الشاعر الداعية عبد الرحمن أحمد البنا (الساعاتي) وتجربة المسرح الإسلامي

Fgdgh1002.png

مقدمة

جماعة الإخوان المسلمين جماعة نشأت على منهج واضح ومبادئ صريحة، وظلت حتى هذه الأيام تسير على نفس المنهج والمبادئ، وقد حمل هذا المنهج رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وتعرضوا في سبيله لكثير من العنت والاضطهاد، إلا أنهم ظلوا حاملين لهذا المشعل حتى سلموه للأجيال التالية.

وكان عبد الرحمن الساعاتي شقيق الإمام البنا واحد من هؤلاء الذين انضموا في ركب الإخوان وعملوا فيها، وكان له إسهامات جليلة ظل التاريخ يذكرها ككونه أول من اهتم بالمسرح الإسلامي.

ذكره الأستاذ محمود عبد الحليم في كتابه الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ الجزء الأول بقوله:

وعبد الرحمن الساعاتي خطيب مطبوع مفوه تحس حين تسمعه أنك أمام عقبة بن نافع ممتطيا صهوة جوداه بعد فتح الشمال الإفريقي حتى وصل إلى شاطئه ويقول (لو علمت أن وراءك أرضا لخضتك إليها غازيا فى سبيل الله) كانت خطب عبد الرحمن الساعاتي خطبا تحرك القلوب وتذكر بالأمجاد وتسيل العبرات.

النشأة:

عاش الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا وزوجته الحاجة أم السعد صقر في بلدتهم شمشيرة التابعة لمركز فوه بمحافظة كفر الشيخ ردحا من الزمن، حتى قررا الانتقال لمدينة المحمودية للبحث عن عيشة أفضل ما هي في القرية.

كان عبدالرحمن هو الأبن الثاني للشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، وذلك نظرًا لعمله في إصلاح الساعات، وكان الشيخ أحمد عالما بالسنة فقد رتب معظم أسانيد الأئمة الأربعة على أبواب الفقه، وله مؤلفات في السنة منها "بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن" كما شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل وسمى الشرح "بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني" ..(1)

بعد انتقالهما رزقهما الله بابنهما البكر حسن والذي ولد في 25 شعبان 1324ه الموافق 14-10- 1906م، ثم عبدالرحمن وقد ولد في 2رمضان 1326هـ الموافق 28-9-1908م، ثم فاطمة التي ولدت في صفر 1329هـ الموافق 3-2-1911م، ثم ولد بعدها أخوها محمد في 2 من ربيع الأول 1331هـ الموافق 1-2-1913م (توفي عام 1410هـ 1990م).

ثم ولد أخوها عبدالباسط (وكان ضابطاً) في 16من شوال 1334هـ الموافق 16-8-1915م، ثم زينب التي ولدت في 14 من ربيع الثاني 1337 هـ الموافق 16-1-1919م، (غير أنها توفيت في العام نفسه)، وفي 5 من ربيع الثاني 1339هـ الموافق 15-12-1920م ولد أخوها أحمد جمال الدين، ثم ولدت أختها فوزية في 22من رجب 1341هـ الموافق 10-3- 1923م (تزوجت الأستاذ عبد الكريم منصور الذي كان مع الإمام البنا في السيارة وقت اغتياله عام 1949م) ..(2)

يقول جمال البنا:

وقد ولد كل هؤلاء الأولاد والبنات في بيت واحد وفي غرفة واحدة كان يطلق عليها "غرفة الدكة" أو "مسقط الرؤوس العظيمة".

يقول عبد الرحمن البنا عن طفولته مع أخيه الأكبر حسن:

"كنا نعود من المكتب فتتلقفنا يد الوالد الكريم، فتعدنا وتصنعنا، وتحفظنا دروس السيرة النبوية المطهرة وأصول الفقه والنحو، وكان لنا منهاج يدرسه لنا الوالد الكريم، وكانت مكتبة الوالد تفيض بالكتب وتمتلئ بالمجلدات، وكنا ندور عليها بأعيننا الصغيرة، فتلمع أسماؤها بالذهب.

فتقرأ: النيسابوري، والقسطلاني ونيل الأوطار، وكان يبيحها لنا ويشجعنا على اقتحامها، وكان أخي هو المجلي في الحلبة وفارس الميدان، وكنت أحاول اللحاق به، ولكنه كان غير عادي، كان فرق السن بيننا سنتين، ولكنه لم يكن الفرق الحقيقي، بل فرق إرادة إلهية أعدته لأمر عظيم، فكان طالب علم ولكنه مستقر موهبة ومستودع منحة ربانية، وشتان بين المنزلتين، وفرق بعيد بين المريد والمراد!

وكنا نسمع ما يدور في مجلس الوالد الكريم من مناقشات علمية ومساجلات، ونصغي للمناظرات بينه وبين من يحضر مجلسه من جلة العلماء، أمثال الشيخ محمد زهران والشيخ حامد محيسن، فنسمعهم وهم يناقشون عشرات المسائل ..(3)

ولقد انهار جدار بيت عليه وعلى أخيه حسن غير أن الله نجاهما فيذكر الإمام البنا ذلك بقوله:

إن إيماني بالقضاء والقدر، والرزق والأجل، ليس نتيجة الدراسة والتسليم والإيمان بالنصوص فقط، ولكنه نتيجة التجارب والمشاهدة، فقد تعرضت للموت في صغري أكثر من مرة وبصورة مختلفة، وكانت نجاتي بأعجوبة، فوجئت أنا وأخي عبد الرحمن ونحن صبيان نلعب في "الحارة" بانقضاض بيت كامل فوق رؤوسنا، ولم ينجنا إلا استناد السقف على "درابزين" السلم فأصبحنا في مأمن بالفراغ الناشئ عن ذلك حتى رفعت الأنقاض وخرجنا سالمين".

لقد كان عبدالرحمن هو المولود الثاني للشيخ أحمد عبدالرحمن البنا والذي حرص على تربيته تربية إسلامية كحرصه على تربية ابنه البكر حسن على نفس هذا المنهج فدفع به لتعلم القرآن الكريم.

بالرغم من ضعف الحالة المادية للشيخ عبدالرحمن إلا أنه عمل جاهدا على تعليم أبنائه خلال مراحل التعليم المختلفة، أثناء وجوده في المحمودية وبعد انتقاله إلى القاهرة في 22 من المحرم 1343ه الموافق 17 أغسطس 1924م وسكنوا في شارع ممتاز بالسيدة زينب، حيث تعرض الأبن البكر حسن إلى حادثة من قبل أحد زملائه حيث سكب على وجهه وهو نائم مادة صبغة يود لغيرته الشديدة منه بسبب تفوقه عليه، فأصرت الأم على الانتقال لتكون بجوار ابنها، أو ينقطع عن الدراسة في دار العلوم، فوافقها الأب وانتقل بأسرته للمعيشة في القاهرة، خاصة بعد وفاة والدته فانقطع آخر خيط له في البلد، حيث توفيت عام 1924م.

ولم تستقر الأسرة في مكان واحد؛ فقد تنقلت كثيراً بين أحياء: السيدة زينب، والخليفة، والدرب الأحمر، والحلمية الجديدة، وكان المركز العام في معظم الأحيان يأخذ الدور الأول من المنزل حتى استقر في ميدان الحلمية الجديدة.

غير أن الشيخ لم يستطع مسايرة تكاليف الحياة مما دفع بحسن ابنه البكر أن يعاونه بعد عمله كمدرس على تربية إخوته حيث أخذ عبدالرحمن ليعمل معه في مدرسة الإخوان كما أخذ جمال الأخ الصغير ليخفف العبء عن والده.

يبدو أن عبدالرحمن قد تعثر في دراسته في احد الأعوام وذلك ما يفهم من خطاب أرسله الإمام البنا إلى والده بذلك الشأن، غير أنه بعد تخرجه عمل بهندسة الوابورات بالقاهرة.

عبدالرحمن الساعاتي في ركب الدعوة

لقد تغلبت النشأة الإسلامية لعبدالرحمن على حياته فدفعه ذلك لتأسيس جمعية دينية في القاهرة، في الوقت الذي كان فيه أخوه البكر حسن أنشأ جماعة الإخوان المسلمين بالإسماعيلية عام 1928م، يذكر الإمام البنا ذلك في مذكرات الدعوة والداعية فيقول: قام الأستاذ عبد الرحمن البنا شقيق الإمام والمشهور بعبد الرحمن الساعاتي، وزميل دراسته الأستاذ محمد أسعد الحكيم بتأسيس جمعية دينية في مدرسة التجارة المتوسطة بشارع الفلكي، هما وبعض زملائهما اتخذوا من مصلى المدرسة مقرًا لاجتماعاتهم، وبعد التخرج من المدرسة والعمل في هندسة ديوان السكة الحديد تم لهم تأسيس جمعية الحضارة الإسلامية في حجرة متواضعة لها فناء فسيح بحارة الروم.

وكان ممن انضم إليهم الأستاذ محمد حلمي نور الدين وغيره من الإخوان، وفي صيف عام 1929م الموافق 1348هـ دعت جمعية الحضارة الإسلامية الإمام الشهيد لإلقاء محاضرة لرواد الجمعية بعنوان "الإسلام أساس السعادة"؛

وبعدها اجتمع أعضاء جمعية الحضارة وقرروا الانضمام إلى جمعية الإخوان المسلمين في الإسماعيلية، وعرضوا ذلك على الإمام الشهيد فوافق على ذلك، وأشار عليهم أن يتخذوا دارًا جديدة غير هذه الدار، فتم اختيار دار جديدة هي منزل سليم باشا حجازي بسوق السلاح، وقد عمل الإخوان بأنفسهم حتى أصبحت الدار مقصدًا لكثير من الطلاب والشيوخ؛

وكان منهم الشيخ محمد فرغلي والشيخ أحمد حسن الباقوري والشيخ محمد أحمد شريت وأخواه حامد شريت وأحمد شريت، والشيخ عبد اللطيف الشعشاعي، والأستاذ محمد النبراوي، والشيخ جمال العقاد السوري الحلبي، وقد قامت الإسماعيلية بجهود مشكورة في إمداد فرع القاهرة الناشئ بالمعونات المادية حتى تصبح منبرًا لدعوة الإخوان في العاصمة المصرية.

وتم افتتاح فرع القاهرة وإعلان انضمام جمعية الحضارة الإسلامية للإخوان المسلمين، واعتبارها فرعًا لها بالقاهرة في حفل باهر حضره الكثير من العلماء ورجال الدين، بالإضافة لوفود من الأقاليم الأربعة التي فتحت فيها شعب للإخوان المسلمين، وهي الإسماعيلية والمحمودية وشبراخيت وبورسعيد وغيرهم.

وقد أعد لكل شعبة علم انضوى تحت لوائه إخوان تلك الشعب، على أن الاعتماد الرسمي لتلك الشعبة كان بقرار من مجلس إدارة الإسماعيلية في محضر رقم (26) بتاريخ 15 من يوليو سنة 1931م ..(4)

وكانت شعبة القاهرة عنوان مركزها حارة نافع رقم 24 بعطفة عبدالله بك بالسروجية بالقاهرة، ونائبها الأستاذ عبد الرحمن أفندي الساعاتي الموظف بهندسة سكة الحديد المصرية.

ومنذ ذلك الحين وأصبح عبدالرحمن أحد قادة الإخوان المسلمين، وحينما عقد مجلس الشورى الأول للإخوان بالإسماعيلية كان أحد المشاركين فيه.

ومن المواقف التي تنم عن الفهم والتجرد لله أنه حينما انتقال فضيلة الشيخ مصطفى محمد الطير نائب المنزلة إلى القاهرة اسند له نيابة فرع القاهرة بعد تنازل الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي له عن النيابة

وكان تنازل الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي "البنا" شقيق المرشد عن نيابة القاهرة لأنه رأى أن الشيخ مصطفى الطير أكثر منه علمًا وأنه أفضل منه لتولي نيابة القاهرة، وقد كتب الأستاذ عبد الرحمن في جريدة الإخوان مقالاً بعنوان "فلنضح بالمراكز والألقاب إذا ساعد ذلك على تحقيق الغاية" وقد قدر فيه الإخوان إخلاصه في سبيل دعوته وإنكاره لذاته وقد حيته جريدة الإخوان على ذلك ..(5)

وحينما تشكل أول هيئة لمكتب الإرشاد اختير الأستاذ عبدالرحمن فيها حيث جاء التشكيل كالتالي:

فضيلة الإمام المرشد المرشد العام.

حضرة الأستاذ محمد أسعد الحكيم أفندي بهندسة الوابورات بالقاهرة سكرتيرًا.

حضرة الأستاذ محمد حلمي نور الدين بتفتيش ري الجيزة بالقاهرة أمينًا للصندوق.

حضرة الأستاذ عبد الرحمن أفندي الساعاتي بهندسة الوابورات بالقاهرة مديرًا للجريدة وغيرهم.

وحينما انعقد مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين الثاني بمدينة بورسعيد في اليوم الثاني من شهر شوال 1352هـ الموافق 18 يناير 1934م شارك فيه الأستاذ عبدالرحمن الساعاتي كعضو فيه.

وقد قرر مكتب مجلس الشورى الثاني المنعقد في بورسعيد إنشاء شركة مساهمة تعاونية للطباعة، وكانت اللجنة التي تقوم على تلك المهمة مكونة من: حضرة علي أفندي أبو زيد تهامي. "رئيسًا" وحضرة محمد حلمي نور الدين أفندي. "أمين صندوق لجنة المشروع" وثلاثة من الأعضاء هم: "أسعد راجح أفندي ، وعبد الرحمن أفندي الساعاتي، وأحمد السراوي"، حيث تم في يوليو من عام 1934م افتتاح أول مطبعة للإخوان المسلمين.

وحينما عقد مجلس شورى الإخوان الثالث بالقاهرة في 11 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 16 من مارس 1935م حتى يوم الاثنين 13 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 18 من مارس 1935م تحدث فيه عبدالرحمن الساعاتي عن التكوين العملي للإخوان المسلمين.

وكان من قرارات مجلس الشورى الثالث:

إعفاء حضرات الإخوان الأفندية: أحمد إبراهيم، وعبد المنعم خلاف، ومحمد علي إمام، وعلي أبو زيد من عضوية المكتب لكثرة أعمالهم.

اعتماد حضرة عبد الرحمن أفندي الساعاتي مراقبًا للمكتب.

وقد كتب الأستاذ عمر التلمساني مقالا وصف فيه بعض قيادات الإخوان في مجلس الشورى، فكتب تحت عنوان" صور في مجلس الشورى العام" وممن كتب عنهم كان الأستاذ الساعاتي فكتب يقول:

عبد الرحمن أفندي الساعاتي: لو لم يكن فيه إلا أنه شاب متمسك بدينه كل التمسك لكفاه ذلك فخرًا، يميل إلى السجع في خطبه كثيرًا، ولو ترك الأمر لكان لسجية نفسه، لبلغ الذروة ..(6)

كان الإمام البنا يوكل للأستاذ عبدالرحمن الساعاتي كثيرا من الأعمال مثل الإشراف على شئون القاهرة، وتنظيم الكتائب، ومهمة المراقب العام للإخوان والذي يقوم بمراقبة العمل فى كل أقسام الدار والإشراف عليه إشرافًا إداريًا،وحينما نشأ قسم نشر الدعوة في البداية اسند إشرافه إليه، وأيضا قسم الجامعة الأزهرية والمعاهد الدينية، لما اتصف به من النظام والأفق الواسع واستيعاب الأفراد ولين الجانب، ومن ثم ظل عضوا بمكتب الإرشاد طوال فتراته منذ نشأته عام 1933م حتى محنة أكتوبر من عام 1954م.

الساعاتي والعالم الإسلامي

لقد نهجت جامعة الإخوان منهج التواصل مع البلدان الإسلامية لترسيخ مفاهيم الدعوة فيها، وقد بدأت هذه المرحلة حينما قدم احد الطلبة عام 1933م ونقل فكر الإخوان إلى جيبوتي لتكون أول مركز للإخوان خارج مصر.

لكن كانت رحلة الحج الأولى التي توجه فيها الإمام البنا ومعه عدد من الإخوان هي الفاتحة حيث التقى مع كثير من الوفود الذين أعجبوا بدعوة الإخوان ونقلوها إلى بلادهم مثل سوريا والأردن وغيرها؛

ومن ثم كان لابد من ترسيخ مبادئ الجماعة في هذه البلدان فأرسل إليها الوفود، وكان أول وفد يخرج تمثل في الأستاذ عبدالرحمن الساعاتي والأستاذ محمد أسعد الحكيم إلى تلك الديار العزيزة لتبليغ الدعوة ونشر الفكرة، وكان ذلك في 5 من جمادى الأولى 1354هـ الموافق 5 من أغسطس 1935م، وقد صحبهما في الرحلة الزعيم التونسي الأستاذ الثعالبي.

كما اتصلا في هذه الزيارة أيضًا بسماحة مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني الذي احتفى بهما ورحب بقدومهما، ثم سافرا إلى دمشق محملين برسائل لرؤساء الهيئات والجماعات في سوريا، نشرت مجلة الإخوان صورة منها ونصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة صاحب الفضيلة رئيس جمعية الهداية الإسلامية بدمشق..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

فقد حظينا اليوم بزيارة حضرتي الأستاذين المهذبين عبد الرحمن الساعاتي ومحمد أسعد الحكيم مندوبي جمعية الإخوان في الديار المصرية، ولقد أعجبنا كثيرًا بثقافتهما الإسلامية وتمسكهما بآداب الدين الحنيف، وعملهما على نشر المبدأ الإسلامي القويم:

(إنما المؤمنون أخوة) ولقد علمنا برغبتهما في زيارة سوريا للتعرف على إخوانهم المسلمين العاملين فيها على رفع كلمة الإسلام، فرأينا أن نقوم بعقد صلة التعارف بين حضراتكم تحقيقًا لقصدهما ورغبتهما، ولا ريب في أنهما سيجدان من الحفاوة والإكرام في رحابكم الواسعة وفي دمشق الفيحاء ما يثبت في أذهانهما أحسن الذكريات عن هذه الزيارة الميمونة.

