الشيخ الداعية المفسر أبو السعود عبد السلام

(1319-   1418 ه )

(1901-  1997م )

clip_image002_dde00.jpg

             هو الشَّيخ الداعية القارئ الحافظ المفسر أبو السُّعود بن الشَّيخ محمَّد الياسين بن الشَّيخ محمَّد بن عبد القادر بن الشَّيخ عبد السلام بسمار المعروف بالشّيخ محمَّد الياسين, أحد كبار فقهاء حمص وعلمائها الجهابذة الأعلام ، ويعد الشيخ أبو السعود أحد مؤسسي الحركة الإسلامية المعاصرة في حمص ، حيث ساهم في تأسيس الرابطة الدينية في حمص التي انخرطت بدورها في تأسيس جمعية شباب محمد ، ثم الإخوان المسلمين في سورية ، فمن هو هذا الشيخ الكريم ، وما هي سيرته، وأخلاقه وصفاته، وجهاده وجهوده...

المولد والنشأة :

         ولد الشَّيخ أبو السعود في حمص سنة 1319هـ / الموافق عام  1901م , نشأ في بيت علم وتقوى ودين خلفاً عن سلف.

دراسته ومراحل تعليمه :

      تلقَّى علومه الأولية في مكاتب حمص الأهلية , وقرأ القرآن وتعلَّم القراءة والكتابة , ثمَّ حفظ القرآن الكريم , و قد أدخله والده الكريم وإخوته المدرسة الرَّسمية فنال منها الشَّهادة بتفوُّق ودرجات تامَّة .

شيوخه وطلبه للعلم :

        شرع الشيخ في طلب العلم الشَّرعي على يد والده , فنهل من علومه وارتوى من معارفه منذ صغر سنِّه , ثمَّ تابع واجتهد و لاسيما في علم القراءات , و كتب له والده إجازة عالية في ذلك . كما قرأ عليه الفقه الشَّافعي من أمّهات الكتب , و قرأ الحديث الشَّريف و التَّوحيد و اللغة العربيِّة و علم المنطق , ثمَّ تابع تعليمه على كبار علماء عصره و أولهم :

1-العلَّامة الكبير الشَّيخ عبد الغفَّار عيون السُّود , فقرأ عليه التَّفسير و شرح صحيح الإمام البخاري , و كان معه في الحلقة الشَّيخ عبد القادر الخوجة , و الشَّيخ طاهر الرَّئيس , و الشَّيخ عبد الخالق الحصني , و الشَّيخ أحمد الكعكة , و الشَّيخ محمود جُنيد رحمهم الله جميعاً 2-كما قرأ القرآن الكريم على الشَّيخ جمال الدِّين الجمالي

3- و الشَّيخ مصطفى بن أحمد التُّرك

4- و الشَّيخ خالد الكلاليب .

5-و قرأ العقائد النَّسفية و تفسير البيضاوي

6-وشرح مغني اللبيب على الشَّيخ العلَّامة أحمد صافي

7- و قرأ على الشَّيخ محمَّد سعيد حسين آغا المكناسي الحُسيني علم الفرائض

 و قرأ على غيرهم من أفاضل علماء البلد العلوم المتنوعة, وكان يجلس في غرفة الشَّيخ طاهر الرَّئيس في الجامع الكبير لتلقي دروسه وسماع فتاويه .

           ثم َّ جدَّ ، واجتهد حتَّى حصل على أعلى المراتب العلمية والفقهية, وأجاز له شيوخه كافة بمروياتهم, كما أنَّ له إجازة عالية السَّند برواية كتب الحديث الشَّريف عن العلَّامة نعيم النُّعيمي بن أحمد بن علي النُّعيمي الجزائري, وذلك أثناء زيارته لحمص سنة 1961م..

زواج الشَّيخ و أولاده :

       تزوَّج من ابنة الحاج محمد منير الجندلي رحمه الله , وأنجب منها ستة أولاد, ثلاثة ذكور وثلاث البنات .

تلاميذه وطلابه :

     درس على الشَّيخ جلُّ علماء حمص وعلى رأسهم :

-المفتي الشَّيخ محمَّد طيِّب الأتاسي الذي كان يعود إليه في مراجعة بعض المسائل , لا سيما في الفقه الشافعي .

-كما قرأ عليه الشَّيخ وصفي المسدِّي رحمه الله .

