محمَّد بشير عُبيد

أيمن بن أحمد ذو الغنى

طبيب الأسنان الأول في السعودية (1)

(1335-1416ه/ 1917-1995م)

أيمن بن أحمد ذو الغنى

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

أسرة (عُبَيد) الدمشقيَّة أسرة قديمة شهيرة، ترجع في نسبها إلى الصحابيِّ الجليل أنس بن مالك الأنصاريِّ الخزرجيِّ رضي الله عنه، وشهرتُها إلى جدِّهم عُبَيد بن سليمان([2]).

وقد خرج من هذه الأسرة أعلامٌ من أشهرهم الأخوان الأديبان الكُتُبيَّان الحافظان حمدي وأحمد عُبيد رحمهما الله تعالى([3]).

ومن مشاهير هذه الأسرة طبيب فاضل لمع نجمُه بعيدًا عن وطنه، فكان خيرَ سفير لبلده وأهله، إنه طبيبُ الأسنان الماهر د. محمد بشير عُبيد رحمه الله، الذي رحل إلى المملكة العربيَّة السعودية في وقت مبكِّر مطلع الأربعينيَّات من القرن الميلاديِّ المنصرم، ليكونَ بذلك أولَ طبيب أسنان في السعودية، والطبيبَ الخاصَّ للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وأنجاله.

ودونكم سيرةً موجزة للطبيب الألمعي.

هو محمد بشير بن محمد توفيق، بن محمد حسن، بن يوسف، بن عُبَيد بن سليمان: وجيه فاضل صالح، وأول طبيب أسنان يعمل في المملكة العربيَّة السعودية.

ولد بدمشق عام 1335ه (1917م)، ونشأ في ذَرا والده الفاضل العالم التاجر محمد توفيق، أحد مؤسِّسي جمعيَّة الهداية الإسلاميَّة بدمشق، وهو الشقيقُ الأكبر للفاضلين حمدي وأحمد عُبيد وشريكهما في (المكتبة العربيَّة).

درس محمد بشير المرحلة الابتدائيَّة في المدرسة الجوهرية السَّفَرجَلانيَّة التي أنشأها الشيخ المربِّي محمد عيد السَّفَرجَلاني، ونال شهادة الدراسة الثانوية من مكتب عنبر سنة 1934م، والتحق بمعهد الطبِّ العربيِّ بالجامعة السورية وتخرَّج فيه سنة 1938م، حاصلاً على الإجازة ولقب دكتور في طبِّ الأسنان وجراحتها.

وفي سنة 1942م قَدِمَ إلى المملكة العربية السعودية ليكون طبيبًا للملك عبد العزيز وعائلته، فأقيمت عيادتُه في قصر المربَّع بالرياض، بالقرب من غُرف الملك.

ولمَّا لم تكن عيادات طبِّ الأسنان متوافرةً في المملكة حينئذ، أمر الملكُ عبد العزيز بشراء عيادته التي كان يعمل فيها بدمشق، ونقلها إلى الرياض، دافعًا مبلغًا كبيرًا بالليرات الذهبيَّة ثمنًا لها.

وفي سنة 1949م غادر إلى فرنسا للتخصُّص بأمراض الفم من جامعة باريس، وبعد إتمامه عام 1950م عاد إلى المملكة، واستمرَّ في تطبيب ملوكها حتى وفاته.

وقد عاصر في عمله بالقصر جميعَ ملوك المملكة: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، رحمهم الله، والأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي غدا اليوم عاهلاً وخادمًا للحرمين الشريفين.

وكان من أوائل الحاصلين على الجنسيَّة السعودية.

وقد أسَّس مركزًا طبيًّا متخصِّصًا باسم (مجمَّع عيادات الأسنان للدكتور بشير عُبيد) نحو سنة 1406ه، في شارع الأمير فيصل بن تركي (الخزَّان) بالرياض، وما زال العمل فيه مستمرًّا بعد وفاته؛ إذ انتقلت ملكيتُه إلى زوجته السيِّدة هزار بنت عزَّة أمين القبَّاني، التي تولَّت الإشرافَ على إدارته بجدارة وحزم، وهي امرأة صالحة فاضلة مشتهرة بالبذل والعطاء في وجوه الخير.

يتَّصف الدكتور بشير بدماثة الخُلق، ولين الجانب، وهدوء الطبع والتواضع، والكرم وحبِّ الخير، وبذل المعروف سرًّا وعلانية، ولم يُعقِب ذرِّية.

ولئن مضى إلى بارئه غيرَ مخلِّف عَقِبًا إن ذكره لباقٍ، وإن اسمه لعالٍ فيما خلَّف من مركز طبيٍّ مشهودٍ له وللعاملين فيه بالكفاية والحِذق والإتقان.

رحم الله تعالى الطبيب الصالح محمد بشير عُبيد وأثابه عن أمَّته خيرًا.

نموذج من خطِّ المترجَم وتوقيعه من كتاب منه إلى وزير الصحَّة السعودي

صورة شهادته الطبية من الجامعة السورية

صورة آخر ترخيص للمترجَم بمزاولة الطبِّ في السعودية

               

([1]) استقَيت الترجمة من زوجته الفاضلة، بوساطة صديقه وأحد أركان مجمَّعه الطبي، والمشاركين في تأسيسه طبيب الأسنان الصالح د. زياد النحَّاس، جزاه الله خيرًا، ومن مشافهة مدير مجمَّعه الأستاذ النبيل المفضال سليم البرادعي حفظه الله.

([2]) انظر (موسوعة الأسر الدمشقية) للدكتور محمد شريف الصوَّاف، 2/ 637.

([3]) ترجمتهما في (تاريخ علماء دمشق في القرن 14 الهجري) لمحمد مطيع الحافظ ونزار أباظة.