الشاعر الداعية عبد القادر أحمد حداد

( 1365 - 1409 هـ)

( 1945 - 1988 م)

 تمهيد :

 أفرز عصرنا الجبري أصنافاً من الشعراء؛ شعراء لا حظَّ لهم من الشعر، وليس لهم من رصيد سوى التفاهة وحب الظهور، تلقفتهم وسائل الإعلام المعادية، فجعلت منهم شعراء بقوة الإعلام بوسائله المتعددة، وكان معبرهم إلى هذه الشهرة انتقاص دينهم والسخرية من أنبيائه وأعلامه، مثل هؤلاء الشعراء لا يلبثون أن تتوارى أسماؤهم بعد أن يستنفد الأعداء منهم أغراضهم، ويبرزون أشخاصاً سواهم.

 وشعراء ظنوا أنهم شعراء فانهالوا على وسائل الإعلام بما يسمونه شعراً ، وباسم الشعر الحديث، وباسم الرمزية والغموض ملأت الصحف أعمدتها بإنتاجهم، وأخرجوا لنا هذا الإنتاج في "دواوين" تجعلنا نترجم على أيام كانت فيها الدواوين دواوينا !

 وشعراء سخّروا ما وهبهم الله من مواهب لأهداف لا تخدم أهداف أمتهم وأوطانهم أو دينهم ، بل تهدم صروح الأمة وعقائدها وآمالها ، وهؤلاء هم الخطر الأكبر الذي يجب أن نتقيه ، لأن الموهبة ربما أغرت وأضلت وأفسدت إذا ما سارت في غير طريق الحق .

 وشعراء وظفوا مواهبهم لخدمة دينهم وأمتهم وأوطانهم، وساروا في درب البناة الهداة، فشع شعرهم فأنار، وأضاء لفظهم فهدى، وهذا الركب من الشعراء يتنامى عدده وأثره، وهو إذ يبرز ويظهر يخلف وراءه هؤلاء الأصناف الثلاثة من الشعراء و المتشاعرين .

 من الشعراء البناة الهداة شاعر من حماة، مدينة الشام التي رفعت راية الإسلام ورفضت أن تتخلى عنها رغم العسف والظلم والذبح والقتل والتنكيل، هذا الشاعر الحموي طرق أبواباً متعددة من الشعر في سبيل خدمة دينه ورفع رايته.

 والشاعر (عبد القادر أحمد الحداد) واحد من شعراء الدعوة الإسلامية المعاصرين ، لم يترك القلم حتى وهو يعاني آلام المرضى، ويرقد على سرير المشفى.

لقد نشأ في أحضان الدعوة الإسلامية الراشدة، ونهل من الثقافة الإسلامية حتى ارتوى

 وشعره تمجيد لمآثر الحضارة العربية، والمناسبات الدينية التي يختص منها المولد الشريف بالعديد من قصائده، عاشق للطبيعة، ولمظاهرها الخلابة خاصة في الربيع.

 له شعر ملحمي يسقط من خلاله أحداث الماضي على الحاضر، صوره تقليدية، تتوهج تارة، وتخبو تارة أخرى. يتميز شعره بإيقاعه المنسجم، ونسقه المتقن، ومفرداته المفعمة بالهواجس القومية وأحلام الخلاص، يلتزم الأوزان والقوافي حسبما عرفها الأقدمون.

 فمن هو ؟ وما هي سيرته ؟ وما هي أهم الأغراض الشعرية التي عالجها ؟

حياته :

 وُلد الشاعر الداعية الأستاذ (عبد القادر أحمد الحداد) عام 1945م في مدينة حماة (وسط غربي ) سورية، ونشأ في بيت كريم من بيوتها، رعاه والدان حريصان على أن يسير على درب الهدى، وجد في تلك الأسرة مع شقيقه الشاعر (عبد الغني حداد) الرعاية الحقة والتوجيه السليم.

دراسته ومراحل تعليمه :

 تلقى (عبد القادر حداد) تعليمه الأولي والإعدادي والثانوي في مدارس مدينة حماة، وحصل على شهادة دار المعلمين التي تؤهله ليعمل معلماً، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة دمشق، ونال إجازة اللغة العربية وآدابها عام 1969م، ثم حصل على دبلوم الدراسات الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة عام 1984م .

أعماله والوظائف التي تقلدها :

 عمل الأستاذ الشاعر عبد القادر أحمد حداد معلماً لمادة اللغة العربية في عدد من المدارس الثانوية في مدينة حماة، كما عمل مدرساً في معهد دار المعلمين في سورية ، ثم جاهد بفكره وقلمه، وشارك في كثير من ألوان النشاط الإسلامي والأدبي في مساجد حماة وندواتها.

 ثم أعير للتدريس في الجزيرة العربية، ثم انتقل للعمل في الكويت لدى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فدرس في مدارس دور القرآن الكريم التابعة للوزارة، وبقي فيها مدرساً للغة العربية حتى وافته المنية في مدينة عمان بالأردن في 20 محرم 1409هـ / الموافق 25/8/1988 م .

بدأ ينشر قصائده وبعض مقالاته في الصحف والمجلات من عام 1963م ،كما كان عضوًا في رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي ترأسها الشيخ أبو الحسن الندوي، ثم تولى الرئاسة من بعد وفاة الندوي فضيلة الدكتور عبد القدوس أبو صالح، وقد نشرت له الرابطة عدة قصائد في المجموعة (من الشعر الإسلامي الحديث ) .

آثاره الأدبية :

- له عدد من الدواوين المطبوعة:

1- من وحي المولد: وهي مجموعة شعرية تضم ما نظمه الشاعر في المولد النبوي الشريف بين عامي 1389 و 1397هـ والمجموعة تضم سبع قصائد، المجموعة نشرتها مؤسسة الرسالة في بيروت 1399هـ 1979م .

2- بستان الأناشيد للبراعم ، وهي مجموعة أناشيد للأطفال تضم أحد عشر نشيداً مناسبة لمختلف سنوات الطفولة ، نشرت المجموعة دار الوثائق بدولة الكويت 1985م .

3- ملاحم للبطولة الخالدة ، وهي مجموعة شعرية جمعت الملاحم التاريخية التي نشرت في مجلة حضارة الإسلام التي كانت تصدر في دمشق بين عامي 1968-1978م، نشرت المجموعة مكتبة دار حسان بالرياض عام 1987م .

4- ملحمة بدر ، وهي مجموعة شعرية تتناول معركة بدر، نشرت المجموعة مكتبة الغزالي في مدينة حماة في سورية عام 1972م .

وله ديوان مخطوط بعنوان:

 5-ظلال الأماني، قدم له منذر شعار .نشر فيه ما نشر من الملاحم التاريخية خلال عشر سنوات مضت ، ...

 ونشرت له صحف عصره عددًا من القصائد منها:

6-«الراكب المهاجر» - مجلة حضارة الإسلام - دمشق، سبتمبر 1968م

7- «ملحمة شيزر» - مجلة حضارة الإسلام - نوفمبر 1968م

 8-«أشجان» - مجلة حضارة الإسلام - يوليه - أغسطس 1969م

 9-«المولد الشريف» - حضارة الإسلام - أغسطس - سبتمبر 1969م

10-«نشيد أمل ... للقدس الصامدة» - حضارة الإسلام - أكتوبر - نوفمبر 1969

الأعمال الأخرى:

له دراسة نقدية تحت عنوان:

1-الجانب الأدبي في شخصية العلامة الراحل محمد الحامد - مجلة حضارة الإسلام - ع، يوليو وأغسطس 1969 م .

 2-وله رسالة صغيرة في «تسهيل الصرف».

وكتب عنه :

عبد القادر حداد : حياته وشعره وجمع ما لم يجمع من شعره وتوثيقه

وهي رسالة ماجستير تقدم بها ( محمد بن ناصر بن إبراهيم الخليف )، وأشرف عليها (حسين علي محمد ) بتاريخ 1421ه / الموافق عام 2000 م، تقدم بها الطالب في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض . وعدد الصفحات:    1 – 697 .

وفاته :

 توفي عميد الشعر الإسلامي (عبد القادر أحمد حداد) في مدينة عمان بالأردن في 20 محرم 1409هـ / الموافق 25/8/1988 م ..بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء ونشر العلم والمعرفة .

