الشيخ الشاعر الداعية أحمد فرح عقيلان

dfdfdf1061.jpg

(1924م- 1997م)

     يعد شاعرنا الشيخ أحمد فرح عقيلان من شعراء فلسطين الإسلاميين، ولد عام 1924م في الفالوجة ـ قطاع غزة. 

 نشأ في بيت علم ودين، وكان والده من علماء الأزهر، تعلم في مدارس القطاع، وأكمل دراسته الثانويّة في «الكلية الرشيديّة» في القدس، ثم اجتاز الامتحان الأعلى لمعلمي اللغة العربية في الكلية العربية بالقدس عام 1946م، ثم عمل مدرساً للغة العربية في بعض مدن فلسطين.

 ومثل كل أبناء جيله الذين شردهم الإرهاب الصهيوني عانى الشاعر الشيخ من ويلات نكبة فلسطين وشهد مأساة شعبه ومحنة اللاجئين، قد قدمت عائلته الكثير من الشهداء وقد انتقل بعد وقوع النكبة عام 1948م إلى (خان يونس) ودرّس بها حتى عام 1957م، ثم هاجر إلى السعودية ودرّس فـي «معهد العاصمة النموذجي» بالرياض لعدة سنوات، وعمل مديراً للأندية الأدبية برئاسة رعاية الشباب ثم مستـشاراً بها.

وعمل داعية وقدم برنامجا إذاعياً «في تفسير القرآن».

وكان عضواً في رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

توفي في 19/02/1997م في السعودية.

نظم الشيخ عقيلان الشعر الإسلامي بفنيّة عالية، وتنوعت في نتاجه الشعري أغراض القول، ولكن قضية فلسطين، ممتزجة بالهمّ الإسلامي العام تبقى المحور الذي تتفرع عنه، وتعود إليه القضايا الأخرى، فهناك قضية الدعوة الإسلامية، والواقع الاجتماعي للمسلمين، وما يتصل به من قضايا المرأة والشباب، إنها تتجاذب وتتداخل لتدل على موقف الشاعر. 

  لغته قريبة مأنوسة طيعة تأخذ الكلمات مواقعها المعهودة فلا تجد للضرورة أثراً، يجمع بين التعبير المباشر الذي يقترب من لغة الخطاب اليومي، والتصوير المستمد من الموروث الشعري، أو من تركيب مخيلته، كما يستعيض عن التصوير أحياناً بالوصف الدقيق الذي يقوم مقام الصورة المخترعة.

من أثاره الشعرية: 

«البردة الجديدة»، عام 1951م.

 و«جرح الإباء»، نادي المدينة المنورة الأدبي، السعودية ـ 1980م.

و«رسالة إلى ليلى»، نادي المدينة المنورة الأدبي، السعودية ـ 1981م.

 و«لا يأس»، دار المعراج، الرياض، السعودية ـ 1998م.(نشر بعد وفاته). 

 ثم جمعت دواوينه في «الأعمال الشعرية الكاملة»، وقد صدرت عام 1999م عن «بيت الأفكار الدولية».

   وله مؤلفات دينية وأدبية، تدل على موقفه من قضايا الأدب والشعر، وعلى الأخص كتاباه: «جناية الشعر الحر»، نادي أبها الأدبي، السعودية ـ 1982م. و «بين الأصالة والحداثة»، نقد ومختارات، ، نادي الطائف الأدبي، السعودية ـ 1986م.

    ترجم له الأستاذ أحمد الجدع في كتابه «شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث»، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1976م فكتب عنه مِفصلاً أشار فيه

لأهمية شاعرنا في خارطة الشعر الدعوي الإسلامي، ودوره في توجيه وترشيد بناء مجتمع عربي إسلامي قادر على مواجهة المخاطر التي تواجه مجتمعنا وبلادنا من الخطر الصهيوني وويلاته.

الشاعر الداعية أحمد فرح عقيلان (1924 - 1997)

   هو الشاعر الداعية الإسلامي من اصل فلسطيني.

  من مواليد قرية الفالوجة في فلسطين عام 1924م، وتخرج من الكلية العربية بالقدس عام 1924م.

 وعمل بالتدريس في مدارس فلسطين حتى سافر إلى السعودية عام 1957م 

وعمل في مدارسها ومعاهدها.

  ثم حصل على الجنسية السعودية.

 وعمل مستشارا ثقافيا في الرئاسة العامة لرعاية الشباب (الهيئة العامة للرياضة حاليا).

 وعمل داعية وقدم برنامجا إذاعياً «في تفسير القرآن. 

 وكان عضواً في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وهو من الأعضاء المؤسسين للرابطة . 

  وله دواوين مطبوعة، وقد أثار كتابه (جناية الشعر الحر الذي صدر عام 1982م عاصفة عاتية روج لها دعاة الحداثة والتغريب الذين هاجموا الشيخ بعنف،وإن لم يتمكن أي منهم من الرد المنطقي على ما جاء في كتابه من حقائق.

الميلاد 1924م. الفالوجة فلسطين

الوفاة 19 فبراير 1997 (73 سنة) السعودية

من مؤلفاته:

«البردة الجديدة»، عام 1951م.

«جرح الإباء»،1980م.

«رسالة إلى ليلى»،1981م.

«و لا يأس»، 1998م.(نشر بعد وفاته).

ثم جُمعت دواوينه في «الأعمال الشعرية الكاملة»، وقد صدرت عام 1999م عن «بيت الأفكار الدولية.

وله مؤلفات دينية وأدبية، تدل على موقفه من قضايا الأدب والشعر، وعلى الأخص كتاباه «جناية الشعر الحر»،1982م. 