المناصب التي تولَّاها, والمؤتمرات التي شارك بها :

       تولى الشَّيخ إمامة الجامع النُّوري الكبير، وخطيب مسجد التوبة, وكانت له بعد صلاة الفجر حلقاته العلمية التي لا تنقطع فيه وفي غيره من مساجد حمص, وكانت له غرفة خاصَّة في مقر جمعية العلماء في الجامع النوري الكبير يفتي فيها على المذهب الشافعي , بالإضافة إلى تدريس القرآن الكريم و القراءات .و هو من أبرز أعضاء جمعية العلماء بحمص, ومن كبار علمائها , وكان الخازن الأمين لصندوقها منذ إنشائها .

       واستلم إدارة جمعية البر والخدمات الاجتماعية العريقة, وهي من أقدم وأكبر وأنشط الجمعيات الإسلامية الخيرية على مستوى البلاد العربية، وكان الشَّيخ من المشاركين في مؤتمر علماء بلاد الشَّام الأول, والذي عقد في دمشق سنة 1938م , والذي ترأسه مفتي حمص الشَّيخ طاهر الأتاسي .

        كما كان من المشاركين في المؤتمر الإسلامي الكبير في القدس الشَّريف متَّع الله كل مسلم بالصَّلاة فيه, و ذلك في سنة 1965 م, مع عدد كبير من علماء بلاد الشَّام والعالم الإسلامي .

نشاطه العلمي وعمله :

         و لمَّا أتمَّ الشَّيخ تحصيله العلمي توجَّه للتَّدريس في حياة والده , فدرَّس في الثَّانوية الشَّرعية القرآن الكريم و الفقه و اللغة العربيَّة , وكذلك درَّس في ممهد جمعية العلماء .

         ثمَّ ترك التَّدريس، وعمل في تجارة المنسوجات, وله محل بجانب الجامع النُّوري الكبير مع أخيه الحاج نبيه الذي كان قعيد الفراش لأعوام كثيرة, وكان الشَّيخ يتابع أحوال أخيه وأمِّه في الأمور كلِّها, وكان يصدِّر المنسوجات القطنية إلى بيروت وغيرها, و لما ساءت أحوال البلاد أيام الحرب العالمية الثَّانية, وهدمت المحلَّات التِّجارية غربي الجامع الكبير لتوسيع الطَّريق هناك, ترك التِّجارة، وعمل في الزِّراعة في إحدى القرى القريبة من حمص, إلا أنَّه لم يوفق فيها لحكمة ٍ يريدها الله تعالى, فتوجَّه بعدها إلى التَّدريس في الثَّانويات الشَّرعية، ومعهد جمعية العلماء, وعُيِّنَ خطيبا ً في جامع التوبة, و إماماً في الجامع النُّوري الكبير, و يسير المسافات الطِّوال؛ لكي يصلي الفجر إماماً في المسجد .

جهوده في تأسيس الحركة الإسلامية في سورية :

        برز النشاط الإسلامي في مدينة حمص في وقت مبكر  من خلال (الرابطة الدينية في حمص )؛  لأسباب عدة؛ منها :

- أنها مدينة الشيخ السباعي الذي باشر العمل الدعوي منذ حداثته ونعومة أظفاره .

- ومنها وجود ثلة من العلماء العاملين الذين لهم تأثير ملموس في تشكيل رأي عام يناصر الدعوة الإسلامية وإذكاء النشاط الذي يظاهر الإسلام ويناصره .

3- ومنها التحدي الذي واجهته الدعوة بوجود تيار شيوعي كبير استقطب شرائح عدة، من ضمنها أبناء المذهب الأرثوذوكي: وهم الذين يشكلون معظم المسيحيين في حمص، وهؤلاء مرتبطون بالكنيسة التي كان مركزها موسكو، ويجدون رعاية من الكنيسة الأم في الدولة الروسية.