رثاء الشعراء له، وثناؤهم عليه :

رثاء الشاعر الكبير عبد القادر حدّاد الحموي :

 الشاعر الإسلامي الكبير عبد القادر حداد الحموي رحمه الله (1945-1988) من شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، ترك رحيله أثراً في نفوس محبيه، وقد رثاه رفيق دربه الدكتور محمد منير الجنباز بقصيدة مطلعها:

ﺃﺃﺑﻜﻲ؟ ﻛﻢ ﺑﻜﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻴﺐِ ﻭﺩﻣﻊ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﺣﺮ ﻛﺎﻟﻠﻬﻴﺐِ

ﻓﺪﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺑﺪﺍ ﻋﺼﻴﺎً ﻭﺑﺎﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻗﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﻴﺐِ

ﺃﻭﺩﻉ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﻲ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﺮﻭﺏِ

ﻓﻼ‌ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺸﻨﺎ ﺳﻮﻳﺎً ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏِ

ﺟﻔﺘﻨﺎ ﻻ‌ ﻟﺬﻧﺐ ﺃﻭ ﻋﻘﻮﻕٍ ﻭﻟﻜﻦ ﺧﻮﻑ ﺟﻼ‌ﺩٍ ﺭﻫﻴﺐِ

ﻓﺒﺪﻟﻨﺎ ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻗﻔﺮًﺍ ﻭﺷﻮﻙ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﺑﺎﻟﺰﻫﺮ ﺍﻟﻘﺸﻴﺐِ

 تبدأ القصيدة بالتصريع بين (حبيب – كاللهيب ) وهو يعطي النص جرساً موسيقياً محبباً، ويجذب إليه السامع ، ويحرك مشاعر الشوق لديه، ويستهل الشاعر قصيدة الرثاء بالبكاء كعادة الشعراء القدماء، ويصور تلك الدموع الغزيرة التي ذرفها على صديقه تلك الدموع التي كانت عزيزة أيام الشباب ولكنها بعد فقد الأحبة ومغادرة الوطن قسراً صارت ذليلة غزيرة ، ويستخدم الشاعر المحسنات اللفظية والمعنوية في النص مثل الطباق الإيجابي بين ( عصياً – الصبيب ، وشوك الأرض – والزهر القشيب ..) ، ومن المعلوم أن التضاد يكسب النص جلاء ووضوحاً، لأنه كما قيل بضدها تتميز الأشياء ...

 وبأسلوب تقريري مباشر يكشف الشاعر كيف استبدل الجنان بهذه القفار القاحلة، ثم يلج إلى موضوع الرثاء، ويتذكر صديقه الشاعر عبد القادر حداد، فيقول :

ﺳﺄﺫﻛﺮ ﻣﺎ ﺣﻴﻴﺖ ﺭﻓﻴﻖ ﺩﺭﺏ ﺗﻨﺎﻭﺑﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﺑﻼ‌ ﻟﻐﻮﺏِ

ﻣﺸﻴﻨﺎ ﺿﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺳﻮﻳﺎً ﻧﻐﻨﻲ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺍﻟﻠﻌﻮﺏِ

ﻓﻮﺩﻋﻨﺎ ﺟﻨﺎﻥ ﺍﻷ‌ﻧﺲ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺍﻟﺰﻫﺮ ﻳﻨﻤﻮ ﺩﻭﻥ ﻃﻴﺐِ

ﻓﻼ‌ ﺍﻟﺠﻨﺎﺕ ﺗﺼﻔﻮ ﺇﻥ ﺟﻠﺴﻨﺎ ﻭﺑﺢ ﻫﻨﺎﻙ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﻨﺪﻟﻴﺐِ

ﻭﻣﺎﺕ ﺍﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻦ ﺑﻼ‌ ﻋﺒﻴﺮ ﻭﺷﻞ ﺍﻟﻔﻞ ﻣﻦ ﻏﺼﺺ ﺍﻟﻨﺤﻴﺐِ

ﺃﻓﻠﺖَ وﻛﺎﻥ ﻣﻮﻋﺪﻧﺎ (ﺣﻤﺎﺓ) ﻭﻣﻨﺒﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷ‌ﺩﺏ ﺍﻟﻤﻬﻴﺐِ

 لقد تبدلت تلك الأحوال، فأصبح الزهر خالياً من العطر والطيب، وتكدرت الجنان وفقدت الصفاء، وبحّ صوت العندليب، وخلت مراكز حماة من الأدب والثقافة، وتغيرت تلك الأيام السعيدة التي عاش فيها مع الشاعر (عبد القادر حداد)، وبعد رحيله ثكلته مدينة حماة، ونهرها الجميل، ومسجدها العامر بالعبادات، لقد كان شاعراً حكيماً فطناً أريباً..

ﻓﻤﻦ ﻟﻠﻨﻬﺮ ﻳﻨﺸﺪﻩ ﺃﺻﻴﻼ‌ً ﺑﻌﺮﺱ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺨﺼﻴﺐِ

ﻭﻣﻦ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﻤﻨﻬﻞّ ﺩﻣﻌﺎً ﻳﻤﻨﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐِ

ﺳﺄﺫﻛﺮ ﻓﺎﺭﺳﺎً ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺩﻭﻣﺎً ﺗﻔﺠﺮ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻔﻄﻦ ﺍﻷ‌ﺭﻳﺐِ

ﻭﻳﺬﻛﺮﻙ ﺍﻟﻘﺮﻳﺾ ﻓﻜﻢ ﺗﻬﺎﺩﺕ ﻗﺼﺎﺋﺪﻙ ﺍﻟﺤﺴﺎﻥُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏِ )[2] .

 ولقد استخدم الشاعر البحر الطويل في قصيدته ، وهو بحر خضم يستوعب مالا يستوعب غيره من المعاني، ويتسع للفخر والحماسة والمدح، كما يتسع للتشابيه والاستعارات وسرد الحوادث ووصف الأحوال، ولهذا كان نصيبه عند المتقدمين والمتأخرين أوفر من سائر البحور .

 ولئن فارق الشاعر الراحل (عبد القادر حداد) العيون، فمكانته في القلوب لا تزال ماثلةً، لقد كان روضةً جميلةً، ولكنه آثر رياض الجنة، والحور العين على حور الطين، فهنيئاً له في تلك الجنان .

شعر عبد القادر أحمد حداد : دراسة موضوعية وفنية :

 تتميز الحياة الشعرية لشاعرنا بفترتين، الفترة الشامية، حيث كان مقيماً بالبلاد الشامية يقول شعره وينشره في الصحف والمجلات الشامية وبخاصة مجلة حضارة الإسلام، وفترة الهجرة حيث ترك الشام مهاجراً إلى الجزيرة العربية، ثم إلى الكويت، وفي مهجره اطلع على التجارب الجديدة في الشعر، فاتسع أفقه، ونمت مواهبه، فتنوعت مضامينه، وتعددت وسائله، وأخذ ينظم بعضاً من قصائده بشعر التفعيلة .

 يقول الشاعر في رسالة له كتبها في الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ وصلتني منه مرسلة من محل إقامته بمدينة الجهراء بدولة الكويت :

" لم أعد أرى أن مسألة الخروج على الوزن العمودي خروج على الحق كما يرى ذلك بعض التراثيين ، ويعدون الالتزام بالعمود مسألة قِيَم ، والتخلي عنها يعني السبع الموبقات ، مع أن الإسلام لم يحدد شكلاً معيناً للتعبير، والشكل الحديث يتسع لتجارب أكثر وأوسع، ثم إن الفكرة لدى الشاعر المسلم هي الأهم، وإلا فهل يقبلون شعراً عمودياً بمضمون ملحد أو فاسد .. مثلاً !" .

 نقلت كلام الشاعر -يرحمه الله- نصاً من رسالته، ويبدو فيه التحول الحاد في الموقف من شعر التفعيلة ، وتلمس في كلامه نبرة النقد الحاد، بل والغضب ممن سماهم بالتراثيين، ولست أدري لم خص التراث بهذه النبرة الحادة الساخرة، فالشاعر نفسه تراثي الهوى والمضامين حتى وهو ينتقل إلى مرحلته الجديدة معجباً بالنهج الجديد في النظم .

 أما الإدعاء بأن الشكل الحديث يتسع لتجارب أكثر وأوسع فهذا هو الرأي الذي يعتمد عليه جل دعاة الحديث ، وهذا الرأي مردود عندي ، إذ الشاعر ذو الموهبة الأصيلة والثقافة الواعية لا يعجزه أن يجعل الشعر العمودي وعاءً لعواطفه وأفكاره، وأن يكون هذا الوعاء ملوناً بألوان زاهية ومزيناً بأشكال معبرة .

 نحن لا نعيب شعر التفعيلة الذي يراعي الوزن، ويتلمس القافية، الذي نعيبه على الذين تهافتوا على النظم بشعر التفعيلة هو جهلهم العجيب بالأوزان العربية وضعفهم الشديد في التماس القوافي بسبب حظهم المتدني في علوم اللغة العربية، ومن العجب أن هؤلاء المتشاعرين يظنون أن من علامات التفوق الشعري مهاجمة التراث والأديان والسخرية من الأنبياء و قلة التأدب مع الذات الإلهية ، وقد وجد هؤلاء من ينفخ في صورتهم ويداعب غرورهم حتى ظنوا أنهم شعراء .

 الشاعر (عبد القادر أحمد الحداد) شاعر مؤمن، آمن بالإسلام عقيدة ومنهج حياة، واستمد إيمانه من جذوة إسلامية متقدة تتوهج بحرارة الإيمان . وصاغ شعره على أساس من تراث الماضي لينطلق منه إلى الحاضر متطلعاً إلى مستقبل مشرق مرتبط بهذا التراث. فهو شاعر تراثي حتى النخاع، والتراث الذي نعنيه هو تراث الإسلام ومفاهيمه، فالشاعر نصب في شعره آيات من القصائد التراثية، بل إن عناوين دواوينه ومضامينها تراثية محضة، ألا ترى إلى ديوانه الأول "ملحمة بدر" وهل بدر إلا معقد الفخر والمباهاة وهي آية النصر الإلهي التي جعلت للإسلام كلمة مسموعة في الجزيرة العربية ، ومن خلالها نسج المسلمون انتصاراتهم التي امتدت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ، وهل بدر إلا هذا التراث الباذخ لأمة الإسلام ؟

 وديوانه الثاني "من وحي المولد"، ويعني بالمولد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول ومولده من مفاخر الإسلام، ولازال الشعراء منذ عصور يتغنون بهذا المولد، وينظمون له، ويستلهمونه.

