شريف حتاتة

طبيب وكاتب ومناضل مرهف الحس دفع جزءا من حياته سجينا للرأي

ثمنا لالتزامه السياسي

حسين علي محمد حسنين

كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر

[email protected]

* على الرغم أنه من أم إنجليزية وأب تربى وتعلم فى إنجلترا منذ طفولته ، وإنتمائه إلى عائلة أرستقراطية إلا أنه آمن بالإشتراكية ودافع عن العمال والفلاحين، وكان من نتيجة ذلك أن قضى أفضل سنين عمره بين جدران السجون..

* استفاد شريف من نوال السعداوي  فأخذ منها التشجيع على كتابة الأدب، وعن طريقها  عرف الحركة النسائية ومعنى قضايا المرأة وعاش معها تجربة غنية مستمرة حتى الآن.

* يرى شريف أن الكاتب عندما يكتب الرواية فإن أفكاره تأتي من خزين التجارب والأحاسيس والشخصيات التي قابلها والتجارب التي عاشها.

القاهرة: حسين حسنين:

*ولد شريف حتاتة في إنجلترا من أم إنجليزية وأب ينتمى إلى عائلة ذات أصول أرستقراطية. كان والده يدرس منذ طفولته فى إنجلترا مثل بقية أبناء الطبقة الأرستقراطية المصرية. وبعد أن أنهى والده الدراسة الثانوية بإنجلترا إلتحق بجامعة كامبردج ودرس الإقتصاد فيها. وأثناء دراسته بالجامعة تزوج من سيدة إنجليزية وأنجب منه شريف . وبعد الإنتهاء من الدراسة عاد الأب والأم والطفل إلى مصر.

*في طفولته كان يُعاني الوحدة ، فهو من حضارة مختلفة، لا بحكم المولد فقط ولكن بحكم التربية أيضاً، فأمه كانت إنكليزية، وهو يجيد الإنجليزية والفرنسية أيضا .. وهو ما جعل احتكاكه بالبيئة المصرية محدوداً. كانت عائلته شبه منعزلة بطبيعتها عن المجتمع المصري، فأخذ إحساسه بالانفصال عن ذلك المجتمع يتنامي. لكن كانت القراءة والموسيقى سبيله للإفلات من تلك العزلة . وعندما التحق بكلية الطب في جامعة الملك «فؤاد» واتته فرصة الإطلاع على الكتب السياسية التي كانت عاملاً مساعداً أضاء له الطريق الذي إختاره  بعد ذلك . وسريعاً ما تعمق يقينه بأهمية نشاطه السياسي والإيمان ببناء مجتمع جديد. فأصبح لحياته معنى واتجاه... وهكذا  أصبح  شريف جزءاً من قضية كبرى منحته الإحساس بأنه منتم الى مجتمع وبيئة وعالم. لكن الفكر السياسي أتى عليه بآثار سلبية ، فقد سجن شريف حتاتة سنوات طويلة بسبب آرائه السياسية وإنتمائه للتيار اليسارى المصرى (حدتو) ، وخرج من السجن ليكتب أفضل الأدب والقصص عن حياة السجن والسجناء برغم كونه أحد الأطباء المصريين المعروفين محليا ودوليا.

* عمل شريف رئيساً لفريق من الخبراء فى منظمة العمل الدولية (آسيا وأفريقيا)، وقضى خمس سنوات كأستاذ زائر بأمريكا فى جامعتي "ديوك"، و"واشنطتون" عندما إضطر إلى الهرب للولايات المتحدة خوفا على حياة  زوجته نوال السعداوى  التى كان يهددها المتطرفون السلفيون..

-- --------------

* شريف حتاتة ونوال السعداوى:

 يرى شريف أن نوال لا تستطيع أن تتعامل مع أي ضعف حتى لو كان ذلك الضعف إنسانيا، فهى تدافع  عن حقوقها إلى آخر المدى .. لأنها عنيدة وقوية . فى الوقت نفسه يؤكد شريف أنه يتعود علي رؤية هذا النمط فى عالمنا الشرقى . كان شريف يرى فى نفسه سى السيد .. لكن بمرور الوقت  تكيف مع طبيعة نوال وأدرك أن علاقته بها كانت ثرية .. ومع الوقت أصبحت صداقة وحب على مر السنين ومعا عاشا تجارب مشتركة.

----------

التحول إلى الأدب:

* من المعروف أن شريف حتاتة كتب أول رواية له وهو فى الثالثة والأربعين من عمره .. وفى هذا الصدد يقول: إن نوال السعداوي هي التي جعلتني أكتشف في نفسي قدرة كانت مدفونة في داخلى . ويضيف حتاتة: عندما تزوجنا في سنة 1964 وكنت بالطبع أعلم إنها كاتبة روائية، اقترحت عليها إن أنا أحكي لها حياتي كى تستفيد منها في كتابة الروايات، وإستغرقت جلساتنا فى هذا الخصوص نحو شهرين تقريبا ، ثم  كتبت رواية اسمها الغائب، وعندما قرأتها وجدتها جيدة جدا لكن لم يكن بها شيئا عنى .. ولما سألتها عن ذلك، قالت لى: أنا ما أقدرش أكتب اللي إنت عشته، أنت لازم تكتبه بنفسك . فقلت لها: لكنى لم أكتب عمل أدبى من قبل .. فقالت لى: الطريقة اللي بتحكي بها أعطتني إحساس أنك أنت ممكن تكتب عمل أدبى. وقد كان...

* يؤكد حتاتة أنه إستفاد من علاقته بنوال السعداوى، فيقول: أنا أخذت حاجات كتيرة  من علاقتي بنوال السعداوي، أخذت منها التشجيع على كتابة الأدب، وعرفت الحركة النسائية ومعنى قضايا المرأة.. وبصفة عامة عشت معها تجربة غنية جدا  ، وكان يوجد بيننا حوار مستمر، وكنا نستفيد من بعضنا البعض ،  لكن كنت أشعر بالغبن أحيانا لأنها أكثر شهرة منى..

--------------

تجربة السجن وأثرها على الأسرة وعلى نفسه:

*من المعروف أن شريف حتاتة قضى فى سجون مصر نحو 15 عاما، كان جزء منها قبل ثورة يوليو 1952 ، والآخر بعد الثورة . وقد  دفع شريف، ذلك  الكاتب والمناضل المرهف الإحساس، ثمناً لالتزامه السياسي وإيمانه بالإشتراكية وبالدفاع عن العمال والفقراء والمحرومين أثر سلبا على حياة والده ووالدته وكل من أحبه..

*أحب شريف والده ، وكثيرا ما يتحدث عنه بود كبير. ويؤكد شريف أن والده لم يتخلى عن أسرته أبدا على الرغم من غيابه عن المنزل بعض الوقت.. ويذكر شريف أن والده كان يزوره دائما فى كل سجن سياسى نزل فيه.. حتى أنه ساعد شريف على الهرب من أحد السجون.  أما والدة شريف فلم تزر شريف مطلقا وهو فى السجن لأنها لم تكن قادرة على رؤيته وهو يتعذب فى تلك السجون الفظيعة .. وكانت ترى فى شريف أنه أفضل أولادها وكانت تحبه كثيرا بإعتباره الإبن الأول فى أولادها .. لكن شريف يقول عنها أن حبها له لم يكن مباشرا وفجا كما هو الحال مع أغلب الأمهات المصرية ، بل كان دائما غير مباشر لكنه كان واضحا.. ويوضح شريف أن خالته روزى التى كانت تعيش معهم هى التى كانت تتولى شئونه وكانت شديدة الحب له ، ومع ذلك يرى شريف أنه تأثر كثيرا بوالدته التى كانت تملك ذلك الكبرياء والشموخ  والكرامة وعدم الإفصاح عما يدور داخلها من عواطف جياشة حتى لأقرب الناس إليها.. لكن شريف يعود ويقول .. ومع مرور السنين وبعد بلوغ منتصف الأربعينات من العمر بدأت فى التغير وأخذت أعبر عن نفسى وأكون أكثر دفئا مع الآخرين، وذلك على عكس ما كنت عليه من قبل..

-------------

إرتباطه الشديد بأسرته وإنعكاس ذلك على كتاباته:

* لوحظ ظهور صورة الأم والخالة فى الأعمال الأدبية لشريف حتاتة ومنها على سبيل المثال: في رواية نبض الأشياء الضائعة... فى هذا العمل يوجد توصيف للأم يتقارب كثيرا مع مذكرات شريف حتاتة الخاصة التى نشرها تحت عنوان النوافذ المفتوحة..

* أيضا في رواية نبض الأشياء الضائعة يقول شريف: لماذا لم تعبّر أمي عن حبها لي.. هذا شيء لم أستطع أن أفهمه، كأنها أقامت حول نفسها درعا تحميها من أخطار تهددها.. ويلاحظ أن هذه الأم هى نفس صورة الأم التي نجدها في المذكرات الخاصة بشريف حتاتة. أيضا الخالة فاطمة التي نجدها في الرواية هى قريبة الشبه جدا من  صورة الخالة روزي تلك الخالة البريطانية الجنسية التى كان شريف يعتمد عليها فى كل أموره تقريبا..

ويجيب شريف حتاتة على ذلك بقوله : الواحد وهو بيكتب الرواية ما يبقاش عارف الأفكار بتأتي إزاي ... هو زي ما يكون فى محزون من التجارب والأحاسيس والشخصيات التى قابلها ، وكذلك التجارب التي عاشها ، وعندما يبدأ فى كتابة الرواية تأتى إليه تلك التجارب والنماذج التى قابلها فى حياته وكأنها حالة من التداعى في الرواية.. ويضيف شريف: لكن فى الحقيقة أنا لم أتعمد ذلك .. هذا يحدث عادة معى وأعتقد أنه يحدث مع كل الروائيين ، ولكن بدرجات متفاوتة..

* كتب شريف عدد من الروايات نشر منها اثنتان باللغة الإنجليزية هما:  "الشبكة" ، و"العين ذات الجفن المعدني". من مؤلفاته أيضا سيرته الذاتية "النوافذ المفتوحة" ، ثم "قصة حب عصرية" ، و "عطر البرتقال الأخضر"، و"نبض الأشياء الضائعة". و"ابنة القومندان". وقد إتسم إسلوب شريف بالآتى : (1) إستخدام تقنية الفلاش باك بما يتيح له  انتقاء اللحظات النابضة بالحياة. وهو بذلك دوراً في شد إيقاع العمل والإسراع في وتيرة الأحداث.  

(2) يشدد على إستخدام الزمن الدائري وتواصل الأجيال. ويركز على أدق التفاصيل، ويرسم المنمنمات، ويقوم بتفتيت الأحداث والظواهر والأشياء، ويربط في آن واحد بين مختلف أجزاء الحياة فيجعلنا نقترب من الصورة الكلية ومعها نكتشف حقائق مهمة.

** ويلاحظ أن النوافذ المفتوحة هىّ السيرة الذاتية للروائي المصري والمناضل اليساري شريف حتاتة . وقد صدرت طبعة جديدة  لها فى أبريل 2006 وضمت الأجزاء الثلاثة من سيرته التي بلغت 1200 صفحة وسبق صدورها عن ثلاثة دور نشر مختلفة . وقد خرجت هذه الطبعة بعد في كتاب واحد بعد أن أجرى عليه بعض التعديلات والتغيرات والإختصارات فأصبحت تقع في 680 صفحة. وفي هذا العمل يحكي " شريف حتاته " عن حياته منذ أن ولد في " لندن " من أم إنجليزية وأب مصري كان ينتمي إلى أسرة إقطاعية , وتستمر أحداثها . والنوافذ المفتوحة هى  سيرة مكتوبة بعناية يتوغل فيها الكاتب داخل  نفسه ,  وفي علاقاته بالآخرين , في لحظات القوة ولحظات الضعف , مازجاً بين الخاص والعام , كاشفاً تفاصيل للحياة بأسلوب فيه رقة الفنان وقسوة المنقب عن حقيقة الأشياء .

* فى روايته «العين ذات الجفن المعدني» يجعلنا شريف حتاتة نعيش السجن وجحيمه. فالعمل بمثابة رحلة داخل نفس سجين سياسي مليئة بالمرارة ، ولا زال يتذكر كل دقائقها  بلحظات ضعفها وقوتها، بلحظات الجبن والإنتهازية، بكل إنكساراتها وانتصاراتها.. وعلى الرغم من كل تلك القتامة إلا أن تنتهي الرواية  بنجاح الفرار من السجن، وبذلك الصوت الحلو القوي الذي يغني في الظلام..

* في روايته الثانية «الشبكة» تطورت رؤية حتاتة للعالم  بشكل ملحوظ، إذ أصبح العالم هو نفسه سجناً كبيراً يُلاحق البطل ويظل يُحاصره عقب خروجه من السجن. وفي هذه الرواية يربط حتاتة بين السجن الذي نعيشه في الوطن والعالم الخارجي، بين الشخصي والعام، ويرسم صورة تنبض بالحياة لتنظيم الإضرابات العمالية في محافظات مختلفة من أجل وقف بيع المصانع والشركات إلى الإحتكارات الأجنبية. وكأنه في رواية «الشبكة» التى كتبت آخر السبعينات كان يستشرف صورة لعمليات بيع البلد إلى الأجانب وهو التنبؤ الذي تحقق بوضوح بعد ذلك بأعوام قليلة.

* وفى روايته «قصة حب عصرية» رغم ما بها من قتامة وألم إلا أنها تنتهى بقرار الزوجة الرافضة للفساد أن تعود إلى زوجها وبيتها، لتكتشف أنه اعتقل، فتقرر الخروج من بيتها لتبحث عنه في كل مكان...

* وبرغم سيطرة اللون الرمادى في روايته  «نبض الأشياء الضائعة»,, إلا أننا نجد الطبيب  يحلم بأن تكون لديه فتاة في قوة بطلة الرواية..

* وكذلك الحال فى رواية «عمق البحر» التى تنتهى أحداثها وأصابع الطفلة الرضيعة تلتف حول أصابع الشخصية الرئيسة كأنها لا تريد أن تتركها..

* وأخيرا صدرت رواية «الوباء»فى أبريل عام 2010. وبطل روايته شاب يعمل باحثاً زراعياً في القاهرة. قرر العودة إلى بلدته «كفر يوسف» على الحدود بين الوادي والصحراء مدفوعاً برغبة تُؤرقه للإهتداء إلى الأم التي ولدته.. تلك المرأة المجهولة التي لم يرها في حياته. هناك يجد نفسه سابحاً في عالم شبه واقعي، شبه أسطوري يزخر بالصراع بين قوى مختلفة، بين سكان القرية وجحافل مسلحة تحرق الزرع بأوبئة قاتلة... جحافل تملك أدوات العلم الحديث الغازية، في عالم الفلاحين الذين يعيشون حياة من صُنع الطبيعة والخرافات والعادات المتأصلة في تراثهم، من صنع الأحداث النابضة بسخونة الأرض، والحيوانات، والرغبات الجسدية المستترة، والظاهرة التي تتخللها آفاق الخيال الواسع في لحظات ومشاعر الحب الإنسانية الصافية، ليجد نفسه مُحاطاً بشخصيات غريبة، مأساوية، ساخرة، ضاحكة تُجسد كل تناقضات حياة تضرب بجذورها في تاريخ قديم.

-----------------

شريف والفلاحين:

* إن تجربة شريف وإيمانه بالفلاحين تدخل فى دائرة الجدل المثير: يؤكد شريف أن إيمانه بالدفاع عن حقوق الفلاحين كان قويا ، وقد كان من نتيجة ذلك دخوله السجن ليقضى به  نحو خمسة عشر عاما .. وهنا يقول : الحقيقة أنا باحس براحة شديدة وسط هؤلاء البسطاء، وأشعر بعاطفة حقيقية تجاههم... والآن وبعد أن فقدت كل أصدقائي لأنى كبير فى السن وتقريبا كل أصدقائى لقوا ربهم ، أجدنى أكثر حبا لهؤلاء الفلاحين على الرغم من أنى  مشترك في أنشطة إجتماعية وسياسية ... وصداقتي حميمة في البيت مع أولادى وزوجتى ، ومع ذلك عندما أذهب إلى القرية يجتاحنى ذلك الشعور الجميل الدافىء للغاية... فالقرية والأرض هي أول مكان عرفت فيه بلدي عن طريق جدتى عائشة التى كنت أرتاح معها كثيرا  ..... وهناك  أتذكر طفولتى فى تلك القرية وفى الأراضى التى نمتلكها ... فأنا أشعر دائما بحنين جارف إلى أرضنا وإلى القرية ... فكل شىء هناك  يذكرنى بطفولتى وبأسرتى وبعائلتى الكبيرة ...فأنا  أحب كثيرا الذهاب إلى هناك...

*هكذا عشق حتاتة الأرض .. نعم..  من أهل قريته إستمد شريف الحب وتعلق بحياة البسطاء ، ولأجلهم وأمثالهم دخل  حتاتة السجن وناضل وإستمر فى النضال من أجلهم.. ولهم كتب حتاتة رواياته وكانت أولاها بعد أن تخطى الثانية والأربعين من العمر تحمل  عنوان( العين ذات الجفن المعدني)  ..  ثم تعددت الروايات ومنها:  (عمق البحر) ،  و(في الأصل كانت الذاكرة) ،  و(نبض الأشياء الضائعة) ،  و(طريق الملح والحب) ،  و(عطر البرتقال الأخضر) ، و(تجربتي في الإبداع)، و(الشبكة) ، و(قصة حب عصرية) ، و(النوافذ المفتوحة).   وكلها روايات تجمع بين الحب والنضال وتجربة السجن وتصل إلى الهند في وصف تلك السنين التي عاشها شريف حتاتة  عندما كان يعمل في الأمم المتحدة .

------------

*الإتجاه إلى السياسة: هناك شخصيتان أثرتا سياسيا فى فكر شريف حتاتة خلال دراسته بكلية الطب ، هما زميل الدراسة عثمان جبر، وزميله بالسنة النهائية بالكلية أيضا عصام الدين جلال..

(1) تعرف شريف حتاتة على زميله عصام الدين جلال(أصبح بعد ذلك أستاذ الغدد الصماء بطب القصر العيني)  فى السنة النهائية بكلية طب القصر العيني فى هام 1945 . ويقول حتاتة فى هذا الخصوص:  في السنة النهائية بكلية طب القصر العينى ، جمعت بينى وعصام الدين جلال عادة الجلوس في الصف الأخير من المدرج بعيداً عن الزحام، فكنا أحياناً الوحيدين الجالسين في هذا الصف. أتذكره شاباً بدا أكبر من عمره ، يحملق في الفراغ... سارحاً في شيء بعيد كأنه مشغول البال، صامت ووقور، يتكئ علي عصاة عندما يهبط علي السلالم، ثم يخرج من المدرج ليمشي في حوش الطلية . بالتدريج أخذ يجري بيننا كلام .. فى الغالب حول الدراسة ، وبمرور الوقت  قامت بيننا علاقة قريبة من الصداقة.. لكنها ليست بالمعنى المعروف للصداقة . صرنا نذاكر سوياً استعداداً للامتحان ... ربما الذى جذب كل منا إلي الآخر هو الاختلاف الحضاري والثقافي القائم بيننا كأشخاص.... فأنا إبن الأم الإنجليزية وحفيد الجد الإقطاعي، وهو إبن الأسرة الفلاحية صاحبة الأطيان في "عزبة أبو جلال".... بالإضافة إلى أننى كنت معروفا فى الكلية كطالب مجتهد يحصل علي أعلي الدرجات، ومن المفيد أن يزاملني طالب تعود أن يسرح في أمور لا علاقة لها بالامتحانات... وهكذا توثقت بيننا العلاقات. ويضيف حتاتة: كان إنساناً مفكراً ومثقفاً لعب دوراً مهماً في مرحلة من مراحل حياتي فهو الذي ساعد علي إخراجي من القوقعة الأسرية الأنانية التي كنت مُحاصراً فيها، وجعلني أرتبط بالحركة الوطنية والتحركات الجماهيرية التي انطلقت بين الطلبة بعد الحرب العالمية الثانية. أشعر دائماً بقدر من الامتنان للاهتمام الذي أولاه إياي في هذا  المجال.... لكنه كان يعاني من اعتزاز مبالغ فيه بقدراته، ومن نزعة فردية طاغية، ورغبة في أن يكون هو الزعيم أو القائد الأوحد في أي مجال تقوده إليه خطواته... ويقول شريف: كان يميل إلي اعتبار نفسه صانع أهم الأحداث ... ومن هنا نبعت مناهضته لتنظيمات اليسار لأنه في هذا الوقت كان يري فيها المنافسين له الذين خطفوا أو سيخطفون منه زعامة الحركة التي قامت في تلك الأيام.... لكن بعد ذلك فقدت العلاقات بيننا اندفاعها الأول لأسباب أعتقد أنها تعلقت أساساً بالفجوة التي إنحفرت بيننا في مسارنا السياسي، فلم أعد أحد الذين كان يحب أن يسميهم تلاميذه... فهو الشخصية الذي أطلقت عليه مجموعته فيما بعد اسما حركيا سريا هو "المعلم".   ويضيف حتاتة: كان عصام  مناهضا لليسار، وكان يرجع ذلك إلى ضيقه بالأيديولوجية، وبالدور الذي لعبه اليهود في تنظيمات اليسار، والأخطاء التي ارتكبتها هذه التنظيمات في أساليب الصراع، في مواقفها السياسية والاجتماعية.   ويقول شريف: لم يكن "عصام الدين جلال" رئيساً للجنة التحضيرية أو للجنة الوطنية للطلبة والعمال في أي وقت من الأوقات كما يدعى البعض . لكنه رأس الجلسة الاولي الخاصة باللجنة التحضيرية التي عُقدت في ملاعب كلية الطب... كما أنه لم يتولى رئاسة اللجنة الوطنية كممثل للتنظيمات النقابية العمالية. وأذكر والكلام على لسان شريف: أن رئاسة الجنة التحضيرية أو للجنة الوطنية كانت تتبدل من اجتماع لآخر نظراً للتغير المستمر في عضويتها، والتلقائية الشديدة التي اتسمت بها الإجراءات المتعلقة بتكوينهما ونشاطهما  ... ويضيف شريف: لقد عاصرت عن قرب جميع التحركات والتطورات التي سبقت تكوين هذه اللجنة أو وقعت أثناء قيامها إلي أن تفككت واختفت من الوجود.... كنت شاهداً علي الدور الذي قام به "عصام الدين جلال"، مع ذلك لم أعرف في أي وقت من الأوقات أنه كان رئيساً لهذه اللجنة، بل أعرف بالتحديد أنه رأس الاجتماع الأول للجنة التحضيرية في ملاعب كلية الطب، فقد اصطحبته إليه، وأنه بعد ذلك اختفي من هذه الاجتماعات تماماً، سواء عُقدت في الملاعب أو في مكان آخر مثل صالة التدريب الرياضي المُلحقة بمستشفي القصر العيني التي كان يشرف عليها مدرس في كلية الصيدلة يدعي الدكتور "محمد فرج". ما عدا هذا رأيته مرتين خلال التحركات التي اقترنت بهذه الفترة. مرة في اجتماع تمهيدي عُقد في مدرج الدكتور "علي إبراهيم" بكلية الطب أثناء شهر سبتمبر سنة 1945، وهو اجتماع سيطرت عليه القيادات الحزبية الطلابية المحترفة (الوفد، الأحرار الدستوريين، السعديين، الحزب الوطني، وقِلة من الإخوان المسلمين) وأشاعت فيه جواً من الصراعات والفوضي مما أفشل الاجتماع..... والمرة الثانية كانت في اللقاء الذي تم بين عدد محدود من أعضاء اللجنة الوطنية للطلبة والعمال مع رئيس الوزراء "إسماعيل صدقي" باشا في فبراير 1946، الذي كنت أنا حاضراً فيه، وهو اجتماع شارك فيه أيضاً بعض مندوبي الوفد وآخرون، بينما غاب تماماً جميع ممثلي التنظيمات اليسارية الذين كانوا ينشطون في اللجنة، مما يوحي أنه تم الاتفاق علي عقده بعيداً عنهم

(2) حتاتة وعثمان جبر: بالإضافة إلى ما سبق ، يرجع الفضل إلى إتجاه شريف نحو السياسة إلى صديقه وزميله بكلية الطب عثمان جبر ، ففى الوقت نفسه كانت ميول شريف الداخلية إلى اليسار ، وقد وضح ذلك بعد تخرجه وإشتغاله في مستشفى القصر العيني .. وهنا يقول حتاتة: الحقيقة اللي أنا شفته في القصر العيني كان كافي إنه يخليني لازم أغير نمط حياتى ... ولازم أعمل حاجة للناس دول...  ففى القصر العيني رأيت الفقراء من المرضى الذين لا يستطيعون الإستمرار فى العلاج نظرا لفقرهم ولحاجتهم إلى العمل لإطعام ذويهم .. رأيت هؤلاء يعتصرون ألما ويموتون كمدا.. ولا حياة لمن ينادى... فى القصر العيني أدركت أن العلاج ليس ذلك المتمثل فى بعض أقراص الأدوية أو فى تلك المستشفيات وإنما .. وإنما فى المجتمع... المجتمع ككل... نعم.. نعم رأيت وآمنت بضرورة تغيير المجتمع حتى نوفر لهؤلاء المطحونين من الناس الصحة والشمس الدافئة.. وكذلك الملابس الملائمة.. ولما لا .. رأيت أن هناك ضرورة لتوفير المسكن الملبس لهم ... بل وحصولهم على أجازات راحة، ولما لا .. بل ويحصلون على غذاء أيضا  يسد رمقهم ، وأشياء أخرى كثيرة رأيتها كانت تهز كياني وتعصرني من الداخل لأجل هؤلاء...

* وأخذ الفتى الوسيم يدق طبول التمرد.. لكن بأصوات خافتة ... فبدأ  بإقناع الممرضين بالدخول إلى العمل الحزبي بغية تغيير الوضع القائم قبل ثورة يوليو 1952 ، ومنهم من قبل عرضه على إستحياء ومنهم من إبتسم له ...

* نعم..  لقد بدء الفتى نضاله ضد الإنجليز وهو على مقاعد الدراسة، ثم اختار الشيوعية أو الاشتراكية طريقا للنضال وإنضم إلى الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى اليسارية(حدتو)، وأعتقل الفتى الوسيم للمرة الأولى عام 1948 واستطاع الهرب حين نقل إلى المستشفى.. ومن المستشفى أخذ طريق الهرب إلى فرنسا بالباخرة سرا فى أكتوبر عام 1951 ... ولكن ليسقط هناك لاحقا في أيدي الشرطة الفرنسية ويزج به فى أحد السجون الفرنسية أيضا.

* لكن قبل أن يزج به إلى أحد السجون الباريسية إرتاد شريف المسارح والسينما والنوادي الثقافية وغيرها ... وخلال ذلك عرف الحب ، وإلتقى بـ ديدار تلك الفتاة المصرية الإيطالية التى تزوجها بعد ذلك .. وكانت ذات توجه يسارى.. ومعا كانا عضوين فى المظاهرات الفرنسية ، وتم القبض عليه وزج به إلى سجن لاسونتيه الذى قضى به عاما ونصف.. وبعد خروجه من السجن عاد إلى مصر وكان صدر بحقه حكما غيابيا بالسجن خمسة أعوام مع الأشغال الشاقة . وخشية أن يتم القبض عليه ذهب حتاتة للعمل بوجه بحرى(دلتا مصر)، وكان يأتى إلى القاهرة متخفيا لحضور بعض إجتماعات قيادة التنظيم اليسارى، وفى أحد المرات تم  القبض عليه بتهمة قلب نظام الحكم بالقوة ، ودخل حتاتة السجن وكان ذلك فى عام 1953 .. وتم إيداعه بالسجن الحربي لحين عرضه وزملائه على محكمة الثورة. وعندما وقعت أحداث مارس 1954 التى قامت ضد محمد نجيب تم تحويلهم إلى  مجلس عسكري من الضباط وصدر حكم علي شريف حتاتة بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين.

* وفى سجن القلعة المريع قضى الشاب الوسيم بضع سنين بين جدارن  حافلة بأبشع أنواع التعذيب النفسى والجسدى  وكذلك رفاقه من المفكرين والمثقفين مع الأشغال الشاقة.

* ويقول شريف: أسوأ مرحلة مرت على هى تلك التى قضيتها بالسجن الحربى .. ففى هذا السجن قضيت خمسة أشهر في السجن الانفرادي دون أن أحظى بزيارة واحدة من الأهل والأقارب والأصدقاء ، ودون أن يسمح لى بقراءة أى شىء أو سماع أى شىء ... وفى هذا المكان البشع كدت أصاب بإنهيار عصبي .. وحتى أتفادى ذلك وضعت لنفسى برنامج خاص بالرياضة والرقص وتذكر الروايات التي قرأتها، وكذلك تذكر الأفلام التي شاهدتها .. ويضيف شريف: وواظبت على ذلك يوميا حتى لا يحدث لى خلل نفسى.. 

ويؤكد شريف أن أسوأ أنواع التعذيب البشرى هو الحبس الإنفرادى فى زنازين لا تسمع فيها صوت ولا ترى ضوء ..فهذا قد يؤدى فى النهاية إلى فقدان الإحساس بالعالم الذي يحيط بك ... وفى ذلك السجن الملعون تعرضت للضرب...

* لقد أثر السجن سلبا على تلك الأحاسيس الرقيقة التى كانت تملأ نفس ذلك الشاب.. ويذكر فى كتاباته أنه بعد خروجه من السجن كان لقاؤه بأهله باردا ... ولم يكن كما كان عليه الحال قبل دخوله السجن... كان هناك نوع من البرودة في التعاطي... وكأن السجن قد أخذ كل شىء حى فيه... وكأن السجن قتل جزء من هذا الحب الكبير لأهله ، بل ولنفسه أيضا... وفى هذا الصدد يقول حتاتة: لما دخلت بيتنا وجلست مع والدي ووالدتي ، وبينما كنا نتناول الشاي.. شعرت.. شعرت بأنني قد أصبحت غريب عنهم ... أصبحت.. أصبحت شخصا آخر.. تغيرت.. نعم تغيرت من نتاج تلك التجربة الأليمة.. فالسجن بشع... لقد.. لقد حاولت العودة بذاتي كى ألحق بهم وبدفئهم الذى إفتقدته لسنين طويلة .. لكن.. لكن هيهات.. فأنا تغيرت.. نعم تغيرت.. والعودة إلى الحب والدفء القديم يحتاج إلى جهد كبير.. نعم .. جهد كبير.. ولم يكن لدى ذلك الجهد، لكن حبى لأبى وأمى كان قويا فى أعماقى.. بينما القدرة على إخراجه تحتاج إلى وقت.. وقت طوبل...

* وحول والدته والسجن، يقول شريف: لما عدت من فرنسا إلى مصر وإضطررت إلى التخفى فى أماكن أخرى غير منزل العائلة حتى لا يتم القبض على.. أذكر أنى ذهبت إلى منزلنا الكبير لرؤية والدتى .. كنت متخفيا ، وأتذكر بعد أن قابلتها ... قدمت لى بعض الطعام الذى كنت أحبه كثيرا من يدها ، لكنى لم آكله .. وأتذكر أنها حزنت كثيرا.. نعم حزنت كثيرا .. لأنني.. لأننى  لم أتذوق الطعام  ، لكنى لم أدرك ذلك.. نعم لم أدرك ذلك .. كنت صغيرا وقليل الخبرة .. حاولت تبرير ذلك بأننى كنت .. كنت قلقا، مضطربا.. ومع ذلك فأنا أشعر حتى اليوم بالحزن العميق على ذلك التصرف. ويتذكر شريف حول ذلك اللقاء أيضا الذى لا زال عالقا بذاكرته حتى الان: عندما ذهبت إلى أمي ، أخذتني من يدى ووضعتني على المقعد الخاص بها ، وأخذت تحدثنى بحب جارف .. وكلما أتذكر ذلك الحديث.. وذلك الحدث.. أشعر بأننى .. بأننى سببت الكثير من الألم لها ، ولأبى أيضا... بل  ولكل من أحبنى  بسبب دخولي السجن عدة مرات فى القاهرة  وفرنسا ثم فى مصر مرة أخرى..  ويضيف حتاتة: كان كل من حولى فى ذلك الوقت يقول لى: إنت ما بتراعيش أهلك، ولا والدك ولا والدتك... ولم أكن أدرى جيدا ذلك.. ولم أكن أتفهم جيدا ما كانوا يتعرضون له من ألم نفسى  وعصبى بسبب حماسى السياسى المفرط ، وما كنت أقوم به فى ذلك الوقت .. لكنى .. لكنى كنت أرى الأشياء من منظورى الخاص .. كانت السياسة  بالنسبة لى قضية هامة، من وجهة نظرى بالطبع .. ومع ذلك  كنت في نفس الوقت أشعر بأننى قد سببت لهم الكثير من العذاب والألم .. وأعتقد لو عاد بى الزمان وكان لدى من التجارب التى أمتلكها الآن بعد أن أصبحت أبا ، فإن تعاملي مع والدتى ووالدى سيكون مختلفا .. ربما سأشرح لهما ما أقوم به من نشاط سياسى وأتحدث معهم كثيرا ، وأكون أكثر دفئا وحبا لهم، ولكل من حولى..

* يذكر شريف عندما كان نزيل سجن ليمان طرة ، ثم زاره والده ورآه وهو مكبلا بالحديد، هنا يقول شريف: كان ذلك بمثابة صدمة كبيرة وشديدة جدا على والدى ، وقد حاولت  تخفيف الصدمة عنه ، لكن دون جدوى .. ويضيف: كان والدى خلال تلك الزيارة صامت طول الوقت ... لكنه لم يبك ، وظل متماسكا خلال الزيارة ، ولما إنتهت وتركني ، وجدته يسير بتثاقل وهو منحنى الأكتاف. ويقول شريف: أذكر جيدا أننى لم أره مطلقا منحنى الأكتاف سوى تلك المرة.. وشعرت بالأسى الشديد وبالرغبة  فى البكاء .. وحاولت التماسك... ولا أذكر إلى أى مدى تماسكت...   

* وتمر الأيام ويتماسك شريف ورفاقه في السجن ويعملون على إقامة المدارس والمسارح وورشة للنحت أقامها بعض الفنانين خلف هذه القضبان فى سجن المحاريق بالواحات الخارجة التى كانت ترتفع درجة الحرارة فيها حتى تصل إلى 52 درجة مئوية .. وفى هذا السجن أيضا رسم الفنانون لوحاتهم على أبواب السجون والحيطان ، وأصبح المكان متحفا وليس سجنا.. وفوق كل ذلك قام حتاتة ورفاقه بتعليم العساكر الأميين القراءة والكتابة وتدريس مواد الشهادة الإبتدائية لهم..

*وفى السجن عرف شريف حتاتة لحظات السعادة الحادة التى لا يعرفها الأشخاص العاديين الذين يعيشون حياتهم فى سلام دائم.. كما تعلم التحدى وعدم الخوف من المجهول خاصة بعد أن عاشر المجرمين والقتلة وقطاع الطرق، وقد إكتشف فيهم التنوع الفكرى والعقائدى وأشياء أخرى كثيرة..

-----------------

* وكتب حتاتة بعد أن خرج من السجن أفضل روايته.... شجعته على ذلك زوجته الأديبة الدكتورة نوال السعداوي .. ومن مؤلفات شريف حتاتة :  

- العين ذات الجفن المعدني.. وفى هذه الرواية يقول حتاتة: والرجل عندما ينهار في ظلمة الزنزانة تحت وطأة القهر والإرهاب وحسابات الأجهزة الدقيقة يمتد الجرح عميقا في نفسه كالشرخ في المرآة.. ويعلق شريف على ذلك بقوله: نعم  كالكسر الذي لا يمكن أن يلتحم ... هل يوجد ما هو أفظع من كبرياء الرجل الذى يتحطم من عذاب الروح والجسد .. وإمتهان الإنسان.. ذلك الكائن القوي الضعيف في آن واحد، ما الذي يحفظه في تلك اللحظات الرهيبة التي يصبح فيها الحد الفاصل بين القوة والضعف.. بين التماسك والانهيار... بين السمو والانحطاط إلى أسفل الدرك .. إنها مجرد شعرة رفيعة يمكن أن تتمزق في في ثانية أو حتى في جزء ضئيل من الثانية لتنحني الرأس المرفوعة نحو السماء وتلعق التراب. ويؤكد شريف أنه وصل إلى هذه الدرجة في مراحل معينة؟

-------------------

المراجع:

*أمل الجمل: الوباء : أحدث روايات شريف حتاتة، ديوان العرب، 8 يناير 2010..

*أمل الجمل: الروائى المصرى شريف حتاتة ونوافذه المفتوحة، ديوان العرب،  3 أبريل 2006..u062au0635u063au064au0631 u0627u0644u0646u0635u0646u0635 u0641u0642u0637

* سامي كليب: حوار مع شريف حتاتة، قناة الجزيرة ، 13 يناير 2007..

* سور الأزبكية: العين ذات الجفن المعدني، سور الأزبكية  4 مارس 2010..

العين ذات الجفن المعدني - شريف حتاتة،  

*سيد محمود حسن: حكاية كوبري عباس، 2010..

* شريف حتاتة: رؤية كتاب «حكاية كوبري عباس» التي لا تتفق مع الواقع، جريدة القاهرة، 21 سبتمبر 2010..

* شريف حتاتة: النوافذ المفتوحة، سيرة ذاتية..

* شريف حتاتة: العين ذات الجفن المعدنى...

* مروة كمال: شريف حتاتة يوقع روايته الجديدة الوياء بميريت، جريدتى،  29 أبريل 2010..