دكتور محمد عمارة

بين التحدي والتصدي

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

منهج البحث في التاريخ بخاصة يجب أن يكون منهجًا أخلاقيًا قبل كل شيء ؛ معتمدًا على الصدق في الرواية ، والصدق في التثبُّت ، والصدق في التفسير ، والصدق في التكييف ، مع توافر حسن النية في كل مرحلةٍ من المراحل .

ولا أغلو إذا قلت إن تراثنا الإسلامي قد أرسى قواعد هذا المنهج العلمي الأخلاقي في نفوس المسلمين وضمائرهم , ويشدّني ما جاء في الأثر من أنَّ رجلاً أتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد أمسك بتلابيب رجل آخر، وهو يقول في غضب شديد وثورة عارمة "يا رسول الله إن هذا الرجل سرق مني كذا وكذا " فرد عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائلاً " لا تَقُلْ سَرَقَ، وَلَكِنْ قُلْ أَخَذَ" ، نعم لا تقل سرق ، ولكن قل أخذ ، إنها كلمات مشرقة عجيبة تكثّف في بساطة ووضوح المنهج الأخلاقي في كل مناحي الحياة ، فمن معطيات هذه الكلمات العلوية قاعدة قانونية إنسانية ، خلاصتها : ضرورة التثبت قبل الإدانة ، فالمتَّهم برئ حتى تثبت إدانته ، والأصل هو البراءة ، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.

 والعطاء الذي تمنحه هذه الكلمات يمتد حتى تصبح " منهجًا علميًا " , من أهم ملامحه : التأنّي والتعمق ، والتمحيص ، والترفع على مستوى الشبهات , والبُعدعن كل ما لا يطمئن إليه القلب والعقل والضمير.

 واستقاءً من هذا المنهج العذب حرص أسلافنا ـ في كتابة التاريخ ، وتدوين الحديث النبوي ـ على " السند " أو " الإسناد " ، أي " العنعنة" حدثنا فلان عن فلان عن فلان ، وظهرت كتب " الجرح والتعديل " ، وهي الكتب التي تبحث في أحوال الرواة والمحدثين وأخبارهم ، وتضع معايير الأخذ منهم أو رفض ما قدموا ، فتُجيز مَن يُطمأَن إلى دينه وأخلاقه وحفظه ، وترفض من يشك في يقينه وعقيدته ، أو مروءته ، أو سلوكه ، أو حافظته.

 وقد تأخذ الحيطة والأناة والحذر والتثبت العلمي عند بعض السلف صورةً تدعو إلى الدهشة والإعجاب ، وفي هذا المقام يُروَى أن " أحمد بن حنبل"ـ رضي الله عنه ـ تجشَّم مشاق السفر إلى اليمن لأسابيع أو أشهر ليتحقق من صحة حديث نبوي ، فلما عثر على العالِم المحدث المطلوب رآه يضم إليه أطراف ثوبه ، ويدعو بغلته النافرة إلى طعام في حِجره ، وحِجره فارغ ، فتراجَع " أحمد بن حنبل " ، ورفض أن يسأله عن الحديث الذي جاء من أجله ؛ لأنه كذِب على بغلته بإيهامها أن في حِجره طعامًا ؛ مما يشكك في مصداقيته ومروءته.

 تلك هي الوجهة الأخلاقية التي يجب أن يتسم بها منهج البحث في كل العلوم ، وخصوصًا التاريخ ، حتى لا نكون أدعياءَ وعالةً على تراثنا وتاريخنا البعيد والقريب، وحتى لا تتكرر في حياتنا قصةُ " الفيل والعميان " ، وتصبح منهجًا له قواعده وكتبه ورجاله وحواريوه .

 ولنذكر ــ باعتزاز ــ أن القرآن الكريم دعا البشر إلى النظر , والتأمل , والتبصر , والاعتبار . وجعل قيمة الحواس والمشاعر بقدرتحقيقها هذه القيم ".. إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " الإسراء 36 .

**********

والتحدي من الحد بمعنى الحسم والمنع .

والتصدي من الصد بمعنى الدفع ، فالتصدي يقصد به الدفع والدفاع ،

 وهما يجتمعان في " الانتصار " للإسلام في مواجهة أعدائه ، ومن يريد به وبقيمه وبقومه شرا .

