العهدة الوطنية

زهير سالم*

العهدة الوطنية

مطلوب من فقهاء الاجتماع العربي والإسلامي

السلام الذي يريده الله يجب أن يصنعه الإنسان

زهير سالم*

[email protected]

تُكتب هذه العهدة بالمداد الوطني، وتوثق بما يؤمن به الموقعون عليها من عقيدة وقيم. يؤكدون جميعا أنهم يوقعون على ما يؤمنون به، وعلى ما سيلتزمون به منهجا وموقفا، وعلى ما سيسعون إلى تثبيته إطارا للإرادة الوطنية، وللقرار الوطني؛ لجعله واقعا في حياة المجتمع السوري.

مقدمة

تؤكد كتب السيرة النبوية أنه ما أن وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بادر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى كتابة وثيقة المدينة ، استوعب فيها الواقع البشري والديني القائم في المدينة المنورة ونظمه على ركائز من : الوحدة في الموقف – والحريه في العقيدة - والسواء في الحقوق والواجبات – والتعاون على البر والتقوى بمعانيها المطلقة ..

وتؤكد كتب التاريخ أنه ما أن فتحت البلدان وانتشر الإسلام ، واستوعبت دولة المسلمين مللا ونحلا وشعوبا جددا حتى بادر الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى إصدار ما عرف في تاريخ الإسلام باسم العهدة العمرية التي حفظت الحقوق ونظمت العلاقات حسب الركائز نفسها ، ومعطيات واقع كثرت فيه المتغيرات ..

اصطدم المسلمون في فتوحهم للعراق بقوم من المجوس فقال عمر : سنوا فيهم سنة أهل الكتاب . وقيل له إن تغلب – وكانوا من سكان الجزيرة العليا في الشام – قوم عرب يأنفون من الجزية فقال يسمونها ما شاؤوا..

نعتقد أن نصوص وثيقة المدينة أو العهدة العمرية ليست فقط إطارا للتفكير بل هي أفق مفتوح له للاحتواء والاشتمال والتعايش بين الناس. وهذا يحتم على فقهاء الاجتماع في العالم العربي والإسلامي الدينين والمدنيين أن يبادروا في فضاء الربيع العربي إلى صياغة عقد اجتماعي جديد ليس بين الحاكم والمحكوم فقط ؛ بل بين مكونات المجتمع الواحد المتعددة ، وبين الفرد والجماعة في عالم يطل على فضاءات الحرية الفردية ويستشرف آفاقها ، وأحكام التعارف في المدينة المعولمة في عالم تسير صيرورته المتسارعة بحكم تقارب الزمان والمكان إلى المدينة المفتوحة للجميع وعلى الجميع . من هذه البواعث ، وفي حدود هذه الرؤية نتقدم بهذه الورقة أو العهدة مقترحا أوليا قابلا لتصرف المتصرفين..

تستمد هذه العهدة من الوثيقة النبوية ومن العهدة العمرية مقصدهما الأسمى دون أن تتقيد بالرسوم والحدود معتبرة أن الوقت قد حان ليكون للعصر عهدته التي توحد الموقف ، وتسهل التعاون ، وتؤكد المساواة ، وتطلق الحريات في آفاقها المتعددة ، وتنفي الهواجس وتبدد المخاوف ..

نطرح هذه الورقة على الأفق العربي والإسلامي بآفاقه السياسية والثقافية والاجتماعية . ونطرحها من موقع الثقة أنه في صراع الحقائق والأفكار لا يصح إلا الصحيح ولا يخاف إلا السقيم . ومع طبيعة المستجد القائم في سورية الحبية من حراك ثوري واعد سنسمح أن يكون مدار هذه الورقة على الواقع السوري دون أن يلغي ذلك أفقها المفتوح ..

فقد تعايش المجتمع السوري بتركيبته البشرية القائمة منذ ألف وخمسمائة عام. قرون طوال كانت شاهدا على قدرة أبناء هذه الأرض، مع ما تناوب عليها من أشكال الدول، وطبيعة النظم، وتداول الأيام بين الناس على العيش معا والبقاء معا.

صحيح أن العلاقات البينية بين مكونات هذا الاجتماع الإنساني لم تكن دائما في أفضل ما يتمنى المرء، ولاسيما في عهود الاضطراب والانحطاط ، ولكن الذي يجب التأكيد عليه أن نتائج المقارنات الحضارية والاجتماعية على المستوى التاريخي في كل عصر سوف تكون بكل تأكيد لتاريخ هذه الأرض ؛ إنسانها والقيم الإسلامية السائدة فيها ..

وكانت القيم العليا - الملية والإسلامية - التي ظللت وما تزال تظلل هذا الاجتماع الإنساني بكل طيفه الديني والمدنيّ، قيماً موحَّدة وموحِّدة – بفتح الحاء وكسرها – كلها تأمر بالعدل والإحسان، والبرّ والقسط، وتحضّ على العفو والسماحة والحب وتعلمهم للناس..

من هذا التاريخ الوطني الذي استطاع رغم كل التحديات والأزمات والحروب والفتن، أن يحميَ جميع محتويات هذا الوعاء البشري الذي اسمه الوطن، دون أن يشهد تاريخنا الحضاري أو تاريخنا الاجتماعي أو السياسي – ونحن لسنا من القائلين بعصمة أي تاريخ – أيّ شكل من أشكال التطهير الديني أو المذهبي؛ نتطلّع اليوم إلى مستقبل وطنيّ، في ظل ثورة العدل والحرية والكرامة، التي يقودها شباب هذا الوطن، نتطلّع إلى مستقبل وطني يضعنا في أفق العصر وليس على عتباته.

 تقترح هذه (العهدة الوطنية) مقاربة أفق للسلام الأهليّ المدني. عهدة يتواثق عليها أبناء الوطن الواحد، تصون الحقوق، وتبدّد الهواجس، وتبعث الطمأنينة والرضى في العقول والقلوب والنفوس..

 إنّ الله الواحد، ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، الذي نؤمن به جميعا، قد جعلنا مختلفين لنتعارف ونتآلف؛ وأمرنا بتأسيس علاقاتنا على البرّ والقسط والعدل والإحسان والحب والعفو، وأوكل إلينا أمرَ إقامة علاقاتنا على البرّ والقسط، وبناء جسور التعارف والود، وجعل التقوى التي من بعض معانيها التعاون على البر والخير، أساساً للكرامة الإنسانية على كل صعيد ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)).

نؤمن أن السلام الاجتماعي - كما السلام الدوليّ - لا يُبنى إلا على قواعد العدل والمساواة واحترام إنسانية الإنسان. مؤكّدين في هذا السياق مقولة الفيلسوف الألماني (عمانوئيل كانت): (لا يوجد حالة سلمية إلا الحالة التي يكون فيها ما يخصني ويخصك مضمونين قانونيا).

وما أجمل ما يؤكّد عليه (كانت) منذ القرن الثامن عشر، من أن العقد الاجتماعي أو الدستور المدني لا يمكن أن يسخّر لحماية مكاسب فئوية، لشخص أو لفئة، على حساب شخص أو فئة (إن معيار مثل هذا الدستور، لا يمكن أن يتأتى من تجربة أولئك الذين يكونون قد حققوا مكاسب ذاتية ويريدون الحفاظ عليها..)

في طريقنا إلى المستقبل الوطنيّ المؤسّس على العدل والقسط والبر، المتطلع إلى الغد الأفضل بكل آفاقه، ندعو كل أبناء وطننا، في بُناه الأولية الدينية والمذهبية؛ من مسلمين ومسيحيين، ومن سنة وعلويين ودروز وإسماعيلين.. وفي بُناه العرقية من عرب وكرد وتركمان وشركس وشيشان.. وفي بُناه المدنية الحداثية من قوى وتيارات وأحزاب إلى التواثق حول عهدة وطنية تجمع وتصون وتوحد..