وختامًا تفضلوا بقبول وافر التحية والاحترام

إمضاء

رئيس المؤتمر الإسلامي العام

محمد أمين الحسيني

مكتب المؤتمر الإسلامي – بيت المقدس

في 17من جمادى 1354هـ الموافق 17أغسطس 1935م

ثم توجه الوفد بعد ذلك إلى دمشق فصلوا الجمعة في المسجد الأموي وكانت الخطبة عن دعوة الإخوان المسلمين وما يدعون إليه، ثم قابلوا زعماء الحركة الإسلامية هناك، وسجل الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي كلمة عند هذه الزيارة المباركة نشرتها مجلة الإخوان، جاء في بعض فقراتها والتي بدأها بأبيات شعرية يقول فيها:

أبت أمة أن تفنى محامدها

على المدى وأبى أبناء غسان

فمن غطارفة في جلق نجب

ومن غطارفة في أرض حوران

عافوا المذلة في الدنيا فعندهم

عز الحياة وعز الموت سيان

لا يصبرون على ضيم يحاوله

باغ من الأنس أو طاغ من الجان

ثم أعقب هذه الأبيات بقوله:

(... بايعناهم على الجهاد في سبيل الله فبايعونا، وعاهدناهم على الدعوة إلى الله فعاهدونا، وتعرفنا إليهم باسم الإخوان المسلمين فما أنكرونا، بل كانت قلوبهم تحف بنا حفيفًا وجموعهم تستمع إلينا ألوفًا، ومنبر الإخوان المسلمين في البقعة المباركة من مسجد بني أمية، وصيحتهم بالحق والإيمان إذا ارتفعت بعثت في قلوب المستمعين الحمية الإسلامية)، ثم ختم كلمته بقوله:

(... إن بعد الديار لا يبعد بين قلوب قد اتحدت على دعوة الحق، وإن كر الأيام لا ينال من فئة قد أخلصت وجهها لله، وإن الإسلام جمع بين أبنائه في سائر بقاع الأرض، والعروبة تحيط سياجه وتقرب وشائجه، ولن يخذل الله المسلمين ما تمسكوا بكتابه واعتصموا بحبله، ولن يمكن لعدوهم ما داموا يعتزون بشعيرته، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا...) ..(71)

وفي صيف 1944م انتدب قسم الاتصال بالعالم الإسلامي الأخوين الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي أفندي والأستاذ عبد الحكيم عابدين أفندي لزيارة الأقطار العربية الشقيقة بالشام والعراق وذلك لسابق خبرتهما فى ذلك ..(8)

ومن انطلاق الدعوة وقد حرص الإخوان على تنظيم شئون الحج فتألفت لجنة دائمة بالمركز العام للنظر فى شئون الحج وتنظيم بعثة الإخوان السنوية إلى البلاد الحجازية وذلك عام 1946م وهى مكونة من حضرات الإخوان الأساتذة:

عبد الله موسى رئيسا

مصطفى عشماوي وكيلا.

صالح قدور سكرتيرا.

محمد حلمي المنياوي أمينا للصندوق.

الدكتور محمد سليمان طبيبا للبعثة.

أحمد عطية وأنور الجندي وحمودة أحمد حمودة وعبد الرحمن الساعاتى وعبده قاسم أعضاء وحدد لها مساء كل يوم الخميس لاجتماعها.

وفي رحلة الحج عام 1948م وصلت بعثة حجاج الإخوان عن طريق البحر حيث وصلت إلى جدة حوالي الساعة العاشرة على الباخرة السودان وعلى رأسها الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي رئيس البعثة.

وبعد أن أدت البعثة شعائر الحج, عادت إلى مصر مرة أخرى فوصلت إلى السويس صباح 21 من المحرم 1368هـ وعلى رأسها الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي, وكان فى استقبالها إخوان السويس, والأستاذين عبد الحكيم عابدين وعبده قاسم نيابة عن المركز العام, ووصلوا بعد الظهر جميعا إلى القاهرة ..(9)

الساعاتي ومسرح الإخوان

إيصال إيجار مسرح بإسم عبد الرحمن البنا

لقد اهتم الإخوان المسلمين بالفن والمسرح الإسلامي، وكان الأستاذ عبدالرحمن الساعاتي في طليعة الإخوان الذين اهتموا بهذا المر وشجعه عليه الإمام البنا حتى انه حضر افتتاح عدد من مسرحياته كجميل وبثينة وغيرها.

فتاريخ الإخوان فى حلبة الفن قديم يبدأ منذ نشأة جماعة الإخوان المسلمين، وقد شهدت فترة الحرب العالمية الثانية تطورا فى البنية الإصلاحية للمجتمع والسياسة والدين كما شهدت هذه الفترة تطورا في علاقة الإخوان بالفن فقد أسس عبد الرحمن شقيق الشيخ حسن البنا لأول مسرح إسلامي عرف باسم "مسرح الإخوان المسلمين" الذي بدأه بتقديم أعمال عاطفية ورومانسية أولها مسرحية "جميل بثينة" التي تتناول إحدى أشهر القصص الغرامية في التاريخ العربي وكانت بقلم الأستاذ عبد الرحمن البنا، وتوالت أعمال مسرح الإخوان مثل بنت الإخشيد وغزوة بدر وسلسلة من المسرحيات التى أُطلق عليها "مسرحيات عامة" وأخرى "مسرحيات إسلامية".

يقول الأستاذ عصام تليمة:

يعتبر مسرح الإخوان المسلمين أول مسرح تنشئة جماعة إسلامية في مصر، فقد نشأ في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، وقد تولى هذا الأمر الأستاذ عبد الرحمن البنا شقيق الأستاذ البنا المعروف بميوله الأدبية؛ الذي صدر له عدة مسرحيات ومؤلفات أدبية، وكانت أولى مسرحيات مسرح الإخوان المسلمين؛ مسرحية (جميل بثينة) وقد أنتجت المسرحية (لجنة تشجيع التمثيل) التابعة لوزارة المعارف التربية والتعليم وقررت إخراجها على نفقتها عام 1934م.

وقد نجحت المسرحية الأولى للإخوان المسلمين نجاحا مبهرا، واستمر مسرح الإخوان المسلمين في تقديم أعماله، بل رأينا من بين فنانيه عددا ليس بالقيل من عمالقة الفن المصري فيما بعد، مثل: عبد المنعم مدبولي، وإبراهيم الشامي، وسراج منير، ومحمود المليجي، ومحمد السبع، وعبد البديع العربي، وشفيق نور الدين، وسعد أردش، والإخوان: حمدي غيث، وعبد الله غيث، وإبراهيم سعفان وغيرهم ..(10)

ويقرر شوقي قاسم صاحب رسالة دكتوراه (الإسلام والمسرح المصري) أن "جميل بثينة" قد صارت موضعَ المقارنة مع درَّة أمير الشعراء (مجنون ليلى).

وكان الفريق أيضاً يضم عناصر نسائية أمثال (فاطمة رشدي عزيزة أمير) وقد قدم فريق الإخوان المسرحي ثماني مسرحيات من أهمها (جميل بثينة) ومسرحية (صلاح الدين بطل حطين) وهي من تأليف الأستاذ عبد الرحمن البنا والتي عرضت بدار الأوبرا المصرية والجدير بالذكر أن هذه المسرحيات تم إذاعتها عبر الإذاعة المصرية كبث مباشر وكانت تكاليف الإنتاج تتحملها وزارة المعارف المصرية.و كان الفنان إبراهيم الشامي من بين ثلاثة من الممثلين ذهبوا للقتال مع كتائب الإخوان المقاتلة بفلسطين وتم إعلان ذلك للجمهور.

ولقد شجع الإخوان جميع الإخوان على التنافس في هذا المجال فقد أعلنت إدارة الجوالة عن حاجتها لأناشيد أو قطع تمثيلية قصيرة أو حوار إسلامي شعرًا أو نثرًا، بشرط أن تهدف إلى غرض إسلامي، أو تجلى صفحة من التاريخ، أو تحض على خلق كريم، وأن تكون قصيرة، وتناسب أجواء ومعسكرات الإخوان، وكانت لجنة التحكيم تتكون من الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي، والأستاذ عبد الحكيم عابدين، والأستاذ حسين كمال الدين.

ومن المسرح النثري وهو فصل من مسرحية "عامان في شِعب" للأستاذ عبد الرحمن الساعاتي، والمسرحية تدور أحداثها حول حصار قريش للمسلمين في شعب أبي طالب، حيث جاء في الفصل الثاني:

"عند خطم الحجون ليلاً، وقف هشام بن عمرو وزهير بن أمية يتحدثان"

هشام بن عمرو: يا زهير ... أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم؟ أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدًا ...

زهير بن أمية: ويحك يا هشام!! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقض الصحيفة حتى أنقضها.

هشام: قد وجدت رجلاً.

زهير: من هو؟

هشام: أنا.

زهير: ابغنا رجلاً ثالثًا.

هشام: بل ثلاثة رجال يا زهير، لقد جرى لي حديث مع المطعم بن عدي وأبي البختري ابن هشام وزمعة بن الأسود، وإنهم لقادمون في أثري.