و «بين الأصالة والحداثة»، نقد ومختارات، 1986.

   ومن قصائد الشيخ عقيلان الرائعة، قصيدة «إلى بلدتنا»، يقول في مطلعها:

أنا مانسيتك رغم ما فعل العِدا

بلدي أتذكرني أتذكر أحمدا

ذكرى شبابي عاطرًا ومورَّدا

في كل شبرٍ من ثراك تشدّني

روحي فداكِ وأنت أغلى مفتدى

فالوجتي الزهراء يا حلمَ المنى

عبدًا وكنت على ترابك سيّدا

منذ افترقنا يا حبيبةُ لم أزل

عيشٌ ولا برح الفؤاد مشرَّدا

واللهِ منذ فراقنا ما لذَّ لي

سجنًا من الموت البطيء مؤبَّدا

والعمرُ بعدك يا حبيبةُ قد غدا

   ولشاعرنا الكثير من القصائد المشهورة، في مقدمتها قصيدة عنوانها: «لا يأس»، ومنها هذه الأبيات:

لا يأس مهما غرقنا في مآسينا وأمعـن الكفر ذبحاً في ذرارينا

لا يـأس ، فاليأس كفر في عقيدتنا وما ارتضينا سوى إسلامنا دينا.

لا يـأس مـهما سبحنا في مذابحنا ولو جرى بدم الـثوار وادينا

لا يأس ... حتى لو أن العرب كلهم مع الـعـدا أغمدوا أسيافهم فينا.

   ومن أجمل قوله قصيدة «قذائف الكلام»، نشرت في ديوانه «جرح الإباء» ومطلعها:

يا بني العرب يا حماة البيد أين عشق العلا وعزم الأسود

ومنها قوله:

   لا ترد الحقوق في مجلس الأ من ، ولكن في مكتب التجنيد

الشكاوى إلى المجالس لغوٌٌ وأزيز الرصاص بيت القصيد

إن ألفي قذيفة من كلامٍ لا تساوي قذيفة من حديد

فلسطين .. الأرض والشعب والقضية:

   تعد قصيدة «فلسطين» إحدى نماذج شعره الفني الراقي المعبر عن مأساة أبناء الشعب الفلسطيني، الذين سرق وطنهم، وسلبت ديارهم.

   ويحلل الناقد الأستاذ محمد علي شاهين القصيدة قائلاً: «يتميز مطلع القصيدة بمشاعر الحب والحنين والعشق لفلسطين التي علّمته الفداء».

   يقول الشيخ الشاعر: «كلّما غنيت لفلسطين الساحرة الجميلة رأيتها تبتسم لي ابتسامة هي أجمل من ورد نيسان (أبريل).. هي مثل امرأة بارعة الجمال، زانها الأدب والحياء، تأخذ بالألباب، هي أجمل من معشوقة قيس، ولا تقارن بها، يحيط بقصرها العالي وادي رام الله ومروجها الخضر، لم أتمالك نفسي وأنا شاب إلاّ طلب يدها.. كانت نافذتها فوق السحاب، طعامها الثلج وسقياها الماء الزلال، كنّا نحلّق معاً في جو السماء كالطيور، نتبادل الحب العذري والأشواق».

   ثم ينتقل الشاعر من أجواء السعادة والعشق إلى الأحداث التي عصفت بقلب المحبين، ففاتنته اليوم حزينة شاردة، تبكي في موكب الفرح، تشير إلى مدينة مغبرّة بالجانب الغربي من لوحة السماء، وتتساءل: « أين يافا عروس الشاطئ؟ وأين أهلها؟ وأين شميم نسيم البحر وعطر البرتقال؟».

   ويقسم الشاعر على أن كل الحلي جمّلت فلسطين بالحسن، ففي الغرب مصايف شواطئ البحر، وفي الشرق مشاتي البحر الميّت، أمّا المروج السندسيّة الخضر الممتدّة من عكا إلى رفح فهي منبت الفاكهة والزهور.

  ويتساءل ألم يفتن المتنبي بروعة محاسن طبريّة وأمواج بحيرتها وطيب هوائها ودفئ شاطئها؟ فيصفها في ثمانية أبيات، يقول فيها:

لولاك لم أترك البحيرة والغور

دفيء وماؤها شبم

والموج مثل الفحول مزبدة

تهدر فيها وما بها قطم

والطير فـوق الحباب تحسبها

فرسان بلق تخونها اللجم

كأنها والرياح تضربها

جيشا وغى هازم ومنهزم

كأنهــا في نهـارهـا قمـر

حفّ به من جنانها ظلم

  ويخاطب شاعرنا الشيخ عقيلان مقدسات فلسطين فيقول: 

  «أفديك روحي وعيالي وأعز ما أملك، وما أشرف تلك الروح إذا فديت بهذه المقدّسات».

  ويصف في خوف وهلع ما آلت إليه أحوال فلسطين، من تدنيس للمقدّسات، وانتهاك للحرمات، ويتساءل: «أين الملايين التي تنفق بسخاء على الغانيات وموائد الشيطان، ونضنّ بها في موقف البذل والتضحية ونداء الواجب؟».

  مضيفاً: «لو كانت مشكلتي مع اليهود وحدهم لما اكترثت بهم، لكن مشكلتي اليوم مع حماة حدود (إسرائيل)، وكلّما زادت المعاناة في فلسطين، زاد إخواننا العرب مصائبنا.

  وها أنا ذا ذاهب تحت جنح الظلام إلى عدوّي لأؤدبه، وقد وضعت روحي على راحتي، أحمل سلاحي الذي اضطرت زوجتي لبيع عقدها الذهبي بثمن بخس لتشتري بثمنه ذخيرة بندقيّتي.

حتى وصلت منطقة صفد، والثلج يهطل فوق رأسي، ولمّا هبّت نسائم سهل حطين سرى عبيره الطيّب في جسدي، وشعرت أن كبدي الملتهبة قد شفيت من أسقامها، وأخذت أنظر إلى بلدي المغتصب، ونار الثأر تدفعني نحو الانتقام من عدوي».

  ويتابع الشاعر ملحمته، فيقول: « وبينما أنا أتأهب للانقضاض، أمسكت بكتفي يد عربيّة، ظننت للوهلة الأولى أنّ أسود العرب جاءت لنصرتي، فأخذت أشكر هذه اليد وأثني عليها.

لكنّ هذه اليد سرعان ما أمرتني بإلقاء السلاح، وأخذت تكيل لي السباب والاتهامات».

فقلت: «يا حارس الأعداء، أيّها البطل المزيّف، هذه القنابل اشتريتها من تعبي، وعلى حساب قوتي، أمّا هذه البندقيّة فلا أستطيع أن أتخلّى عنها لأنّها بمثابة روحي، وأعلم أن لغة الشجب والتنديد لن تعد مجدية، ولن تنطل هذه الأكذوبة بعد الآن على أحد، فلقد تعلمت من صلاح الدين درس البطولة والفداء، وإنّ لحظة صمت من فدائي أكثر تعبيراً من هذه الخطب الحماسيّة البليغة.

  ولن نتسوّل بعد الآن على أبواب السياسات المتآمرة على فلسطين، لأنّ حماة هذه النهج هم اللصوص الحقيقيّون».

  ويتابع خطابه لهذا العربي: « إن كنت تبحث عن الكرامة فهيّا إلى القدس، فإنّها تتطلّع إلى من ينقذها».

  ثم يخاطب الأمّة التي يلفّها الظلام من حولها: إعلمي أيّتها الأمّة أن الفجر قادم لا محالة، وأنّه كلّما اشتد الخطب، وادلهمت الخطوب، اقترب الأمل.

فلسطين:

أفدي التي علمتني كيف أفديها

وأتحفتني نظيم الدر من فيها

أبهى من الورد في أبريل بسمتها

إذا رأتني أغني في مغانيها

كان الجمال الفلسطيني يأسرني فيها

وحلية آداب تحليها

لهفي عليها فلسطينية نظمت فيها

الملاحة في أبها معانيها

لو أن قيسا رآها في صواحبها

لقال يا ليت ليلى من جواريها

كانت على قمة شماء دارتها

وحولها مرج رام الله وواديها

وكان شرخ شبابي عارماً غزلا

يسوقني رغم أنفي نحو أهليها

ما زلت أذكر فوق الغيم شرفتها

والسحب تطعمها ثلجا وتسقيها

في ذلك اليوم كنا في السماء معاً

والجو بالبسمة العذراء يغريها

لكن فاتنتي صفراء ساهمة

كأنما موكب الأفراح يبكيها

تشير لي جهة الغرب البعيد إلى

مدينة قد بدت غبرا مبانيها

تقول لي تلك يافا أين آهلها

أيام يافا عروس في شواطيها

هل تبصر البحر معطاراً نسائمه

تهدي شذى برتقال من مجانيها

والله ما حلية في الأرض غالية

إلا بدت في فلسطين تحليها

البحر في الغرب حيا من مصايفها

البحر في الشرق ميتاً من مشاتيها

والحقل يتحفها تيناً على عنب

والبرتقال رحيق الخلد يسقيها

والحقل يمتد من عكا إلى رفح

في مطرف السندس الغالي يجليها

تعجب المتنبي من بحيرتها

لما رأى كل أشكال المنى فيها

الموج يهديك برداً من أواسطها

والغور يعطيك دفئاً من شواطيها

وعمة الشيخ في تموز تبردها

وحمة الغور في كانون تدفيها

والنهر يحكي عن اليرموك ملحمة

المجد يلحمها والفخر يسديها

في أرضنا كل ما في الأرض من متع

سبحان مودع أسرار السما فيها

كل النبوات في أحضانها درجت

تأوي إلى المسجد الأقصى فيؤيها

عفوا حنانيك يا مسرى محمدنا

يا صخرة المجد أعيت من يساميها

فداك نفسي وأولادي وملك يدي

ما أشرف الروح للأقداس نهديها

يا لهف نفسي أحقاً أن صخرتنا

القدس فد عاث أنجاس الورى فيها

وهل صحيح بأن المومسات بها

صيرن أقداسنا حمراً لياليها

يا أمة دفنت في الرمل هامتها

كي لا ترى الواقع المهزوم يخزيها

أما سمعت بأولى القبلتين وقد

تبختر الكفر في أقداسها تيها

أين الملايين للشيطان نرخصها

فإن دعانا نداء المجد نغليها

إذا القمار لنا مدت موائده بالراح

والغادة الشقراء تسقيها

فنحن أكرم أهل الأرض قاطبة

ترى ملاييننا كالرمل نذريها

شتان من همه كأس وغانية

ومن على القمة الشماء يحميها

لو أن همي عدوي ما اكترثت به

لكن أخي حول «إسرائيل" يحميها

وكلما عظمت بلواي في بلدي

رأيت أحبابنا زادوا بلاويها

سريت ليلاً إلى خصمي أؤدبه

الروح في راحتي أرخصت غاليها

والبندقية من زوجي ذخيرتها

باعت قلادتها بخساً لتشريها

حتى وصلت حدودي والثلوج على

رأسي وقد خنقت روحي دياجيها

حتى شممت شذا حطين من صفد

يسري على كبدي الحرى فيشفيها

ورحت أنظر عن قرب إلى بلدي

ونار ثأري تصليني فأصليها

وإذ على كتفي وسط الظلام يد

تصيح باللهجة الفصحى حراميها

فأشرق النور في قلبي وقلت إذا

هذه العروبة جارتني ضواريها

ودمت أهتف هيا مرحى يا أخي

وهلا يا للأخوة ما أحلى معانيها

ظننته جاء في الظلماء ينجدني

ورحت أوسعه شكراً وتنويها

فقال ألقى بهذي البندقية يا......

وراح يوسعني شتماً وتشويها

فقلت يا حارس الأعداء يا بطلاً

بعض البطولات تؤتى من مخازيها

هذى القنابل من قوتي ومن عرقي

والبندقية روحي لا أخليها

الشجب والسب والإنكار أسلحة

ما عاد شعبي بقطمير يساويها

درس العلا من صلاح الدين علمنا

أن البطولات تؤتى من أعاليها

ما نفع ألف خطاب صارخ زلق

تكفيك لحظة صمت من فدائيها

لن نشحذ الحق من لص ومغتصب

هذى السياسة حاميها حراميها

إن شئت فاذهب معي فالقدس منتظر

هذى الكرامة في أسمى معانيها

يا أمتي في ظلام الليل لا تهنى

لا يطلع النور إلا من دياجيها

أصداء الرحيل:

أحمد فرح عقيلان الذي عرف:

  يعدّ أحمد فرح عقيلان من أنبل النبلاء وأفضل الفضلاء تجتمع فيه صفات وشيم وقيم قل ما تجتمع إلا في القليل من الناس فوجهه يشع كرماً وجوداً وعباراته تحمل الخير والعفة والاخلاق الحسنة والرقة والحنان والنبل والتسامح وتشرفت بالجلوس معه مرات كثيرة منها جلسات خاصة ومنها جلسات عامة، وكان من الأمور التي تعجبني في شخصيته انه كان يكثر الدعاء لولاة الأمر بالتوفيق والتسديد وكان يثني عليهم خيراً ويوصي بالدعاء لهم، وكان رحمه الله يحمل هم الامة الإسلامية وقضاياها في كثير من احاديثه وقصائده. وكان من ضمن قصائده «يقول لنا الشهيد»: ومناسبة هذه القصيدة أن الأستاذ أحمد كان متواجداً وقت ترحيل رفات المجاهدين المصريين المشاركين في القتال ضد اليهود في فلسطين فألقى هذه القصيدة عام 1952م وأذكر بعض هذه القصيدة:

يقول لنا الشهيد دعوا حطامي

فما في الدين مصري وشامي

دعوني واطلبوا ثأري فإني

لقتل من استباحوا الحق ظامي

أليست روضة الشهداء حولي

ونور المسجد الاقصى امامي

فلسطين الجريح مطاف روحي

ووحي الانبياء بها امامي

ومن قصائده «وا إسلاماه» الذي يقول فيها:

جرح على مر الزمان يصيح

ومشردون حياتهم تبريح

ومعسكر لف الظلام حطامه

ما فيه إلا جائع وجريح

إلى أن قال:

يا عرب قد وضح السبيل فأقبلوا

إن البطولة بابها مفتوح

الموت في ساح الكرامة مطلب

يرنو إليه الحر وهو طموح

حب الحياة أدال من ايماننا

بئس الحياة ولليهود فحيح

  ومن أجمل وأروع ما قرأت للشاعر الشيخ أحمد قصيدته الرائعة في مدح الملك فيصل - رحمه الله - وعنوان القصيدة «ما كل سيف فيصل» إذا يقول فيها:

الموت حق والكتاب مؤجل

والصبر أولى باللبيب وأجمل

من شاء معرفة الحقيقة مرة

فليسأل الأجداد أين ترحلوا

أنا ما جزعت لان فيصلنا مضى

درب المنية ليس عنها معدل

خلفاء خير الخلق ماتوا غيلة

القتل من نبع البطولة ينهل

لكن بكيت لأن أمنياته

ذبلت على شفتيه وهو يؤمل

قد كان يأمل أن يحرر قدسنا

فمضى ومسجدنا الحبيب مكبل

كانت فلسطين الجريح تثير في

عزماته لهب الجهاد وتشعل

فمضى ولم يقطف ثمار جهاده

وهو بالقدس الشريف موكل

وبكيت فيصل للتضامن صامداً

عن رأيه في الحق لايتحول

يتساقط الإلحاد حول ثباته

وتزلزل الدنيا فلا يتزلزل

كم صيحة هدامة من حوله

زعقت وفيصل للجنيفة معقل

وبكيت فيصل للعروبة رائداً

تهفو إليه قلوبها وتهلل

شهدت له حرب العبور مواقفاً

في صفحة الشرف الرفيع تسجل

أفديه يعمل صامتا متواضعاً

ولرب صمتٍ كالسلاح يجلجل

يتساقط الإلحاد حول ثباته

وتزلزل الدنيا فلا يتزلزل

كم صيحة هدامة من حوله

زعقت وفيصل للجنيفة معقل

وبكيت فيصل للعروبة رائداً

تهفو إليه قلوبها وتهلل

أفديه يعمل صامتاً متواضعاً

ولرب صمت كالسلاح يجلجل

وبكيت فيصل في النوائب صارماً

ما كل سيفٍ في الشدائد فيصل

    ومن قصائده قصيدة «تساؤلات» وألقيت بمناسبة افتتاح السفارة الفلسطينية وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير الكريم سلمان بن عبدالعزيز وحضور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 1989م بالرياض ويقول في هذه القصيدة التي ذكر فيها بعض مواقف حكومة خادم الحرمين الشريفين في مناصرة القضايا الإسلامية عامة وقضية فلسطين خاصة، وذكر جرائم اليهود:

نشأ أحمد فرح عقيلان في بيت علم ودين (فوالده عالم الأزهر الجليل الشيخ فرح عيد عقيلان).

