوفّى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون .