كيف تكون الآلام ولادة

محمد بركات الأطرش

الآلام الولادة

محمد بركات الأطرش

لو وقف أحدنا يتأمل حال أمتنا , وعاد يسافر في الزمن البعيد مستحضرا مؤشرات ومراحل صعود هذه الأمة وسيرها , لما غابت عنه مشاهد مكرورة من الآلام والأحزان , جرع الآلام لا نريدها وهنا يقعدنا , بل آلاما ولادة تحركنا , بحيث نصنع منها لذة مشتركة فتصبح لذة الألم المشتركة .

لنجعل كلامنا كماء يسقي شجرة الألم فما يزيدها إلا تجذرا وعطاء , تنبت غصون أمل , وتزهر ثمار عمل .

فلنجعل كلامنا كماء زلال سلسبيل ينساب إلى القلوب المتألمة , يضمد جراحها , ويقوي عزيمتها , ويثبت قلوبها , ويفتح عيونها لترى بنور الأمل , وتسير بنية العمل .

فلنجعل كلامنا كالنجم يهدي من يتلمسون الخطى ,ويرقبون الفجر , ويبحثون عن خارطة طريق لاستثمار الآلام ...

أهل الألم , وما أكثرهم !! أخاطبهم بألم وأمل , وهذه الآلام لا تتم بمجرد حصولها ووقوعها ولكن بالاستسلام لها !! نريد اجتراح آلامنا لنصنع آمالنا , نريد أن نجترح من الظلمات نورا , ومن التعب والنصب عطاءً وبناءً .

يا رحمتاه بكل من تألموا !!!

محن شديدة , ومصائب عظيمة , وآلام تتبعها آمال , وآمال تسْتَجرُّ تغيرا , وتغيرا يتوكأ على تغير ؛ فتولد أمة قوية لها مكانتها وحضورها .

آلام مخاضها عسير لكنها تلد قيما ومبادئ , تعززها في قلوب وعقول شبابنا , قيم التضحية الإيجابية والفداء , كره الظلم والظالمين , التمرد على الاستبداد , قيم الانتماء والعطاء والإبداع والابتكار , قيم التمسك بالعلم والقراءة , قيم المحبة والمبادرة والعمل التطوعي الجماعي ...

آلام مخاضها عسير لكنها تلد هما ووعيا لدى شبابنا : أننا أمة واحدة , حضارتنا واحدة , وأن نهوض هذه الأمة مسؤولية ذاتية فردية , فتصبح الآلام دافعا للعمل المشترك , والعطاء المتواصل , والإنتاج المستمر ...

آلام مخاضها عسير لكنها تستنجب وحدة شعورية وشعورا صادقا تجاه إخوانك المسلمين في كل مكان , فرح أخ مسلم لك هناك في الصين هو فرحك , وتألم أخ لك في سوريا وحزنه هو ألمك وحزنك , وكذلك أمر سائر المشاعر ..

آلام مخاضها عسير , وثمنها باهظ لكنها تلد لنا خبرا يقول : إن هذه الأمة لم تعش كثيرا حياة الدعة والترف , بل عصرتها الأزمات , وأيقظتها الملمات , فصنعت الانتصارات, ونشرت الأخلاق وبنت الحضارات .

آلام مخاضها عسير لكنها تلد الخير الوفير , وتبث رسائل نور إلى شباب هذه الأمة , تخاطبهم : يا شباب!! أنتم الأمل , وعليكم العمل .. منحنى صعود هذه الأمة بأيديكم , فلنحمل هم هذه الأمة , شعارنا  " وأعدوا " .

أعدوا نفوسكم الغالية إعدادا إيمانيا عميقا , ولا بد من :

1-  الاهتمام لمحط نظر الله – قلوبنا- بإصلاحها ورعايتها وتعهدها ..

2-  التوبة , وترك الذنوب , والسبب " ما نزل بلاء إلا بذنب , وما رفع إلا بتوبة" .

3-  الحرص على فهم القرآن حتى يصنعنا القرآن " ولتصنع على عيْني ".

4-  إدمان النظر في سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .

5-  مراجعة اهتماماتك وترتيب سلّم الاهتمامات , وابدأ بإصلاح النفس والأسرة حتى تصل للمجتمع .

وتذكر قوله تعالى : " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " .

أعدوا عقولكم ثقافيا وفكريا , ولا بد من :

1-  المكث مع الكتب قراءة وفهما , ولا تنس التنويع في إطار خدمة مشروعك الشخصي وتخصصك الجامعي . وهل أنت نموذج يقتدى به في تخصصك الجامعي ؟؟

2-  حاول الانتقال من العقلية الناقلة إلى العقلية الناقدة إلى العقلية المبتكرة .

3-  كن يوسفيّ التخطيط , هل لديك رؤية لمشروعك الشخصي , مشروع يساعد خدمة دينك ووطنك ؟ إذن كوّن أهدافا , واصنع خطة عملية , ولكن سقف زمنها واضح , ولا تنس دفع الثمن – التضحية .. وتذكر أن الهدف إرضاء الله , وكن يعقوبيّ الصبر .

4-  تذكّر قوله تعالى : " هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشدا"

وأخيرا بعد هذا البيان ينطق الميدان , "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".

لا تنظر أخي بل افعل , ابحث عن فسيلة لتزرعها .