 وقد اطلعت على عدد من قصائد الشاعر ذات النهج التفعيلي فوجدتها كلها تستوحي التراث منها قصيدة: "أبو عبد الله الصغير مازال يسلم مفاتيح غرناطة" ومنها قصيدة "جاهليون" ...

 شاعرنا تراثي، ولا يعني هذا الانتقاص من شاعريته، بل لعل التصاقه بالتراث ميزة له وحسنة من حسناته، ولا ينقص من وزنه الشعري إن أبدع قصائده بالشعر العمودي، ولا يزيده وزناً بين الشعراء إن أبدع قصائده بالشعر التفعيلي، فالمحك الذي تعرف به الشاعرية هو الإبداع والإبداع فقط .

 لقد تناول شاعرنا عدة أغراض في شعره، منها الإسلامي، والتاريخي، والسياسي، تمتاز بروح الأصالة والمعاصرة ...

المديح النبوي :

 وفي قصيدة "بشائر المولد" يتناول الشاعر ما رواه حسان عن سماعه -وهو ابن سبع سنين قول اليهودي : (طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به) :

طـائـر الـسعد بالبشارة غرّد              ولـد اليوم سيد الكون أحمد([3])

فالتصريع بين (غرّد وأحمد) حاكى فيه الشاعر القدماء؛ ليكسب النص جزالة وعذوبة وجرساً موسيقياً محبباً :

مـولـد جـاء بـالضياء فهدي               يـتـسـامـى وظـلمة تتبدد

الـبـشـارات بـعـده تتوالى           والأمـانـي بـسـعـده تتعدد

يالبشرى يطوف في مسمع الدنيا               صـداهـا وذكـرهـا يـتردد

حـمـلتها الصَّبا إلى كل ركن              فـعـلـى كـل ذرة منه مشهد       

 وللشاعر (عبد القادر أحمد الحداد) اهتمام خاص بالسيرة النبوية، فله في سيرة الرسول الشخصية (الميلاد) مجموعة شعرية، وله في سيرة الرسول الجهادية (ملحمة بدر) مجموعة شعرية، لهذا كان من المناسب أن نطلع القارئ على نموذج من شعره في هذا الميدان، فقصيدة "بشائر المولد" من أجمل قصائده النبوية .

طـائِـرُ الـسَّـعـد بـالبِشارةِ غَرَّدْ:     (وُلِـدَ الـيـومَ، سـيِّدُ الكونِ أَحْمَدْ)

مـولـدٌ جـاء بـالـضـياءِ، فَهَديٌ             يـتَـســـــــــــــــــــــــــامـى، وظُـلـمـةٌ تَـتَبَدَّدْ

الـبِـشـاراتُ بـعـدَه تـتـوالـى          والأمـانـي -بـسَـعْـدِهِ- تَـتَـعَدَّدْ

أشـرَقَتْ مِن ضِيائِهِ الأرضُ، فالكَوْ.. نُ لِـسـانٌ ... بأطيبِ الذِّكرِ يَحْمَدْ

حـازَت الـفـخـرَ فيه آمِنةُ الفَضْلِ،         ونـالَـتْ حـلـيـمـةٌ كـلَّ سُـؤدَدْ

يـا لَـبُـشرى يطوفُ في مسمعِ الدنيا       صَــداهـا، وذِكـرُهـا يَـتَـرَدَّدْ

حَـمَـلَـتْـهـا الـصَّبا إلى كلِّ رُكنٍ             فـعـلـى كـلِّ ذَرةٍ مـنـه مَـشْهَدْ

مـا مـضـى ذِكـرُهُ إلـى النَّاسِ إلاّ          هـتـفَ الـكـونُ لـلحبيبِ، وَحَمَّدْ

إيـهِ وُرْقَ الـحـمَـام ! أيُّ نـشيدٍ؟   هـامَ فـي لـحـنِهِ الـمُغَنّي، وأنشَدْ

أَسْـمِـعـينا هواتِفَ البِشر ، نَطْرَبْ وأَعـيـدي بـشـائِـرَ السَّعْدِ؛ نَسْعَدْ

رَدِّدي مـا جَـلا الـبـشـيـرُ علَيْنا             مــن أغـاريـدِهِ وأبْـدى، وَردَّدْ!

الـربـيـعُ الـنَّضيرُ هَلَّ مع الذكرى   فَـوَرْدُ الـريـاضِ، حـسـنٌ تَوَرَّدْ

زهـرُ نـيـسانَ والـمُنى والبِشاراتُ   تـوالَـتْ ... كـأنـما الكونُ عَسْجَدْ

تـنـفـحُ الأمنَ والـهُدى ، وتُواسي مـا جـنَـى فـي زمـانِه كلُّ مُرْتَدْ

هـذَّبَـتْ قـاسيَ ، القلوبِ بنجْواها، فـلانَـتْ، وهُـنَّ مـن قـبْلُ جَلْمَدْ

يـا لأَيَّـامِـهِ الـحِسانِ على الدَّهرِ! أمــا زِلْـنَ زاهـيـاتِ الـمُـوَرَّدْ

سـحـرُهـا الغضُّ ؛ لم يَزَلْ يتَباهى         بـقـوامٍ مـن الـحـقـيـقـةِ أَغْيَدْ

مُـشـرِقٌ هَـدْيُـه ، فـمـا لِقُريشٍ؟    تَـتـداعـى لَـديـه أو تَـتَـوَعَّـدْ

جـاهِـلِـيّـاتُـهـا تُـمِـلُّ عـليها          بـسَـقـيـمٍ مـن الأمـانِـيِّ أسْوَدْ:

أن تُـعـادِي الأمـينَ طه الـمُصَفَّى        وتُـصـافـي وِدادَهـا مَـنْ تَـهَوَّدْ!

ويستخدم الشاعر أسلوب الحكمة، المستمدة من القرآن (من اتبع هواه ضل )، فيقول :

وإذا حَــكَّــمَ الـجَـهـولُ هَـواه       ضَـلَّ عـن مَـنْـهجِ الرَّشادِ وأَلْحَدْ!

حـشَـرَتْ -يـا لِـخِزيِها- كلَّ جِلْفٍ مُـسْـتَـثـارِ الـفـؤادِ، بالشَّرِّ يَنْهَدْ

وَغـلـيـظٍ مُـعـرْبِـدٍ ، مُـسْتَشيطٍ      نـفَـثَ الـحـقـدَ جوْفُهُ حينَ عَرْبَدْ

هـالَـه ثـورةُ الـضِّـعافِ ، فَوافى     يـتـبـاهـى بـمـعـشَرٍ منهُ أَعْنَدْ

مـا لَـهُ مُـوقَـدَ الـحَـشا ، يَتَلظَّى    وعـلـى الـوجـهِ كالِحُ اللَّوْنِ أَرْمَدْ

يَـصْـطَـلي منه في اللَّظى كلُّ جَلْدٍ مُـؤمـنِ الـقـلـب صـابِرٍ، يَتَجلَّدْ

وَيْـلَـه ! مـا لِـمَـنْـهج الحقِّ سَدٌّ             إنَّـه الـنـورُ والـيَـقـينُ الـمُسَدَّدْ

الـطـواغـيـتُ دونَـه تـتـهاوى                والـمـهـازِيـلُ عـنـدَ ذكراهُ تُرْعَدْ

 لقد جاء رسول الله بمنهج الحقّ والنور الذي بدّد ظلمات الجهل والجاهليّة ، ومن حكمت الله أنه نشأ وترعرع في شمس الصحراء اللاهب في بني سعد لينشأ على الشجاعة ويعشق شمس الحرية ، وتعلم رسول الله من اليتم الرحمة بالضعفاء وتعلم من رعاية الغنم رعاية الأمم :

أَنْـبـتـتـهُ الـصحراءُ مَهْدَ اهْتِداءٍ             فـسـبـيـلُ الـهُـدى ظَـليلٌ مُمَهَّدْ

والـيـتـيـمُ الـذي وسـادَتُهُ الرَّمْلُ             أتــى الـكـونَ كُـلَّـه وتَـوَسَّـدْ

حـيـثـمـا مَـدَّ طـرفَه ، حَلَّ بِشْرٌ     واسـتـطالَ السلامُ في الأرضِ وامْتَدْ

مـا دعـا الـنـاسَ لـلـشـهادَةِ إلا     شَـهِـدَ الـكـونُ عـنـدَهُ أَوْ تَشَهَّدْ!

ضـرب الـشِّرْكَ ، والجهالةَ أصْماها       بــهَـدْيٍ مُـسَـدَّدٍ حـيـثُ سَـدَّدْ

وأقـام الـسـلامَ والـحـب والعدلَ،  وأهـدى الـوجـود هـديـاً مُـخَلَّدْ

مـعـجـز شـرعـه الفريد فما فيهِ             مــكـان لـكـل مـن يـتـفـردْ

الـحـضـارات شـاهـد عـن هُداهُ   فـادْعُـهـا -إن تـشأْ- تُجْبك وَتَشْهدْ

مَـن لأهـل الـصـحـراء ؟ يُهديهِمُ  الـبـشرى: بأن المسود سوف يُسوَّدْ

والـذيـن انـطَـفَوا برملِ الصَّحاري          سـوف يَـجْـلـوهم الزمانُ الـمُورَّدْ

سـادةً لـلـوجـودِ تـأبـى مُـناهُمْ              بـالـفـتـوحِ الـعِـظامِ أَنْ تَتَحَدَّد!

أجـمـعـوا أمـرَهـم ، فليس لديهِمْ          مــسْــتَـبِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدٌّ بـرأيِـهِ ومُـبَـدَّدْ

الـعـجـيبُ العجيبُ في الأمرِ أنَّ ..      الـجَـمْـعَ أمـسـى بشَمْلِهِ يَتَوَحَّدْ

الـمـسـاواةُ شـرعُـهـم فـسَواءٌ        فـي مـعاني الـهُدى، قريبٌ ومُبْعَدْ

 لقد ربى رسول الله أصحابه على العدل والمساواة، وعشق الحرية وكراهية الاستبداد، فلما انطلقوا نحو بلاد الشرق دوّخوا كسرى :

كـلـمـا شَـرَّقـوا ، تـداعَتْ بِلادٌ    تَـحـتَ إقـدامِـهِـم، وكِسرى تَبَلَّدْ

وإذا غَـرَّبـوا ... فـلـلـرُّومِ وَيْلٌ              مُـقْـلِـقٌ عَـيْـشَـهُم، ونَوْمٌ مُسَهَّدْ

مـن يـظنُّ الصحراءَ تُنْبِتُ أبطالاً..       هُـــــــــــــــــــــــــــــــــــداةً وأُمَّــةً تــتـوحَّـدْ ؟!

الـبُـداةُ الـحُـفـاةُ أعلَوا حَضاراتٍ           وأَرْسَـوا أسـاسَ مَـجْـدٍ مُـشَـيَّـدْ

حَـمَـلـوا مَـنْـهَـجَ الـهِدايةِ نُوراً               مَـنْ يَـقِـفْ فـي طـريـقِـهِ يَتَبَدَّدْ

والـعَـتِـيُّ الـذي أبـى عَـنْ هُداهُ            عـرَّفَـتْـه الـحـيـاةُ طعمَ المهنَّد!!

لـيـس لـلـمـرءِ فـي الحياةِ خِيارٌ             إنــه الـحـقُّ، أو نَـكـالٌ مُـؤَبَّـد

يـا رسـولَ الـهُـدى؛ لِيومِكَ نورٌ           عَـلَـمٌ فـي مـفـارِقِ الـدهرِ مُفْرَدْ

هـو فـجـرٌ تـبـسَّـمَ الحسنُ عنه     فـجـلا كـالِـحَ الـدَّيـاجي، وبَدَّدْ

 وماذا يساوي مديح الشعراء والناس له، وقد أثنى عليه ربه في محكم القرآن، فقال: وإنك لعلى خلق عظيم :

كـيـف نُثْني عليكَ ؟ واللهُ في القرآنِ      أثْـنَـى، وزادَ مَـدْحـاً، ومَـجَّـدْ

كــلُّ أقـوالِـنـا لـديـهِ هَـبـاءٌ          بـعـدمـا خـصَّـك الـكـريمُ وأَيَّدْ

غـيـرَ أنَّـا نـقـول كـي نَتَسامى              بـكَ فـخـراً ونَـسْـتَـفِـيدَ ونَسْعَدْ

أنـتَ عـلَّـمْـتَـنـا الـخلودَ رُقِيّاً                ومـجـالِـي الـخُـلودِ تُرْقى وتُصْعَدْ

ويوم ميلاد الرسول هو يوم ميلاد المجد والعلياء والخلود :

يـومُ مـيـلادِكَ الـكـريـمِ لـنـا عـيـدٌ فـقـد أَشْـرَقَ الوجودُ وَعَيَّدْ

سـطَّـر الـخُـلْـدَ في صحائِف غُرٍّ  لـيـس تَـبْـلـى لأنَّـهـا بِكَ أَخْلَدْ

الـنـفـوسُ الـتـي أَثَـرْتَ بِعَلْياكَ      عُـلاهـا ... مـشـاعِـلٌ تـتـوقَّدْ

والأمـانـي الـعِـراضُ جُـذْوَةُ حَقٍّ    طـيِّـبِ الـوقْـدِ؛ هدْيُه ليس يُخْمَدْ

وأما الأعداء والحسّاد فهم يناطحون جبلاً أشمّ وصخرة صمّاء، ولن يؤثروا فيها، ولن يضرّ السحاب نبحُ الكلاب :

مـا لِـحُـسَّـادِكَ الأعـادي سـبيلٌ   شـيـمـةُ الـحرِّ، أن يُعادى ويُحْسَدْ

هـل يُـعـابُ الخِضَمُّ بالزَّبَدِ الطَّافي         . إذا كـانَ مـوجُـه يـتَـجَـدَّدْ ؟

إيهِ ذكرى الـخُلودِ في الـمَولدِ الزَّاهي     مـعـانـيـكِ ثـرَّةٌ، لـيـس تَـنْفَدْ

أنْـت سَـلْـسَـلْـتَ لـلزمانِ خُلوداً    مُـعْـجِزَ الفِكر، صافِيَ الوِرْدِ؛ أَوْحَدْ

يَـسْـتَـضيءُ الوجودُ من نورِ ذكراهُ         ويَـحـيـا عـلـى هُـداهـا ويَشْتَدْ

 وإذا اطبق الظلام على الوجود، وادلهم، فنظرة من نور (محمد ) تبدّد تلك الأوهام، وتجلو الظلام :

وإذا أطْــبَـقَ الـظـلامُ عَـلَـيْـهِ         هـتـفَ الـكـونُ كُـلُّـهُ بِـمُحَمَّدْ!

فـعـلـيـهِ الـسـلامُ ما طافَ حَمْدٌ             بِـفَـمِ الـدَّهْـرِ، والـمُـحَمَّدُ يُحْمَدْ

وشَـدا فـي رِيـاضِـهِ كُـلُّ صَدَّاحٍ            فـأَشْـجَـى الـخَـلـيَّ شَـدْوٌ مُرَدَّدْ

وَرَوَتْـه الـصِّـبـا بـلحْنٍ طَروبٍ             فـهـفـا الـقَلْبُ، واستجابَ، ووَحَّدْ

وتَـلَـقَّـاه بـالـحُـداءِ فَـمُ الـحا               دِي ؛ فـهَـزَّ الـنفوسَ شَوْقاً وأَنْشَدْ:

طـائـرُ الـسَّـعدِ بالأماني؛ وغَرَّدْ:           (وُلِـدَ الـنـورُ يـومَ مَـوْلِـدِ أَحْمَدْ)

 ولقد كان الشاعر موفقاً في اختياره البحر الخفيف الذي هو من أخفّ البحور على الطبع وأكثرها طلاوة على السمع، وهو يشبه الوافر ليناً ، ولكنه أكثر سهولة وأحسن انسجاماً مما يجعله أقرب إلى القول المنثور، وقربه هذا من النثر بادٍ على أكثر ما نظم عليه، إلا أن الشاعر إذا أجادَ فيه استطاع أن يزيلَ عنه صفة النثرية تلك، ويسبغ عليه نغماً أليفاً، ولحناً خفيفاً، ومعنى لطيفاً، وليس في بحور الشعر بحرٌ نظيره يصلح للتصرف في جميع المعاني : فخراً، وحماسة، وغزلاً ومديحاً، ورثاء ووصفاً وعتاباً وحكمة، وما أكثر القصائد التي تنسب في وزنها إلى هذا البحر عند المتنبي، وبشار، والبحتري، والمعري ...

 ديوانه "من وحي المولد" نغم تهتز أوتاره من وحي هذا الرسول العظيم، سوف لا نكثر من الاقتباس من قصائد هذا الديوان، فإن قارئه كلما أنهى قصيدة قال هل من مزيد، ولكنا سوف ننفح القارئ بهذه الأبيات الساحرة، ونكتفي :

رجعت إلينا تحمل الخير والبشرى        فلذّ لنا شدوّ، وطابت لنا ذكرى([4])

وكـم أبـلـت الأيـام كل طريفة             وما زلت رغم الدهر تطرفنا بشرى

وأشرقت في الصحراء فاهتزّ رملها               بـبعث حياة يجعل الجدب مخضرا

وولـت شـيـاطين وولَّت خرافة            تـحمل ظهر القوم من إثمها وزرا

هـو الـمـولد الميمون جاء بأحمد           سراجاً أزاح الليل واستنهض الفجرا

وكان للذكريات الإسلامية في شعره حظوة ومنزلة رفيعة، فها هو يقول في قصيدته (المولد الحميد) :

لنا الويل إن أغفت بوارق يومنا وعافت هدى أمس وضيعت الغدا

ونمنا وألهانا (ســـــــــــــــــــــــــــــراب بقيعة) عن الحـــــــــــــــــــــــــــقّ ورداً والهداية موردا

وماج بنا موج الضلالة والخنا ليغرقنا في مــــــــــــــــــــــــــدّه من تهوّدا !!