زهير: وهل يرون مثل رأينا ... ؟

هشام: وهل بقي أحد لا يرى مثل رأينا يا زهير؟ ... وماذا أجرم بنو هاشم والمطلب حتى تكتب عليهم هذه القطيعة القاطعة، وتعلق هذه الصحيفة الظالمة، ويضرب الحصار على محمد وأصحابه في شعب أبي طالب ليس له إلا باب واحد، يرقبه الأعداء, يمنعون أن يصل إليه زاد أو طعام ...؟

زهير: أوقد بلغ الأمر إلى هذا الحد يا هشام؟

هشام: لقد تضاغى الأطفال من الجوع، وسمعت أصواتهم من وراء الشعب، وربط الرجال على بطونهم من المسغبة، وأكلوا الخيط وورق الشجر ...

زهير: ومحمد ماذا يقول لأصحابه؟

هشام: يثبتهم ويتلو عليهم ما يزيدهم قوة وإيمانًا.

زهير: أوتذكر مما يقول شيئًا؟

هشام: نعم ... سمعته يطوف بهم ملاطفًا وهو يقول:

"قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ما يصرفه عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ما يصرفه عن دينه، وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل، والذئب على غنمه".

زهير: ألا ترى في حديثه لهجة الواثق يا هشام؟

هشام: بل وألمح من خلاله نورًا وسنا، فلا العذاب يفل من عزيمته، ولا التحدي يخفف من وقدته، وما يزيد الاضطهاد دعوة الحق إلا تأججًا وضرامًا.

زهير: إن محمدًا يعطف قلوب أعدائه عليه، ويحميه ويحن له من لم يؤمن به، إن محمدًا لا يجافى ولا يحارب أبدًا ...

هشام: لقد منعه عمه من قريش وشغف به حبًا، وجن به جنونًا، انظر إليه يخاطب قريشًا:

كذبتم وبيت الله نُبزى محمدًا

ولما نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وينهض قوم بالحديد إليكم

نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل

زهير: ويل قريش من صنيعها.

هشام: بل ويلها من صنيع محمد بالقلوب، لقد آمن بدعوته عمه، وجهر بعقيدته قلبه وإن لم يعلن إسلامه، أسمعت قوله:

لعمري لقد كلفت وجدًا بأحمدٍ

وإخوته دأب المحب المواصل

فلا زال في الدنيا جمالاً لأهلها

وزينًا لمن والاه ربُّ المشاكل

فمن مثله في الناس أي مؤمل

إذا قاسه الحكام عند التفاضل

حليم رشيد عادل غير طائش

يوالي إلهًا ليس عنه بغافل

وتأمل يا زهير قوله:

فوالله لولا أن أجيء بسبة

تجر على أشياخنا في المحافل

لكنا اتبعناه على كل حالة

من الدهر جدًّا غير قول التهازل

زهير: لقد بدأت أفكر جديًّا في دعوة محمد.

هشام: وأنا استمعت إلى قرآنه فهفا إليه قلبي.

زهير: انظر يا هشام ... أرى قومًا يسرعون إلينا.

هشام: إنهم أصحابنا ... المطعم، وأبو البختري، وزمعة.

المطعم ومن معه: عم مساء يا هشام، عم مساء يا زهير.

هشام وزهير:- نعمتم مساء يا أبناء العم، ترى ما أعجلكم إلينا؟

المطعم: ألم يبلغكما النبأ؟

هشام: أي نبأ يا مطعم؟

المطعم: لقد وفدت قافلة من قوافل التجارة على مكة فخرج أصحاب محمد يشترون طعامًا، وقد نفدت أقواتهم فوقف في سبيلهم أبو لهب.

هشام: هل منعهم أن يشتروا؟

المطعم: بل صاح بأعلى صوته: "يا معشر التجار غالوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا شيئًا معكم، فقد علمتم مالي ووفاء ذمتي، فأنا ضامن أن لا خسار عليكم".

زهير: وهل استجابوا لندائه؟

أبو البختري: بل طرحوا بين يديه أحمالهم، فعاد أصحاب محمد لم يبيعوا ولم يشتروا وليس في أيديهم لباس ولا طعام.

هشام: هذا عدوان جديد، وهل دخل في عهد الصحيفة الظالمة العرب الوافدون على مكة الذين لم يوقعوا عليها ولم يرتبطوا بها؟

أبو البختري: إن قريشًا قد أمعنت في ظلمها لمحمد وأصحابه، وإن أبا لهب يترصد الطريق فلا يترك أحدًا يصل إليهم بزاد ولا طعام ...

زهير: أوفعلها أبو لهب؟

أبو البختري: فعلها مع محمد وأصحابه، وفعلها معي يا زهير ...

زهير: ومالك أنت ولذلك، أكنت من أهل الشعب، أم كنت فيه؟

أبو البختري: بل كنت مارًّا قريبًا منه.

هشام: فماذا حدث يا أبا البختري؟

أبو البختري: لقيت حكيم بن حزام بن خويلد معه غلام يحمل قمحًا يريد به عمته خديجة، فما راعني إلا وأبو جهل متعلق به وهو يقول: "أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة".

زهير: وهل تركته يمنعه المضي بما معه؟

أبو البختري: بل حاورته فلم يفهم فضربته بلحي بعير فشججته.

زمعة: بورك فيك يا أبا البختري، لقد عرفت كيف تفهمه، أوحتى يمنع من قصد الشعب مستترًا بظلام الليل؟

هشام: لو رأيتني يا زمعة في جنح الليل أسوق بعيري وقد أوفرته طعامًا وقصدت به أخي نضلة حتى إذا أقبلت به فم الشعب خلصت خطامه من رأسه ثم ضربت على جنبه على حذر من قريش حتى يدخل الشعب، لو رأيتني لقلت سارقًا يترصد الناس بليل لا مشفقًا يصل أخاه، ومنصفًا يبر عشيرته.

زهير: إن كرامتنا لا ترضى ذلك يا هشام، إن لكل اضطهاد حدًّا، وقد بلغ اضطهاد هذه الدعوة مبلغًا لا يطاق، وجاوز حد الممكن والمعقول.

المطعم: هكذا تنص الصحيفة، وهم يطبقون نصوصها.

زهير: أية صحيفة يا مطعم؟ وهل كانت الصحيفة وحيًا من السماء؟ ألم تكن فقرات ونصوصًا أريد بها الكيد لمحمد والنيل من دعوته؟ إن الحاكم إذا جار فلابد من تقويمه، والقانون إذا بغى فلابد من تحطيمه، والحائط إذا مال فلا يقيمه غير تهديمه.

زمعة: مزقوا الصحيفة الظالمة.

المطعم: وانقضوا عهد قريش.

أبو البختري: وأعلنوا بين القبائل خبرها.

زهير: اتركوا لي تدبير الأمر ووافوني عند الكعبة غدًا.

هشام: عند الكعبة؟

زمعة: غدًا.

المطعم: عند الكعبة؟

كأبو البختري: غدًا.

زهير: غدًا ... لتعلمن قريش نبأ عهدها، ولتشهدن مكة ثورة لم تشهد مثلها، لنفسدن عليهم عهدهم، ولنردن عليهم بغيهم، وليخرجن محمد ومن معه في الشعب إلى فضاء مكة فيأكلون كما تأكل قريش، ويلبسون كما يلبس أهل مكة، ويتمتعون بالحرية المكفولة لكل من حملته الأرض وأظلته السماء.

أيتها العيون الغافية في دور مكة، لتوقظنك صرخات الحق تزلزل جبالها، ويا عصبة البغي والصحيفة الظالمة، إن بيننا وبينكم غدًا ...... (ستار) ..... (يتبع).

كتابات عبد الرحمن الساعاتي

المقالات

لقد كتب عبدالرحمن الساعاتي العديد من المقالات في صحف الإخوان المسلمين نرصد بعض منها:

فتحت عنوان "دستور الله" يكتب الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي عن أن دستور المسلمين هو القرآن وهو الدستور الخالد، وأن الإخوان المسلمين هم فئة قد اطمأنت إلى ما اعتقدت ووثقت بما آمنت، ووقفت عندما أمرت ونهضت أول ما دعيت، ونادت أن الله يريد حكمه ودستوره فماذا أنتم فاعلون، وأن حكم الناس بغير ما أنزل الله لهم وبال عليهم فماذا تريدون (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: 50).

كما كتب مقالاً بعنوان:

"حول بحث تعدد الزوجات" وضح فيه حكم الإسلام في التعدد والحكمة من تشريعه فقال: "فأما أن التعدد جائز في الإسلام فأمر لا خلاف فيه بين المسلمين بدليل قوله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) (النساء: 3) وبدليل عمل الصحابة رضوان الله عليهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده وبدليل إجماع الأمة الإسلامية على ذلك فلا نعلم من أئمتها مخالفًا فيه.

بعض مؤلفاته

اهتم عبدالرحمن الساعاتي بتأليف المسرحيات والقصص الأدبية ومما ألفه:

غزوة بدر

جميل وبثينة

صلاح الدين الأيوبي

عامان في شعب

المعز لدين الله الفاطمي

بنت الأخشيد

أبطال المنصورية

الهجرة

ثورة دم

الساعاتي وفلسطين

من المعروف ان الأستاذ عبدالرحمن قد اهتم بقضية فلسطين كغيره من الإخوان، حتى انه زارها اثناء زيارته لبلاد الشام، وحينما تم إنشاء اللجنة المركزية العامة لمساعدة فلسطين (1936م) كان واحد منهم ففي مساء يوم السبت الموافق 25من صفر 1355هـ الموافق 16 مايو 1936م كَوَّن الإخوان المسلمون لجنة لمساعدة فلسطين برئاسة فضيلة المرشد العام، والشيخ زكي إبراهيم وكيلاً، وعبد الرحمن أفندي الساعاتي مراقبًا، ومحمد أسعد الحكيم سكرتيرًا ماليًا، وطاهر العربي أفندي سكرتيرًا إداريًا، وحامد عبد الرحمن أمينًا للصندوق، وحلمي نور الدين أمين الصندوق المساعد، ومجموعة من الأعضاء يبلغ عددهم ثلاثة وعشرين عضوًا.

وكتب أيضًا الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي قصيدة بعنوان (نشيد فلسطين) فقام الأستاذ عمر عبد الوهاب حلمي بتلحينها، واتخذها الإخوان المسلمون نشيدًا لهم يذكرهم دائمًا بإخوانهم ومقدساتهم في فلسطين، وهي من الشعر العمودي ذات القافية الحرة المتعددة، لمراعاة نظام الإنشاد، وقد نشرتها جريدة الإخوان المسلمين في عددها رقم (12) بتاريخ 11ربيع ثان 1355هـ الموافق 30يونيو 1936م تقول:

الحمى! .. ريعَ الحمى ديس الحرمْ

الدِّما! .. سالت كما ضاعت حُرمْ

الجهاد اليوم فرضٌ قد حَتَمْ

في سبيل الله أكَّدنا القَسَمْ

نحن للإسلام والشرق فداء

نحن فخرٌ في سجلات الوجودْ

نحن وَجْعٌ من مقالات الجدود

قد تآخَيْنا لنحيا ونَذودْ

عن حِمَى الإسلام أو غَابِ الأسود

بجهاد وثباتٍ ومضاءْ

عزماتُ الحقِّ أذكتْ نارَها

وفِلسْطينُ استغاثَتْ جارَها

مالهم قد زَوَّروا أخبارَها

سجَّل التاريخ قِدْمًا فخرها

في سجلِّ المسلمين العظماء

يا فِلَسْطينُ اثْبُتي ثم اصْمدي

في سبيل الله دَومْا جاهدي

وادفعي عُدوانَ هذا المعتدي

ثم ذُودي عن حُدودِ المسجدِ

بدفاع المؤمنين الأقوياء

كم على واديكِ سالتْ مِن دِما

تُبْعِدُ الباغينَ عن هذا الحِمى

لا تُراعي لا تُراعي إنَّما

فئة الإخوان من جُنْدِ السَّما

قد نشرنا في الورى هذا اللواء

الساعاتي والشعر

لم يكن عبدالرحمن الساعاتي كاتبا أو خطيبا فحسب لكنه كان أيضا شاعرا في كثير من الأحيان، ولنتوقف عند بعض أشعاره:

كتب قصيدة بعنوان (لا تطمعوا إن أردتم أن تضلونا) للأستاذ عبد الرحمن أحمد الساعاتي بمناسبة مقاومة الإخوان المسلمين لحركة التبشير في مصر وعدد أبياتها ثلاثون بيتًا، وقد نشرتها جريدة الإخوان المسلمين في العدد (11) 3 من جمادى الأولى 1352هـ الموافق 24 أغسطس 1933م يقول في مطلعها:

قل للمبشر لا تعبت بنادينا

فالله شرف بالإسلام نادينا

قل للمنصر إن الأمة ائتلفت

وكان ذلك فيضًا من أيادينا

ويقول:

ماذا عملت بفتح الشام يا عمر؟

تلك الكنيسة لم تهدم أيادينا

آخيت فيهم نصراهم بمسلمهم

أقمت فيها نواقيسًا وتأذينا

نصف لهم وأخذنا مثلما أخذوا

ولم يكن هدمها في الشام يعنينا

لكنه خلق الإسلام من قدم

بر وعدل وإيواء الأذلينا

وكتب قصيدة بعنوان (ضموا الصفوف) للأستاذ عبد الرحمن الساعاتي وأبياتها خمسة وعشرون بيتًا، نشرتها جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية في العدد (34) 20 من ذي الحجة 1352هـ الموافق 15 من أبريل 1934م مطلعها:

ضموا الصفوف وأنقذوا الإسلام

بل أيقظوا من في الحما قد ناما

وتعارفوا لإخائكم وتنكروا

لنفوسكم واستنهضوا الأياما

واستنطقوا أعمالكم واستبعدوا

أقوالكم لسنا نريد كلاما

وتجمعوا حول اللواء لغاية

كانت على حر الضمير لزاما

ويقول محمود عبد الحليم: وكان (( عبد الرحمن الساعاتي )) كثيرا ما يحلى خطبه بأبيات من قصيدة عامرة لمحمود غنيم ، رأيت أن أنقلها هنا لروعتها ولتعبيرها أدق تعبير عن فكرة الإخوان المسلمين ، وقد نشرت بمجلة الرسالة فى العدد الخاص بالهجرة فى سنة 1936 :

إني تذكرت والذكـرى مؤقـتة

مـجدا تلـيدا بأيدينا أضـعناه

أنى اتجهت إلى الإسلام فى بلد

تجده كالطير مقـصوصا جناحاه

وريح العروبة كان الكون مسرحها

فأصـبحت تتـوارى في زواياه

كم صرفـتنا يد كنا نصـرفهـا

وبات يمـكنا شـعب مـلكـناه

كم بالعراق وكم بالهند ذو شجن

شـكا فرددت الأهـرام شـكواه

هي الحقيقة عين الله تـكلؤهـا

فكـلما حاولـوا تشويهها شاهوا

هل تطلبون من المختار معجزة

يكـفيه شعب من الأحداث أحياه

من وحد العرب حتى كان واترهم

إذا رأى ولد المـوتـور أخـاه

وكيف كانوا يدا فى الحرب واحدة

من خاضـها بـاع دنياه بأخراه

وكيف ساس رعاة الإبل مـملكة

ماساسها قيصر من قبل أو شـاه

وكيـف كان لـهم علم وفلـسفة

وكيف كانت لـهم سـفن وأمواه

المسـاواة لا عـرب ولا عـجم

مالا مـرئ شـرف إلا بـتقواه

وقررت مبدأ الشورى حكومـتهم

فليـس للفـرد فيـها ما تمـناه

ورحب الناس بالإسلام حين رأوا

أن السـلام و أن الـعدل مغزاه

يا من رأى عمرا تكـسوه بردته

والزيت أدم له والكـوخ مـأواه

يهتز كسـرى على كرسيه فرقا

من بأسه وملوك الأرض تخشـاه

سـل المـعالي عنا إننا عـرب

شـعارنا المـجد يـهوانا ونهواه

هي العروبة لفظ إن نطقت بـه

فالشرق والضاد والإسلام مـعناه

استرشد الغرب بالماضي فأرشده

ونـحن كان لـنا مـاض نسيناه

إنا مشينا وراء الغرب نقبس من

ضـيائه فأصـابتـنا شـظايـاه

بالله سل خلف بحر الروم عن عرب

بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهـوا

أين الرشيد وقد طاف الغمام به

فحـين جـاوز بـغدادا تـحـداه

ملك كملك بني التاميز ما غربت

شـمس عليـه ولا برق تـخطـاه

ماض نعيش على أنقاضه أمـما

ونستـمد القوى من وحـى ذكـراه

إني لأعتـبر الإسلام جامـعة

للشـرق لا مـحض دين سـنة الله

أرواحنا تـتلاقى فيه خافـقـة

كالنـحل إذ يـتلاقى في خـلايـاه

دستوره الوحي والمختار عاهله

والمسـلمون وان شـتوا رعـايـاه

لا هم قد أصبحت أهواءنا شيعا

فامـنن علينا براع أنت تـرضـاه

راع يعيد إلى الإسلام سـيرته

يرعى بنـيه وعـين الله تـرعـاه

المسرحيات الشعرية

المسرح الشعري من الفنون الشعرية العزيزة والنادرة حيث إنها تتطلب موهبة فذة وشاعرية مطبوعة، لذلك فلم يبرز فيها بعد أحمد شوقي إلا القليل، منهم شاعر الإخوان المطبوع عبد الرحمن الساعاتي وأخرج لنا عدة مسرحيات شعرية منها:

جميل بثينة.

عامان في شعب.

غزوة بدر.