إن الأساس الأول الذي يجب أن تؤكّد هذه العهدة عليه، هو أن السلم الأهلي الذي يتطلع إليه كل مواطن، هو السلم الذي يشترك في صناعته الجميع، ولا يتقدّم به على أرض هذا الوطن فريق لفريق. بل يتأسّس السلم الأهلي على دستور وطني ضامن، ويحميه قانون السواء الوطني الجامع. ففي وطن المساواة والعدل، في أفق الدولة الحديثة، الحاضرة بقانونها وسلطانها، لا يستمدّ مواطن حقوقه الإنسانية والمدنية من مواطن، ولا يعتمد فيه قليل على كثير، فكلّ أبناء هذا الوطن - بحكم انتمائهم إليه - هم من كثيره الطيب ، لا أثرة ولا استئثار، ولا شطط ولا وكس..

العهدة الوطنية

تمثل هذه الورقة مقاربة وطنية مطروحة على الرأي العام في سورية ، ونقترحها أساساً لعقد اجتماعي أهليّ جديد ، يؤسّس لعلاقة وطنية معاصرة وآمنة ، بين مكونات المجتمع السوري ، ببناه الأولية (الدينية والمذهبية والعرقية)، وبناه المدنية (التيارات الفكرية والأحزاب السياسة ، والتعبيرات المجتمعية الحداثية ).

ويلتزم الموقعون على هذه العهدة:

أولا – في بناء الدولة الحديثة

 يلتزم الموقعون على هذه العهدة بالسعي المخلص والجادّ، وبكل ما يملكون من قدرة، ببناء سورية دولة مدنية حديثة، على أرقى ما وصل إليه الفكر الإنساني الحديث في شكل بناء الدولة..

- دولة مدنية ترفض كل شكل من أشكال (الثيوقراطية) وادعاءات أصحابها. دولة مدنية تتأسّس على قانون ودستور مدنيين، بمرجعية قيمية وأخلاقية في أطرها العامة. ويرفض الموقعون على هذه العهدة، محاصرة الشعب السوري بين خيارَي (الثيوقراطية) المقيتة، والعلمانية المنفلتة والمتمردة على كل قيم الحق والخير، ويؤكّدون أن مصطلح (الدولة المدنية) هو اختيار وسيط، له دلالته الخاصة في تمثلات الاختيار البشري لرؤية المصالح الفردية والجماعية، ضمن حزمة من القواعد والضوابط المرتبطة بقيم العدل والإحسان.

- دولة ديمقراطية، تعدّدية تداولية، الشعب فيها مصدر السلطات، وصندوق الاقتراع الحر النزيه هو الآلية الأرقى للتعبير عن الإرادة الشعبية الحرة..

- دولة تتأسّس على المواطن الفرد - ذكراً وأنثى - مجرّدا من كلّ قيد. دولة المواطنةُ أساسها القويم، ومناط الحقوق والواجبات فيها. والمواطنون فيها – على اختلاف خلفياتهم الدينية والمذهبية والعرقية - متساوون في الحقوق والواجبات.

- دولة يتساوى فيها الرجال والنساء في الكرامة الإنسانية، وفي الأهلية المدنية. وتتمتع فيها المرأة بحقوقها الكاملة، في المشاركة في الحياة العامة، في ميادين الثقافة والسياسة والاجتماع.. كما تتمتع بكافة الميزات الاجتماعية الأصلية، التي تحافظ على دورها الاجتماعي الوظيفي، زوجة وأماً ومحضناً للأجيال، وبكلّ حقوق الكفالة المجتمعية، التي تضمنتها منظومتنا القيمية.

- دولة حديثة تستند على دستور مدنيّ، ينبثق عن الإرادة الجماعية لأبناء الشعب السوري..

ثانيا في ملامح الدستور المأمول

 يسعى الموقعون على هذه العهدة، إلى إقرار دستور وطني، يعبّر عن الإرادة الديمقراطية للمجتمع السوريّ، ضمن توافقية وطنية، تحمي الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، من أيّ تعسّف في استعمال الحق من أي جهة جاء.

ويتواثق الموقعون على هذه العهدة، على أن ينصّ الدستور السوري المنشود:

- على حفظ حقوق الأفراد والمكوّنات المجتمعية الأولية والمدنية.

