الشيخ الداعية د. محمد أمين المصري: فارس المنابر، والداعية الجسور

(1333 – 1397 هـ/ 1914 – 1977م)

clip_image002_7841e.jpg

من العلماء الدعاة الأتقياء الشجعان.

برع في الحديث، والتربية، عرفته جامعة دمشق ومساجد دمشق (مسجد المرابط) خاصة بدروسه المتميزة التي تجمع بين العلم والعاطفة الصادقة القوية، وكانت سيرته تفوح مسكاً، كثير الحركة والنشاط، يخطب في المسجد، ويحاضر في الجامعة، ويناقش الملاحدة، يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويجادل المستشرقين بالتي هي أحسن.

وقد ترك رحمه الله تعالى خلفه مؤلفاته علمية وتربوية تؤهله ليكون موضوعاً للدراسة والبحث في الجامعات الإسلامية، فهل يقبل الطلاب على الكتابة عن جهود الشيخ محمد أمين المصري العلمية والفكرية والدعوية ....وما أظنهم إلا فاعلين...

الولادة والنشأة:

ولد الشيخ محمد أمين المصري في مدينة دمشق الفيحاء عام 1333ه، الموافق 1914م، ونشأ في ظل أسرة مسلمة سنية ملتزمة، وجيهة تتمتع بالثراء .

ونشأ مع فتية من جيله على حبّ الإسلام ومطالعة كتبه.

دراسته ومراحل تعليمه:

وتلقى محمد أمين المصري مراحل التعليم الأساسية في مدينة دمشق، وبعد  إنهاء دراسته الثانوية عمل في سلك التدريس، وساعدته نشأته في دمشق حيث تكثر علوم الدين، والفقه، والتفسير، والحديث، فقرأ على  علمائها من أمثال: الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ أبي الخير الميداني، .. وغيرهما.

ثم رحل إلى مصر لطلب العلم في الأزهر، وحصل على الشهادة العالمية من كلية أصول الدين عام 1941.

وكان فضلاً عن قراءة الكتب المقررة يحب القراءة والمطالعة، وقد أثر فيه إحياء علوم الدين حتى آخر حياته.

وكان يتميز بإرادة صلبة جعلته يطبق كثيراً مما يمر معه من الأحياء مهما كان هذا الذي يطبقه صعباً.

ثم عاد من مصر بعد حصوله على الإجازة، فعمل مدرساً في ثانويات دمشق لمدة عام واحد.

ثم رجع على إثرها للقاهرة مرة ثانية ليكمل دراساته العليا.

فحصل على تخصص التدريس.

ثم سافر عام 1956 إلى بريطانيا للتحضير لرسالة الدكتوراه، وكان موضوعها (معايير النقد عند المحدثين).

أعماله ومسؤولياته:

وعاد الشيخ محمد أمين المصري من مصر، فعمل مدرساً في ثانويات دمشق.

وقد أنشأ مع إخوانه الشباب أول حركة إسلامية حديثة في بلاد الشام.

وساهم في الندوات العلمية إسهاماً جيداً، فألقى فيها المحاضرات النافعة.

وكانت له صلة قوية بالحركة الإسلامية في مصر، ويحرص على حضور محاضرات الأستاذ حسن البنا، والعلامة محمد الخضر حسين، ويلقي بعض الخطب في الحفلات الإسلامية التي كانت تقام.

وكان يركز على سورة الأنفال وتفسيرها كثيراً.

فألقى فيها دروساً ومحاضرات عديدة في مسجد المرابط بحي المهاجرين في دمشق.

حتى ظن الظانون أن لا يحسن غيرها. وكان يمازح من يعرفه، ويقول: أنا لا أعرف إلا تفسير سورة الأنفال.

يريد من وراء الأنفال أن يذكر بدراً ومن وراء بدر أن يذكر القلة المؤمنة القلة التي تنقذ المواقف.

وكان تواقاً إلى تخريج دعاة ومجاهدين لا موظفين وأصحاب شهادات، فكان كثير الاهتمام بعلم التربية.

يرى أن المشكلة الأساسية والأولى هي: كيف نربي ؟؟

هل نربي الأطفال والشباب على الخوف وحب الوظيفة أم على الجهاد ؟؟

ويذكر دائماً السيدة عفراء، التي قدمت للإسلام سبعة من أولادها الشباب، استشهدوا في المعارك الأولى في الإسلام.