وحتى يصل الباحث إلى نتائج صحيحة شكلا وموضوعا ، ويقيم الشخصيات والمعطيات التاريخية والاجتماعية تقييمها الصحيح يجب أن يلزم نفسه بالقواعد الآتية :

1-        التجرد من الهوى والإسراف والشطط .

2-        شمولية البحث ، فلا يكتفي بالقراءات الجزئية ، والنظر إلى المادة المبحوثة من زاوية واحدة .

3-   التواضع في استعمال ما يقدمه من أحكام ، فلا يحمِّـل ألفاظا أكثر مما تحتمل ، ويلتزم بالآداء الذي يدل على الأدب والتواضع ، فلا يقول إن الإسلام يقول كذا ، بل يقول : " وأنا أرى " أن الإسلام يقول كذا .

4-    الرجوع إلى الحق إذا ما تبين أنه قد جانب الصواب ، فيعلنه على القراء ، فالرجوع إلى الحق خير من التمسك بالباطل .

 **********

وقد جاء في تعريف محمد عمارة بنفسه في موقعه الألكتروني ما نقطتف منه السطور الآتية :

 إنتاجه العلمى غزير ... منه أنه حقق لأبرز أعلام اليقظة الفكرية الإسلامية الحديثة مثل: جمال الدين الأفغاني ،ومحمد عبده ، وعبد الرحمن الكواكبي . وألف كتبا ودراسات عن أعلام التجديد الإسلامي مثل : الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا،والشيخ محمد الغزالي ،ورشيد رضا ،وخير الدين التونسي ،وأبو الأعلى المودودي، وسيد قطب ،وحسن البنا. ومن أعلام الصحابة مثل: علي بن أبي طالب. كما كتب عن تيارات الفكر الإسلامي القديمة والحديثة وعن أعلام التراث من مثل غيلان الدمشقي، والامام الحسن البصري.

ومن أواخر مؤلفاته في الفكر الحديث: الخطاب الديني بين التجديد الإسلامي والتبديل الأمريكي، والغرب والإسلام أين الخطأ ..وأين الصواب؟ ،ومقالات الغلو الديني واللاديني، والشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية ،وكتاب مستقبلنا بين التجديد الإسلامي والحداثة الغربية ، وأزمة الفكر الإسلامي الحديث، والإبداع الفكري والخصوصية الحضارية، وغيرها كثير. وقد ساهم في العديد من الدوريات الفكرية المتخصصة، وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية .

ونال عضوية عدد من المؤسسات الفكرية والبحثية منها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمعهد العالي للفكر الإسلامي. وقد اتسمت كتابات الدكتور عمارة وأبحاثه بوجهات نظر تجديدية وإحيائية،والمساهمة في المشكلات الفكرية ،ومحاولة تقديم مشروع حضاري نهضوي للأمة العربية والإسلامية في المرحلة التي تعيش فيها.

 وأهم ما يميز فكر الدكتور هو إيمانه ودفاعه عن وحدة الأمة الاسلامية, وتدعيم شرعيتها في مواجهة نفي البعض لها،حتى نعَت العلمانيون دكتور عمارة بأنه المنظًر للحركة الإسلامية، ويقول هو ــ في تواضع جم ــ : ( ذلك شرف لا أدًعيه ) .

وينتمي المفكر إلى المدرسة الوسطية ويدعو إليها، فيقول عنها إنها( الوسطية الجامعة )التي تجمع بين عناصر الحق والعدل من الأقطاب المتقابلة فتكوّن موقفا جديدا مغايرا للقطبين المختلفين ولكن المغايرة ليست تامة ، فالعقلانية الإسلامية تجمع بين العقل والنقل، والإيمان الإسلامي يجمع بين الإيمان بعالم الغيب والإيمان بعالم الشهادة ، والوسطية الإسلامية تعني ضرورة وضوح الرؤية باعتبار ذلك خصيصة مهمة من خصائص الأمة الإسلامية والفكر الإسلامي ،بل هي منظار للرؤية وبدونه لا يمكن أن نبصر حقيقة الإسلام،وكأنها العدسة اللامعة للنظام الإسلامي والفكرية الإسلامية. والفقه الإسلامي وتطبيقاته فقه وسطي يجمع بين الشرعية الثابتة والواقع المتغير ، أو يجمع بين فقه الأحكام وبين فقه الواقع ،ومن هنا فإن الله جعل وسطيتنا جعْلا إلهيا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) سورة البقرة آية 143.

 **********

والدكتور محمد عمارة ــ كما ألمعنا من قبل ــ قامة شامخة في رحاب البحث الفلسفي والإسلامي والسياسي ، فله إنتاج غزير جدا ، وكل إنتاجه له مكانة عظيمة ، ومكان مرموق في الفكر المعاصر .

واشتهر بحرصه على الدفاع عن الإسلام والقيم والمعطيات الإسلامية .

ومن الرواد في هذا المجال أستاذنا الدكتور ضياء الدين الريس في كتابه "النظريات السياسية الإسلامية " الذى فضح فيه الشيخ على عبد الرازق ، ونسف فيه مقولاته .

 وواصل الدكتور محمد عمارة تأكيد ما كتبه الدكتور الريس فنقد كتاب على عبد الرازق " الإسلام وأصول الحكم " بكتاب له صدر سنة 1985 م باسم "معركة الإسلام وأصول الحكم " ، وألحقه بكتاب آخر سنة 1995 م باسم "الإسلام بين التنوير والتزوير " في فصل طويل كامل ( من صــ 38 إلى صـ 96 ) تحت عنوان " علمنة الإسلام والعمران " فضح كتاب على عبد الرازق بمعلومات وبيانات جديدة موثقة خرج منها بترجيح تأليف طه حسين لكتاب على عبد الرازق ، أو قسمه الثاني بأبوابه الثلاثة على الأقل .

 **********

وظل الدكتور محمد عماره شامخا بإيمانه وقلمه ... حصنا حصينا يقدم منه الحقائق الإيمانية ، ويدافع عن الإسلام والقيم الإسلامية ، في مواجهة الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام ، ودعاة التغريب . وهو في أدائه يتسم بما يأتي :

1-        القدرة على الإقناع ، ناهلا من ثقافته الموسوعية الرحيبة .

2-        بساطة العرض ، بحيث لا يستعصي فهمه على القارئ العادي .

3-   الجمع بين قدرتين متوازيتين : قدرة الأداء المكتوب ، وقدرة الأداء المنطوق . فهوإذا كان كاتبا مشهودا له ، نراه كذلك محاضرا ومحدثا لا ينكره إلا كل ذي هوى ، وذلك بآليات قد لا تخطر على بال المستمع ، وأذكر بهذه المناسبة أن غريمه في النقاش ــ بإحدى القنوات التلفازية ــ قال : ولكنكم سلفيون ،ترجعون إلى الماضي دائما ، فأين الحضارة التي تدعون إليها ؟ فردعليه الدكتورة عمارة ببديهة سريعة : ومن منا غير سلفي ؟ ... كلنا ــ يا سيدي ــ سلفيون ، نرجع إلى الماضي ... فأنت سلفي مرجعيتك " كارل ماركس " و"لينين"، وأنا سلفي مرجعيتي هي " الكتاب والسنة والتراث الإسلامي والعربي العتيد" . فبهت الذي اعترض ، ولم ينطق بحرف واحد ، وبهذه البساطه استطاع محمد عماره ببلاغته التلقائية أن يفحم خصمه .

4-   وهو يبسط فكره ، متحديا ، متصديا ، وهذه الثلاثية " البسط والتحدي والتصدي " تكاد تتوحد في آلية فذة تتسع للتقديم والتأخير : فقد يبدأ ببسط فكره خلوصا للتحدي والتصدي . وقد يتحدى موظفا في تحديه آلية البسط الفكري ، وقد يتصدى موظفا هذه الألية نفسها. فالتقديم والتأخير عند عمارة يخضع لتكنيك معين ، تبعا للموقف والظروف .

**********

 وقد أبان الدكتور عمارة في المجلد الأول من سفره الضخم عن الإمام محمد عبده ... عن طبيعة جهوده التي رصد نفسه لها ، وهي ما ذكرناه في العنوان (التحدي والتصدي ) ، فيقول في مطلع الجزء الأول : حركتنا الفكرية ومِن خلفها أمتنا العربية الإسلامية قد تجاذبها واجتهد في استقطابها منذ مطلع الغزوة الاستعمارية الحديثة تياران رئيسيان :

أــ تيار التغريب الذي أراد به الاستعمار ، ومن انبهروا بالحضارة الغربية ،

 القضاء على التواصل الحضاري للأمة ، وفك الارتباط بين حاضرها

 ومستقبلها وبين القسمات الحضارية العربية الإسلامية التي ميزت

 حضارتها عبر التاريخ ، ومن ثم تحويلها إلى تابع وهامش لحضارة

 الغرب ...

ب ــ أما التيار الثاني الذي جاهد باستقطاب الأمة فهو : تيار الجمود ....

 الذي أثقلت كواهل مقوماته وتصوراته بالركاكة والخرافة والنصوص

 الجامدة .

ومن ثم يسلك الدكتور عمارة درب الوسطية الجامعة العادلة .

 **********

ومثل هذا الجهد كان يجب أن يكون محل تقدير فائق عند الباحثين عن الحق والحقيقة . ولكنا ــ للأسف الأسيف ــ نقرأ مجلدا ضخما ــ يزيد على 700 صفحة وكله في تجريح محمد عمارة فكرا وعقيدة إلى درجة التكفير . والكتاب ــ ظهر في طبعة فاخرة ــ بإحدى البلاد العربية ، كتبه سليمان بن صالح الخراشي ، وخلع فيه على الدكتور عمارة صفات : التحريف ، والكذب ، واللبس ، والتناقض ، وشبَّهه بالجهمية وهي طائفة مارقة من الإسلام .

 يقول الخراشي في كتابه الذي سماه (محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة ) :

" ... وكما سمى ابن القيم أحد كتبه ( اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية ) فلك أخي القارئ أن تسمي هذا الكتاب ( اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو محمد عمارة ) . وإني أعتذر لبعض القراء الذين قد يضايقهم شيء من العبارات القاسية التي قد تواجههم أثناء مسيرهم في هذه الرسالة ... فليعذرني هؤلاء ...

لماذا ؟ ... لأن الدكتور عمارة ــ هداه الله ــ قد ( حرّف ) و ( كذب ) و ( لبّس) و( هاجم ) و ( استهزأ ) و ( تناقض ) ... وأخيرا دعا إلى بدعته .

ومن العبارات التي ختم بها كتابه ، أن دفع شر معارضيه أعظم من دفع شر قاطع الطريق ...

ويقول الخراشي : فليعذرني الدكتور ــ بعد هذا ــ إذا كنت قد عنفت عليه في الرد ووصفته ببعض الصفات غير المرضية ، فهو الذي جرأني على نفسه بسبب تحريفه واجتهاده في بدعه ، فلو ترك ذلك كله ولزم طريق السنة والهدى لما رأى هذا الكتاب النور ...... فليفعلها الدكتور وليتق الله ربه ، وليشارك مع إخوانه (أهل السنة) جهادهم ضد أعــداء الإســلام ( الحقيقيين ) ، فالحب والبغض بيننا وبينه ليس لأجل شيء من هذه الدنيا ، إنما هو لأجل الدين ، وما غرضي من هذا الرد سوى ( التصفية ) للساحة الإسلامية أولا والنصح لك ثانيا ، وأما إن ارتضى الدكتور الأخرى فسنوليه ما تولى ولكنه سيخسر الكثير .

 **********

وكتاب الخراشي هذا يعد سُبة في وجه الحق والحقيقة :

1-        فهو يتحدث عن السنة ومعطيات السلف الصالح كأنه المالك الوحيد لهذه العقائد والقيم .

2-        وهو يجرِّح ويحقر إلى درجة تكفير من لا يُسلم بما ذهب إليه .

3-        وهو يلوي أعناق النصوص ويحملها أكثر مما تحتمل ، بل غير ما تحتمل

ولم يهتم الدكتور عمارة بالكتاب وبما حمل ، ولم يرد على سطر من سطوره . لأنه يعلم أن مصير مثل هذا الغثاء إلى فناء وانتهاء ، وأعتقد أن الدكتور عمارة لم يلق نظرة على هذا الكتاب لتفاهته ، وما حمل من زيوف وأكاذيب إيمانا منه بقول الشاعر :

ما يضيرُ البحر أمسى زاخراً = أن رمى فيه غـلام بحجـرْ

 

 وأستطيع أن أقول إن الكتاب ــ الذي طبع طباعة فاخرة ــ قد ولد ميتا . وما أصدق قوله تعالى "... فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ "

 الرعد (17) .

**********

 وعودا على بدء نقول : لقد صدق عمارة فيما صور به ملامحه الفكرية ومنهجه وأهدافه . ولم نسرف نحن في حديثنا عنه "عارضا "، و " متحديا" ، و"متصديا" " .

ومن أهم الكتب التى أصدرها كتاب " هل الإسلام هو الحل ". وهذا الكتاب يكثف منهجه ، ويعرض آلياته وأهدافه ، ونجتزئ من هذا الكتاب العظيم بالسطور الآتية التى جاءت في صدر الكتاب :

 

 

ووقف الدكتور عمارة متحديا الحضارة الغربية مدافعا عن الحضارة الإسلامية بحرارة ، فنراه فيما كتبه بعنوان " الغرب والإسلام افتراءات لها تاريخ " يتحدث عن اتهامات سقطت ، وأوهام تبددت مثل :

1-       الخيال والصليب الغربي الذي صنع صورا مريضة لشحن عقول الدهماء حتى ينخرطوا في الحرب ضد الإسلام والمسلمين .

2-                    الزعم بارتباط الإسلام بالعنف وانتشاره بالسيف .

3-       كل حروب الرسول صلى الله عليه وسلم ضد المشركين كانت دفاعية ، ولم تخلف سوى 386 ضحية فقط بينهم 203 قتلى مشركين ، و 183 شهيدا مسلما .

4-                    شهادة عدول رجال الدين الأجانب بعظمة الإسلام وإنسانيته :

 أ ) فالأسقف"يوحنا النقيوسي" يقول : المسلمون أنقذوا المسيحية الشرقية وحرروا بطاركها وكنائسها وأديرتها وحافظوا عليها .

ب) والبطريرك السرياني " ميخائيل الكبير " يقول : أبناء إسماعيل أنقذونا من أيدي الرومان وتركونا نمارس عقائدنا بحرية وسلام .

ج ) و"سيرتوماس أرنولد " يقول : غير المسلمين نعموا جميعا في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح لا تجد لها معادلا .

د ) : "إن الإسلام في جوهره دين عقلي ، بأوسع معاني هذه الكلمة من الوجهتين الاستقاقيى والتاريخية وإن تعريف الإسلوب العقلي Rationalismm بأنه طريقة تُقيَّم العقائد الدينية على أسس من المبادئ المستمدة من العقل والمنطق ، ينطبق على الإسلام تمام الانطباق .

 إن لدين محمد كل العلامات التي تدل على أنه مجموعة من العقائد قامت على أساس المنطق والعقل ... إن الإيمان بالله والآخرة ــ في الإسلام ــ يستقران في نفس المتدين على أساس ثابت من العقل والمنطق ، ويلخصان كل تعاليم العقيدة التي جاء بها القرآن ، وإن بساطة هذه التعاليم ووضوحها لها على وجه التحقيق من أظهر القوى الفعالة في الدين ، وفي نشاط الدعوة إلى الإسلام .

 لقد حفظ القرآن باعتباره النقطة الأساسية التي منها تعاليم هذه العقيدة ، وقد ظهر القرآن دائما بمبدأ الوحدانية في عظمة وجلال وصفاء لا يعتريه تحول ... ومن العسير أن نجد في غير الإسلام ما يفوق تلك المزايا ، وفي هذا تكمن الأسباب الكثيرة التي تفسر لنا نجاح الدعاة المسلمين . وإن عقيدة محددة كل التحديد ، خالية كل الخلو من جميع التعقيدات الفلسفية ، ثم هي تبعا لذلك في متناول الشخص العادي ، من المتوقع أن تمتلك ــ وإنها لتمتلك فعلا ــ قوة عجيبة لاكتساب طريقها إلى ضمائر الناس .

هـ ) وكانتي ليون ( 1869ــ 1921 ) المستشرق الإيطالي الخبير في الإسلام والدرسات الإسلامية والتاريخ الإسلامي يقول : إن انتشار الإسلام بين نصارى الكنائس الشرقية إنما كان نتيجة شعور باستياء من السفسطة المذهبية التي جلبتها الروح الصليبية إلى اللاهوت المسيحي .

**********

وقد استطاع الدكتور عمارة ــ بنجاح فائق ــ أن يستثمر هذه الشهادات التي صرح بها هؤلاء المستشرقون وعلماء الغرب العدول في الانتصار للإسلامية ، وتحدي أعدائها .

وما ذكرناه آنفا قليل جدا من كثير جدا كتبه الدكتور عمارة بمنطق التحدي والتصدي . بارك الله فيه ، ونفع به .

 والله ولي التوفيق .