الخاطرة ١٧٩ : فلسفة عيد الفطر الجزء الثالث

خواطر من الكون المجاور

بسبب تشعب موضوع مقالتنا ،أو ربما بسبب عرض عناصره بشكل مختصر، أو ربما أيضا بسبب نشره على مرحلتين أدى إلى عدم فهم بعض القراء لتلك العلاقة التي تربط عيد الفطر بالنضوج الجنسي وسن البلوغ . لذلك سنحاول في هذه المقالة إن شاء الله التنويه على بعض النقاط الهامة لنشرح بشكل أفضل ترابط عناصر هذه العلاقة بين الفطر وعيد الفطر وسن البلوغ. 

ولكن قبل أن ندخل مباشرة في شرح العناصر التي تربط بين عيد الفطر وسن البلوغ ، لا بد لنا من ذكر لمحة تاريخية عن تطور المعنى الروحي للأعضاء التناسلية في المراحل المختلفة لتطور الإنسانية .

في الخاطرة ١٦٩ ( الأنبياء ومراحل تطور الإنسانية) ذكرنا بأن الحكمة الإلهية وضعت قصة يوسف عليه الصلاة والسلام في نهاية سفر التكوين ليكون رمزا روحيا له معنى ان الإنسانية في فترة ولادة يوسف كانت روحيا في مرحلة الطفل الرضيع حيث في تلك الفترة ظهرت أول حضارة روحية عرفها التاريخ فنجد ان الأمور الروحية في شعب مصر أصبحت تسيطر على سلوك أفراده، ونقصد هنا حضارة عصر الإهرامات والتي أسسها النبي يوسف والمعروف بالإسم المصري (امحوتب) والذي معناه ( الذي جاء بالسلام) .

في حضارة عصر الأهرامات نجد ظهور اسطورة أوزريس إله العدالة والنظام الإجتماعي ، تحكي هذه الأسطورة أن سِت إله الشر والفوضى يقوم بقتل اوزريس ، حيث بطريقة ماكرة يتمكن من وضعه في صندوق ثم يغلقه بإحكام ويرميه في البحر ، ولكن إيزيس زوجة أوزريس المقتول تبدأ بالبحث عنه وبعد البحث الطويل تعثر عليه ، وتحاول بالتعويذات السحرية إحيائه ثانية ، ولكن إله الشر والفوضى سِت يتمكن من سرقة جثمان أوزريس فيقطعه إلى العديد من القطع ويرمي كل قطعة منه في مكان مختلف في بلاد مصر ليمنع إيزيس من إيجادها ، ولكن إيزيس وبعد بحثها الطويل تستطيع إيجاد جميع أشلاء جثمان زوجها ما عدا العضو التناسلي لأوزريس لأن أحد أنواع الأسماك كان قد أكله ، وبواسطة التعويذات السحرية تتمكن إيزيس من توحيد أشلاء جثمان زوجها لتضاجعه فتنجب منه إبنها حورس ، المصريون القدماء سجلوا هذه الحادثة في لوحات فنية يبدو فيها أوزريس مستلقي وزوجته موجودة بقربه لها شكل طير الصقر وبالقرب منهما إبنها حورس(الصورة) ، إن وجود إيزيس في هذه اللوحات على شكل طير يعطي هذه اللوحات معنى بأن المضاجعة بين أوزريس وزوجته والتي نتجت عنها إنجاب حورس كانت مضاجعة روحية وليست جسدية لان الطير هو رمز للروح، طالما أنه لم يكن للعضو الذكري أي وجود في هذه المضاجعة ، فكما ذكرنا أن العضو الذكري لأوزريس قد أكله السمك . بعد ولادة الابن حورس تأخذه أمه إيزيس بعيدا عن إله الشر والفوضى سِت وتربيه وتعلمه ليكبر وينتزع العرش من ست ليحكم شعب مصر ويعيد لها العدالة والنظام كما كان في زمن ابيه أوزريس .

هذه الأسطورة لم تظهر صدفة وهي لا تعبر عن الصراع السياسي والإقليمي لتلك الفترة كما يظن علماء تاريخ مصر القديمة، فهذه الأسطورة ظهرت في بداية عصر الأهرامات لتعبر عن طبيعتها الروحية ، فالإنسانية في تلك الفترة كما ذكرنا كانت تعيش روحيا في مرحلة الطفل الرضيع ، حيث اطفال تلك الفترة رغم ان ولادتهم كانت تحصل عن طريق المضاجعة الجسدية بين الرجل والمرأة ولكن بما أن الزواج في تلك الفترة كان تحت سيطرة القدر الإلهي وليس بإختيار المرأة لشريك حياتها ، لذلك كان الزواج في تلك الفترة يحمل رمز المضاجعة الروحية ، كما يحصل في الأسطورة حيث حورس يولد من مضاجعة روحية بين أبيه وأمه بسبب غياب العضو التناسل الذكري كما تذكر الأسطورة.