وقد طبعت جميعها وكانت جريدة الإخوان المسلمين تقتبس منها بعض الفصول في بعض المناسبات، من ذلك مانشرته في عددها (44) من السنة الثالثة بتاريخ 18ذو القعدة 1354هـ الموافق 11 فبراير 1936م في باب الدعاية للحج، تحت عنوان "فاتحة الفصل الثالث من رواية جميل بثينة" للأستاذ عبد الرحمن الساعاتي:

ليلى:

يا بثينة ذا سهيل

نسل أجداد كرام

كان بالأمس مطيفًا

بالعتيق وبالمقام

بثينة:

مرحبًا أهلاً وسهلاً

جادنا ذاك الغمام

عبدالله تصافحه بثينة:

وبقلبي زفرات

من هوى البيت الحرام

عمير يصافحه عبدالله:

يا سهيل الخير مرحى

نلت أشهى ما يرام

أنت فينا بدر تم

قد تجلى بالتمام

عبدالله يصافحه عمير:

كيف لا والحج فرض

قائم في كل عام

في شهور فضليات

هي رمز للسلام

لا فسوق ولا جدال

لا نزاع لا خصام

بل وئام واتحاد

وائتلاف والتئام

سهيل:

كيف لو شاهدت جمعًا

زاخرًا حول المقام

ونفوسًا ليس تحصى

كلها بالحج هام

والبرايا في اشتغال

بالمناسك في الزحام

والتقى باد عليهم

والرضاء والابتسام

ضجة في غير بغي

وخشوع واحترام

كيف يبغي أهل دين

هم دعاة للسلام؟

نجيا:

هكذا الإسلام دين

جاء يرعى للذمام

أم الحسين:

سهيل عرفنا ما ذكرت تفضلا

فهل من جواب للسؤال الآتي؟

قدمت علينا اليوم من أرض مكة

فكيف جموع القوم في عرفات؟

وكتب بعنوان (جنون وخبل) وهو يعالج فيه مظاهر الفساد في المجتمع المصري بأسلوب أدبي رصين، وألفاظ سهلة واضحة، يستخدم فيه السجع والجناس والاقتباس وغيرها من المحسنات البديعية في غير تكلف ولا تعسف، يقول:

جنون وخبل

ذلك الذي تتردى في هوته السحيقة هذه الأمة المسكينة البائسة التي ضلت سبيل الهداية وسلكت طريق الغواية فاختلطت عليها السبل وتشعبت بها، المناحي فغربت شمس سعادتها وأفل نجم هداها كالساري في الليل بلا مصباح، والضارب في الأرض بلا زاد ولا راحلة (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ) (النور: 40).

أمة لا شرقية ولا غربية، لا عربية ولا أعجمية لا مسلمة ولا كافرة، لا ظافرة ولا قاهرة، بيدها الدواء والداء يقتلها، وأمامها العلاج والمرض يسري فيها.

ومن العجائب، والعجائب جمة

قرب الدواء وما إليه من سبيل

كالعيس في البيداء يقتلها الظما

والماء فوق ظهورها محمول

قومية ضائعة وشجاعة مفقودة، ووحدة ممزقة ورابطة متفككة، وتقاعد وتخاذل، وتنابذ وتدابر، ومباهاة بالمعصية وتعبير بالطاعة، وبغي في الأرض وحكم بغير ما أنزل الله (وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة: 45).

أمة عابثة مستهترة شبابها فقد النخوة والرجولة، وفتياتها فقدن الصون والحياء، ودعاتها التوى بهم الطريق فلا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، تركت فضائل الإسلام وأخذت برذائل الكفر، جحدت حق الموطن والعشيرة واعتزت بالعدو الدخيل، وذلك شأن الأمة إذا هوى نجمها وحقت كلمة العذاب عليها.

خمر استبيحت بسلطة القانون وزعم المدنية فلا يعاقب شاربها ولا يصادر بائعها، ولا يضرب على أيدي المدمنين الذين كثر سوادهم وعظمت جرائمهم، وفسدت عقولهم واعتلت جسومهم، وذهبت أموالهم وتشرد أبناؤهم وأيمت زوجاتهم، ورزئت بهم الأمة والملة وشقيت بحياتهم الأيام والسنون فذوقي أيتها الأمة التي حكمت بغير ما أنزل الله وبال أمرك واسمعي قول ربك. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 90).

بغاء علني أباحته الحكومة وأعانت عليه، ورضيت به الأمة التي تنتسب إلى الإسلام وتتسربل بأثوابه، كأنه الحياء لم يكن من الإيمان أو كأنهم أعلم بدواء بني الإنسان من الرحمن فوايم الله ما عالجتم بذلك مرضًا ولا استأصلتم بذلك داء، ولكنكم أفقدتم الشباب الحياء والعفة وأكسبتم البلاد المهانة والمذلة، وبنيتم صرحًا من صروح الرذيلة على أقذر الأسس وأقبح الأساليب فتنظري أيتها الأمة الباغية قول الله تعالى (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء: 32).

وسرى ظهر به الفساد في الأرض وتلطخ بقذراته وجه الفضيلة، وحل عاره في الشوارع الآمنة والبيوتات الطاهرة والأعراق الشريفة، وعم خطره حتى ما كاد يخلو منه شارع ولا تأمن مخازيه ناحية، يقترفه من هذه الأمة غير عباد الله الذين لا يعطلون أحكامه ولا يخرجون على طاعته (وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) (الفرقان: 68، 69).

وربا جعل الله له حدًا وشرع القانون له حدًا ولكن شتان بين الحدين وبعد ما بين الأمرين فالأول عقاب صارم وزجر للظالم ورد للمظالم، وتحريم لقليله وكثيره وقضاء على ضرره وخطره وإيذان مقترفه بحرب الله ورسوله الثاني إطلاق وإباحة حتى بيعت المروءة بمال الربا، وذلك لعمري أوكس البيع وأبخس الأثمان وحتى تضخمت جيوب الأجنبي وبيعت ضيعة المسلم، ورهنت أرضه وضاع ما بيمينه، وذلك قليل على الأمة التي لم تعبأ بحرب الله ورسوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) (البقرة: 278، 279).

وحرية ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان، أخرجت النسوة من صيانة المرأة إلى تبذل الرجل العابث المضل، وطرحت بهن في المجالس والمجامع فصرن شهوة العين التي لم تخش المحارم وبغية النفس التي تستبيح الأعراض وتقتل الفضائل تحت ستار الحرية المكفولة ومساواة المرأة بالرجل، وقذفت بهن إلى الشوارع والطرقات متبرجات بزينة مائلات مميلات خادعات مخدوعات يبرأ منهن العفاف ويلعنهن الله ورسوله وخرجت بهن إلى ملاعب الرجال ومجالسهم يلبسن ثيابهم ويتزين بزيهم ويجرين في ملاعبهم ويمتطين صهوات الخيل ويحلقن في أجواز الفضاء.

يا قوم علموا المرأة الفضيلة وهذبوا النسوة بالدين، واعصموهن في الخدور وارفعوهن التبذل والتبرج فلا تطرق إليهن عين باغية ولا يمر ذكرهن بخيال مفسود.

يا قوم نسيتم الله فأنساكم أنفسكم، وتركتم سبيله فأصمكم وأعمى أبصاركم وعطلتم أحكامه وشرائعه فسلط عليكم عدوكم فإن تتوبوا يك خيرًا لكم (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد: 38) ..(11)

الساعاتي والمحن

لقد تعرض عبدالرحمن الساعاتي لكثير من المحن كغيره من قيادات الإخوان المسلمين، فقد ذكرت صحيفة الإخوان المسلمين اليومية أن قوات البوليس قامت بتفتيش منازل الإخوان الأساتذة أحمد السكري وعبد الرحمن الساعاتي وفريد عبد الخالق وقبضت على الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي ثم أفرج عنه بعد ساعات وذلك في نوفمبر من عام 1946م.

وحينما حلت الجماعة في 8 ديسمبر من عام 1948م واعتقل قادتها كان عبدالرحمن وبقية إخوته على رأس المعتقلين ومن ثم ترك أخوهم حسن البنا المرشد العام وحيدا حتى يسهل اغتياله، وظل عبدالرحمن في السجن حتى أقيلت وزارة إبراهيم عبدالهادي وأفرج عن الإخوان.

يقول على أبو شعيشع في كتابه بين الصفوف المؤمنة:

ونحن في سجن الطور أخذ الأخ عبد الرحمن البنا (الساعاتي) يجمعنا في المساء في مكان إقامته ويردد أدعية مأثورة ونحن نردد خلفه، عسى الله أن يأتي بالفرج.

و يقول حسن دوح:

انتهت فترة سجن الموسكي وحملت إلى معتقل هايكستب حيث قضيت ستة أشهر مع الآلاف من أمثالي وكان يجاورنا في المعسكر بعض زعماء اليهود الذين كانوا قد اعتقلوا كنتيجة للحرب بيننا وبين اليهود في فلسطين.. إلا أنهم كانوا منعمين في معتقلهم وذلك بفضل رشاواهم وقدرتهم على الوصول إلى الجهات العليا.. في هذا المعتقل كنا نعيش كجماعة متآخية متراحمة؛ وكان الغني يفيض على الفقير ،والقوي يأخذ بيد الضعيف وكنا نتدارس أمور ديننا ودعوتنا.. ولكننا كنا نعيش فترة يتم بعد مقتل الأستاذ البنا ، وعدم تمكننا من تنصيب خلف له، وكنا نتهامس بخلفاء كالشيخ الباقوري ، والأستاذ صالح عشماوي ، والأستاذ عبد الرحمن النبا شقيق البنا ، و عبد العزيز كامل و سعيد رمضان ..

