النصرة الحقيقية

لبنى شرف / الأردن

[email protected]

 النبي عليه السلام نعمة كبيرة ، ومنة عظيمة امتن الله بها على عباده ، ليخرجهم من الظلمات إلى النور . قال تعالى في سورة آل عمران (164) :" لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم .." ، يقول سيد قطب : إنها المنة العظمى أن يبعث الله فيهم رسولا ، وأن يكون هذا الرسول " من أنفسهم " .. إن العناية من الله الجليل بإرسال رسول من عنده إلى بعض خلقه هي المنة التي لا تنبثق إلا من فيض الكرم الإلهي ، المنة الخالصة التي لا يقابلها شيء من جانب البشر ، .. وللتعبير القرآني " من أنفسهم " ظلال عميقة الإيحاء والدلالة ، إن الصلة بين المؤمنين والرسول هي صلة النفس بالنفس ، لا صلة الفرد بالجنس ، فليست المسألة أنه واحد منهم وكفى ، إنما هي أعمق من ذلك وأرقى ، ثم إنهم بالإيمان يرتفعون إلى هذه الصلة بالرسول ، ويصلون إلى هذا الأفق من الكرامة على الله .

 والنبي عليه السلام خير خلق الله كلهم ، وله علينا فضل عظيم ، ومهما فعلنا فلن نستطيع أن نوفيه حقه .

فإن فضل رسول الله ليس له          حد فيعرب عنه ناطق بفم

فمبلغ  العلم   فيه   أنه  بشر          وأنه  خير  خلق الله كلهم

 وكان عليه السلام – كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها – خلقه القرآن ، فلقد كان أحلم الناس ، وأسخاهم ، وأعفهم ، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها ، وكان لا يجفو على أحد ، وما لعن امرأة ولا خادما قط ، وما ضرب أحدا بيده قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله ، وكان أصدق الناس لهجة ، وأوفاهم ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة .

يا من له الأخلاق ما تهوى العلا          منها  وما يتعشق الكبراء

زانتك  في الخلق العظيم شمائل          يغرى بهن ويولع الكرماء

 أيها المسلمون ، لقد كان الصحابة الكرام يحبون النبي عليه السلام حبا عظيما ، ويفدونه بأرواحهم وأهليهم وأموالهم ، بل إن الجمادات أيضا كانت تحبه ، فكلكم يعرف قصة الجذع الذي أن لفراقه عندما خطب من فوق المنبر الذي صنع له ...

وألقي  حتى في الجمادات iiحبه
وفارق جذعا كان يخطب iiعنده
يـحن  إليه الجذع يا قوم iiهكذا
إذا كان جذع لم يطق بعد ساعة



فكانت  لأهداء السلام له iiتهدى
فـأن  أنـين الأم إذ تجد iiالفقدا
أما نحن أولى أن نحن له iiوجدا
فـليس  وفاء أن نطيق له iiبعدا

 فهل نحن نحب ارسول عليه السلام ؟ وما الدليل على حبنا له ؟ هل يكفي أن نقول أننا نحب الرسول بألسنتنا ؟ وهل المقاطعة ، والمدائح النبوية ، والتذكير بمولده –عليه السلام - ، يكفي للتعبير عن حبه ونصرته ؟ وهل حالنا اليوم يسره ؟ أيها المسلمون ، إن النصرة الحقيقية للنبي الكريم تكون بطاعته ، والسير على هديه ، واتباع سنته ، وتفعيل سيرته في حياتنا ، وباتخاذه قدوة ، وبتربية أولادنا على حبه . قال الإمام مالك : إن السنة مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق . وقال أبو بكر – رضي الله عنه - : لست تاركا شيئا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يعمل به إلا عملت به ، إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ . وقد كان الصحابة يحافظون على اتباع السنة ، فقد قال ابن مسعود – رضي الله عنه - : من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا ، اختارهم الله لصحبة نبيه عليه السلام ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم .

 فكن أيها المسلم محبا لرسول الله عليه السلام ، حريصا على تطبيق سنته ، مكثرا من الصلاة عليه ، لعله يشفع فيك في الآخرة ...

عـلـيـك بـإكثار الصلاة مواظبا
وأفـضـل خـلق الله من نسل آدم
فـقـد  صـح أن الله جـل iiجلاله


على أحمد الهادي شفيع الورى طرا
وأزكـاهـم فـرعا وأشرفهم iiفخرا
يـصـلـي عـلى من قالها iiعشرا

 فصل اللهم على من علمنا الحب ، وآخى القلب مع القلب ، وفتح للخير كل درب .