الفرعنة !!

الشيخ حسن عبد الحميد

كلمة منحوتة من كلمة فرعون الذي قال لشعبه أنا ربكم الأعلى ماأريكم إلا ماأرى ، وماأهديكم إلا سبل الرشاد .

وكتاب ربنا يقول ( وأضلّ فرعون قومه وماهدى ) ٧٩ طه ، أي وأضل فرعون في حياته قومه عن طريق الحق وماهداهم إليه ، وإنما هداهم إلى طريق الغي والباطل فكانت عاقبتهم الهلاك والدمار  .

لمّا قامت ثورة على حاكم أوربي وهو شاوشيسكو ديكتاتور رومانيا ، وكان قد حفر تحت قصره نفقا طوله ١٥ كم ، قال لي مدرس فلسطيني مهنئا على إقبال شاوشيكو تبعكم  !

نحن أمة شعارها الله أكبر ، دينها رباها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( وإذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم ياظالم فقد تودع منها ، وبطن الأرض خير لها من ظاهرها )

تقديس الحاكم أمر خطير :

الهتاف باسمه ، والرضا بأصنام توضع له في الميادين وعلى الطرق وعلى الدوار !

المدرسة باسمه ، والفرن باسمه ، والمسجد باسمه ، والبقالة باسمه ! 

وتطور الأمر فصارت المظليات القرمطيات تحكم دمشق ! وتمزق حجاب كل امرأة محجبة ! شوهدت سيارة يقودها قائد بلباس مدني وبجانبه زوجته المحجبة ، أمرها المظليات أن تزيل الحجاب فرفضت ، مزقوا لها الحجاب ، أشهر زوجها مسدسه فبادروه برصاصات أودت بحياته ! فكان أول شهيد للحجاب !

أما التمشيط الذي أقامته الوحدات وسرايا الدفاع فقد أهان كرامة الرجال ، وداس على حرية الأمة ، وتجرأ وزير داخلية أن يقول :

 لك ايش القانون !  أنا القانون ؟

واخُترع في المدارس تحية العلم ! وهو في الحقيقة تحية للصنم  ! 

واكتفينا كأمة أن نكتب الآية ( وأمرهم شورى بينهم ) في قصر العدل ، وفي دور القضاء ، ولا شورى ولا تشاور ؟

وقد وُصف المصطفى عليه السلام بأنه صلى الله عليه والسلام كثير المشاورة لأصحابه ، وكلنا يذكر قوله عليه السلام في غزوة بدر : اشيروا عليّ أيها الناس عن المكان الذي نزل فيه  صلى الله عليه وسلم . 

الحكم الديكتاتوري يناسبه الاستبداد : يخون الوطن ويجد من يصفق له ! وتطور الأمر فصار الاستبداد قانون التعامل في المجتمع ! 

فأصبح الرجل مستبدا في بيته لا يناقش ! والمرأة خادمة له وأداة متعة ! الرأي للرجل ، والمرأة شريكة الحياة تهمش ودورها في إدارة البيت  ؟

رئيس الدائرة دكتاتور وهو مسنود لأنه حزبي ! أو لأنه من الجبل القرمطي !

مدير المدرسة دكتاتور ! ألغى الاجتماع الأسبوعي لمجلس المدرسين لأخذ الآراء في انجاح العملية التربوية ؟ 

حتى المساجد صار لها أئمة مستبدون لايأخذون رأي جمهور المصلين وعلى الأخص أهل الحي ! 

الإمام فرد من المصلين إذا أخطأ في صلاته يسبح الرجال ويصفق النساء لرده إلى الصواب ؟

ولايحق للإمام أن ينقل من مسجده سجادة أو خزانة إلى مسجد آخر ، ولا يقوم بالاصلاحات في المسجد إلا بمشورة أهل الحي ، المسجد مدرسة لغرس الديمقراطية في نفوس المصلين والإمام ليس ابن عشيرة كذا ! ولا حزب كذا ! ليس دكتاتورا يمشي على هواه ! هو مقيد بشرع يقول منزله : 

( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) 

المسجد مدرسة لتعليم المصلي الصدع بالحق والجهر بإنكار المنكر ، والإمام الذي يقتنع بتقبيل يديه ! وتوكيله بتوزيع الزكاة وبدعوته للولائم لا يستحق أن يكون إماما !

اقرأ : 

كيف بكم إذا فسق شبابكم ، وطغى نساؤكم ، وكثر جهالكم  ؟ قالوا : وإن ذلك لكائن يارسول الله ؟ قال : وأشد من ذلك ! كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ، وتنهوا عن المنكر ؟ قالوا : وإن ذلك كائن يارسول الله ؟ قال : وأشد من ذلك ، كيف بكم إذا رايتم المعروف منكرا ، ورأيتم المنكر معروفا ؟ 

وتدرج المنكر حتى وصل الأمر إلى اختلاط المفاهيم ! وانقلاب الموازين !

يقول الرب الجليل سبحانه في الحديث القدسي :

( يكون في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين ! يلبسون للناس جلود الضان من اللين ! ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم قلوب ذئاب ، يقول تعالى : 

أبيّ يغترون أم عليّ يجترؤن ؟ فبي حلفتُ لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا ) 

تقديس الحاكم ضلال في ضلال ! والسكوت عن شيوع المنكر جريمة ! والحرية أقدس مايزاد عنه ! 

وولي الأمر خادم لا سيد ! 

أراد عمر الفاروق رضي الله عنه أن يحدد المهور فوقفت امرأة في المسجد وقالت : هذا ليس لك ياعمر !

إن الله يقول ( وآتيتم إحداهن قنطارا ) قال عمر العظيم رضي الله عنه وهو على المنبر ( أصابت امرأة وأخطأ عمر ) 

نحن بحاجة إلى مجالس نيابية لا تحسن التصفيق ولا التقديس ! 

بل تحسن النقد ؟ 

إن أربع نواب في مجلس اللوردات في بريطانيا يسقطون حكومة ، وفي بلادنا لا يسقط الحكم ولو بلغ عدد الشهداء عشرات الملايين !!! إنها الفرعنة من أحفاد حمدان قرمط !

وحسبنا الله ونعم الوكيل 

ولاحول ولا قوة إلا بالله 

والله أكبر والعاقبة للتقوى 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 708