أما عن مناقشاتنا الفكرية فكانت تصدر عن بعض الشباب الذين كانوا يؤمنون بالتربية المكثفة والإعداد العلمي قبل التفكير في السلطة، والإعداد المسلح لها.. وكانوا يلمزون الجهاز السري الذي كانت له قدسية في نفوس الإخوان.. أما بالنسبة لي فكنت مشبعا بالأسلوب العنيف في مواجهة الأعداء، والأعداء في نظري هم الإنجليز واليهود والملك والأحزاب ..(12)

الساعاتي ومنصب المرشد العام

بعد استشهاد حسن البنا في 12 فبراير من عام 1949م خرج الإخوان من معتقلاتهم فكانت قضيتهم الأولى هي العمل على إلغاء قرار الحل وعودة شرعية الجماعة وايضا انتخاب مرشدا جديدا ليحل محل الإمام البنا، ووقع الجميع في محنة من يكون مرشدهم الجديد؟

ومن يستطيع أن يملئ الفراغ الذي تركه الإمام البنا؟ لكن تربية الإخوان لم تكن تربية على تمجيد الأشخاص بقدر الاهتمام بالمبادئ ومن ثم سعوا لاختيار مرشدا جديدا فكان امامهم أربعه من الممكن أن يشغل واحد منهم منصب المرشد العام وهم الشيخ أحمد حسن الباقوري والأستاذ عبدالرحمن البنا (الساعاتي) شقيق الإمام البنا والأستاذ صالح عشماوي وكيل الجماعة والأستاذ عبد الحكيم عابدين السكرتير العام للجماعة، غير أن الباقورى وعابدين رفضوا المنصب، فحصر بين الساعاتي وصالح وحينما لم يتوصلا لاتفاق من يشغل المنصب كان لابد من إيجاد حل توافقى وشخصية توافقية فكان المستشار حسن الهضيبي.

يقول ريتشارد ميتشل:

وكان من الواضح أن عشماوي يتطلع إلى أن يصبح المرشد الجديد، رغم إنكاره دائمًا لذلك. وكان هناك منافسون آخرين لعشماوي أبرزهم: عبد الرحمن البنا شقيق حسن البنا، وعبد الحكيم عابدين السكرتير العام. والشيخ أحمد حسن الباقوري عضو مكتب الإرشاد (ووزير الأوقاف في الحكومة الثورية في وقت لاحق)، الذي عمل مع عشماوي للمحافظة على الروح المعنوية للجماعة والتنظيم خلال 1949- 1950م ..(13)

يقول أحمد عادل كمال:

ولكن حدث ونشاط الجماعة مازال محظورا أن دعا منير الدلة رحمه الله الأربعة الكبار الذين كانت تدور بينهم توقعات الاختيار, عبد الحكيم عابدين السكرتير العام وعبد الرحمن الساعاتي شقيق الأستاذ البنا والمراقب العام والشيخ أحمد حسن الباقوري وصالح عشماوي الوكيل العام.

اجتمعوا فى منزله بالدقى, وسألهم عن رأيهم فيمن يلى الأمر. وبادر عبد الحكيم بأنها لا يطلبها لنفسه. أما عبد الرحمن فقد طلبها وغير اسمه من عبد الرحمن الساعاتي إلى عبد الرحمن البنا وأطلق لحيته وكان حليقا قبل ذلك ورأى أن بقى اسم البنا رمزا للجماعة خاصة أنه كبير الشبه بأخيه الشهيد صورة وصوتا.

وكان رجلا فاضلا عفا. وسئل الشيخ الباقورى..ز قال الراوى: فخلع العمامة وقال إنها شرف عظيم, ولا شك أنها منزلة كبيرة, ولكنى لا أطلبها لنفسى. ويمضى الراوى يقول: كان الباقورى متفقا مع عبد الحكيم عابدين أن يقوم له عابدين بالدعاية بين الإخوان, كما آزره الأزهريون فى الجماعة وكان يظن نتيجة ذلك أن الجميع يختارونه بين فلما تم الاجتماع بعد ذلك واختير الأستاذ حسن الهضيبي فوجىء الباقورى وقال لصالح عشماوي " لو كنت أعلم يا شيخ لكان أى واحد منا أفضل!"

نعود إلى اجتماع منزل الأستاذ منير الدلة.. سئل صالح عشماوي فقال طالب الولاية لا يولى, وأنا لا أرفض نفسى ولكن للإخوان الخيار, فإذا وقع اختيارهم علىّ فهو عبء ثقيل. ولم يتفقوا على واحد منهم. فقال منير:

أنتم مختلفون ولم تتفقوا على رأى. فما رأيكم لو أحضرنا رجلا كبيرا أبا لكم جميعا ويكون رمزا – مجرد رمز ثم أنتم كل شىء بعد ذلك؟ ما رأيكم فى حسن بك الهضيبى؟ ..(14)

ويقول محمد حامد أبو النصر:

فمنهم من رأي في فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري علي اعتبار أن الإمام الشهيد أسند إليه شئون الجماعة في أيام محنة حكم السعديين ، ومنهم من اتجه نحو الأستاذ صالح عشماوي علي اعتبار أنه وكيل الجماعة وصاحب امتياز مجلة الدعوة ومنهم من رأي في فضيلة الأستاذ عبد الرحمن البنا علي اعتبار أنه أحد مؤسسي الجماعة وشقيق الإمام الشهيد؛

ومنهم من رأي في الأستاذ عبد الحكيم عابدين لدوره المعروف الممثل في هيمنته علي جميع الشعب وإدارة شئون الإخوان ومرافق الجماعة علي اعتبار أنه سكرتير عام الجماعة ، ولا ننسي المرحوم المستشار الأستاذ منير أمين دله الذي كان أمين الصندوق الجماعة وعلي صلة تامة بالأسر المنكوبة والأفراد المأزومين وبكل ما يعزز كيان الجماعة بالمال والرجال .

فابتدئ بالشيخ أحمد حسن الباقوري وعرضت عليه قيادة الإخوان .. فقال إنني لاست كفأ لهذا المركز ولا أسعي إليه ، ثم عرضت القيادة علي الأستاذ عبد الرحمن البنا الذي كان قد غير اسمه من الساعاتي إلي البنا تيمنا بالإمام الشهيد ..

فقال عندما عرضت عليه أنا من أهلها وأحق الناس بها وإذا عرضت عليَّ أقبلها واستعين بالله علي مهامها ، أما الأستاذ عبد الحكيم عابدين .. فقال أنا لا أسعي إليها ولكن إذا عرضت علي فأنا جدير بها وكفء لها، وأخيرا قال الأستاذ صالح عشماوي .. إن هذه المسألة مسألة الإخوان وهم أصحاب الحق الأول وأنا في الوقت نفسه وكيل الجماعة فلا أستطيع أن أنزل عن هذا الحق إلا إذا رأت الهيئة التأسيسية غير ذلك .

من هذا الحديث تبين للأخ الأستاذ منير الدلة أن الأربعة الكبار لم يتفقوا علي أحدهم وكانت الظروف تحتم بإيجاد حل لهذه المشكلة وتوحيد الكلمة لاختيار مرشد للجماعة فاقترح الأستاذ منير دله اسم الأستاذ المستشار المربي حسن الهضيبي.

وأما الأستاذ عبد الرحمن فقال ما معناه إن الذي يختاره الإخوان مرشدا لهم بالإجماع فأنا مستعد للسير وراءه ، لكن الأستاذ صالح قال ما معناه إن هذا الأمر موكول كله للهيئة التأسيسية لأنها صاحبة الرأي الأول والأخير في ذلك ..(15)

بعدما تم انتخاب حسن الهضيبي مرشدا عاما للجماعة انتخب عبدالرحمن البنا عضوا بمكتب الإرشاد حتى محنة عام 1954م.

اللحظات الأخيرة

لقد تم الاتفاق بين الإخوان وقادة الثورة على انجاح الثورة مقابل ان يعود الجيش الى ثكناته ويطلق الحريات ويجرى انتخابات ديمقراطية، لكن بعد فترة لم يتحقق ذلك وطمع الجيش في السلطة فكان الصدام مع الإخوان وتم حل الجماعة في 4 يناير 1954م وعزل محمد نجيب رئيس الجمهورية حتى تحركت مظاهرات مارس والتي افرجت عن الإخوان وأعادت نجيب مرة اخرى.

يقول ريتشارد ميتشل:

وبعد أحداث مارس توزعت صفوف الجماعة بين اتجاهات ثلاثة: مجموعة تزعمها عبد الرحمن البنا، وربما بدعم من المنشقين على اختلافهم، وكان هذا الاتجاه جاهزا لتأييد المجلس العسكري الحاكم، وكان أحد أسباب التأييد معارضة الهضيبي المعروفة ضده، وفي الطرف الآخر كانت هناك المجموعة المؤيدة للهضيبي والتي تلاقي الآن معارضة شاملة.

أو أخيرًا كانت هناك مجموعة (حميدة) وكيل الجماعة وكانت تسمي نفسها (المحايدون) وكانت تأمل في التوفيق بشكل ما بين المجموعتين الآخريتين المتخاصمتين، وبين الجماعة والحكومة بوجه عام، وفي هذا الإطار جري الصراع على السلطة داخل التنظيم ..(16)

ويضيف محمد حامد أبو النصر:

وكما قلنا سابقا بعد اعتقال الشهيد عبد القادر عودة علي أثر مظاهرة عابدين ومعه الأخ الأستاذ عمر التلمساني بقي من أعضاء المكتب الأستاذ عبد الرحمن البنا ، والدكتور محمد كمال خليفة ، والأستاذ البهي الخولي ، وكنت معهم (الشاهد علي الطريق) لكن الأستاذ البهي الخولي انقطع عن حضور جلسات المكتب . ...