الابن حورس في هذه الأسطورة هو رمز لكل نبي او رسول او حكيم أو مرشد يساهم في تنمية المبادئ السامية والأخلاق الحميدة في نفوس الناس ، فبهذه الصفات الروحية ستتم محاربة الإله ست الذي يرمز إلى روح الشيطان الذي هدفه نشر الفساد والفوضى والظلم في المجتمع .

رغم محاولة الأنبياء والمرشدين وضع الإنسانية في بيئة روحية مشابهة للبيئة الروحية للطفل الرضيع ، ولكن الإنحراف الروحي عن الصراط المستقيم للبعض كان يسبب ظهور شذوذ في سلوك طبقة من أفراد المجتمع ، فكانت نتيجة هذا الإنحراف هي ظهور ديانات وثنية تقوم بعبادة الأعضاء التناسلية كرد عكسي للحالة الروحية التي كانت تعيشها الإنسانية في تلك العصور ،فاسطورة اوزريس وأيزيس تمثل الإتحاد الروحي الذي يجمع المراة والرجل بسبب غياب العضو التناسلي الذكري ولكن بعض الديانات الوثنية اعادت ظهوره وأعطته الأهمية الكبرى في طقوسها الدينية ، حيث نجد في مصر القديمة ظهور طقوس الإله بيس الذي له شكل قزم قبيح يملك قضيبا خارقا في الحجم ليصبح إشباع الشهوة الجنسية رمزا للإخصاب وربا لحماية العائلة ، وقد وجدت الأبحاث الأثرية ان أقدم النماذج لإله بيس وجدت في كينيا وأوغندا وتنزانيا فمن هذه المناطق أنتقل هذا الإله الوثني إلى مصر ليحل محل الإله المصري أوزريس ليجعل إنجاب الأطفال يأتي عن طريق إشباع الشهوات الجنسية بعد ان كان نتيجة علاقة روحية مقدسة بين الرجل والمرأة.

في كثير من الديانات الوثنية القديمة حدث فيها إنشقاقات وظهرت منها عبادة الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية ولا تزال بعض طقوس هذه الديانات يتم ممارستها حتى الآن وربما اهم اسباب استمرار عبادة الأعضاء التناسلية هو الرغبة في المقدرة على الإنجاب فهناك بعض الناس رجالا ونساء يفعلون المستحيل و مهما كان الثمن فقط من أجل الإنجاب فهذه الرغبة الشديدة هي التي إستغلها بعض الكهنة المزيفين إلى إختراع مثل هذه الديانات لأشباع شهواتهم الحيوانية .

في اليونان القديمة أيضا ظهرت عبادة العضو التناسلي الذكري ، فكان الإله بريابوس ابن الربة افروديت وديونيسوس يشابه إله بيس المصري فكان هو أيضا له شكل قبيح جدا بعضو ذكري ضخم ، فكان اتباع هذا الإله يؤمنون بأن الحياة قصيرة ويجب على الإنسان قضاء وقتا ممتعا عن طريق إشباع شهواته الجنسية ، وكانت مركز هذه الديانة الوثنية مدينة بومباي التي أصبحت فيما بعد تحت حكم الرومان والتي خلدها البركان وحولها بسكانها إلى تماثيل متفحمة لتبقى عبرة لكل من يشجع في تحويل العلاقة بين المرأة والرجل إلى علاقة حيوانية هدفها إشباع الشهوات .

للأسف حتى الديانات السماوية لم تنجوا من عبادة الأعضاء التناسلية حيث نجد أن بعض الطوائف رغم دخولهم في الديانات السماوية ولكنهم ظلوا محتفظين بطقوس دياناتهم القديمة في عبادة الاعضاء التناسلية ، ولهذا يجب ان نوضح هنا أن جميع الديانات السماوية ترفض هذه الطقوس وتحرم أتباعها من ممارستها لأنها تعتبره عمل شيطاني ، ولكن هذه الطوائف تصر على عدم تركها ، فنجد في شمال سوريا طائفة من المسلمين لا يزالوا يمارسون طقوس تقديس فرج المرأة ، وفي اليونان أيضا يوجد منطقة اهلها مسيحيون ورغم محاربة الكنيسة لعاداتهم ولكنهم لا يزالوا يمارسون طقوس تقديس العضو التناسلي الذكري كطقوس من حضارتهم اليونانية القديمة .

