عمّ تتساءلون؟ عن النصر القريب؟!!

مصطفى حمزة

[email protected]

في خِضَمِّ القصفِ والتقتيل والتشريد في حِمصَ ؛ أحَدُهُمْ ينتمي للعروبة والإسلام سألني : حِمصُ في سورية  أليسَ كذلك ؟

أجبتُهُ :لا ، هذه بلدة وثنيّةٌ نائيةٌ، تقعُ شمالَ شرقِ الصين !

نظر إليّ في رَيْبٍ وقال : إنكَ تمزح ، أليسَ كذلكَ ؟

قلتُ له : لا ، أنا أبكي .. وإن كنتَ لا ترى بُكائي !!

وحينَ ملّ من صمتي المُطبِق – ولا شك أنه لمحَ في وجهي علاماتِ القرف والأسف – تركني وانصرف ..

أنا أحكي لكم عن ( مثقّف عربي مسلم ) لا عن شخصٍ أميّ من العوامّ !

إنّه واحدٌ من شريحةٍ من ( مثقّفي ) أمتنا ، خطفتهم – عبرَ عدّة أجيال - ( الوطنيّة ) بمناهج ( محلية ) خبيثة ، وبإعلام ( باتر ومبتور ) لئيم ، فغدوا لا يهمّهم إلاّ أخبارُ بلدهم ، ولا يُتابعون إلاّ ما يجري فيه ! وليتَ الأمر كذلك وكفى ؛ بل إنهم معطّلو الفهم والهضم .. ( يقضمون ) الأخبارَ ليلاً ، ليجترّوها في الصباحِ اجتراراً ! يُعيدونها على لسان فلان الذي قال كذا ، وفلان الذي ردّ عليه بكذا ، وهم بينَ كذا وكذا كالذي يهرف بما لا يعرف ، لا رأيَ له ولا موقف !

أمّا أبناء أمتهم خارجَ ( إقليمهم ) من العرب والمسلمين ، الذين يُذبّحونَ جهارا ويُشرّدون ، ويُجوّعون .. وتُنتهك أعراضُهم ؛ فلا يعلمون من أمرهم إلا ما تعلم حميرُ قُراهم من غاية وجودها ، أو لماذا كانت في الحمير !!

وكأنّ هذا القرآن وهذا الحديث ، ليس لهم ، ولن يُسألوا عنه يومَ الحساب :

- قال تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعًا و لا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا ) .

- وقال تعالى : (إنّما المؤمنون إخوة )

- وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:

( المسلم أخو المسلم : لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )

- وعن أبي هريرة-رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- :

(«أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ : أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ : لاَ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ : فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) .

والآن ، عمّ تتساءلون ؟ عن النصر القريب ؟!!