وفي أوائل مارس سنة 1954 اجتمعنا نحن الثلاثة في منزل الأستاذ عبد الرحمن البنا في الحلمية لتنظيم الاتصال بالإخوان من جانب ، والحكومة من جانب آخر لمحاولة إقناع الحكومة لحل القضية، وكان قد اختير الدكتور كمال خليفة في جلسة سابقة بحضور الأخوين الشهيد [[عبد القادر عودة]ٍ] ، والأستاذ عمر التلمساني ليتولي مسئولية الإخوان بعدهما .

وفي أثناء الاجتماع قال الدكتزر كمال خليفة : أنا مشاغلي كثيرة في إدارة مصلحة الطرق والكبارى ووقتي ضيق جدا . فقال الأستاذ عبد الرحمن البنا : إنه يلزم أن نحدد المسئول عن الإخوان حتى نستطيع أن نوجه اقتراحًا جديدَا عرض علي بواسطة الحاج محمد جودة والمسألة عايزة همة وحركة ونشاط لحل هذه الأزمة فما رأيكم ؟

فقال الدكتور كمال خليفة حقيقة إن المشكلة مهمة وتحتاج إلي نشاط ومتابعة وعمل مستمر ، وأنا كما تعلم مشغول ووقتي لا يسمح ، ويستحسن أن يكون الأستاذ عبد الرحمن – الرجل المسئول في هذه الظروف ، فقال الأستاذ عبد الرحمن : أنا مستعد يا فندم لأأن اتحمل كل المسئولية علي شرط أن نضع ميثاقا لهذا العمل ، وقام إلي مكتبه وكتب شهادة أو إقرارا يحتوي علي أنه هو المسئول الآ أن عن الإخوان المسلمين؛ وطلب مني ومن الدكتور كمال خليفة التوقيع علي هذه الوثيقة ، فما كان من الدكتور كمال إلا أن قال : لا بأس أعطني قلمك ووقع علي هذه الورقة وطلب إلي التوقيع عليها فرفضت وقلت : لا أوقع ، وهنا غضب الأستاذ عبد الرحمن وقال : لماذا لا تثق وترتاب فقلت له : إذا كنت تريد مني أن أوقع علي هذه الورقة فأضف بندًا آخر ، وهو أنك لا تتصرف أي تصرف إلا بحضورنا معك زيبلغ هذا لجمهور الإخوان .

فقال الدكتور كمال خليفة : جالك الكلام يا دكتور أهو السيد حامد لا يطمئن إليَّ وفي ريب مني ، فطلب مني الدكتور كمال التوقيع فرفضت وأصررت علي عدم التوقيع ، وكنت قد تذكرت قصة : (طلب سيدنا أبي ذر الغفاري رضي الله عنه الولاية من رسول الله صلي الله عليه وسلم فرفض عليه الصلاة والسلام وقال : إنك امرؤ فيك ضعف ...) ولم يدر في خلدي النيل من الأستاذ عبد الرحمن البنا ، كما لا أطعن في خلقه ودينه ، ويكفي أنه شقيق الإمام الشهيد رحمه الله .

فسألني الدكتور كمال : إذن ما رأيك في توقيعي فقلت له : أنا لا أعرف ماذا سيقول التاريخ عنك ، وهنا صاح الأستاذ عبد الرحمن قائلا : التاريخ .. التاريخ .. إنه في ريب مني .. وكأني سأبيع الإخوان المسلمين ، وفي عصبية قدم الورقة إلي الدكتور كمال خليفة وقال : أنا يرضيني يا دكتور أن تحتفظ بها عندك ..(17)

حادثة المنشية

الأساتذة عبد الرحمن البنا وعبد المعز عبد الستار والبهي الخولي بعد الحكم ببراءتهم في حادثة المنشية

لقد تم الترتيب لحادث المنشية من قبل جمال عبدالناصر حينما زاد الصدام مع الإخوان وظن ان الإخوان سينقلبون عليه خاصة بعدما راى من قوتهم في احداث مارس من عام 1954م ومن ثم عجل بحادث المنشية؛

يقول أحمد عادل كمال:

وبعد المحاضرة اجتمع مكتب الإرشاد المذكور وأتذكر من أعضائه البهي الخولي ومحمود الراوي ومحمد لخضري ومحمد جودة. ومذن فصلى لم أنقطع عن التردد على الدار فكنت هناك ليلتها وكان هناك أيضا الدكتور محمد خميس حميدة والشيخ محمد فرغلي والأستاذ عبد الرحمن البنا.

وانفض اجتماع فجأة وخرج الأعضاء يصرفون الإخوان الذين كانوا ما يزالون بالدار, ذلك أنهم بلغهم وهم فى الاجتماع نبأ حادثة المنشية. ولم يبق بالدار إلا أفراد يعدون على الأصابع.. الشيخ محمد فرغلي والدكتور خميس وعثمان إبراهيم والأمجد صديق وأخ من الإسماعيلية قال انه على طنوبى وأنا ..(18)

وقعت حادثة المنشية في 26 أكتوبر من عام 1954م واعتقل قادة الإخوان وقدموا للمحاكمة برياسة جمال سالم والذي حكم على 7 منهم بالإعدام شنقا وبالسجن على البقية.

يقول إبراهيم زهمول في رسالته العلمية:

أما السبيل الأول ، فقد حاول بدائة أحداث الفتنة مستغلا صديقه عبد الرحمن السندي ولما بدا له الفشل استقطب فريقا آخر للنيل من الإخوان بالوقيعة فها هو كما تصوره جريدة الجمهورية في 13 فبراير 1954 في صفحتها الرابعة يقف على قبر حسن البنا يوم ذكراه الخامسة وعلى يمينه عبد الرحمن البنا والبهي الخولي عضوا مكتب الإرشاد وصالح عشماوي عضو المكتب المفصول.

ويضيف: ومن حوله من أعضاء مكتب الإرشاد الذين لم تنل منهم قناة فاتهموا في 21 نوفمبر 1954 بالتآمر لقلب نظام الحكم وصدرت بحقهم في 5 ديسمبر 1954 أحكام محكمة الشعب (!) بإعدام كل من المرشد المرحوم الأستاذ حسن الهضيبي (بدل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة) والقاضي الشهيد عبد القادر عودة والشيخ محمد فرغلي واعظ الإسماعيلية وقائد فدائي فلسطين والقنال ، ويوسف طلعت فدائي فلسطين ، وإبراهيم الطيب (محام).

كما صدرت الأحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة في حق الدكتور خميس حميدة (صيدلي ، نائب المرشد) الدكتور كمال خليفة أستاذ بكلية الهندسة ، الدكتور حسين كمال الدين أحمد إبراهيم أستاذ بكلية الهندسة ، منير الدلة مستشار بمجلس الدولة ، وصالح أبو رقيق مستشار بجامعة الدول العربية ، عبد العزيز عطية مدير منطقة الإسكندرية التعليمية ، محمد حامد أبو النصر محام ، والحكم بالسجن خمسة عشر عاما في حق كل من الشيخ حامد شربت واعظ ، وعمر التلمساني محام ، وسيد قطب كاتب ، وصدرت أحكام بالبراءة في حق كل من عبد الرحمن البنا ، عبد المعز عبد الستار أستاذ بالأزهر ، والبهي الخولي مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الأوقاف.

حياته الأخيرة

بعدما برأته محكمة الثورة انعزل عبدالرحمن البنا عن الحياة والتحق ببعض جماعات الصوفية واصبح يواظب على جلساتهم يعلمهم العلم حتى توفاه الله في أوائل التسعينيات من القرت العشرين.

المراجع

أحمد ربيع: الفكر التربوي وتطبيقاته لدى الإخوان ص59.

جمال البنا: خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه، دار الفكر الإسلامي.

أنور الجندي: حسن البنا الداعية الإمام والمجدد الشهيد، دار القلم، ص330، 331.

جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الجزء الأول، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة.

مجلة الإخوان المسلمون الأربعينيات، السنة الأولى، العدد 16 ،الخميس 13رجب 1352هـ / 1 نوفمبر 1933م.

مجلة الإخوان المسلمون الثلاثينيات، السنة الثانية، العدد 42 – 23ذي الحجة 1353هـ / 18 مارس 1935م.

جريدة الإخوان المسلمين الثلاثينيات، السنة الثالثة، العدد 18 – 14من جمادى الأولى 1354هـ / 13أغسطس 1935م.

جمعة أمين عبد العزيز: الجزء الثالث ، مرجع سابق.

جريدة الإخوان المسلمين اليومية العدد 785 السنة الثالثة 22 محرم 1368هـ, 23/11/1948ص2.

عصام تليمة: البنا ... ولمحات فنية، بحث منشور على إخوان ويكي.

سلسة أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين نقلا عن مجلة الإخوان المسلمون .

حسن دوح: 25 عاما في جماعة الإخوان، دار الاعتصام.

ريتشارد ميتشيل: الإخوان المسلمون، ترجمة عبد السلام رضوان، مكتبة مدبولي.

أحمد عادل كمال: النقط فوق الحروف، الزهراء للإعلام العربي.

محمد حامد أبو النصر: حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمون وعبد الناصر، دار النشر والتوزيع الإسلامية.

ريتشارد ميتشيل: الإخوان المسلمون، ترجمة عبد السلام رضوان، مكتبة مدبولي.

محمد حامد أبو النصر مرجع سابق.

أحمد عادل كمال: مرجع سابق.

الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

وسوم: العدد 1002