للأسف بعض الباحثين المسلمين يدعون في مؤلفاتهم ان المسيحيين يعبدون ويقدسون العضو الذكري ، وهؤلاء الباحثين يستخدمون في إثباتاتهم منطق ساذج حيث لا هدف من أبحاثهم سوى زرع الفتنة ونشر العداوة والكراهية بين المسلمين والمسيحيين ، فحسب رأي هؤلاء أن المسيح في الديانة المسيحية قد صلب على رمز قضيب ذكوري . وان المسيحيين يهاجمون الإسلام والمسلمين لابعاد الشبهة عن معتقداتهم الفاسدة ، فعلى سبيل المثال ان لوحة المسيح على الصليب ( التي في الصورة) هي حسب رأيهم دليل على عبادة القضيب الذكري حيث نجد أن الباحث يكتب في أعلاها ( لاحظ في هذه الصورة ظهور القضيب الذكوري على بطن يسوع المصلوب والنساء تشاهد وتركز فيه ) ، ويقصد ان شكل عضلات بطن المسيح في اللوحة تشبه شكل القضيب وهذا حسب رأيه إثبات يؤكد على عبادة المسيحيين للقضيب الذكري ، طبعا هذا الإثبات لا يدل سوى على شدة العمى الروحي الذي يعاني منه صاحب هذا الإثبات ، لأن كل إنسان نحيف لا يحمل في منطقة بطنه اي دهون ستظهر تقاطيع عضلات بطنه ويكون لها نفس شكل بطن المسيح في اللوحة ، فالرسمة ماخوذة من شكل الإنسان الطبيعي وليس من شكل القضيب الذكوري، فما علاقة شكل عضلات البطن مع شكل القضيب ؟ وما علاقة هذه اللوحة بعبادة القضيب الذكوري ؟

وللأسف الشديد نجد باحث مسلم آخر يحاول التأكيد على صحة رأي الباحث الاول فيقول بأنه طالما ان المسيحيين يعبدون جسد المسيح المصلوب، وطالما المسيح له قضيب ذكري فهذا يعني انهم يعبدون قضيب المسيح !!!! ما هذا الهراء ؟!!! المسيحي الذي سيسمع هذه الآراء عن ديانته لن يصدق بان مستوى البحث العلمي عند بعض الباحثين المسلمين قد وصل إلى هذه السذاجة وهذه الكراهية .... من قال بأن المسيحيين يعبدون جسد المسيح المصلوب ، المسيحيون لا يعبدون لا جسد المسيح ولا يعبدون الصليب ، ولكنهم يقدسون الصليب وهناك فرق شاسع بين الحالتين ، لأن الصليب بالنسبة لهم له معنى رمزي يعبر عن رفض المسيح لإستخدام سلوك العنف وحمل السلاح ضد الآخرين وإصراره على تعاليمه التي تنمي عاطفة المحبة والسلام بين الناس والشعوب وبسبب إصراره هذا على رفض المشاركة بثورة مسلحة ضد الإستعمار الروماني كما هو مذكور في الإنجيل خانه تلميذه يهوذا فتم القبض على المسيح وتم صلبه ، لذلك يعتبر الصليب بالنسبة للمسيحيين شعار مقدس لأنه أصبح رمز آلام المسيح التي عانى منها على الصليب من أجل تمسكه في متابعة تعاليمه التي تعتمد على تنمية المحبة والسلام في نفوس الناس . هذه قصة صلب المسيح المذكورة في الإنجيل فما علاقة هذه القصة بعبادة القضيب الذكوري ؟ لماذا يظن بعض المسلمين بأن بمحاولاتهم في تشويه الديانات الأخرى ستجعل من دين الإسلام الأقوى في العالم ... هل من المعقول أن ينتشر الدين الإسلامي في الأمم الاخرى من خلال هذه الأكاذيب الملفقة التي تقوم بتشويه حقيقة هذه الاديان.

