قلمي وأنا ..

قلمي وأنا ..

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

لم يكن يشغل بالي من الذي بدأ رحلة الجفاء  التي سادت بيننا ، قلمي أم أنا .. بقدر ما كان يشغل بالي كيف أصب ماء المصالحة على نار الجفاء المتقدة بيننا

لشد ما كنت أتألم وأنا أتذكر كيف كان الصدر الحنون الذي يتلقى حروفي في الملمات والليالي الحالكات  وكيف صار جلمودا قاسيا وكأنه فقد رونق الحياة..

كيف استطاع  في ذات لحظة جرح و رغبة في البوح أن ينأى بوجهه عني و يتركني نهبا لآلام تنال مني ؟؟

حتى إذا  ناديته بالرجاء تطاول بالجفاء ، و كلما جعلت أناملي تحتضنه بحنانها المعهود ، انسلّ من بين يديها كسجين يفرّ من زرد قيود..

وإذ بادرته بالملام .. جرحني بهروبه وكأنه حدٌ من حسام ...

وعلى هذا المنوال .. قضيت اللياليَ الطوال  .. فما عاد لدي من خيار .. غير أن أعيد لنفسي بعضا من اعتبار ، فكان  أن رددت له الصاع صاعين .. و أنا أعلم ماذا يعني له أن أقابله  بالهجر والبيْن  .. و بعزيمة وإصرار  .. صرمت حبال  الوصل التي تجمعنا  و حللت وثاق عهد  كثيرا ما قرّبنا ..لم أُبدِ له اكتراثا  لطول وقوفه على بابي  رغم  شديد ألمي  واضطرابي  .. و كم من مرة كانت  تأخذني به رأفة ، أو تعتريني من ثورة حروفي المضطرمة في داخلي  رجفة .. فأكاد أبين عن ضعفي و إشفاقي عليه  و بحنوّ بالغ أرنو إليه  ، لأتخلى عن عدم اكتراثي الكاذب  وأعيده  إلى كفي خير صاحب .. لكن كبريائي كان يمنعني  وعزة نفسي  عنه تحجزني

أسابيع طويلة قضيناها ما بين صد وهجر .. كرّ وفر   .. أدنو  منه بعد رأفة تاخذني عليه .. فيشيح بوجهه عني .. يدنو مني في  محاولة يائسة للاستلقاء في دفء كفي  .. فأنفضها منه و أبعدها عنه .. وعلى هذا دأبنا وعلى هذا المنوال مضينا .. إلى أن  هبت نسمة رهيفة حملت في طياتها بذور الوئام .. فأزهرت  و أثمرت  و نأت بنا عن دائرة الخصام  .. نسمة جاءت بسؤال طيب كريم من فاضل طيب كريم ، كشفت به الستار عن حنين لقلمي لا ينطفي .. و صداقة  قوية متينة لا تتلاشى أو تختفي .. جعلتني ألتفت صوبه ببسمة يانعة ترتسم على فمي  .. وبمشاعر ملتهبة تمور في دمي   فما هي سوى لحظات .. حتى سرى إليه دفء أناملي التي أخذت تخط حروفها بجد وحماس .. وتثير في نفسي بقربه لذيذ الإحساس  ..

قلمي الحبيب .. مرحلة قاسية تلك التي مرت علينا معا .. رجائي إليك  بفيض الودّ  أزجيه ..وبكثير الحب  والوجد أهديه .. لا تبتعد .. فأنا في ليل جفائك أذوي وأرتعد .. دمت لي خير صديق .