وقفات مع شهر "رجب"

من فضل الله على عباده أن يجعل لهم مواسم للطاعات, وأيَّامًا تُستَحب فيها الخيرات , وهذا من صور الرحمة التي تتنوع مظاهرها وتتعدد أنواعها, فهو-سبحانه- أعلم بخلقه , ويريد بهم اليُسْر, تبارك من خالقٍ لطيفٍ خبير.

 ومن هذه المواسم التي تتناثر فيها الرحمات: الأشهر الحرم التي خصّها الله , بالفضل والإكرام , منها ثلاث متواليات(ذي القعدة وذي الحجة والمحرم) , و"رجب" مُضَر الذي بين جمادى و شعبان, يقول ربنا :" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ..." ([2]).

 وقد حُرِّم القتال في هذه الأشهر؛ تعظيمًا لشعائر الله من حجٍّ وعمرةٍ للبيت العتيق , والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة , زادها الله أَلَقًا ونورا , وها نحن نرى دماء المسلمين تسيل أنهارًا بدون ذنبٍ أو جريرة , سواء بيد عدوٍّ من خارجها , أو عدوٍّ من داخلها , نسأل الله أن يحقن دماء المسلمين في شهر الله الحرام , وفي كل شهرٍ , إنه على ذلك قدير.

 وفي شهر "رجب" - في بعض الأقوال- كانت معجزتي: "الإسراء المعراج", اللتان تُذكِّرنا بالأرض السَّلِيبة, الأرض المباركة , أرض الأقصى والمَسْرَى يقول عزَّ من قائل: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى"([4]) , ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود ، قال : " لما أُسري برسول الله r , انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة ، ....., فأعطي رسول الله r ثلاثًا : أُعطي الصلوات الخمس ، وأُعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات" (

( [2] ) المعجم الكبير للطبراني (519) , ج 19, ص233.

( [4] ) مسند الإمام أحمد بن حنبل, ج 19, ص 209, تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون, مؤسسة الرسالة, ط. 2 ,1420هـ ، 1999م .

( [5] ) صحيح مسلم , ج 1, ص 157, تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي, دار إحياء التراث العربي – بيروت. و "المقحمات" الذنوب العظام الكبائر التي تهلك أصحابها وتوردهم النار وتقحمهم إياها , والتقحم : الوقوع في المهالك , ومعنى الكلام: من مات من هذه الأمة غير مشرك بالله غفر له المقحمات . ينظر : السابق. 

وسوم: العدد 715