اذا حاول الجميع أن يستخدم هذا المبدأ في تفسير الأشياء والأحداث عندها سيكون المسلمين حسب رأي المسيحيين يعبدون فرج المرأة لأنه كما ذكرنا يوجد طائفة من المسلمين في شمال سوريا لا تزال تحتفظ ببعض طقوس ديانة وثنية قديمة تقدس فرج المرأة .... فهل هذا يعني أن عبادة الأعضاء التناسلية أصلها من الدين الإسلامي الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؟.... عندما يذهب الحجاج إلى الكعبة يحاولون لمس وتقبيل الحجر الأسود فإذا استخدم المسيحي منطق هؤلاء الباحثيين المسلمين هذا يعني بأن الباحث المسيحي سيستخدم لمس وتقبيل الحجر الأسود كدليل يؤكد ان المسلمين يعبدون الحجر الأسود ، هل المسلمين يعبدون الحجر الاسود ؟ طبعا جميع المسلمين لن يوافقوا على هذه الآراء، لأنهم يعرفون دينهم جيدا ، وهكذا الأمر تماما في تقديس الصليب بالنسبة للمسيحيين .

كلنا نعلم مدى أهمية الأعضاء التناسلية في تكاثر الإنسانية والحفاظ على وجودها وإستمرارها لتستطيع التطور ولتسطيع تطهير نفسها من تلك الشوائب التي دخلت في تكوينها وكانت سببا في طردها من الجنة . لذلك كانت الديانات التي انزلها الله على عباده تنمي العفة والطهارة في نفوس المؤمنين وتترك أمر الزواج والتكاثر بيد الله لتسير الأمور كما يشاء هو لأن الإنسانية في تلك العصور كما ذكرنا كانت في مرحلة الطفولة ، ولكن مع نزول آخر ديانة سماوية وإكتمال مرحلة الطفولة ، اعطى الله عز وجل علامة تشير إلى دخول الإنسانية في عصر البلوغ والنضج الجنسي حيث اخذ العيد الذي يأتي بعد صيام شهر رمضان يحمل أسم عيد الفطر .

كلمة (فطر) في اللغة العربية كما شرحنا في المقالة الماضية تعتبر كلمة غنية جدا بالمعاني ، ولكن إذا تمعنى جيدا سنجد أن جميع هذه المعاني تدور حول موضوع واحد له علاقة بالنضج الجنسي ، إذا تمعنا أيضا في في الأعياد التي تأتي مباشرة بعد الصيام في الديانات الاخرى سنجد انها تشارك المعنى الذي تأخذه كلمة الفطر . فبعد أيام الصيام عند اليهود يأتي عيد الفصح ، ومعنى كلمة الفصح في اليهودية هو ( العبور) ، فعند دخول الطفل في مرحلة البلوغ والنضج الجنسي عندها فإن تكوين هذا الطفل يعبر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة في حياته فيتحول من طفل إلى رجل إذا كان مذكرا أو من طفل إلى إمرأة إن كان مؤنثا ، فمعنى عيد الفصح في الديانة اليهودية هو أيضا أحد المعاني لكلمة الفطر وهذا يؤكد على ان الصيام في هذه الديانة كمعنى روحي يرتبط بالعفة والطهارة الجنسية وليس بالإمتناع عن الطعام فقط ، فالصيام في اليهودية هو أيضا رمز يعبر عن المرحلة الطفولية التي كانت عليها الإنسانية في زمن ظهور هذه الديانة .

أيضا في الديانة المسيحية نجد بأن العيد الذي يأتي بعد أيام الصيام يحمل نفس الأسم الموجود في اليهودية ( الفصح) ولكن بالنسبة للمسيحيين فهذه الكلمة تحمل معنى آخر وهو (القيامة او البعث) وهذا المعنى هو أيضا من ضمن معاني كلمة (فطر) حيث دخول الإنسان في سن البلوغ تحدث به نوع من القيامة او البعث حيث أن خروج الإنسان من الجنة كان سببه الزنى لذلك بعد ولادة الإنسانية على سطح الأرض أصبح موضوع الزواج تحت سيطرة القدر الإلهي بسبب وجود الإنسانية في مرحلة الطفولة ، ولكن مع دخول الإنسانية في مرحلة البلوغ تعود اليها حرية إختيار الشريك الذي سيتم معه التزاوج ، لذلك نجد ان من أهم العادات الدينية عند المسيحيين في عيد الفصح هي عادة تلوين البيض ولعبة تكسيره ، فالبيضة هنا هي رمز الولادة ونعني ولادة الأعضاء التناسلية اي بعثها من جديد لتصبح قادرة على التزاوج . لذلك نجد ان رجال الكنيسة المسيحية لا يتزوجون ولا يعاشرون النساء فرغم انهم يعتبرون هذا السلوك كنوع من العفة ولكن في الحقيقة هذه العفة هي رمز يعبر عن وجود الإنسانية في مرحلة الطفولة عندما ظهرت الديانة المسيحية ، أيضا نجد أنه بعد عصر الحضارة الإسلامية يأتي عصر النهضة الاوربية ، وأسم هذا العصر في اللغات الاوربية يحمل معنى (الإنبعاث والتجديد) وهو أيضا أحد معاني كلمة الفطر، فعصر النهضة ليس إلا الخطوة الاولى لدخول الإنسانية في مرحلة سن البلوغ .

حتى نستوعب موضوع علاقة الفطر مع عيد الفطر وعلاقته بسن البلوغ والنضج الجنسي ، لا بد ان نعتمد قاعدة ثقافية صحيحة وهي تلك القاعدة التي على مبدأها ظهرت اول حضارة روحية في تاريخ الإنسانية ونقصد حضارة عصر الأهرامات ، هذا المبدأ الذي عبر عنه الحكيم المصري هرمس ثلاثي القوة في عبارته الشهيرة (لكل سبب نتيجة ، ولكل نتيجة سبب، كلٌ يحدث حسب القانون ، الصدفة ليس إلا اسماً يعطى لقانون نجهله حتى الآن) .

على مبدأ هذا القانون يجب ان نحاول تفسير ما يجري حولنا فكل شيء يحدث حولنا له معنى ، وكل شيء تم وضعه في العادات والأحداث الدينية هو من عند الله ليساعدنا على فهم البعد الروحي لكثير من الاشياء في تطورنا الروحي والجسدي ، لذلك يجب ان ننظر إلى الأمور بشكل شامل ونحاول ربطها مع بعضها لنصل إلى حقيقة الأشياء والأحداث ، فوجود عيد الفطر في اول أيام شهر يحمل أسم شوال ليس صدفة ولكن حكمة إلهية ، وكما شرحنا ان اسم شوال له معنى تزاوج ، أيضا وجود الشبه الكبير بين اسم العيد وأسم الكائن الحي الفطر ، ليس صدفة ، فهذا الفطر لا ينتمي لا إلى الكائنات الحيوانية ولا إلى الكائنات النباتية ولكن له صفاته الخاصة التي جعلته يأخذ محور تطور خاص به ليصل شكله إلى شكل الأعضاء الجنسية ، لذلك أخذت هذه الكائنات اسم فطريات لأن الأعضاء الجنسية وظيفتها تحمل جميع المعاني العديدة لهذه الكلمة ، فكلمة (فطر) ليست من صنع الإنسان ولكنها من صنع الله عز وجل ، فإذا تمعنا بعمق في جميع معاني هذه الكلمة سنجد ان جميعها تتعلق بموضوع واحد يعبر عن سن البلوغ والنضج الجنسي.

فعبارة فطر الصائم اي قطع صيامه، فمع الدخول الإنسانية في سن البلوغ تنقطع الرعاية الألهية في الزواج ويصبح الإنسان مسؤولا في إختيار شريك حياته ... فطر الخشب اي شقه او مزقه، فعند النضج الجنسي يحدث الإتصال الجنسي مع الطرف الأخر وعندها يحدث تمزق في غشاء البكارة في المرأة ، ومع الإتصال الجنسي يحدث الحمل لذلك فإن عبارة فطر الشيء لها معنى تكوين او إنشاء والمقصود بها الإنجاب وتكوين الأطفال ، وايضا عبارة فطر الشاة تعني حلبها ،فمع الولادة يظهر الحليب في صدر المراة .

إن أحداث تطور الإنسانية ليست أحداثا عشوائية كما هي مذكورة في كتب المدرسية والعلمية ولكنها أحداث لرواية واحدة كتب فقراتها الله عز وجل ، وحتى نصل إلى فهم حقيقة كل حدث علينا ان نبتعد عن كل اشكال التعصب سواء كان تعصب ديني او تعصب عرقي ، فجميع الشعوب لعبت دوراً هاما في مراحل هذا التطور ، لذلك في هذا العصر الذي تسيطر عليه الوحشية وحب العنف بدلا من أن نتهم بقية الشعوب بسوء صفاتهم وإعتقاداتهم لننمي العداوة والبغضاء بين الشعوب علينا أن نبحث في الأمور بنية سليمة تبحث عن الحقيقة ففي الحقيقة يكمن نور الله وهذا النور كاف لان ينير نفوس الناس لينمي فيهم المبادئ السامية والأخلاق الحميدة لتنتشر المحبة والسلام بين الأمم والشعوب .

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " صدق الله العظيم.

وسوم: العدد 781