- وحماية الحريات الأساسية في إطارها الفردي وإطارها الجماعي، وفي أبعادها الدينية والمدنية، وأبعادها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

- إن مصطلحات مثل حرية الاعتقاد وحرية التفكير وحرية التعبير يجب ألا يقتلها التكرار . بل يجب أن يقر الموقعون على هذه العهدة بتطبيقاتها العملية في أطر العصر الذي نعيش فيه..

- ويتعاهدون على حماية الدستور – قدر استطاعتهم - من أي تعسّف قد تجنح إليه أيّ أكثرية برلمانية في استعمال حقها. معتبرين الحوار والتوافق الوطني، هما الجسر الطبيعي لبناء المجتمع المتعاون على البر والخير..

ولما كان الفاصل بين الحرية والفوضى دقيقا، فإن الموقعين على هذه العهدة، يؤكدون على ضرورة تأطير الحرية بقوانين التوافق الوطنيّ، بعيدا عن كل مكاثرة أو مغالبة تركب بأبناء المجتمع الصعب، أو تقود في طريق التعسف غير المحمود.

إن مما يجب أن يلحظه الدستور الوطني المنشود صيانة حقوق الملكية الفردية ، ووضع القواعد العامة لنظام اقتصادي حافز ومنافس مساعد على مجاراة قوانين اقتصاد عالمي حر مفتوح على التحديات ، مع مراعاة قواعد الكسب الطيب ، وآفاق التكافل التي كانت على الدوام من بنية قيمنا الخالدة

يرى الموقعون على هذه العهدة في الحوار الوطني وفي جميع الاتجاهات، الوسيلة الأرقى للوصول إلى التوافقات الوطنية، ويقدمونه على جميع آليات المكاثرة والمغالبة، وإن كانت ديمقراطية أو شرعية.

يلتزم الموقعون على هذه العهدة بنبذ العنف بكل أشكاله كمدخل من مداخل التعاطي على الساحة السياسية ويعتبرون العمل السياسي بآفاقه المدنية هو الوسيلة الوحيدة للتعاطي مع القوى السياسية والمجتمعية وكذا في الإطار السياسي..

و في قضايا الهوية:

 يؤكد الموقعون على هذه العهدة، أن إثبات الذات لا يعني نفيَ الآخر، ولا غمطه، أو التجاوز على حقوقه، في أيّ بعد من أبعادها. وأنّ النص على هوية الأكثرية الجامعة، لا يجوز أن يعني إسقاط الهويات الفرعية، عرقية كانت أو دينية أو ثقافية فكرية. وكما ينص الدستور على هوية الدولة ومرجعيتها، فإنه يجب أن يصون جميع الهويات الفرعية الوطنية، الدينية والقومية، ويحفظ حقوق أبنائها، ويعتبرها مصدرا من مصادر الغنى الحضاريّ، لوطن ظل على الدهر وطنا للحضارات ويجب أن يبقى كذلك..

ثالثا في سيادة القانون

يؤكد الموقعون على هذه العهدة، أن القانون هو المظلة الجامعة التي يتساوى تحتها المواطنون جميعا، مهما كانت خلفياتهم الدينية أو المذهبية أو العرقية.

وأن القانون المدنيّ في تنظيمه لشئون الفرد والجماعة والدولة، هو السلّم الأرقى لمقاصد العدل في النظام العام. كما يؤكدون أن المرجعية الشرعية للقوانين لا يجوز أن تثلم مدنيتها بل يجب أن تؤكدها..

كما يؤكد الموقعون على هذه العهدة، أن دولة القانون هي الأساس الأول للانتقال بالتجمع الإنساني، من البدائية المنفلتة، إلى الاجتماع المنظم، وأن سيادة القانون هي الركيزة الأولى في بناء مجتمعات العدل والمواساة..

وفي ظل سيادة القانون تبقى الفرصة الوطنية حقا لكل السوريين ، مناط استحقاقها الكفاءة التي تضع المواطن حيثما تسمح له مؤهلاته..

كما يؤكد الموقعون على هذه الوثيقة، على أهمية إدارة الثروة، وتنمية الموارد الوطنية، بقوانين حافزة وضامنة، في إطار معادلة اقتصادية، تعيد لسورية مكانتها الحضارية الرائدة، وتفتح الآفاق أمام العقول والسواعد لتجد مراحها على الأرض الوطنية..