          ظهرت جمعية الرابطة الدينية لشباب محمد -صلى الله عليه وسلم- في عام 1934 بتأسيس ورئاسة (الشيخ أبو السعود عبد السلام) الذي كانت تربطه علاقات وثيقة وتعاون جاد مع جمعية العلماء، والجمعيات الإسلامية الأخرى ، وكان يتحدث باسمها، ويشير إليها في الوسائل التي يرفعها للمسؤولين في الحكومة ناصحًا ومنكرًا لبعض المفاسد ومحتجًا على بعض تصرفات المسؤولين ، ففي السابع من شباط عام 1939 وجه خطابًا إلى رئيس الجمهورية ، وإلى رئيس الوزراء ، وإلى المندوب السامي الفرنسي باسم جمعية العلماء وجمعية الشبان المسلمين يحتج بها على نظام الطوائف ، وإقحام النفوذ الأجنبي في الأمور الدينية ، وعلى اعتماد كتب لتدريس التاريخ في المدارس الفرنسية تحوي على انتقادات لشخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-. وقد أخبر محافظ حمص وزير الداخلية في 27- 2- 1939 عن الرسالة التي بعث بها الشيخ أبو السعود وبما تضمنته من احتجاج .

         وهذا ما جعل المؤلف يوهانس يؤكد أن أبا السعود كان لديه ارتباط، في ذات الوقت، مع شباب محمد، والشبان المسلمين، وجمعية العلماء، وكانت جمعية التمدن الإسلامي بدمشق قد تقدمت باحتجاج عام 1936 إلى رئيس الوزراء ذكرت فيه أن كتاب التاريخ أورد في الصفحة 18 أن العرب كانوا يتبعون دينًا كاذبًا دعا إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- .

          تابع المؤسسون للرابطة الدينية والجمعيات نشاطهم بالتصدي للمفاسد وللمسؤولين الذين يروجون لها ، ففي الثاني من شهر أيلول عام 1948 رعى المحافظ حفلة راقصة تعرض فيها بكلمة إلى الرجعية والتقدم ، وإلى الجمود والتحرر، وإلى الصعود والهبوط، ونال فيها من النشاط الإسلامي، فكانت الإجابة خطابًا مفتوحًا إلى المحافظ جاء فيه : نعم. إنني أعرف الحياة مثلك أيها السيد ، وأدرك أيضًا ضرورة التقدم والتحرر والارتقاء ، إلا أنني أعرف أيضًا أن التطور لا يعني تحلل الأخلاق ، وأن تحرير الذات لا يعني تبذير الأموال العامة ، وأن الصعود لا يعني الصعود إلى الشيطان.. إلخ الكتاب .

         كانت (الرابطة الدينية في حمص) ذات نشاط ملحوظ، غطت به ساحات في الثقافة والتعليم والسياسة، فقد انشأت مكتبة عامرة هي المكتبة الإسلامية العامة التي أسسها شباب محمد -صلى الله عليه وسلم- عام 1941 ، وافتتحت مدرسة نهارية تقوم بالتدريس حتى المرحلة المتوسطة ، وتستقبل فيها الراغبين من العمال في التحصيل .

           إن أخطر ما عانته الجمعية في حمص هو الاعتداء المتكرر من الشيوعيين على أعضاء الجمعية ، بلغ حد الاعتداء المسلح وقتل الأخ مصطفى الحراكي الذي سماه إخوانه الذين عرفوا صدقه وصلاحه: شهيد الإخوان المسلمين، لم تتوقف الصدامات في حمص بين الشيوعيين وبين أبناء الحركة الإسلامي، بل استمرت زهاء ثلاث سنوات (1944- 1947) فقد جاء في جريدة المنار في 30 أيلول عام 1947 عن فتنة أثارها الشيوعيون إثر محاضرة ألقاها الشيخ السباعي في نادي الثقافة للإخوان في حمص، فخرجت حمص في مظاهرة شعبية أضربت فيها المدينة بأجمعها في 1/9/ 1947.

         استمرت الحركة الإسلامية في حمص بسيرها المعتاد تحت تسميات الرابطة والإخوان وشباب محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى عودة الشيخ السباعي من القاهرة إلى مدينة حمص عام 1941، فنهض بها نهضة كبيرة ظهر أثرها في جميع الميادين الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية، لتثبت الحركة وجودها، وتؤكد حضورها بعد أن أعطاها الشيخ من روحه وفؤاده مددًا قويًا، لأن الشيخ رحمه الله من الإخوان القلائل الذين لديهم المقدرة على عرض الفكرة الأساسية، أي صلاحية الإسلام في جميع مرافق الحياة، بالطريقة المناسبة لأي وضع، وضمن الإطار التاريخي المناسب .