في عام 1951م عين ملحقاً ثقافياً للسفارة السورية في باكستان، وبقي هناك 5 سنوات، وقد اضطلع خلال هذه الفترة بجهود طيبة في نشر اللغة العربية بين أبناء باكستان.

رجع إلى سورية مدرساً في ثانوياتها وداعيـاً إلى الله في مساجدها وفي عام 1951 عين ملحقاً ثقافياً في السفارة السورية في باكستان، وهناك استغل فرصة وجوده  فنشط في نشر اللغة العربية وألف كتاباً في ذلك.

وتعرف على علماء باكستان، والمحدثون منهم خاصة، كما عقد الصلات القوية مع الشيخ أبي الأعلى المودودي رحمه الله.

ورجع إلى سورية عام 1959 مدرساً في كلية الشريعة، ولكنه لم يكتف بالتدريس الأكاديمي كما يفعل الكثير من أمثاله، ولكن كانت له جلسات علمية وخاصة في التفسير، ولو جولات على القرى يحدث الناس عن سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا أنسى حديثه في إحدى القرى القريبة من دمشق، وأهلها فيهم شيء من الجفاء والقسوة، لا أنسى كيف كانوا يبكون أثناء حديث الشيخ عن حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم- لم يكن الشيخ خطيباً مفوهاً، ولكنه كان محدثاً بارعاً قلَّ نظيره.

في عام 1965 كان حكم حزب البعث على أشده تعنتاً وأذى للناس وللمسلمين خاصة، وكان للشيخ في هذه السنوات تجربة مؤلمة مع بعض الدعاة في دمشق، كما كان له تجربة في مسجد المرابط مع من يشاركه في الدروس، وقد رأى بعد أحدهم عن منهج أهل السنة، ورأى سكوت الناس وخاصة أهل المال عن الانحراف الواقع، لهذه الأسباب قرر مغادرة سورية، وودعها، وهو يردد قوله تعالى: [ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها]، وتعاقد مع المملكة العربية السعودية مدرساً في جامعة أم القرى في مكة المكرمة.

وهناك شارك في تأسيس قسم الدراسات العليا. وكان له طلابه ومحبوه، وكانت له أحاديث في الإذاعة والتلفاز، ثم انقطع عن التلفاز، وقال لتلاميذه: كيف تظهر هذه (اللحية)، وأشار إلى لحيته، ويظهر بعدها الموسيقى والأغاني، ثم انتقل إلى الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية رئيساً لقسم الدراسات العليا، ولم ينفك عن دروسه ومحاضراته وكلها في التفسير والسيرة النبوية، والتفسير يحوم كله حول سورة الأنفال أو سورة آل عمران للحديث عن غزوة بدر أو غزوة أحد.

وفي عام 1977 دعي إلى مؤتمر إسلامي في ألمانيا، سافر بعدها إلى سويسرا لإجراء عملية جراحية، توفي على أثرها، ونقل جثمانه إلى مكة، ودفن فيها رحمه الله رحمة واسعة.

كان الموضوع الرئيس الذي شغل بال الشيخ هو التربية والتربية الجهادية خاصة، ولذلك كان يكثر من الحديث عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة حياته وسيرة أصحابه، وكان يقول: إن الطفل في الأسرة المسلمة يجب أن ينام على أحاديث الجهاد، وكان ينتقد طرق التعليم في المدارس الحكومية التي تبلد الطالب، ولا تجعله ينطلق علمياً وتربوياً.

وله كتاب في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.

وفي عام 1956م سافر إلى بريطانيا للتحضير لرسالة الدكتوراه، وحصل عليها عام 1956م، وكان موضوعها: معايير النقد عند المحدثين.

ورجع مدرساً في كلية الشريعة بجامعة دمشق.

ومما يذكر هنا أن المستشرقين أبوا أن يكون موضوع دراسته نقد شاخت فاختار موضوعاً في معايير نقد الحديث عند المحدثين.

وعندما ترأس قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة في مكة كان يحذره من ابتعاث أبناء المسلمين إلى ديار الكفار، وكان له نشاط في إذاعة السعودية وتلفزيونها.

ففي عام 1965م سافر إلى السعودية للتدريس في جامعة الملك عبد العزيز – كلية الشريعة – في مكة المكرمة. وقد شارك في تأسيس قسم الدراسات العليا فيها.

وقبل وفاته بثلاث سنوات انتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رئيساً للدراسات العليا فيها.

وكان له دور في وضع مناهجها.

معالم تفكيره:

ولقد جمع – رحمه الله – بين الاختصاص بالحديث النبوي الشريف ودراسة علم النفس، وكان له أثناء رحلته لأوربا وقفات مع المستشرقين لا تنسى .. تحدث عن بعضها الدكتور مصطفى السباعي – رحمه الله – في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ) .

وهو – رحمه الله – جمع بين العلم والعمل، فزاول العمل الإسلامي والدعوة إلى الله منذ أوائل الخمسينات، وخرج بتجارب واسعة في هذا الميدان لما بذل من جهود، ولما قدم من إيجابيات في صلاته مع أعلام الدعوة الإسلامية.

وممن يكثر من ذكرهم : الإمام حسن البنا – رحمه الله – حيث اتصل به أثناء دراسته في مصر .

والأستاذ أبو الأعلى المودودي – رحمه الله – الذي اتصل به عندما كان ملحقاً ثقافياً في باكستان.

وكان صريحاً عندما يتحدث عن تجربته في العمل الإسلامي، وكثيراً ما يدين نفسه ويتهمها بالتقصير.

ومن الكتابات أو الآراء التي لا تبلي مع الزمن، ولا يذهب تأثيرها وأهميتها ما سطره، أو تحدّث به الشيخ محمد أمين المصري -رحمه الله- لأن هذه الكتابات كانت نابعة من القلب، ومن همًّ متجدد حول مستقبل الأمة، وحول تربية الفرد.

لم يكن الشيخ ممن يُزوقون الكلام، ولا يكثرون من التأليف، كان جلُّ اهتمامه تربية المسلم تربية الأحرار، تربية القادة، وكان هذا واضحاً في محاضراته ودروسه وأحاديثه. إن الدعوة الإسلامية (بعد عشرات السنين) ما تزال بحاجة إلي تجديد في الأساليب وفي مناهج الدعوة، وإلي ثقافة تتيح للفرد الإبداع والإنتاج، وهذا ما كان يقلق الشيخ، وقد عاش فترة خصبة من المد الإسلامي، عاشها مدرساً في الجامعات ومشرفاً علي منهاجها، ومشاركاً في الفكر والثقافة، وموجهاً لشباب، وكانت له نظرات تخالف بعض نظرات الآخرين، بل له شخصيته المستقلة في كثير من آرائه التربوية.

لقد كان الشيخ -رحمه الله- شديد النقد لنفسه ولحاملي لواء الدعوة الإسلامية بأنهم ليسوا على المستوى المطلوب، وأنهم لم يقدموا كل ما عندهم في سبيلها، ولو قدموا لكانوا معذورين، وأما الاعتذار بالواقع وأنه ليس في الإمكان أفضل مما هو موجود هذا الاعتذار كان مرفوضاً عند الشيخ رحمه الله.

والفكرة التي كانت تؤرقه هي: أين الرجال الذين يتحملون المسئولية، الذين بلغوا من الإخلاص والفهم والتضحية والثقافة مبلغاً يرفعوا به هذه الأجيال إلى المستوى المطلوب. وكان زائروه وتلامذته يلاحظون أن هناك مواضيع كان الشيخ رحمه الله يلح عليها ويكررها ولا يسأم من تكرارها.

ويمكن أن نستخلص من مجموع ما كتب، ودرس، وحدث بعض ركائز أفكاره.

ركائز أفكار الشيخ محمد أمين المصري -رحمه الله تعالى-:

أولاً: -موضوع التربية والتركيز على تربية المنزل وتربية الأم بالذات، ويستشهد بصحابيات قدمن أولادهن للمعارك الإسلامية مثل الصحابية الجليلة عفراء ويقارن بين هذه التربية وتربية الأمهات في هذا العصر والتي من أقصى أمانيها أن يتخرج ابنها موظفاً أو طبيباً، وتصور له الحياة بأنها العيش الرغيد، ولا يخطر على بالها أن تربي ابنها على الجهاد.