رابعا – في المشتركات الحضارية والعالمية :

- ومع سياق حضاري إنساني، يبحر باتجاه الأنسنة الفردية؛ فإن الموقعين على هذه العهدة، ينطلقون في بناء الدولة والمجتمع، من الإنسان المكلف الحرّ المسئول. معترفين بأن الحق الاجتماعي هو ما تتوافق عليه أطراف المجتمع أو أفراده، من غير أن يبغيَ فريق على فريق، أو فرد على آخر.

- وأن حركة التاريخ في صيرورتها نحو الهويات المرنة، والمدن المعولمة، تقتضي موقفا عصريا يستجيب لنداءات العصر وآفاقه، ويتعامل مع تحدّياته بروح الإيمان، وبمصداقية العقيدة والثقة بقدرة الذات. من هذه الرؤية يعبّر الموقعون على هذه العهدة عن شعور بالحاجة الشديدة، لبناء ملامح المدينة الفاضلة، من منظور إسلامي. ينافس في الخير، ويكون حاضرا في كل المحافل، يرسل ويستقبل، يتعلم ويعلّم، تحت شعار (الحكمة ضالتنا، أنّى وجدناها فنحن الأحق بها).

لن نغفل في حديثنا عن أفقنا الحضاري والعالمي أن نؤكد أن شعبنا يتطلع إلى بناء سورية واحة للعدل ، ومركزا للاستقرار وعاملا فيه على المستوى الدولي والإقليمي . مرددين : أن السلام الذي يريده الله يجب أن يصنعه البشر . السلام القائم على الحق والعدل يصنعه البشر الأحرار والحكومات الديمقراطية المعبرة عنهم ، ولا قيمة لأي سلام يقوم على الجور ويوقع عليه رجال يعدون أنفسهم لجولة جديدة من الحرب ...

خامسا – لا للاستثمار في الخوف أو التخويف :

يؤكد الموقعون على هذه الوثيقة، أنه ليس لأحد على صعيد وطني يبنى على البر والقسط أن يصبح أو يمسي خائفا على عقيدة أو نفس أو فكر أو عرض أو مال . هي المقاصد الخمسة التي جاءت الشرائع لحمايتها وصيانة آفاقها وتجلياتها ..

إن ثورة العدل والحرية والكرامة الوطنية، التي يقودها الشباب الوطنيّ، لكفيلة اليوم، بأن تبعث في نفس كل مواطن ، الشعور بالأمن ، و بالطمأنينة والرضا، والثقة بغدنا الأفضل الجميل..

إن أول ما يجب أن نتواثق عليه في أفق الغد المأمول، التطهّر من كل لوثات الحقد، والرغبة في الانتقام والثأر، لتكون الحقوق الفردية والجماعية في غدنا المأمول، بين أفقين: أفق العدل تحت قوس قضاء عادل ونزيه، وأفق السماحة والعفو والاحتساب.. ((وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)).

يؤكد الموقعون على هذه العهدة، أن حق المواطن السوري في التفكير والتعبير، وفي الاعتقاد والعبادة واحد. وأن في سورية الجديدة يحمي المسلم والمسيحيّ الكنيسة والمسجد. لا يضامُ مواطن في عقيدته ولا في عبادته، ولا يضيّقُ عليه في خاصّ أو عام من أمره..

سيكون الحوار جسر العبور الحقيقي للتعارف وللتعاون وللألفة، ولينبذ السوريون - كلّ السوريين - وإلى الأبد، عفاريت الخوف، وسياسات التخويف التي طالما استثمر فيها النظام.

هذه تطلّعات لغدنا الموعود والمأمول، تتقدم بها قلوب مفتوحة، وتمتد بها الأيدي الوطنية بعضها إلى بعض ، أيد مبسوطة بالخير والبرّ..

وهذا وعد وعهد، يقطعه أبناء الوطن على أنفسهم ، أمام الله رب العالمين أولا ، ثم أمام الناس

إنها الدعوة إلى الموقف الوطني السواء، لا بغيَ، ولا عدوانَ، ولا أثرة، ولا استئثار..

 ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَاتَّقُواْ اللَّهَ...)).

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية