سورة الإخلاص

الشيخ حسن عبد الحميد

في كتاب مولانا رب العزة والجلال سورة تسمى ( الإخلاص ) 

وهي ( قل هوالله أحد ، الله الصمد، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد )

وقد سميت بالإخلاص  لأن الله أخلصها لنفسه ولأنها اشتملت على إثبات الكمال لله سبحانه وتعالى ، فأثبتت اسمه العظيم وهو الله ، وأثبتت وحدانيته ، وأثبتت صمديته ، ثم نفت عنه ماكانوا يدعونه من وجود الوالدة والولد ،أو أن يكون له كفوا أو شريك أو مشابه ، وهي تخلص قائلها من الشرك 

ولهذا كان يقرأ النبي عليه السلام هذه السورة في الركعة الثانية من راتبة الفجر ، وراتبة المغرب وركعتي الطواف 

وهذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان بمكة .

قل هو الله أحد : أي الذي لايقبل التعدد والكثرة 

والصمد هو الكامل في صفاته الذي تصمد إليه جميع المخلوقات ، الذي لم يلد ولم يولد ، لأنه ليس من شيء يولد إلا سيموت ، ولايموت إلا سيورث ، وأن الله سبحانه وتعالى لايموت ولا يورث 

ولم يكن له كفوا أحد : أي لم يكن له شبيه وليس كمثله شيء

ولم يرد في فضل سورة من سور القرآن ماورد فيها :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن ، فحشد من حشد ، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقرأ قل هو الله أحد ثم دخل  ، فقال بعضنا لبعض : إني أُرى هذا خبر جاءه من السماء ، فذاك الذي أدخله ، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : 

إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن ، ألا إنها تعدل ثلث القرآن ) مسلم ٨١٢ 

لأن القرآن أخبار وأحكام وعقائد ، 

وهذه السورة تتعلق بالعقائد ، 

وقيل لأنه خبر وإنشاء والخبر منها مايتعلق بالأحكام ومنه مايتعلق بالعقائد ،

المهم أن النبي عليه السلام ذكر أنها تعادل ثلث القرآن .

هذه السورة العظيمة افتحت بكلمة ( قل ) وهي ضمن خمس سور افتتحت بهذا اللفظ 

وضمن ٣٣٢ موضعا من الآيات افتتحت بقوله تعالى ( قل ) 

قال المشركون لرسول الله عليه السلام أنسب لنا ربك ؟؟ هل هو من حجر ، أو شجر ، أو جماد 

فقال سبحانه ( قل هو الله أحد ) 

وفي هذه الآيات إشراقات : 

١/ فيها أشارة إلى أن العقيدة من عند الله سبحانه وتعالى فهو الذي بلغها لنبيه عليه السلام 

وقد أوضح الله سبحانه صفاته بما لا لبس فيه ، من ذلك ( الرحمن على العرش استوى ) 

لئلا تذهب الأفهام والخواطر إلى شيء من اللبس والمغالطة ، كما وقع أصحاب الحلول والإلحاد ؟؟؟

٢/ فيها أشارة إلى تشبع النبي الكريم بهذه المعاني ، فإنه يقولها وقد امتلأ بها فؤاده ، وفاضت بها نفسه ، ثم تكلم بها لسانه صلى الله عليه ، وتواطأ ظاهره وباطنه 

٣/ فيها أشارة إلى تزكية النبي وإيمانه بهذه المعاني كما أخبر عن ربه عز وجل

٤/ إن قوله ( أحد ) أبلغ من (  واحد ) وإن كانت بمعناها ، فالله أحد بربوبيته له الخلق وله الرزق وله الحياة وله الموت 

الواحد : لا ثاني له  فهو في الأعداد ، والأحد لاشبيه له فهو في الصفات والأفعال ، وهو الواحد في الألوهية المستحق للعبادة وحده جل وعلا ،

 فلا يعبد بحق إلا الله سبحانه . 

أدعى اليهود أن الله سبحانه أدركه التعب والإعياء من خلق السموات والأرض ، فاستراح يوم السبت ؟؟؟

وهكذا عندما قال النصارى المسيح ابن الله ؟؟ 

نفى سبحانه ذلك من نفسه فقال ( مااتخذ الله من ولد وماكان معه إله ٩١) المؤمنون 

هذه السورة القصيرة الوجيزة التي بها بضع آيات ، وهي من أقصر سور القرآن ، هي أعظمها دلالة ومعنى ، لأنها تمحضت في تقرير العقيدة ، والتعريف بالله عز وجل ، ولذلك كانت تعدل ثلث القرآن .

حري بالمؤمن أن يقرأها ويتأمل معانيها ، ويقف عندها إجلالا لعظمة الله وكبريائه ومجده .

تأمل في نبات الأرض وأنظر  

                  إلى آثار ماصنع المليكُ 

عيون من لجينٍ شاخصاتٍ 

               بأبصار هي الذهب السبيكُ

على قُضب الزبرجد شاهدات  

                    بأن الله ليس له شريكُ 

والله أكبر ، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين

وفرجك ياقدير..

وسوم: العدد 660