كما كان يتحدث كثيراً عن تربية المَدرسة وينتقد طرق التربية التقليدية التي لا تزال في مدارسنا وجامعاتنا كنظام الامتحانات الذي يجعل الهدف من التعليم هو النجاح والشهادة بدل أن يجعل الهدف هو حب العلم. ثم ينتقل الشيخ إلى تربية الشباب سواء في المدرسة أو المسجد أو المجتمع، ويؤكد هنا على ضرورة تربيتهم تربية القادة لا تربية العبيد، تربية الاستقلال لا تربية الخضوع والخنوع والمريدين بكل ما في الكلمة من معني، فإن البعض يعجبه أن يتعلق به الأتباع تعلقاً أعمى، ويحلو لهم مغالاة الأتباع في تعظيمهم، ويغلب على هؤلاء الأتباع نسيان الفكرة، ويصبح التعلق بالشخص ولو انحرف عن الفكرة. بينما التربية التي يريدها هي التربية القرآنية كما ربى رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه فكان لا يمتاز عنهم بشي من ملبس أو مظهر أو مكان، وكان يكره أن يقوم له أصحابه وكان يستشيرهم في كل مناسبة وعمل برأي الحباب بن المنذر في بدر، وسلمان الفارسي في الخندق ويقول لهم: «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم » [رواه البخاري].

ثانياً الجهاد:

- الجهاد الذي تركه المسلمون وحوّره وبِّدله المتعالمون المنهزمون، أمام ضغط الواقع وضغط الاستشراق الخبيث، وللشيخ هنا كلمة مأثورة، وهي: "إن الطفل في الأسرة المسلمة يجب أن ينام علي أحاديث الجهاد، ويستيقظ عليها". وذلك كان الذين لا يعرفون الشيخ رحمه الله يظنون أنه لا يتقن غير تفسير سورة الأنفال، وإنما كان يكررها لتأكيد هذا المعنى، كما كان رحمه الله يكثر من تفسير سور: آل عمران والتوبة والأحزاب لتضمنها صور المعارك الكبرى في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم، وللشيخ أبحاث قيمة في مثل هذا الموضوع مثل بحثه حول الحديث الضعيف أو الذي لا أصل له «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» (1) وكيف أثر هذا الحديث وأمثاله على نفسية المسلمين.

ثالثاً: الأخطار الداخلية:

- هناك أمراض أصيب بها المسلمون، هي أمراض نفسية وعقلية تنخر في كيانهم وتسبب لهم ضعف، هذه الأمراض هي الخطر الداخلي. إن أكبر المصائب أن يصاب الفرد بنفسه وأن يلقي التبعة دائماً على غيره، ويعلق أخطاءه على مشجب الآخرين، وهذا يريحه من تأنيب الضمير وعَتب العاتبين. ومن أكبر المصائب أن نبرر أخطاءنا ولا نعترف بعجزنا، ونلجأ إلى خداع النفس لكي تتهرب من الواقع.

ومن المصائب أننا لا نبحث أمورنا بشكل جدي بل نبحثها على مستوى السمر والتسلية وهو مرض "استسهال الأمور". يقول الشيخ رحمه الله تعالي في أحد بحوثه: "اليأس القتِّال والخوَر المميت والثقة المفقودة كل هذه هي العدو الحقيقي والعقبة الكبرى التي تواجه المسلمين، أما العدو الخارجي فأمره يهون إذا استطعنا أن نغير ما بأنفسنا".

هذا الموضوع كان يستأثر باهتمام الشيخ، لأنه يعتبر الأخطار الداخلية هي السبب الرئيسي لما حصل للمسلمين على مر العصور من تخلف.  

وأَعتقد هنا أنه في هذا الموضوع قد استفاد من كتابات المفكر الجزائري "مالك بن نبي" في سلسلة كتبه (مشكلات الحضارة) والتي تكلم فيها عن دور الحضارة عند المسلمين.

رابعاً: كما كان الشيخ -رحمه الله تعالى- ينعى كثيراً علي المسلمين الفهم غير الصحيح لبعض أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وآيات القرآن الكريم، بحيث إنهم يجعلون من هذه الأحاديث تكأة لعجزهم وضعفهم فيوردون أحاديث الفتن، وأن الأمر ليس له مرد، وأن كل زمان أسوأ من الذي قبله ولذلك فلا داعي للعمل والتبليغ، هذا فضلاً عن احتجاجهم بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي توهن العزائم وتبرر القعود.

خامساً: لابد من "قلة تنقذ الموقف، قلة هي النخبة التي تستطيع حمل الأمانة، وحمل الأمانة بنفسه يفجّر الطاقات. هذه النخبة يصفها في أكثر بحوثه، يقول في رسالة (المعاني الدخيلة على التربية الإسلامية): "فالأمة التي يفقد أبناؤها حمل الرسالة تفقد معاني الجهاد وتفقد قيمة الحياة، وحين لا يكون للأفراد رسالة يشغل الخواء القلب، وتمتد الشهوات، وتستعلي الغرائز".