          ربما كان السباعي أقدر الخطباء والمتحدثين والقادة على تعبئة الأمة وتحريك الجماهير وإثارة العواطف النبيلة بين أفراد الشعب أيًا كان انتماؤهم، ففي كلمة ألقاها في حلب في شباط 1948 قال فيها : قد يظن البعض أن الثورة تتم بالسلاح، فليطمئن رجال الأمن وحكوماتهم كل الاطمئنان، فسنقوم بثورة لنشر الرسالة وتعميم الإخلاص والأمانة، وسنقوم بثورة حتى لا يبقى في الأمة بائس أو جائع أو متكبر أو ظالم أو جاهل أو ضعيف أو مريض أو ملحد أو فاجر، وسنقوم بثورة لنشرة الحق والعدالة إلى أن تمتلئ كل البطون، ويعالج كل مريض، حتى يصبح مجتمعنا أفضل المجتمعات في هذه الدنيا، وإلى أن تعود أمتنا إلى ما وصفها به الله رب العالمين ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران : 110].

         أعود إلى التحرك الإسلامي في حمص وصعوده بعد عودة الشيخ إليه في أعقاب دراسته بالأزهر الشريف ، لقد اضطلع المركز بمسؤولياته في بناء حركة الإخوان المسلمين، وشارك بقوة وبفاعلية كبيرة في المؤتمرات التي سبقت ظهور الإخوان وأدت إلى ميلادها كحركة واحدة في سوريا تمتد إلى لبنان والأردن ، ويكون لها أثر ملموس في الأقطار المجاورة الأخرى كالعراق وفلسطين . وقد برزت شخصيات إسلامية قامت بجهد مشكور ، وأدت واجبها في قيادة جمعية الرابطة الإسلامية في محافظة حمص ، وفي جمعية أو جماعة الإخوان فيما بعد ، كان من أبرزهم وعلى رأسهم الشيخ السباعي الذي اختاره إخوانه من جميع مراكز المحافظات الأخرى مراقبًا عامًا للجماعة فيما بعد ، وشقيق الشيخ مصطفى الأستاذ نصوح السباعي ، وعبد المعطي شمسي باشا ، وجاسم الديك ، ومصطفى خوجه ، ومحمود الطرشة ، وقبلهم وفي مقدمتهم أبو السعود عبد السلام الذي يعتبر أول المؤسسين، وفي طليعة العاملين للدعوة الإسلامية في مدينة حمص ، مدينة خالد بن الوليد، رحم الله الجميع وأجزل مثوبتهم ، وتقبلهم برحمته في عباده الصالحين.

أخلاقه و صفاته :

      كان الشَّيخ رحمه الله أحد كبار علماء البلدة , له الباع الطَّويل في العلوم كافَّة , و كان غيورا ً على كلِّ مسلم ٍ أيَّاً كان , و إذا تكلَّم سمعت كلاما ً لا يخرج إلا من كبار العارفين .

      كان قوَّالاً للحقِّ لا تأخذه في الله لومة لائم , يقف في وجه الخارجين عن آداب الشَّرع قولاً و فعلاً , دائم الأمر بالمعروف و النَّهي عن المنكر , لا يحبُّ التَّردد إلى أهل الدنيا و ربما انقطع عن بعضهم _ و كانوا يهابون جانبه لشدَّته في الحقِّ وورعه و عفَّته . و كان جليلا ً مهيبا ً ورعاً , يعلو وجهه نور و مهابة في الحقِّ , و لا يتكلَّم إلا في الأمور الشَّرعية , مؤيدا ً كلامه دائما ً بالنصوص القرآنية و الأحاديث النَّبوية الصَّحيحة , ثمَّ أقوال الأئمة .طلق اللسان ,قوي العبارة , حسن التَّعبير , قد آتاه الله بلاغة في الحديث , و باعاً طويلاً في إقامة دعائم الدَّليل الشَّرعي , و يأتي بكلِّ مفيد مفهوم , لغزارة علمه و سعة حفظه .محبَّاً لمن يقرأ عليه و يلازمه , لطيف المعشر معهم , و كان لا يضيع الوقت دون فائدة .