ومن يتخلف عن سوابق مجده يصرّ عبد قوم ساسهم قبل أعبدا

 ويقتبس الشاعر من القرآن قوله ( سراب بقيعة ) ليعطي النص جزالة وقوة، ويفضح أذناب اليهود الذين عاثوا فساداً في البلاد .                                                                   

ملحمة بدر :

 قصيدة نظمها الشاعر عام 1970م بمناسبة ذكرى بدر الخالدة ..اعتباراً بها ، واتخذ ذكرى بدر وسيلة لبعث الهمم . وتدور القصيدة حول فكرة الجهاد في الإسلام ، وأن القلة المؤمنة تغلب الكثرة الباغية بإذن الله . . ماذا يقول شاعرنا عن معركة بدر ؟

مـوكـب الحق والهدى والفداء             مـرّ طـيفاً بمقلة الصحراء([5])

وحُداءُ التاريخ مازال في السمـ           ـع طـريـاً ، لله وحيُ الحداء

وأريـج الـبطولة البكر طارت             بـشـذاهُ الأنـســـــــــــامُ لـلأرجاء

حـبـذا نـفحة الحجاز إذا طا     فـت وأحـيـت معللاً برجاء

وأثارت به خبيء شجون سترتها كثافة الأشياء

كلما هبّ من صباها نسيمٌ هاجَ وجدي لنفحهِ المعطاء

خِلتني أعتلي السحاب وأرخي في ذراها، مطارفَ الخيلاء

 والشاعر (عبد القادر حداد) يفتخر، ويعتز بأرض الحجاز التي تواصلت فيها السماء بالأرض، وأنبتت خير دعوة وخير رسول وخير أصحاب أولئك الأبطال الأطهار الذين دوخوا كسرى وقيصر، وقضوا على غطرسة فارس وكسرى خلال سنتين (15 – 16 ه) :

ذاك من نسبتي إلى خير دار شرفتْ من أرضها بهدي السماء

بـلد أنبت السلام وأرسى العد   ل، أهـدى خـلاصة الأنبياء

سكن القلب حبه ، فنما بيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن الحنايا، مخالطَ الأحشاء

كلما هبّ عاطرٌ منه رفّ الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــشعر عندي، فانثنى بانثناء

أسكبُ القول من فمي همساتٍ سكرتْ من يدِ الهوى الغرّاء

وأُسيلُ الأنغامَ من خاطرٍ ذا بَ به الوحيُ بالرؤى والغناء

حاملات لمهبطِ الوحي شعراً فيه شيءٌ من صبوتي واهتدائي

أفتدي كل رملةٍ في رُباها حيث مثوى الصحابة الأوفياء

خطراتُ الرسول فوق ثراها تجعلُ الرملَ مشرقَ اللألاء

طافَ فيها، فاهتزّت البيدُ نشوى بسنا خيره، وفيض السناء

وهمى كالرحيق للرمـــــــــــــــــــــــــــــــــــلة العطـــــــــــــــــــــــــــشى فحيّتْ، وللنفـــــــــــوس الظماءِ

فإذا القفرُ بعده روضة را ق بها العيشُ بعد طول العناء

إن هذه القفار المجدبة إذا مست ثراها قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتزّت، وربتْ، وأنبتتْ من كل زوج بهيج :

غرسَ الحقَّ زاكياً ، فما الغر سُ وطابَ الجنى لطيب النمّاء

ساءه أن يرى الحياة صريعاً تتلوى في قبضة الظلماء

فأتى عُصبة البُداة فأحيا همْ، وأحيا المنى بروح الرجاء

وجلا بالهدى – فرقق منهم - جفوةً في الطباع والأهواء

سيد كاملُ الصفات عظيم فاق في هديه مدى العظماءِ

ثم يقول الشاعر عبد القادر حداد مصوراً عظمة النصر في بدر الكبرى :

هـي بـدر ترسخت في احتدا            مـات لـقاها أصالة الأتقياء([6])

وأراهـا تمخضت بعد عن فتـ     ـحٍ مـبـين، ومشــــــــــــــرق برجاء

أي نـصر أجل من نصر بدر            إذ عـلا فـي سـماه خير لواء

أي نـصر أجل من نصر بدر    إذ هوى الكفر والنفاق المرائي 

لقد انتصر في بدر النور على الظلام والخير على الشرّ والقلة المؤمنة على الكثرة الكافرة .

استلهام التاريخ الإسلامي :

 قلنا إن الشاعر في فترته الثانية، فترة المهجر في الجزيرة والكويت قد مال إلى النظم بشعر التفعيلة ، فأبدع في ذلك عدداً من القصائد، منها قصيدة بعنوان "أبو عبد الله الصغير مازال يسلم مفاتيح غرناطة"([7])، وغرناطة ترمز لآخر معاقل المسلمين في الأندلس، وأهداها إلى غرناطة العصر، وكم من غرناطة اليوم في ديار المسلمين، كم من غرناطة تداعى عليها الأكلة في هذا العصر الجبري البئيس، ويختار الشاعر صورة (أبي عبد الله الصغير) آخر ملوك بني الأحمر الذي سلم مفاتيح غرناطة للفرنجة، وهو يبكي كالنساء، فقالت له أمه تلك المقولة الخالدة :

في بحر الشفق الورديّ

على الأفق الغربي الغارق في حلم الأمس الزاهر

كانت غرناطة تتجلى في زينتها الأحلى

يتراقص في عينيها فرح طفلي

يوقظ فيها أحلام طفولتها الأولى

وعلى الأسوار يهيم شعاعٌ خمري اللون

فيلتهب القصر ببعض الرغبات الخجلى

والحارس ، يا لغرابته، مشغول بهوايته الفضلى

يحلم بالحل الأمثل للكلمات المتقاطعة المنشورة

في الزاوية السفلى

وعلى الأبهاء الخلفية

كان أبو عبد الله المتخاذل آخر مملوك

في مملكة الأندلس المسبية

ينحر بتأنثه الباكي

قدس طهارة غرناطة

إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجـال !

 القصيدة هادفة، وغرناطة آخر قلاعنا الحصينة والصغير صار رمزاً للذل والصغار، فهو مثل حكام العرب الذي لا يجيدون سوى النواح واللجوء إلى عصبة الأمم، وهي تتدفق بشكل انسيابي منحدرة نحو الاستسلام الذي يرسم الشاعر حس الآسية ناظراً إلى ماضي غرناطة متأملاً في حاضر ألف غرناطة !

ويمضي الشاعر في تصوير قتال نساء الإفرنج إلى جانب الرجال فالملكة (إيزابيلا) كانت تقاتل إلى جانب زوجها الملك (فرديناندو ) وقد وصلا لما أرادا وهو سقوط الحضارة الإسلامية في الأندلس ، وأما حكام العرب فلا همّ لهم سوى حفلات الرقص والطرب :

عجباً ! إن نساء الإفرنج تقاتل في الصفّ الأول !

كانت (إيزابيلا) ترفع بيديها وبـــــــ ...!! مجداً حربياً ؟

يضحك من مرآها ضحكته الملكية (فرديناندو) الزوج الهمجيّ

فتبرق في فكيه الأضراس الذهبية !

وأبو عبد الله العاقل يسترخي مبهوراً في البهو الخامل .

تذهله حركات مهرجه الأفاق وإطراء المرتزقة !!

والقصرُ يحاصره المدُّ الهمجيّ، يحاصرُ مدّ همجيّ آخر

أجساد الغرثى !

أجراسُ الموت المأساوي تضجّ، وترتفع على أعلى الأسوار

المنكوبة راية (قشتالة )

تعلن بوقاحتها المزهوة ...سقطت غرناطة !!

 ويصور الشاعر أهمية غرناطة في تاريخ المسلمين، فهي رمز لحضارة زاهية بقيت ثمانية قرون، ثم زالت، فزال بزوالها عزّ المسلمين وكيانهم ومدنيتهم :

كانت غرناطة حلماً

أطرى من همس عرائسها المزروعة

بين خمائلها !

كانت أملاً ..عذباً ..أحلاماً رؤيا !

صارت – يا للهول – خرائب أوهاماً سجناً ..آه ٍ ..

دنيا !! ؟

كانت غرناطة ..حبي !

والطيرُ الهائم في قلوب الدرب الموحش

في الليل حواليها ...قلبي .

قضية فلسطين :

 وشاعرنا قال الشعر في مناسبات كثيرة، وكان يجد في هذه المناسبات متنفساً يعبر فيه عن مكنون عواطفه ويصور آلام أمته وآمالها . وكان من أشد المناسبات وقعاً على نفسه تلك المناسبة التي توصل فيها اليهود إلى حرق أولى القبلتين وثالث الحرمين يوم الحادي والعشرين من آب عام 1969م ، فقال في قصيدة بعنوان : (الحريق في الأقصى ) :

عجيباً لبيت الله ! كيف يُضــــــــامُ من أمة طاشت بها الأحلامُ

لم يبق في حرز سوى أقداســــــــــــــــــنا فإذا هوت، فعلى الحياة سلام

المسجد الأقصى ، وتهدر في دمي نارٌ كتلك، يزيدها الإضرام ُ

لم ننته إلا على إحــــــــــــــــــــــــــــــــراقه !! لكأننا صرعى ، لهم أحلامُ

ففي قصيدة : المولد الشريف بعد حزيران 1967 يربط الشاعر بين حدثين متباعدين ولكنهما مقترنان، غدر اليهود بالمسلمين في الجولة الأولى أيام نشوء الدعوة، وغدر اليهود بالمسلمين في الجولة الأخرى أيام التراجع الحضاري للمسلمين في هذا العصر الجبري المظلم، اليهود هم اليهود ماضياً وحاضراً ومستقبلاً : (قريظة ذوقي البأس من قبضة الهدى) :

كـذلـك أنـتـم يـا يـهود أخِسَّةٌ            فـمن خان عهد الله جرّعه المرّا

ولـمـا قـررتـم آمنين بأرضكم             دعـاكـم نـبيُّ الله فاجتزتم البحرا

سـجـيـة غدر لم تزل في دمائكم        تـعـبـدتم عجلاً وأظهرتم الكفرا

فـإن جـئـتمونا اليوم بالغدر إننا           ومـن عاش غداراً فلن يترك الغدرا

وإن لـنـا يـومـاً كـأمسٍ نعيده              وإيـاكـم فـي موعد يحسم الأمرا  

 فالشاعر يذكّر اليهود بتاريخهم الأسود، حين قتلوا الأنبياء، وعبدوا العجل، وأشربوا حبه في قلوبهم، وخذلوا المصلحين، وتركوا الجهاد مع أنبيائهم، فقالوا: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون . .ويربط الماضي بالحاضر، فقد ورثوا الغدر والخيانة كابراً عن كابر، ويتألق الشاعر في مقاطع من قصيدته، فينثر أمامنا صوراً تثير إعجابنا، وتطربنا([2]) :

سـنـرجـعُ، يـا لـلزَّحف ! غرّد              إذا اسودّ ليل الخطب صاروا له فجرا

فـديـت سرايا الصيد من جند أمتي              إذا وردت بـيضاً وإن صدرت حمرا

كـتـائـب لا تخشى مع الحق لومة         كـأن بها "الجراح" يزحف أو عمْرا

 فالشاعر متسلح بالأمل والتفاؤل بالمستقبل، فسوف تعود كتائب التوحيد والجهاد يقودها الصناديد الأبطال، ويعيدون في معاركهم سيرة الجراح ،وسيف الله المسلول، والفاتح عمرو بن العاص .

نشيد أمل للقدس الصامدة :

 ويصاب شاعرنا (عبد القادر حداد) بالخيبة والصدمة حين يرى تخاذل العرب والمسلمين في نصرة قضيتهم، مما أدى إلى سقوط القدس بأيدي اليهود، فيقول:

كلُّ حـزنٍ عـراكِ سـوف يــــــــــــــــزولُ أنـتِ يـا قـدسُ قِبـلةٌ وقبــــــــــــــيلُ

مـا بكـيـنـا سقـوطَكِ الـمـــــــــرَّ دمعًا  وعـلامَ الـبكـاءُ؟ فـيـمَ العــــــــويل؟!

 إن الشاعر (عبد القادر حداد) هو شاعر إسلامي لا يفارقه الأمل مهما كان الألم فهو يتفاءل بعودة القدس، ويصور مدى حبه وشوقه لئن يكون شهيداً على ثراها، فهي قبلة العاشقين ومهرها دم الشهداء الزكي :

إنمـا أنـتِ فـي الصدور دعـــــــــــــاءٌ    وهتـافٌ ومـوعـدٌ مأمـــــــــــــــــــول

أنـتِ يـا قـدسُ قِبـلةٌ لـمحــــــــــــــبٍّ     يشـتهـي أنه هـنـاك قتــــــــــــــــيل

أنـتِ فـي أمّةٍ بذكر مَعـالـيــــــــــــــ       ـهـا فـمُ الـدهـر نــــــــــــاطقٌ مشغول

أنـتِ عبرَ الأيـام بعضُ عطـايــــــــــــا  هـا، وأنـتِ العـلا ومـنك السبـــــــــيل

 وهذه الخطوب التي تحيط بالقدس سوف تصبح من الذكريات في مستقبل الأيام:

ذكّرتْنـا أيـامَهـا الغرَّ يــــــــــــا قُدْ       سُ أُسـودٌ فـي وقفةٍ لا تحـــــــــــــــول

كلُّ خطبٍ، يـطـوف حـولكِ، وهــــــــــــــمٌ    ومُصـابُ الأيـامِ عـنكِ كلـــــــــــــــيل

ألفُ زحفٍ عـلى دروبكِ نِضـــــــــــــــــوٌ لـيس يـمضـي فذلك الـمستحـــــــــــــيل

وكل مؤامرات اليهود سوف تتحطم على صخرة الطهر في القدس الشريف، وجهاد أمتنا سوف يحطم مكرهم، ويشتت كيدهم :

«صخرةُ الطهـر» فـيك تهـزأ بـالرِّجْــــــــ       ـسِ، وتُوحــــــــــــــــــي بأنه مخذول!

فعـلى الـدرب أمةٌ جـمَعَتْهـــــــــــــــا     وحدةُ الجـرح والطريـقُ الطــــــــــــويل

هـو درب الجهـاد صعبٌ ولكـــــــــــــــنْـــــــــــــــــــــــنَ صـمـودَ الرجـال مَرقًى جلـــــــــــــيل

فصـمـودًا يـا إخـوةَ الـحقّ فـــــــي القُدْ       سِ صـمـودًا يُراع مـنه الـدخــــــــــــيل

فقـرونٌ مـن الجهـاد، إلـيكـــــــــــــم نـاظراتٌ، وقـلـبـهـا متبــــــــــــــول

معكـم كلُّ خـفقةٍ مـــــــــــــــــن فؤادٍ     ذاب حـزنًا، وأعـيـنٌ وعقـــــــــــــــول

فأديلـوا العـدوانَ دكّوا مطـايــــــــــا     هُ بعزمٍ، فإنه سـيــــــــــــــــــــدول

كـيف يبقى الطغـيـان فـوق ربــــــــــوعٍ قـد حـمتهـا الأسـودُ، وهـي تصــــــــول!!

فـاصـبروا فـي اللقـاء لا الغدرِ إنّ الصْــ     ـصَبْرَ إلا معَ الخنـوعِ، جـمـــــــــــــيل

كلُّ جـرحٍ يـهـون غـيرُ جـــــــــــــــراحٍ    مسّتِ العزَّ فهـو غالٍ جلـــــــــــــــــيل

فـي دجى الغدر لـم يـنم ثـائرٌ مِنْـــــــــ        ـكـم عـلـيـه، ولا اطمأنَّ أصـــــــــــيل

فأحـلـتـم بعزمكـم حـالكَ اللَّيْـــــــــــ    ـلِ ضـيـاءً وعزمُكـم لا يحــــــــــــــول

لا تُخلّوا لهـم سبـيلاً إلى شِبْــــــــــــ     ـرٍ مـن الأرض حـيث نــــــــــــام «الخلــــــــيل»

 ويقسم الشاعر (عبد القادر حدّاد) بأغلظ الأيمان بأن القدس لن تركع، وأن الأحرار لن يناموا على الضيم، وسوف يواصلون الجهاد حتى يشرق فجر الحرية :

وإذا الـحـرُّ ثـار أشـرقَ فجـــــــــــــرٌ    وانقضى للخنـوع لـيلٌ ثقـــــــــــــــيل

لا، وحقِّ الرحـمـن لن تــــــــــركع القُدْ سُ، وفـيـهـا أخٌ لنـا وخلــــــــــــــيل

قـدّسَ اللهُ بقعةً كـانـتِ الـمَهْــــــــــــ    ـدَ لعـيسـى، وكـان فـيـهـا الـبتــــــول

خطراتُ الـمسـيح فـوق ثراهــــــــــــــا  وإلـيـهـا سـرى الأمـيـنُ الرســـــــــول

كبريـاءُ الزمـانِ والـمـجـد فـيـهـــــــا     ألقٌ مـن ضـيـائهـا مشمــــــــــــــــول

أشـتهـي لثـمَ تـربةٍ قـد سقـاهــــــــــا    مـن جـراح العـلا الـدمُ الـمطلــــــــول

 لقد كانت القدس مهد المسيح عليه الصلاة والسلام، عاشت فيها البتول المقدّسة وأسرى إليها محمد النبي الأمين، وعرج منها إلى السموات العلا، ويتوق الشاعر للثم تلك الأرض الطهور .

جاهليون :

 حارب الرسول صلى الله عليه وسلم الجاهلية، وهي مجموعة المعتقدات والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في عصر ما قبل النبوة ، وهو العصر الذي اصطلح على تسميته بالعصر الجاهلي ، وكان لهذه الجاهلية رجال تعصبوا لها ودافعوا عنها وقتلوا من أجلها ، وقد غدا هؤلاء الرجال رموزاً للجاهلية ينسبون إليها وتضرب بأسمائهم الأمثال كلما احتاج الناس إلى ذلك ، من أعلام الجاهلية ورموزها : أبو جهل بن هشام المخزومي وأمية بن خلف الجمحي وأبو لهب بن عبد المطلب القرشي ، ومن النساء أم جميل بنت حرب (حمالة الحطب) وهند بنت عتبة (آكلة الأكباد) ..

وانتصر الرسول وانتصرت الرسالة ، وسادت المعتقدات والقيم الإسلامية على أنقاض المعتقدات والقيم الجاهلية .

 وفي كل عصر تلا عصر النبوة تطل الجاهلية بوجوه جديدة تحاول أن تستعيد مراكزها ، وهي بين مدّ وجزر منذ عصر الرسالة ، وفي عصرنا الجبري هذا تصاعد مدّها وذرّ قرنها وانتشر شرها ، وأصبح لها رموز وأعلام ودعاة يقفون على أبواب جهنم .. والعجب أن المستجيبين لهم كثر وفي ازدياد .