ويقول أيضاً من بحث حول تربية القادة: "إن حمل الرسالة يعطي الفرد قوة ما كان ليحلم بمثلها في الحالات العادية، والشعب في حال حمل الرسالة يستمر في النهوض، فإذا فترت هذه الروح كان سيره بقوة الدَفعة الأولي إلى حين". هذه بعض الأفكار التي كان الشيخ يهتم بها، ويكفي أنها ناصعة صحيحة ولا يزال المسلمون بحاجة إلي سماعها وفهمها.

- من جهود الشيخ رحمه الله أنه في عام 1965 سافر إلى المملكة العربية السعودية للتدريس في جامعة الملك عبد العزيز -كلية الشريعة- في مكة المكرمة، وقد شارك في تأسيس قسم الدراسات العليا فيها، وقبل وفاته بثلاث سنوات انتقل إلي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رئيساً للدراسات العليا فيها، وكان له رحمه الله تعالى دور في وضع مناهجها.

ثناء العلماء عليه:

أثنى عليه تلميذه د. أحمد بن عبد الله الزهراني في تقديمه لكتاب الشيخ تربية القادة ، فقال: ( إن فضيلة شيخي وأستاذي الدكتور محمد أمين المصري – رحمه الله – تتلمذت عليه سنة دراسية في جامعة أم القرى عام 1393 / 1394ه درست عليه مع غيري من الإخوة الطلاب مادة مصطلح الحديث في قسم الدراسات العليا في السنة المنهجية.

وأفادنا – رحمه الله – فوائد علمية وتربوية من خلال تدريسه للمادة المذكورة منها:

1-            التواضع .

2-            والجدية في الدرس .

3-            والتراجع عن الخطأ إذا تبين له.

4-            والاهتمام بأمور المسلمين.

5-            واحترام الآخرين ومعرفة قدرهم ومنزلتهم.

مؤلفاته:

كان للشيخ بحوث مهمة في التربية، وجمعت محاضراته في تفسير سورة الأنفال بعنوان: من هدي سورة الأنفال.

وله محاضرات ودروس في سورة آل عمران لم تطبع بعد، وأبرز كتبه:

1-أصول التربية.

2-الطرق الخاصة للتربية الإسلامية.

3-من هدي سورة الأنفال – الكويت مكتبة دار الأرقم 1400ه / 281ص

4-سبيل الدعوة الإسلامية – الكويت – دار الأرقم – 1400ه / 168 ص.

تناول في المحاضرة الأولى: العبادة لله وحده

والمحاضرة الثانية: الأخوة في الله

المحاضرة الثالثة: عدم موالاة غير المؤمنين

المحاضرة الرابعة: المسؤولية

المحاضرة الخامسة: تبليغ الدعوة

المحاضرة السادسة: الاعتزاز بالإسلام

المحاضرة السابعة: حماية الدعوة

المحاضرة الثامنة: قلة تنقذ الموقف

5-لمحات من وسائل التربية الإسلامية وغايتها ط4 –بيروت – دار الفكر 1398ه ، 354 ص .

6-طريقة جديدة في تعليم العربية – بيروت – مؤسسة الرسالة 1395ه .

7-المسؤولية – ط3 الكويت – دار الأرقم 1400ه / 176 ص .

8-المجتمع الإسلامي: وجهة التعليم في العالم الإسلامي –ط4 الكويت دار الأرقم 1406ه / 112ص . تحدث فيه الكاتب عن

9-الطفل السوي وبعض حالات شذوذه – ترجم عن الفرنسية بالاشتراك مع غيره، ونشر في عدد خاص من مجلة المعلم العربي التي تصدر في دمشق.

10-محاضرات في فقه السيرة.

11-محاضرات في العقيدة. لم يطبع حتى الآن.

12-تعلم العربية لغير الناطقين بها.

13- تربية القادة : ويقع في 48 ص ، وهو محاضرة ألقاها الشيخ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1395ه ، ثم طبعت في مكتبة الصديق في الطائف عام 1412ه /  1992م، تحدث فيها الكاتب عن عجز الأمة الذي يكمن في ضعف قيادتها، ثم في الأمة بمجموع أفرادها ثانياً . كما تقرر الرسالة أن الجامعات القائمة حالياً في بلاد المسلمين عاجزة عن إخراج قيادات تنقذ الأمة من مخاطرها وتوقظها من سباتها، وتحكم ووتحاكم إلى شرع ربها، وتترسم هداه في كل صغيرة وكبيرة رضى به وتسليماً له . ..

