احذروا التطرف والغلو

حشاني زغيدي

إن الغلو و التطرف لا دين له، و ليست له جنسية و وطن، هو مرض ابتلت به المجتمعات الراقية و الدول المتخلفة، يحمل مسميات ونعوت، تلحظه في كل البيئات، هم متطرفون غلاة ، ينشرون الرعب و الترويع و الفزع ، مثلهم مثل المرض و الوباء القاتل ، يظهر أحيانا في صور دينية أو ظواهر اجتماعية أو سياسية أو عرقية .

يولد التطرف و الغلو في العفن ،كأي نبتة طفيلية ، تعيش على البقايا و المخلفات ، تنمو و تكبر و لكن بلا ثمار ، و إن أثمرت فثمارها متروكة أو قاتلة ، ثمار تعافها حتى البهائم ، تحكمهم شرائع الغاب ، يحكمون الأمور بالمغالبة ، أو الفرض الفوقي ، تجدهم يجنحون إلى العنف في حال الاختلاف ، يرفضون التعايش و الإتلاف ، يميلون للانفصال و العزلة ، شعاراتهم عنصرية ، يرون أنفسهم أصحاب الحق المطلق .

ينشأ الغلو و التطرف حين يشد المرء عن الفطرة السليمة ، فينحى إلى التشدد ، و يميل إلى تجاوز الحدود المعقولة في كل شيء ، فتراه يحتكر الحقيقة ، تراه يلبس الحق المطلق ، فيخرج من خالفه عن جادة الصواب ، نجده بعيد كل البعد عن التوسط و الاعتدال ، الذي هو سمة لكل إنسان سوي ، بل هي الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها .

تلك الفطرة السليمة ،التي ترفض الجور و لكنها ميالة للعدل ، ترفض التبذير و لكنها تميل للاقتصاد ، هي فطرة ترفض الحرام و تلفظه ، و لكنها فطرة تنجذب للمباح و تستحسنه ، هي فطرة ترفض التهور بكل صوره ، و لكنها تميل إلى الرفق و اللين في أجمل معانيه ، هي فطرة ترعى القيم الإنسانية و تقدسها ، هي فطرة ترفض الاستعلاء و التكبر ، و في المقابل هي فطرة تحيا على الحياء و التواضع ، هي في محصولها ؛ منهج يقر الاعتدال و التوسط في كل شيء .