وفاته :

      بقي الشَّيخ جامعاً بين العلم ونشره , والعمل والكسب لمعاشه كعلماء حمص الأوائل , مع الأمر بالمعروف و النَّهي عن المنكر إلى أن لاقى وجه ربِّه الرَّحيم , و ذلك في أفضل الأيام , صباح الجمعة المبارك في جمادى الأولى لعام 1418 ه الموافق ل12 أيلول 1997م .و شيَّعه علماء و أبناء المدينة بموكب مهيب من جامع الصَّحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه , ودفن في مقابر المسلمين_ كما أراد _ في تلِّ النَّصر رحمه الله رحمة واسعة , و عوَّض المسلمين من أبناءه و أحفاده و طلَّابه ليكملوا مسيرته و دعوته .

رثاؤه وثناء العلماء عليه :

      كان يزوره في حمص علماء كُثُر على رأسهم الشَّيخ المحدِّث مكِّي الكتَّاني , والشَّيخ العلَّامة محمَّد الحامد . وكان موسوعة في التَّفسير والحديث والفقه واللغة و التَّوحيد ..., وكان جريئا ً في قول الحقِّ، لا يخاف في الله لومة لائم .

       أثنى عليه الشيخ محمد فهد الكيلاني، فقال : ( أحد رجالات بلدي الشرفاء في مدينة حمص الوفاء حمص العطاء العالم الرباني الفقيه القارئ واللغوي المفسر إنه فضيلة الشيخ العلامة أبو السعود عبدالسلام بسمار رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح الجنان آمين .

الشيخ أبو السعود عبدالسلام بسمار من أحب الشيوخ إلى قلبي،  ولم لا أحبه، وقد كان عالماً ربانياً قارئا محدثاً لغوياً فقيهاً مفسراً زاهداً ورعاً وقد أكرمني الله تعالى بالقراءة عليه والأخذ عنه فقد قرأت عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم مع التفسير بعد صلاة الفجر بالجامع النوري الكبير بحمص المحروسة مطلع الثمانينات وحينها كنت طالباً في الثانوية الشرعية للبنين وقرأت عليه أثناءها أيضاً بعض كتب اللغة العربية والمتون وكان رحمه الله تعالى كثير العلم واسع الاطلاع تظهر على وجهه علامات الصلاح والتقى والمهابة ومما تجدر الإشارة إليه أيضاً أن عالمنا الجليل رحمه الله تعالى لم يتوقف عن التدريس والتقريء والعطاء العلمي على الرغم من كبر سنه وضعفه، وكان وقافاً عند الحدود، ولا يخشى في الله لومة لائم.

رحم الله تعالى شيخنا الشيخ أبو السعود عبد السلام بسمار رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان آمين .

          ومما قيل في رثائه ما نظمه محمَّد اليوسف السَّعدي الذي صور المجد يتساءل عن هذا الراحل الكريم الذي بكته الأخلاق والقيم، وحفت جنازته مواكب العز والكرم :

تساءل المجدُ من هذا الذي شجيت*** لفقد طلعته الأخلاق والقيمُ

من ذا الذي شيعته حمص تسبقها *** مواكب العز يبكي خلفها الكرمُ

ويتابع الشاعر وصف أخلاق الشيخ وسجاياه، فيقول :

فحدَّثته العلا تحديث صادقة *** و دمع حسرتها بالود ينسجم

هذا المحدث شمس الفقه ما أفلت *** في موكب الزهد هذا السائب العلم

المقرئ الجامع الحامي الكتاب و من *** شهدت لغيرته الآيات و الكلم

(أبو السعود ) كريم النبعتين وما *** يحصي شمائله طِرس ولا قلم

فاستدرك المجد مسبوقاً بعبرته *** وسادنُ العلم من بالله يعتصم

المرجع الفذ في الأعلام ما برحت *** أسرار سيرتهم ترنو لها الأمم

لقد اتصف الشيخ الكبير بعدة صفات منها : أنه كان محدثاً فقيهاً زاهداً، جامعاً للقراءات، غيوراً على تعاليم الإسلام، كريم الأصل، جميل الشمائل، طيب السيرة والسريرة ..

فرحم الله الشيخ، وأسكنه فسيح جناته، إنه جواد كريم ...

المراجع :

1-رابطة العلماء السوريين - بقلم : حسام الدين سليم الكيلاني

2-مقالة الشيخ محمد فهد الكيلاني – مجلة ميديا حمص .

3- الإخوان المسلمون في سورية – عدنان سعد الدين : 1/ 79 ، 84 .

             

وسوم: العدد 759