من أقواله:

يقول الشيخ محمد أمين المصري – رحمه الله تعالى -: ( المسلمون خير أمة، لأنهم يحملون رسالة الإسلام إلى الإسلام جميعاً . ويقول الباحثون النفسيون، إن الفرد الذي يحمل رسالة كريمة هو الفرد المتكامل في شخصيته، والذي لا يحمل رسالة كالقصة الجوفاء قلبه خاوٍ، وهو لا يعرف معنى الحياة .. ويقول الباحثون الاجتماعيون أيضاً : دور حمل الرسالة هو دور نهوض الأمة وصعودها، ودور التخلي عن الرسالة هو دور الانحدار والهبوط، ولقد ظل المسلمون يصعدون برسالتهم حيناً من الدهر، ثم تخلوا عنها شيئاً فشيئاً، فعاشوا فترة يسيرون بقوة الدفعة الأولى، ثم كان دور الانحدار ) .

رحمك الله يا أبا عبد الرحمن حينما قل : ( ومن فقه الرجل وإيمانه أن ينظر أين تسير أمته ؟ وكيف تتوجه الأجيال في زمنه .

إن أمتنا اليوم تمشي على غير السنن المراد لها شرعاً، وإن أجيالها تتوجه إلى غير القبلة المنشودة، بسبب عوامل وصوارف ليس هذا مقام بسط القول فيها، ولقد أشار شيخنا – رحمه الله – إلى هذا بقوله: إن الرسالة التي نقدمها رسالة قصيرة بتراء هزيلة، وإننا نحن المربين لا نخرج للناس رجالاً، ولا نخرج أبطالاً مؤمنين حقاً، والأسباب عديدة، أولها وآكدها نقص في أنفسنا ويتبع هذا نقص مناهجنا ووسائلنا، ويلي ذلك الوسط الذي نعيش فيه الذي يطبعنا بطابعه، وينفث فينا سمومه وضعفه ومخدراته.

إن أمتنا تحتاج إلى بعث جديد ليجدد لها أمورها الدينية والدنيوية، ولتعلم علم اليقين أن هذا القرآن الكريم ما أنزل عليها إلا ليكون منهجها لها تمشي وفق تعاليمه وتوجيهاته، ولا خيار لها في اتباعه أو الاستمساك به، أو اتخاذ ما تراه مناسباً لها في حياتها بدونه، بل ذلك مفروض عليها، كما فرض على الأنبياء والرسل من قبل – عليهم السلام - . قال تعالى : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين )، وقوله تعالى : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ، ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) الأعراف : 3 .

إن هذه الأمة لا يمكن لها العودة إلى السنن المستقيم والوجهة الصحيحة إلا إذا استمسكت بهذا الوحي العظيم، الذي اختاره الله لها من فوق سبع سموات وأكمله ورضيه لنا ديناً .

ولا يمكن لأمتنا الرفعة والريادة إلا إذا تحاكمت إليه وحكمته في جميع شؤون حياتها تعليماً وإعلاماً وفي الشؤون العسكرية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك من مجالات الحياة برضى وتسليم وخضوع وانقياد ...) .

وفاته:

توفي -رحمه الله تعالي-في شهر رمضان 1397هـ/ الموافق 1977 على إثر عملية جراحية له في أحد مستشفيات سويسرا، ونقل جثمانه إلى مكة المكرمة، ودفن هناك، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

المراجع:

1-نثر الجواهر والدرر في علماء القرن 14 ه – المرعشلي: 2/1073.

2-رابطة أدباء الشام – قسم التراجم.

3- موقع طريق الإسلام – محمد العبدة.

4-علماء الشام في القرن العشرين وجهودهم في إيقاظ الأمة للأستاذ محمد حامد الناصر. ص193ـ199.

5- رابطة العلماء السوريين – بقلم الشيخ مجد مكي.

6- تتمة الأعلام: 2 / 127.

7- مقدمة كتاب المسؤولية – ط2 ( الكويت) – دار الأرقم – 1400ه، ص10، 11، بقلم محمد سليمان .

8- مقال د. محمد بن لطفي الصباغ بعنوان: فقيد الإسلام محمد أمين المصري، منشور في مجلة المجتمع: ع 319 ( 22 /10 / 1397ه ) ، ص 18، 20.

9- وله ترجمة في تاريخ علماء دمشق : 2 / 412 .

10- تربية القادة : د. أحمد بن عبد الله الزهراني : 3، 4 ، وما بعدها.

وسوم: العدد 812