رسالة العيد .. إلى كل من مسه القرح من حملة الإسلام العظيم ..

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ "

ولما كان الفرح بيوم العيد من شعائر الله ... ، نتقدم إلى أمة الرسالة في مشارق الأرض ومغاربها بأوفى تهنئة وتحية وسلام ونقول للمسلمين حول العالم أجمعين : كل عام وأنتم بخير ، كل عام وأنتم وعقيدتكم وشريعتكم وأوطانكم ، وسط المعركة التي تدور على كل هذا فيكم ، بحفظ وتأييد ونصر وتمكين ...

وتطير التهنئة إلى الواقفين على عرفات الله :

جعل الله حجكم مبرورا ، وسعيكم مشكورا ، واجعلوا لأمتكم من دعائكم أوفى نصيب : اللهم فرج الكروب ، واجبر العثرات ، ولا تجعل لكافر ولا لظالم ولا لمنافق على أمة نبيك سبيلا ، اللهم ولّ أمورنا خيارنا ، وزوّل عنا سفهاءنا وشرارنا ..

أما أنتم ، يا من مسكم القرح من حملة الرسالة ، الممسكين على جمر الأمانة ..

من أراكان المسلمة المنتهكة نبدأ إلى أفغانستان تتلوى تحت سياط الظلم والجهل ، إلى العراق يعبث بأديم عزته وكرامته العابثون ، إلى فلسطين الجرح النازف يصيح على المدى ، إلى سورية قلب الشام حيث يخيم العدوان والاحتلال والقهر ، إلى مصر الكنانة تتخبط في الظلمة والظلم ، إلى ليبية عمر المختار، إلى تونس الزيتونة قد باض فيها الجهل وصفّر، إلى يمن الإيمان والحكمة تنعق فيه غربان السوء بلحن الفتنة المقيت ..إلى كل بقعة على هذه الأرض يتسيد فيها ظلم ، ويُبغى فيها على مكرم من بني البشر ...أنتم يا كل هؤلاء الذين مسهم القرح من أجل دينهم وانتمائهم وعقيدتهم ؛ الأولى بالفرح في يوم عيدكم ، والأولى أن يقال لكم مع كل المسلمين : كل عام وأنتم بخير وأجمل تجليات الخير أن نقول : كل عام وأنتم على دينكم وعقيدتكم وشريعتكم وشعائركم ثابتون ، ودون وجودكم وحقوقكم وأرضكم وحريتكم وعزتكم وكرامتكم عاملون مجاهدون ..

أيها المستضعفون الأخيار الأبطال ..

يقولون لكم سنين تمر ولم تنتصروا ..قولوا لهم نصرنا أننا مع مر السنين ، وتكالب الأعداء ، وانكشاف الصداقات وانقلابها ، وما زلنا في الساحات مرابطين ، نصرنا أن حالنا حال ياسر وسمية وعمار وخباب وبلال ننادي وسنظل ننادي ، ونسأل الله أن يرزقنا الثبات على النداء : أحد ..أحد ..أحد ..أحد ..أحد ..ولكنكم تستعجلون

 أيها المسلمون المستضعفون أجمعون ..

لم تكن الانتصارات العظيمة في سفر تاريخكم العظيم أبدا سطرا في كتاب..

لم تكن بدر وأحد والأحزاب وحنين وتبوك واليرموك والقادسية وملاذكرد والزلاقة وحطين وعين جالوت سطرا في كتاب نقرؤه فننتشي؛ وإنما كانت جبالا من صبر ومصابرة ... وهذا عنوان في درس صناعة الانتصارات ..

فإن اخترنا أن نكون حلقة في سياق تاريخ دعوة الحق فليس أمامنا والله إلا الصدق والصبر ؛ الصدق مع الله ..والصدق مع الذات والصدق مع الناس ، والصبر على أمر الله ...وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ..

أيها المسلمون المستضعفون ..

توقفوا عن لوم أنفسكم ، فهذه الحروب المفروضة عليكم لم تشعلوا نارها أنتم ، ولم تذهبوا إليها بقراركم ولا بأقدامكم ..بل هي حروب على اختلاف عناوينها ، وراياتها ، وموقدي نارها مقررة مفروضة عليكم ، يتواطأ على إدارة رحاها كل أشرار العالم ..

فلا تلوموا أنفسكم ، ولكن اصدقوها في الالتزام بدعوة الحق ، واصدقوها في طلب النصرة لهذا الدين العظيم ..خذوا الكتاب بقوة ، وقوموا دون حقوقكم مدافعين..

يا أبناء سورية الأحرار ..

إن الغرور إثم ، وإن التغرير خيانة ...

 وقد نزل بنا جميعا من العدوان والخذلان ما نراه رأي العين . ولقد آن والله الأوان أن يصحو النائم ، وأن ينتبه الغافل ، وأن يكف عن اللجاجة اللجوج ..

على هويتنا يقتلوننا ، ويعينون على قتلنا ، ويسكتون عن قتلنا ، ويتواصون بمنعنا من دفع الضر عن أنفسنا . وقد آن للعاقل الحكيم أن يرى موضع قدميه ، ليثبت على بصيرة ، ويتقدم على بصيرة، أما الأخرى فلن تكون لمن يختارها عار الدنيا وخسار الآخرة

يا أبناء سورية الأحرار ..

معكم وبكم على طريق الحق ماضون ..سبق من قضى منا ، اللهم فأعن من ينتظر منا على الثبات حتى يكون لنا جميعا ما لكل أهل الأرض من حق ومن كرامة ، وحتى تكون الشام لأهل الحق والرشد عنوانا ..

إلى جيل التضحيات النبيلة الجسام من أبناء أمة الإسلام ..

إلى الأيتام ، يستقبلون العيد بدمعة الحرمان ، إلى الثكالى والأرامل ، إلى المعتقلين المنتهكين في سجون الطغاة ، إلى الفضلاء في أقفاص اتهام الجناة المجرمين إلى المشردين تحت كل نجم .. وفي خيام القهر نقول : كل عام ونحن جميعا بألف خير..كل عام ونحن جميعا في ثبات ومضاء وعزيمة وإصرار ..أبشروا ..وأمّلوا .. واعلموا أن الله معكم ، وأنه لن يتركم أعمالكم ، ولن يضيع إيمانكم .. وإن الله بالناس لرؤوف رحيم ..

اللهم اشهد أننا في يوم عيدنا الذي فرضت لنا ، في قرارة آلامنا وأحزاننا ومصائبنا وأوجاعنا وكل ما قدرت علينا أو كسبناه بما صنعت أيدينا ؛ فرحون ..فرحون ..فرحون ..

لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك ..

اللهم لك العتبى حتى ترضى ..ولكن عافيتك أوسع لنا ..

وكل عام وأهل الرباط في ثبات والمسلمون بألف خير

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 787