 عن الجاهلية الجديدة و الجاهليون الجدد قال الشاعر عبد القادر الحداد هذه القصيدة .

جاهليّون*

يتمطَّى في الساحةِ ظلُّ ممقوت "لأبي جهلٍ"

يسقط فوق الأزهار النضرة

يخنُقُ فيها الروح ويقتلُ فيها كلّ بهاء !

فيغَطِّي بضَجيج دِعايته الفارغة

الـحَمقاء حقيقته التافهة الشَّوهاء

ويخدعُ بعض البُسطاء !

ويعود "أُمَيَّةُ"([11]) "بِنَذالتِهِ الـمَشهودة"

يحمِلُ في جعبته السوداء

سهامَ الحقد الـمَسمومة

يرمي منها كل "بلاليّ" الفكرة

في كل الأرجاء !!

من أين أتانا كل أولاء الوثنيين

يُعيدون الأمجاد البائدة إلى العُزّى واللات الهادمتين ؟

من أين أتانا أبناء الليل

وأحفاد المهزومين "ببدر الكُبرى" ؟

من أين أطل سلائل حلفاء

"قُرَيظة" يوم "الخندق"

والأحزاب الخائنة السوداء !!

أين اختبأوا يوم "الفتح الأكبر" ؟

من أي جُحور الشرّ أتوا ؟

ما أنذل جُحراً غيّبهم في تلك الساعة

عن "سيف الله"([12])

وأعطاهم أمناً يستحيي فيهم روح الشرّ ويذبح فيهم كل حياء !!

تلك الرّدّة !!!

أين "أبو بكر" يرمي الـمُرتدّين ؟؟ ويُرسل فيهم

سيف الله ويُخْمدُ تلك

الأنفاس الفاسدة الأهواءُ ؟؟

أين "أبو حفص"([13]) يقذفهم "بالقعقاع"([14])

فيرميهم بالقاع مع الأشلاء ؟!

أين "عليّ" يفضحُ دعواهم

ويُكَذِّبهم ويُعرّيهم من ثوب تلوُّنهم ،

يستأصل منهم روح الأفعى

إذْ لا تخجَلُ أن ترمي ثوباً

أو تلبس آخر حسب الأنواء !

عاد العهد الوثنيّ (أبا القاسم)([15])

وأرانا عُدْنا نحتاجُ إلى وَمْضٍ مِنْ

هَدْيِكَ في هذي الظّلماء !

تركَتْنا كلماتُكَ نسبَحُ في بحرِ النّور ،

وأعطانا "إرثُك" عِزّاً أورثنا مَجداً

يتطاول في كلّ سماء !!

لكنّ بقايا "أم جميل"([16]) و"ابن سلول"([17])

عادت تحت جناح الليل

تُسَوِّدُ بالنَّزعاتِ وبالأهواء الفاسدة

صفاء الـحُبِّ ، وتنفُثُ سُمَّ الـحِقد

وتُلقي بالأشواك القاتلة

على دربِ مسيرَتِنا

الـمُتسامية إلى العلياء !

لكنّا في فيضٍ من رحمتِكَ الغامرة

وروحٍ من عِندِك يا بارئِنا مازلنا نأملُ ،

فأغثنا يا رَبّ الكونِ ويا صاحب وعدٍ

نرقُبُ إطلالته السمحة كل صباحٍ ومساء

يا ناصرنا ... يا مَولى كُلّ ضعيف : أنقذنا من هذا العهد الوثنيّ

فقد عاد إليه الظلمةُ والظلمُ

وبُؤسُ الـجَهلِ ... على أيدي الـجُهلاء !!!

بين روضتين :

 قصيدة رمزية، والقصائد الرمزية في الشعر الإسلامي المعاصر قليلة، بل تكاد تكون نادرة، وأنا أحب أن يدع الشاعر التفسير للرمز مفتوحاً، يعطي المتلقي الفرص ليفهم، أو يفسر النص حسب التداعيات أو حسب الحالة النفسية له أو حسب الجو الاجتماعي أو السياسي .. إلخ .

 لا أحب أن يشير الشاعر إلى رمزية القصيدة أو أن يضع في أولها أو في آخرها تفسيراً ، إذا وجهك الشاعر في قصيدته الرمزية فالقصيدة لم تعد رمزية ، قيمة الرمز في رحابة المعاني وفي احتمالات التفسير .

 كنت قد عرضت قصيدة رمزية للشاعر المرحوم محمد المجذوب وذلك في كتابي أجمل مئة قصيدة في جزئه الأول ، وكانت القصيدة ثلاثة مقاطع المقطع الأخير فيها تفسير لما رمز إليه الشاعر في المقطعين الأول والثاني ، فقمت بحذف الجزء الثالث لأعطي للقصيدة قيمة أكبر ومعنى أعمق .

 هذه القصيدة يرمز فيها الشاعر بالروضتين ، إلام يرمز الشاعر؟ وماذا يريد أن يقول ؟ هذا ما ندعه للمتذوق .

سـألـتـنـي الـنّجوم عن أخباري           والـخَفِيّ الـمَكنونِ من أسراري؟([18])

لـيـس سـراً مُـخَـبّـأ ما أعاني              .. بـل حـديـثـاً بِمُنتدى السُّمَّار!

قـصـتـي هَمسة النسائم في الفجـ          ـرِ ، ونـجـوى الأطـيار للأزهارِ

كـان لـي روضـةٌ أحـنُّ إلـيها             فـي الـهـجـيرِ العتيّ من أفكاري

أبـدَعـتها الأقدارُ من رقة الـحُسـ         ـنِ ، فـجـاءت على مُنى الأقدارِ

كـلـمـا ضِـقتُ بالأسى إذ عَراني          جـئـتُـهـا مُـلـقِياً لديها إساري

فهل رأيت النجوم، وهي تسأل الشاعر عن أخباره وأسراره، التي أصبحت حديث السمّار في النوادي :

يـحـتـويـنـي الأمانُ فيها فأبدي           عـنـدهـا مـا يضجُّ في أغواري

وهـي تـحـنـو عـليّ أُمّاً فأنسى            مــا ألاقـيـه مـن أذى الأكـدارِ

وطـواهـا الـرّدى ! فـأقفر قلبي            بـعـد مـا لـفّـها الفناءُ الضّاري

عـصـفـت عصفة الرياح حَواليـ           ـهـا فـأمـسـت رهينة بانكسارِ

واسـتـحـالـت حدائقُ الوردِ فيها           بـعـدَ زهـوٍ إلـى هـشـيمٍ بوارِ

وأنـا بـعـدهـا حـلـيفُ شجونٍ             ضـربَـتني فحِرتُ: كيف أداري؟!

ولكن الشاعر عبد القادر حداد يتساءل: أين أمضي وقد استحالت الورود والرياض إلى هشيم تذروه الرياح ؟ :

أيـن أمـضي إذا اعترتني هُمومي          أيـن أبـدي مُـخـبّـآت قراري؟!

وقـطـعـتُ الأيام أبحث عن أخـ           ـرى ؛ تـقـيـنـي تلوُّنَ الأخطارِ

صِـرت فـي قبضة الزمان وما لي          بـعـدَهـا غـيـرُ نـشوةِ التّذكارِ

قـلـت : أمـضي إلى القِفار بنفسي أنـتـقـي خـيرَ ما أرى في القِفارِ

مـجـتـلـى ، غـيرَها أُنَفِّضُ فيه             مـا اعـتـرانـي من الأسى الموارِ

مـسـرحـاً لـلـجـمالِ أنثُرُ فيه               مـا حَـبـانـي بـه الكريمُ الباري

وعـلـى مـدرَجِ الرؤى برزت لي            كـافـتِـرارِ الأمـان بـعـد توارِ

فـوضعتُ الرّحال في أرضِها البكـ ـرِ ، وأرسـى على مداها اختياري

صُـنـتُـهـا عـن مرادِ كل مُريدٍ              فـهـي فـي مـأمـنٍ مـن الزوّارِ

وأحـاط الـسـيـاجُ سَبعاً حواليـ            ـهـا كـمـا حـيطَ معصم بِسوار

وتـركـتُ الأنـسـامَ تـلعبُ فيها              يـلـتـقـي شـدوُهـا مع الأطيارِ

بِــتّ أرعـى نُـمُـوّهـا وأداري              جـذرَهـا الـغَـضّ عن يَدِ التيّارِ

يالها من روضة جميلة صامدة في مواجهة أعتى الرياح :

تعصِفُ الريحُ حولها وهي في الأمــــــــــــــــــــنِ .. لـقـد صُنتُها عن الإعصارِ

وأنـا بـانـتـظـارِ موسِمِها البِكـ               ـر تَـرفُّ الآمـالُ فـوق انتِظاري

أَمـلٌ ضـاحـك : سـتُنسِيك هذي مـا تـلـقّـيـتَ قبلها من خَسارِ!

أتـغـذّى عـلـى أطـايـب آمـا               لـي وأحـيـا على رُؤى كالنُّضارِ

وتـمـرُّ الأيـامُ .. والأرضُ تـحيا          بـازدهـارٍ عـلـى ندِيّ اخضرارِ

وثـغورُ الأزهارِ تندى على الـحُـ  ـــــــــــــــبِّ فـأهـفو على النّدى الـمِعطارِ

وأراهـا تـطـولُ فـي عينِ قلبي              فـأقـيـس الأشـبـارَ بـالأمتارِ!!

 ولكن شتان بين روضة خلقها الله بالحبّ، وبين أخرى يصنعها الإنسان بالقهر :

ثـم يـا طـول دهـشتي! أي سِرّ؟         أيُّ كـفّ عـجـيـبةٍ ؟ أيُّ نار ؟!

ضـربَـت مـا بـنيتُ من أملٍ عذ          بٍ ومـا شـدتُـه بـها من فخارِ !

نـضـبَ الماءُ ، عندها يبسَ الزر          عُ وغـاض الـبـهـاءُ في الأزهارِ

وهـي تَـدْوي كـمـا يذوبُ شعاعٌ          مـن نـدى الـفجرِ في تلظِّي النهارِ

أتُـراني نسيتُ شيئاً ؟ وهل أنقصـ        ـتُ وزناً ؟ أم زِدتُّ في الـمِقدارِ؟

ونـشَـدتُّ الـعَزاءَ في كتبِ العِلـ            ـم سـألـت الـخـبيرَ ذا الأخبارِ

ثـم فاض الجوابُ كاللَّمحِ في الإبـ ـداع كـالـلّمع في الشّهابِ النّاري

أنـت أعـطـيـتـها الحياةَ ولكن              لـم تُـذِقـهـا حـريَّة الاختيارِ !!

أتـظـنُّ الـحـياةَ تصفو مع الكُر            هِ ؟ أيَـحـلـو الـزمـانُ بالإجبار؟

إنّ يـومـاً يَـمُـرُّ مـن غيرِ حُبٍّ              سـاقِـطٌ مـن حـصيلةِ الأعمارِ !!

 الأناشيد الإسلامية :

 وللشاعر مساهمة في الأناشيد الإسلامية، إذ لجأ شعراء الدعوة الإسلامية المعاصرون إلى هذا السلاح أو هذه الوسيلة المتاحة لنصرة الدين ولشحذ الهمم وبعث العزائم .

 للشاعر نشيد اخترناه ضمن أناشيدنا المئة المختارة في كتابنا أناشيد الدعوة الإسلامية، يشدو به هكذا :

أمة الإسلام هيا مـن جديــد للخـلـــود

وابعثي الأمجاد من بعد الرقود والخمـــود

لنردّ الكيد في صدر الحقــود والحسود([8])

ويستمر بهذا الاندفاع العاطفي حتى آخر النشيد .

 وأنا لا أميل إلى تطويل النشيد، وأحبذ أن يكون فقرات قصيرة لا تزيد عن أربع أو خمس، ولو تتبعنا الأناشيد الناجحة والتي حققت انتشاراً واسعاً لوجدناها كذلك .

 وقد حقق الشاعر هذا النهج في نشيده "يا جند الحق"([9]) فهو في كلمات موجزة مركزة وفقرات خمس :

يا جنود الحق هيـا وارفعوا أسمى لواء

واملؤوا الآفاق هديا واستجيبوا للنــداء

هذه هي الفقرة الأولى ، وهو يستمر كذلك خمس فقرات .

 وقد أصدر الشاعر مجموعة أناشيد للأطفال بعنوان "بستان الأناشيد للبراعم" واهتمام الشعراء الإسلاميين المعاصرين بأناشيد الطفولة اهتمام ملحوظ، وهم في أناشيدهم متفاوتون من حيث التوفيق في ولوج عالم الطفولة، فمنهم من تحدث عن الأطفال ومنهم من تحدث لهم ومنهم من تحدث باسمهم، وهناك فروقات بين هذا وذاك تحتاج منا إلى وقفة أطول وأعمق لعلنا نقفها في فصل آخر من هذا الكتاب([10]).

 ومن النماذج الموفقة في أناشيد الطفولة لشاعر هذا النشيد :

أمي أمـي أحلـى نغم

يجري عذباً بفمي ودمي

******

أنا أهـواه و أُ رَ دِّ دُه

بالحب الغا لي أنشـده

 ******

نغم حلـو عذب عذب

قد زينـه هذا الحـب

وهكذا تمضي المعاني والأفكار سلسلة متدفقة على شفاه شاعرنا الحبيب عبد القادر حداد، أفكار مستنيرات تستقي نبضها من التراث والتاريخ والحكمة، وتمتاز بالأصالة والمعاصرة، تؤججها عاطفة نبيلة تنبع من معين الأمل والتفاؤل، وجاءت الألفاظ في الأعم الأغلب جزلة قوية يشدّ بعضها بعضاً، وأما التراكيب فهي متينة يأخذ بعضها برقاب بعض، لقد نصب الشاعر (عبد القادر حداد) من نفسه محامياً يدافع عن تراث المسلمين، ويقف في وجه من تهوّدوا، وتنصروا، وساروا في ركاب الأعداء يقارع الحجة بالحجة، ويأتي بالدليل تلو الدليل ليقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق .

 رحم الله (أبا أحمد) لقد سلّ حسام الحق، في وجه أعداء التراث والأصالة، وفضح اليهود وبين واجب الأمة في فلسطين، وندد بالاستبداد السياسي، الذي ذاق من ويلاته الكثير الكثير، فعاش في الحجاز والكويت طريداً شريداً، ومات في عمان غريباً، فطوبى للغرباء.

وسلام على (أبي أحمد) في الخالدين

المصادر والمراجع :

1- رسالة مطولة من الشاعر أرسلها للأستاذ أحمد الجدع -رحمهما الله- بتاريخ 1407هـ .

2- أعماله الشعرية المطبوعة .

3- أناشيد الدعوة الإسلامية ج4 ، حسني أدهم جرار، وأحمد عبد اللطيف الجدع، الناشر: دار الضياء للنشر والتوزيع - عمان - الأردن .

4- معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين 1/3 ، أحمد الجدع ، دار الضياء للنشر والتوزيع - عمان - الأردن ، 1421هـ 2000م . وكتب الأستاذ أحمد الجدع ترجمة ودراسة مطولة له ولبعض شعره .

5 - عمر رضا كحالة: تكملة معجم المؤلفين - دار ابن حزم - بيروت 1998.

6 - محمد خير رمضان يوسف: تتمة الأعلام للزركلي - المجلد الأول - دار ابن حزم - بيروت 1998.

7 - نزار أباظة، محمد رياض المالح: ذيل الأعلام لخير الدين الزركلي - دار صادر - بيروت 1999 .

8 - مقابلات أجراها الباحث أحمد هواش مع عدد من دارسي المترجم له وأصدقائه - حماة 2002 .

9 - الدوريات: محمد عدنان قيطاز: عبدالقادر حداد في شعره الملحمي - جريدة الفداء - حماة 8 من أغسطس 2001 .

10- عبدالقادر حداد - ملاحم البطولة الخالدة في ظلال الأماني - جريدة الفداء - 9 من أغسطس 2001 .

11- موقع الموسوعة كوم – على شبكة الانترنت .

12- معجم البابطين الصادر في الكويت .

13-شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث : 2/103-116 .

14- مجلة المجتمع العدد : 889 تاريخ:21/3/1409ه - ص44.

15-من الشعر الإسلامي الحديث : رابطة الأدب الإسلامي العالمية – دار البشير بالأردن.

16- مجلة الأمة القطرية ، العدد 47 ، 1984 ص85 .

17- موقع الألوكة على شبكة الانترنت - رابط الموضوع: http://www.alukah.net/liteصلى الله عليه وسلمatuصلى الله عليه وسلمe_language/0/65980/#ixzz56Bnx78lB .

الهوامش :

([1]) من وحي المولد ط1399هـ 1979م ، ص9 .

([2]) من وحي المولد ص10 .

([3]) من وحي المولد ص16 .

([4]) من وحي المولد ص5 .

([5]) ملحمة بدر .

([6]) ملحمة بدر .

([7]) مجلة مرآة الأمة الكويتية ، العدد 677 ، ص63 .

([8]) نشيد "يا أمة الإسلام" أناشيد الدعوة الإسلامية ، ج4 ، ص122-124 .

([9]) مجلة سعد ، العدد 811 الصادر بتاريخ 6/1/1986 ، ص32 .

([10]) للشاعر قصيدة متفوقة عن الطفولة بعنوان "طفل وقرآن" عرضناها، وحللناها في كتابنا "أجمل مئة قصيدة في الشعر الإسلامي المعاصر" الجزء الثاني الصادر عن دار الضياء للنشر والتوزيع بالأردن .

 ([11]) أمية بن خلف من ملأ قريش الذين عذبوا بلال بن رباح رضي الله عنه .

([12]) لقب القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه .

([13]) كنية عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

([14]) القعقاع بن عمرو قائد فاتح مشهور .

([15]) إحدى كُنى النبي صلى الله عليه وسلم .

([16]) أم جميل ، هي أروى بنت حرب بن أمية ، زوجة أبي لهب ، كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

([17]) ابن سلول هو عبد الله بن أبي بن سلول من زعماء المنافقين في المدينة .

([18]) نشرت القصيدة في "المجلة العربية" التي تصدر في مدينة الرياض .

[2] - ديوان "لحن الجراح" –للشاعر أحمد الخاني – موقع الألوكة .

وسوم: العدد 762