  انتقل إلى خان يونس بعد نكبة 1948م، ودرّس فيها وأسس هناك جماعة الإخوان المسلمين (مع الشيخين الفالوجيين الجليلين محمد حسين أبوسردانة وناجي السعافين).

  ولقد عرّف به بعض الكتاب والنقاد، فأعطوه بعض حقه مــن الدراسة والتعريف، وإعتنوا بدراسة شعره، وبينوا مظاهر شاعريته وأدبه، منهم: د. صالح الشنطي، و د. مأمون فريز جرار، وأحمد الجدع، وحسني أدهم.

  حين توفي نشرت مجلة البيان عن وفاته مقالا بقلم الأستاذ أحمد عبد العزيز العامر بعنوان (البلبل الذي صمت), والمجلة العربية نشرت مقالا بقلم الأستاذ عبدالله بن سليم الرشيد بعنوان (أحمد فرح عقيلان: شهاب خبا).

   ووجه - رحمه الله - بعد وفاته تبعآ لسنة الحياة بعقوق، لا سيما ممن كانوا يعدوا من مريديه وتلامذته، والأدباء والنقاد, حيث لم يكتب عنه إلا قليل منهم، ومما يذكر ما كتبه الأستاذ عبد الله بن سليم الرشيد في ذكر ما له من شاعرية وما يحمله من هموم إسلامية، ولقد دافع عن شيخنا ضد من أعتبروا كونه شاعر وعظي منقصة له، متسائلآ: "..هل من العجب أن يكون الواعظ أديباً، أو الناقد والشاعر واعـظاً، هذا إذا فهمناالوعظ بالمعنى الشامل الذي يدخل فيه التذكير المباشر وغير المباشر كالأسوة الحسنة مثلاً، ومع ذلك: فلا تنافر بين الأدب والوعظ ما دام ذلك الأدب مستوفياً شروط الإبــداع صـيـاغــة ولفظاً، وكفى بكلام الله واعظاً وهو الحجة البالغة..".

   ولقد وصف الأستاذ أحمد عبد العزيز العامر شاعرية الشيخ بأنها "..يلمحها المتذوق للشعر في ثنايا ديوانيه بما يهز سامعه هزّاً، ويثيره شجناً، ويحلق بالقارئ إلى آفاق رحبة، يلمس فيها صدق العاطفة وجمال العبارة ووضوحها..".

    وكان عضوآ في رابطة الأدب الإسلامي العالمية, ومن نتاجه الفكري والأدبي كتبه: (أبطال ومواقف) عن دار بن حزم, وله دراسات في النقد الأدبي كجناية الشعر الحر: نادي أبها الأدبي - السعودية 1982، والأصالة والحداثة : نادي الطائف الأدبي - السعودية 1986 وهذان الكتابان بالذات أثارا ضده الكثير من الشعراء والأدباء, وكذلك مريديهم من النقاد (أنصار المدارس الحداثية في الشعر).

  طبع للشيخ ديوان شعر: (جرح الإباء) نادي المدينة المنورة الأدبي - السعودية 1980، و(رسالة إلى ليلى) نادي المدينة المنورة الأدبي - السعودية 1981، و«لا يأس»: دار المعراج - الرياض، السعودية 1998.(الذي نشر بعد وفاته). وكذلك ديوان شعر تحت عنوان (أحمد فرح عقيلان -الأعمال الكاملة), وقد علق على ديوانه أو أعماله الكاملة, ناشرها (صاحب بيت الأفكار الدولية للنشر) قائلآ: "...هذا الديوان نبض شاعر، جسد الوطن في الرؤية والرؤيا، وعاش الواقع بكل تفاصيله، ليرسم، ويلون ولتتدفق ينابيعه رقراقة، شفافة حتى إنك لترى آلامه، وعواطفه بصدق وعفوية على مساحة من ورق...".

   علاوة على ما سبق فمن ضمن نشاط الشيخ هو الدعوة والتفسير البياني للذكر الحكيم حيث كان يقدم أيضآ برنامجآ في إذاعة القرآن الكريم, عنوانه (لطائف التفسير).

وأود هنا تقديم بعض نماذج من شعره:

   بدءآ بقصيدته الشهيرة "أحقا أن إسرائيل جاره" والتي ألقاها في الرياض عام 1988م, بين يدي المغفور له جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود والمغفور له الزعيم الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات ( تغمدهم الله جميعآ بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته), في هذه القصيدة يقول شيخنا الجليل:

أحقا أن إسرائيل جاره وأن لها ذماما أو طهاره ؟؟

وهل شارون ذباح اليتامى له غير الجريمة من تجاره؟؟

وأمريكا هل إنعطفت إلينا فتصبح للعروبة مستشاره ؟؟

وقد رضخت لصهيون جهارا فلم تأذن لياسر بالزياره ؟؟

وأية قسمة ضيزى رضينا يمين الله صفقتنا خساره !!!

