أسئلتي الصعبة .. ( 2 )

زهير سالم*

وبعد أن سألتكم عن حكم الخروج بدون استعداد أسألكم عن حكم لعب الميسر والقمار؟؟

وورد ذكر الميسر في القرآن الكريم منهيا عنه، في موضعين، ثلاثَ مرات..

فقال تعالى في سورة البقرة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا)

وقال في المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)

واقتضت حكمة الله القدير أن يثبت ما لبعض خلال الشر هذه من منافع، ثم يكر عليها باتا أمرها في الحرمة ووجوب الاجتناب.

وكان من منافع الميسر، أنه كان لعبة الكرام الموسرين من رجالات العرب، ففي أيام جُمادى وهو اسم مشتق من جمود الشتاء، حيث قاحل كل شيء، يقوم رجلان من العشيرة باللعب على ناقة أو عدة نوق، فيربح أحدهما، ويكون من واجب الرابح حسب التقليد العربي: أن يذيح ما ربح ويطعم به الجياع، ولا يضم ذلك إلى ماله أبدا..

منذ كنا صغارا جدا استقر في وعينا أن القمار من المحرمات الكبار. حتى عندما كنت صغيرا جدا، وأتعلم القراءة بأن أتهجى كل اللوحات المعلقة على أبواب المحال أو أعمدة الكهرباء، كانت تريبني لوحة ، قبل حكم البعث بزمن، مكتوب عليها "يانصيب معرض دمشق الدولي أقرب طريق للثروة" ذلك بعد أن علمت أن اليانصيب صيغة من صيغة القمار.

حين قرأت كتاب النظرات للمنفلوطي ما زلت أحفظ منه "ولا تمروا بمعاهد القمار لا قصدا ولا عفوا .."

كان المشايخ حفظهم الله يظلون بكررون على مسامعنا "ما ضرب أحد كعبتها ينتظر ما تجيء به إلا عصى الله ورسوله" حتى لعبة السلم والحية اجتنبناها خيفة أن تكون..

كل هذا من المعروف المقرر لا إدريس ولا برجبس ولا كنجفة ولا شطرنج إلا مع استغفار..

وحرمة الميسر كما وضح القرآن الكريم خيفة التنازع المفضي إلى العداوة والبغضاء بين الناس...

المقامرة بالأموال وهي نوع من المغامرة غير المحسوبة وغير المنضبطة في مدخلاتها ومخرجاتها ، مع ما يصحبها من انفعالات مقدرة في علم التفس، محرمة تحريما قطعيا في شرعة الإسلام، وهذا ليس موضع خلاف بين المسلمين فيما أقدر...

سؤالي الصعب الذي لا أجد الجواب عليه، مقارنا بواقع حال البعاضيض، أعني أبعاض الناس: هل المقامرة بدماء الناس وأعراضهم وأموالهم، عند من قامروا بها، على مدى نصف قرن، فيه قول، يعرفه المقامرون؟؟

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية