وفاة شيخ تراجمة آداب العرب إلى التركيَّة، الأستاذ علي نار

أيمن بن أحمد ذو الغنى

(1360- 1436ه/ 1941- 2015م)

فقدت الساحة الأدبيَّة أحدَ أعمدة الأدب الإسلاميِّ في تركيا، ومؤسِّسَ مكتب رابطة الأدب الإسلاميِّ العالميَّة فيها، وكبيرَ ناقلي آداب العرب إلى التركيَّة،

الأستاذَ الأديب المبدع والروائيَّ الشاعر

علي نار

الذي كانت وفاته يوم الخميس ٢٩ من رمضان ١٤٣٦ه (١٦/ 7/ ٢٠١٥م)، في مدينة اسطنبول بتركيا، عن 76 عامًا، بعد معاناة مرض ألمَّ به، رحمه الله وجبر مُصاب المسلمين بفقده.

وكان لقي مرضُ الأستاذ اهتمامًا رسميًّا كبيرًا؛ فعاده في المستشفى الرئيسُ التركيُّ رجب طيب أردوغان، ثم شارك في تشييع جُثمانه مع رئيس وزرائه داود أوغلو وكبار المسؤولين في الدولة التركيَّة؛ اعترافًا بفضله وتقديرًا لجهوده الأدبيَّة وأياديه الفكرية.

وكانت الصلاة عليه عقب صلاة الجمعة في مسجد السلطان محمد الفاتح باسطنبول، في أوَّل أيام عيد الفطر المبارك.

رحم الله أديبنا الكبير وجعله في عليِّين، وجزاه عن الأدب الإسلاميِّ والإنسانيِّ الهادف خيرَ الجزاء، وتقبَّل ما قدَّم من عمل، وأحسن عزاء أسرته وذويه فيه، وعزاء الشعب التركيِّ الصديق، والزملاء أعضاء رابطة الأدب الإسلاميِّ العالميَّة.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

سيرة الأستاذ علي نار:

- رافق علي نار بدايات تأسيس رابطة الأدب الإسلاميِّ العالميَّة.

- وكانت له اليد الطُّولى في افتتاح المكتب الإقليميِّ للرابطة في اسطنبول عام 1986م، وتولَّى رياسته منذ تأسيسه، وشارك في نشاطاته وأعماله.

- أصدر مجلَّة (إسلامي أدبيات/ الأدب الإسلامي) باللغة التركيَّة، صدر منها أكثرُ من ستِّين عددًا إلى الآن، ومنها أعداد خاصَّة متميِّزة.

- حضر معظم مؤتمرات الرابطة العامَّة، ودورات مجلس الأمناء.

- استضاف المكتب الإقليميُّ للرابطة بتركيا بإشرافه عددًا من مؤتمرات الهيئة العامَّة، وهي المؤتمر الثاني والثالث والرابع والثامن، وجرى تكريمُ الشيخ أبي الحسن النَّدْوي في المؤتمر الرابع.

- ولعلَّ من أجلِّ أعماله الريادية في دعم مسيرة الأدب الإسلاميِّ والنهوض به إنشاء وَقف خاصٍّ بمكتب الرابطة في تركيا؛ يُنفق على مشاريعه ومطبوعاته بسخاء، دون حاجة إلى استجداء أحد! 

- كانت ولادة علي نار عام 1941م في محافظة أرضروم شرقيَّ الأناضول.

- انتقل مع عائلته إلى الأناضول الأوسط، وعمره تسع سنوات.

- تخرَّج في (ثانوية الأئمَّة والخطباء) سنة 1960م.

- ثم تخرَّج في كليَّة الشريعة سنة 1964م.

- عيِّن مدرِّسًا في (ثانوية الأئمَّة والخطباء) في ديار بكر.

- بعد العمل في التعليم مدَّة خمس وعشرين سنة أحيل على التقاعد عام 1990م.

- وَلَج عالمَ الكتابة الأدبيَّة والفكرية في وقت مبكِّر من عمره؛ فنشر قصيدته الأولى سنة 1961م، ومقالته الأولى سنة 1962م، ولمَّا يتجاوز العشرين.

- كتب في جريدة (ملّي غزته/ الأمَّة) منذ سنة 1970م.

- جال في عدد من بلاد العالم الإسلاميِّ؛ منها العراق والشام والحجاز سنة 1975م، وأثمرت جولاته البدء في ترجمة الشعر والقصص والرواية من العربيَّة إلى التركيَّة، ونتج عنها كتابه (يوميَّات الشرق الأوسط) الذي وصف فيه رحلاته ونتائجها الأدبيَّة والمعرفيَّة.

- نشر الكثير من النصوص النثرية والشعرية في المجلات والصحف.

- ويعدُّ علي نار أشهرَ الأدباء الأتراك المعنيِّين بالأدب العربيِّ والنتاج الفكريِّ والثقافيِّ للعرب، وقد بذل في سبيل ذلك جهدًا كبيرًا لتقديم الأعمال العربيَّة إلى الأمَّة التركيَّة بلسانها. وأصدر عددًا خاصًّا من مجلَّة الأدب الإسلاميِّ التركيَّة عن الأدب العربيِّ، هو العدد 38، وأصدر مكتب الرابطة باسطنبول بإشرافه كتابًا يعرِّف ب (33) شاعرًا عربيًّا مع مختارات من أشعارهم بالتركيَّة.

آثاره الفكرية والأدبيَّة:

كتب الأستاذ علي نار في قضايا الأدب والفكر المختلفة، وتناولت كتبُه الشؤون الدينيَّة والأدبيَّة، فأبدع الرواية والقصَّة والمسرحيَّة، فضلاً عن الشعر، وترجم الكثير من الكتب العربيَّة إلى التركيَّة.

ومن أهمِّ تراثه:

- (شخصية المسلم في أربعين حديثًا).

- (كتاب الجيب في الفقه).

- (أدب الفُكاهة) جمع ألوانًا من الفنون الأدبيَّة النثرية والشعرية، يربطها خيط الأدب الإسلاميِّ.

- (يوميَّات الشرق الأوسط).

- (يوميَّات الأناضول).

- (مملكة النحل) رواية خياليَّة, تعريب أ. كمال أحمد خوجه.

فازت بالجائزة الأولى في مسابقة ترجمة الإبداع الروائيِّ من آداب الشعوب الإسلاميَّة. والرواية تستخدم مملكة النحل رمزًا للوطن في وقوعها تحت تأثير المؤامرات المعادية وخلاصها في النهاية بوَحدتها واجتماع كلمة أفرادها.

- (فلاَّحو الفضاء) رواية خياليَّة علميَّة.

- (نبع الجبل) مجموعة قصصيَّة.

- (عباءة الشعر) مجموعة قصصيَّة.

- (رأس المختار) مجموعة قصصيَّة هزليَّة، وهي غير المسرحيَّة التي سيأتي ذكرُها.

- (باقة ياسمين) قصص للأطفال، صدرت عن الرابطة بتعريب أ. شمس الدين درمش.

- (الفتح) مسرحيَّة، مُثِّلت على المسارح التركيَّة.

- (رأس المختار) مسرحيَّة، مُثِّلت على المسارح التركيَّة.

- (الدنيا التي لا تتَّسع لي) ديوان شعريٌّ ضمَّ جميع قصائده، ومن أشهرها قصيدة (الهجران) التي تُرجمت إلى العربيَّة والألمانيَّة، وهي القصيدة العَروضيَّة الوحيدة له، أمَّا سائر قصائده فهي بأوزان المقاطع التركيَّة أو قصائد حرَّة.

الترجمة إلى التركيَّة:

نشط الأستاذ علي نار في ترجمة آداب العربيَّة إلى اللغة التركيَّة بأسلوب أدبيٍّ مشرق، ولا يملك من تأمَّل نتاجه في هذا الميدان إلا أن يُكبرَ همَّته، ويَحقِرَ جليل الصبر بإزاء صبره، في التعريف بأعلام أدبائنا عند أبناء أمَّته. ومن أهمِّ ما أخرجه من ذلك:

- قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي، ومعروف الرُّصافي، ومحمود مفلح، ونزار قبَّاني، وعمر بهاء الدين الأميري، ووليد الأعظمي، ونازك الملائكة، وعبد الله عيسى السلامة، ومحمد منلا غزيِّل، وغيرهم.

- مختارات شعرية نموذجيَّة من كتب البلاغة العربيَّة.

- أربع روايات لنجيب الكِيلاني هي: (عذراء جاكرتا)، و(عمالقة الشَّمال)، و(الظلُّ الأسود)، و(نور الله) في جزأين.

- ولعلي أحمد باكثير: رواية (وا إسلاماه)، ومسرحيَّة (قصر الهَودَج).

- مسرحيَّات قصيرة لتوفيق الحكيم وغيره.

- (فقه السيرة) للشيخ د. محمد سعيد رمضان البوطي.

- (طريق الإيمان) للشيخ د. عبد المجيد الزنداني.

ومن الأعمال الفكرية التي كان يرجو أن يُتاح له نقلها إلى العربيَّة: تفسير العالم الكبير محمد حمدي يازر، الموسوم ب (دين الحقِّ لسان القرآن) الغنيُّ بجواهر العلوم والحِكَم والعِبَر. وكذلك أعمال جمال الدين قره قليج في علم التجويد، وأعمال نجيب فاضل الشعرية والقصصيَّة والروائيَّة والمسرحيَّة. وأعمال الشاعر سزائي قره قوج، ونور الدين طوبجي، وغيرهم. وهو يرى أن ترجمة الإبداعات الأدبيَّة والفكرية التركيَّة ستكون إضافةً نوعيَّة إلى العربية.

رحم الله الأستاذ الأديب علي نار، وشكر له ما بذل في ميادين الفكر والأدب، وعوَّض المسلمين بفقده خيرًا.

مصدر الترجمة:

حوار مع الأديب علي نار أجراه د. عوني عمر لطفي أوغلو، في 31/10/2013 م، نشرته مجلَّة الأدب الإسلامي، رابطه:

http://www.adabislami.org/magazine/2013/10/1187/80

clip_image00262615.jpg

الأستاذ علي نار رحمه الله تعالى في مؤتمر الهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي

في اسطنبول بتاريخ 12 شعبان 1429ه

تصوير: أيمن بن أحمد ذوالغنى

clip_image00462616.jpg 

الأستاذ علي نار رحمه الله، وعن يمينه: أيمن بن أحمد ذوالغنى،

ثم عمي الأستاذ محمد حسام الدين الخطيب، في اسطنبول بتاريخ 12 شعبان 1429ه

clip_image00662617.jpg

من اليمين: الأستاذ فرج الظفيري، الأستاذ علي نار رحمه الله، ولدي أحمد بن أيمن ذوالغنى، أستاذنا الناقد الكبير د. صابر عبد الدايم، أستاذنا العالم اللغوي د. محمد حسان الطيان، أخوكم أيمن بن أحمد ذوالغنى، في رحلة بحرية في مضيق البوسفور، في اسطنبول بتاريخ 16 شعبان 1429ه

clip_image00862618.jpg 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعود الأستاذ علي نار رحمه الله

في المستشفى في أواخر أيامه

clip_image01062619.jpg

الرئيس التركي أردوغان يتقدَّم المصلين على جثمان الأستاذ علي نار رحمه الله

مع رئيس الوزراء داود أوغلو وكبار المسؤولين في ساحة جامع السلطان محمد الفاتح،

في غرة شوال 1436ه

clip_image01262620.jpg 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشارك في تشييع جثمان الأستاذ علي نار رحمه الله تعالى

clip_image01462621.jpg

إهداء بخط الأستاذ علي نار، على غلاف مجموعته القصصية للأطفال (باقة ياسمين)

لولدي أحمد.

وسوم: العدد 626