وهل ذهبت مذابحنا هباء وهل ينسى الكريم الحر ثاره ؟؟!!!

وأرضي في الفلوجة أين ضاعت وأين دماء أطفال الحجاره ؟؟!!!

أيصفع كافر أمي وأختي وأزعم أنه ترك القذاره ؟؟ !!!

يكسر خصمنا عظم الصبايا ونهتف للسلام وللحضاره !!!

وحاخامات صهيون أحالوا مساجدنا وكورا للدعاره

وللمستوطنين سموم حقد ستصلي كل موطننا دماره

أنشحد دولة من كف لص ؟؟ أيستجدي الأبي الشهم داره ؟؟

وهل وطن يشحده عدو ؟؟ عريق في الدسائس والحقاره

وبعد عذابنا خمسين عاما تمخضنا فكان الحمل فاره

ومازال الأحبة في سجون يسومهم العدو النذل ناره

غدا سترى شواطئنا الغوالي بهن لكل ساقطة عماره

غدا سترى اليهوديات سربا بزي تستحي منه الحماره

غدا سيدوس مصحفنا كهانا ويسمع منبر الأقصى خواره

وفي حرم الخليل ترى الزواني يبعن مخدرات في المناره

أبا عمار يا نور الضحايا معاذ الله أن تنسى الإناره

عدوك ثعلب وله خداع يضيع على مجاهدنا انتصاره

وها هو ينصب الشرك المعمى ليلعب بانتفاضتنا قماره

رأى أطفالنا نحروا الشكاوى فخاف على اليهودي انتحاره

أبا عمار حولك ألف غدر وألف مخادع سلس العباره

وحولك ألف حاخام حقود لحاهم في الجريمة مستعاره

وأنت أخو المعارك والضحايا ولست أخا المناصب والوزاره

نشدت المجد في القمم العوالي ولم تنشده في طبل وطاره

وثورتك العظيمة تضحيات فحاذر أن تحولها تجاره

ولم تفتأ على الذروات حتى رفعت لشعبنا في النجم داره

رأت بيروت منك ثبات طود يزلزل كل يوم ألف غاره

فما وهنت عزائمك المواضي ولا خفت العدو ولا حصاره

وأحببناك من ثوار حق ولم نحببك من خطباء حاره

أبا عمار شعبك ليس يرضى سوى الإيمان يرفعه شعاره

وعلمانية التعساء لغو رخيص لا يساوي ربع باره

فما صعق العدا إلا لأنا نحتنا من عقيدتنا الحجاره

ولولا جذوة الإيمان فيها والإستشهاد ماخاضت غماره

أبعد الموت في لهب الشظايا نعود للإنتهاز وللشطاره ؟

أبا عمار أنت غرست غرسا من الشهداء لم نقطف ثماره

وماضيكم تتيه به المواضي وحاضركم تشيد به الحضاره

أخاف عليك يابن أخي وعودا لها ينع وليس لها عصاره

شعار البندقية ليس ينسى وحر القوم لا يلقي شعاره

جنودك بإنتفاضتهم أفادوا بأن النصر للإيمان شاره

وإخوتهم حماس شاركوهم وسام الخالدين وعن جداره

وما طلبوا بتضحية عروضا وقد باعوا الحلاوة بالمراره

فحاذر من مؤامرة الأعادي على أهل البطولة والطهاره

عدو الله خطط أن يرانا يقتل بعضنا بعضا جهاره

له في محكم القرآن وصف يرابي تارة ويقود تاره

- ومن قصيدته (صرخة الأقصى) يقول:

صـوت من المسجد الأقصى يناديني إلى فـدائـية الإيمان يدعوني

يصـيـح والصـخـرة الغراء خاوية أيـن البطولات في الغر الميامين

أَبعْد أن زفني عـمرو إلى عـمر في هـالة المجد والقرآن والدين

يـعـربد الكفر مخموراً بمـئـذنـتــي ويستهـين بقــدسي كل ملعون؟

- ومن ديوانه الأول "جرح الأباء" قصيدة بعنوان "قذائف الكلام" يقول فيها:

يا بني العرب يا حماة البيد أين عشق العلا وعزم الأسود

إن ألفي قذيفة من كلامٍ لا تساوي قذيفة من حديد

لا ترد الحقوق في مجلس الأمن ولكن في مكتب التجنيد

الشكاوى إلى المجالس لغوٌٌ وأزيز الرصاص بيت القصيد

- ومن نشيد: "هداة صرخة" يقول شيخنا الجليل:

حطّمت قيثارتـي قطّعـت أوتـاري

ولّى الغِنـاءُ ودقّـت ساعةُ الثـار

ماذا أُغنّي وتاريـخ العروبـة فـي

مستنقـع الذُّلِّ والتشريـد والعـار

والقدس والمسجد الأقصى وصخرته

عـاد الأذانُ بهـا تهريـجَ كفّـار

كأن قبـر صلاح الدين من غضـب

يكاد يقـذف وجه العـرب بالنـار

يصيـح يا عربٌ يا أهل العقيدة يـا

نسـل الصحابة من صِيدٍ وأطْهـار

بالأمس دوَّخْتِ أوروبا بما حشـدت

واليـوم تهزمكـم شـذاذ أشـرار

لـمـا حَملـت لـواء الله أيـدنـي

وعـاد (ريكارد) قلبُ الليث كالفـار

ورفرفت رايـةُ الإسـلام تحرسنـا

كأنّمـا خَفْقُهـا أنفـاسُ إعصـار

الله أكبـرُ فـي حطّـينَ صرختنـا

أمـا الشِّعار فدين الخالق البـاري

- ومن قصيدته (شباب وخنافس) يقول:

أفدي الشباب الطامحين إلى العُلا متسلحين بُطولة وصمودا

دَمِيَتْ على شوك العُلا أقدامهم فَجَنى بها الوطن الحبيب ورودا

لهفي على ابن الأكرمين مُخنفسا رخصاً يُسابق في الدَّلال الغِيدا

مُستَعبَد التفكير خلف عدوّه كالقرد يقضي عمره تقليدا

بسوالفٍ وسلاسل وأظافر يعصي الإله لكي يُطيع يهودا

الشَّعر مُنسدل على أكتافه يتسلّح الأمشاط لا البارودا

والضَّيِّق الشفاف صوّر شكله أنثى وصيّر عقله محودا

فالكعب عالٍ والقميص مُزخرف وغداً ترى خالاً له ونهودا !!

إن كان يُكره للفتاة تبرّج أنكون نحن المائسين قُدودا ؟

- ومن قصائده الجميلة "لا يأس" يقول:

لا يأس مهما غرقنا في ماسينا وأمعن الكفر ذبحا في ذرارينا

لا يأس فاليأس كفر في عقيدتنا وما ارتضينا سوى اسلامنا دينا

لا يأس مهما سبحنا في مذابحنا ولو جرى بدم الثوار وادينا

نبينا في ظلام الحزن أسوتنا وربنا في دجى الالام هادينا

لا يأس حتى لو ان الغرب كلهم مع العدا أغمدوا أسيافهم فينا

هل تحسبون أسود الغاب ان حبست تنسى عرين المعالي في فلسطينا

نظل أسدا ولو قصت مخالبنا مهما تمادت كلاب المسخ تعوينا

ولا فقدنا على التشريد عزتنا وهل نهون و دين الله يعلينا

من اليهود؟! يمين الله لو تركوا لشعبنا لمسخناهم بأيدينا

في كل يوم لنا قصف و مذبحة وهجرة عن حمى الأوطان تقصينا

لو المصائب آلاف نهضت لها لكن مصائبنا أمست ملايينا

يا أهلنا لن تروا إلا أخوتنا فالله من عرشه العالي يؤاخينا

ياليت شعري غداة الموت يحصدنا أما سمعتم صراخا من مغانينا

- ومن قصائده الجميلة "رسالة إلى ليلى" يقول:

بعد التحيـة وأزكـى السـلام أخبارنا ليست على مـا يـرام

الربع يـا ليلـى عفـاه البلـى والروض في وطني جفاه الغمام

والبلقع المهجـور مستوحـش مـا أثمـر مـن ستيـن عـام

والحـب يـا ليلـى وأحلامنـا جفت على قبر الشهيـد الهمـام

والمسجد المحزون فـي قدسنـا فيه الندامـي يشربـون المـدام

لم يبـق مـن آثارنـا حولـه إلا بقايـا مـن دمـاء الإمـام

أبعد هـذا يـا منـى مهجتـي أطرق أحلام الهـوى أو أنـام

لا عشت يا ليلى إذا لـم أثـر كما يثور الليـث إذ يستضـام

شعبك يـا ليلـى وإن شـردوا قوافل مـن كـل شهـم همـام

ما استكانوا يوما وما استرهبوا بـرهـيــب الـحـمــام

تجـارة الأرواح فـي سوقهـم وغيرهم قد تاجـروا بالكـلام

فإيـاك يـا قـدس أن تيأسـي فالحق أقوى من جيوش الظلام

- ومن قصيدة "إلى فتاة العصر" نذكر هنا:

ماذا يضرك لو سترت جمالا وحجبت عنا رقة ودلالا

يا من تعرت للرجال غواية ليس الجمال مع الحياء محالا

هذا جمالك عرشه ومكانه في بيت زوجك لو أردت حلالا

قلدت قوما خالفوك بدينهم ولبست من أزيائهم أشكالا

إن الجمال من الإله كرامة للسالكات طهارة وكمالا

رفقا بحالك يا فتاة زماننا صوني جمالك وأكسري الأغلالا

وتحرري من واقع متهتك كوني فتاة تصنع الأجيالا

وثقي بنفسك أنت سر حضارة عظمت وأعطت للورى أبطالا

وتعلمي صنع الرجال فاننا في حال حرب نستزيد رجالا

ولقد فخرنا في القديم بمثلها أسماء ليلا تقطع الأميالا

تفدي الرسول وصحبه بحيائها وهي الفقيرة تلبس الأسمالا

لكنها عظمت بيقظة قلبها وهي التي ضربت لنا الامثالا

لو كان في كشف الجمال تقدم ماكان حرمه الإله وقالا

غضوا من الأبصار والتمسوا التقى وتأدبوا برسولكم والآلا

ليس الجمال بنوع ثوب يرتدى فالثوب لا يعطي النفوس جمالا

لكنما هو في فؤاد طاهر عرف الحياة فضيلة وكمالا

- ومن قصائده الساخرة "قصيدة البنات":

يقولون أحمد ما حيره

ومابال أيامه مدبرة

عرفناه كالعندليب الطروب

فما لقريحته مقفرة

ولو كشفوا ماتكن الضلوع

لألفوا بداخلها مجمرة

سأكشف للناس عن بلوتي

ليلتمسوا واسع المعذرة

رفضت جبالية عن قلى

نعم قتل المرء ما أكفره

ولو كنت أدري بهذا البلاء

رضيت ينقلي إلى بربرة

خدعت بما قيل في الآنسات

وقلت النساء شفا عنترة

وقل بشير ستحظى هناك

حياتك في روضة مزهرة

وتلقي على مسمع المسلمات

خلاصة أفكارك النيرة

فتسمن من بعد هذا النحول

ويصبح جسمك كالقنطرة

ظننت الإناث رقاق المزاج

وإذ هن أعنف من عنترة

وقلت أكون كراعي الظبا

وإذ بي كمن ثوّر المدبرة

وقلت سأسمع سجع الحمام

وإذ هن يزأرن كالقسورة

وأشعر عند دخول الفصول

كأني أحاصر مستعمرة

فهذي تلوث فستانها

وهاتيك قد كبت المحبرة

وتلك تزيل الدموع السجام

وتصرخ قد ضاعت المسطرة

أعلمهن أصول الصلاة

ومايكفل العيشة المثمرة

فيسألنني عن طبخ الكرنب

ونقع المخلل بالكزبرة

وفي الفصل خمسون عفريتة

طوالا يعشن على المسخرة

فإن صحت يامسلمات استحين

أجبنك بالضحك والثرثرة

وطورا تسل سلاح الدموع

فينقلب الفصل كالمقبرة

ويحك إن صباح البنات

كأكل الفسيخ بخبز الذرة

وتعتقد امرأتي أنني

سأعلق في خلقة مقمرة

ووالدتي من بقايا العصور

تموت من المرأة المسفرة

توبخني كلما سبحت

على هذه العيشة المنكرة

تقول أتدخل صف البنات

وعينك فاغرة مبصرة

فقلت لها يارعاك الإله

ونوّلك المنح الخيرة

أيعصب واحدنا ناظريه

فيصبح كالبغل في المعصرة

يمينا إذا طال هذا

المقام لأرتحلن إلى أنقرة

وأهرب ركضا إلى الدردنيل

وألقي بنفسي في مرمرة

رويدك فالحال دوما يحول

ولابد للعسر من ميسرة

إذا شئت موتك قبل الأوان

فسلم مقاليدها للمرة

- ومن قصائده المهداة للفالوجة "إلى بلدتنا' حيث يقول فيها:

أتذكرني أتذكر أحمدا

أنا مانسيتك رغم ما فعل العِدا

في كل شبرٍ من ثراك تشدّني

ذكرى شبابي عاطرًا ومورَّدا

فالوجتي الزهراء يا حلمَ المنى

روحي فداكِ وأنت أغلى مفتدى

منذ افترقنا يا حبيبةُ لم أزل

عبدًا وكنت على ترابك سيّدا

واللهِ منذ فراقنا ما لذَّ لي

عيشٌ ولا برح الفؤاد مشرَّدا

والعمرُ بعدك يا حبيبةُ قد غدا

سجنًا من الموت البطيء مؤبَّدا

يا ليت شعري هل أقبِّل أرضَنا

وأرى جماعتَنا تؤمّ المسجدا

وأرى شيوخي يُتحفون حياتنا

علمًا يشعّ عبادة وتهجُّدا

ويضمّنا سحرُ الأصيل بنزهةٍ

في المرج أو في الشعب أو وادي الندى

وأرى حكورتنا وبرشوميَّها

والإخوةَ الأحباب قد شحذوا الـمُدى

والنارُ تُوقَد والفريكة تُشتَوى

وروائع المقثاة يُرضعها الندى

وضيوفنا قد نوَّروا جلساتِنا

وشباب حارتنا يُعدِّون الغدا

والسامر المعمور يُعلن عرسَنا

والشاي يهدر في القدور معربدا

والخير قد ملأ الجرون مبشِّرا

أن العرائس مهرُهنَّ استحصدا

يا عذبةَ الأنفاس يا حلمَ الهوى

ضاعت حياتي بعد فرقتنا سُدى

لو كنتُ أعلم أننا لن نلتقي

لثويت فيكِ ولو تجرَّعتُ الردى

من ذكرياتك كلّ شيءٍ خالدٌ

ما فيك ما يُنسى ولو طال المدى

الجسرُ يا لَلجسر يا لروائه

أيامَ كان السيل موجًا مزبدا

والبئر يا للبئر يا لجماله

إذ كان يومًا للعذارى موردا

قد كان لي رشأٌ أغنّ إذا غدا

للبئر يملأ لم أزل متصيِّدا

حياته الأسرية:

   ترك الشيخ من وراءه أولادآ متميزين ومقتدين بهدي أبيهم وخلقه وهم: الدكتور محمد، والمهندس سعد، والأساتذة عبدالله، والمرحوم خالد، وحسن، وأيمن، وبشير ، وحاتم، والدكتور زهير.

  إنتقل الشيخ الجليل إلى رحمته تعالى عز وجل وإلى جواره الكريم; في موضع طاهر وفي بيت من بيوت الله, وفي خير ميقات وموعد حيث كان الشيخ يؤم الناس في صلاة العشاء, يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال لعام ١٤١٧ للهجرة; الموافق 19/2/1997م بعد حياة أفناها بالعطاء والدعوة والإبداع، فرحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيج جناته.

أهم المصادر والمراجع:

١_ أحمد الجدع، معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين، دار الضياء، عمان ـ 1999م.

٢_ أحمد الجدع وحسني جرار، شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، مؤسسة الرسالة، بيروت ـ 1976م.

٣_ معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، الكويت، النسخة الالكترونية: [www.almoajam.org].

٤_ أحمد فرح عقيلان (1924م- 1997م) وقصيدته فلسطين.

٥_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1061