أروقة الأبجدية..

طوبى لمن زرع الورد، وآثر على نفسه إهداء العنب. من جالسن الأجداد كتب حكمتهم. ذكر الرسول يُزكي العقول. استفهام..

س/ من هو المثقف الحقيقي؟

ج/ هو من يُدير شؤون يومه بكل اقتدارٍ وتمكنٍ.

س/ ما حال الألقاب التي تستبق اسم هذا المثقف مسافة كوكب بلوتو عن الأرض؟

ج/ إذا خلت منها الإنسانية، والصدق، والأمانة لا تُعول عليها بألوان البالونات والفقاقيع ونقيق الضفادع.

من وصل الناس بقلبه افترشت له الأرواح مجالسها. أنامل البركة

إلى العم المرحوم: جاسم بن محمد الجاسم ( رحمه الله )

ما زلنا نراه يحيك خيوط ( سدوته ) في وجدان كل واحدٍ منا بالأبوة الحانية والرقة العالية طوال عمره المديد بيننا..

من ( وجاغ ) الحسينية الكبيرة إلى ( بارقة النجار )، ومن ( ديوانية ) بن قرين إلى ملتقى الزوار..

فهل حقاً رحل، وترك بخور ذكراه يشتعل في مجامر الذكريات؟!

أم أنه خلف فينا تُميرات عمره الحساوي الأصيل من سوق ( القصابية ) إلى أروقة (القيصرية )، ومن شارع المدير إلى سكك ( الفريج الشمالي )!

أسئلة تحتاج لإجابة، وتعجب لم يملَّ استدراك المكان والمكين!

كم دعوةٍ تاق سناها للقمر؟ الإناء الفارغ لا تُحركه الملاعق. الفُستان الطويل لا يُغطي الرمان المُتدلي فوق خوص الزمن! الحياة رسالة..

وأيُّ حكاية هذه التي جعلت من الرحيل رواية أُخرى؟!

عمي، وهل تنقسم السيرة على المسيرة التي خلفتك يا عراب التواصل والنسب؟! حين يحتدم الشوق بالأنفاس لا بد أن يتحرك الإحساس..

مهما ابتعدت ارجع لك

وانتي السبب في بُعدي

دوبي أوجع صدرك

وقلبك يقولي خدري

أنى للبلابل الغناء وعصافير خيالها صامتة؟! لا تُعول على الراحل كيلا تستجدي ظل السراب. أيُّ نجوى تُفتت الريح الضارية؟ أدرتُ رحى العمر للحجاز، فآثرني قُطبها حنطة ودعاءً. هكذا وجدت أبي يسحب دلو الكرم، وأمي تسقينا الحب بيمينها. عنوان البخيل تعداد الصحون. كيف يرحل وقلبها يناديه من تحت التراب؟! أيُّ همٍّ هذا الذي أوغلني فأرداني؟ يا بحر..

كتب أُحجيتي على أطرافك، فمتى تُعنونني بحديث أشرعتك وأمواجك؟

هكذا حال من آلمه رحيل الأحبة..

فظل يختزل أوجاعه في مشاهدة الصور واستنطاقها!

وقفة وفاء

إلى روح العم المرحوم: يوسف بن حسين الدخلان ( رحمه الله )

هكذا خلفت فينا الطيب والعنبر، فأودعتنا أمانة الخدمة بالسبع المثاني وأيادي البركة..

صعبه اليوم ما تكتب له اسطور

وصعبه اليوم ما تغني له لطيور

صدق هاذي السنه خلانه وراح

وصدق هل الشهر بثياب عاشور

لا تُفتش بالعجين ورغيف عمرك بالتنور. إذا انتهى الكلام ماذا تبقى للمجاملة والمديح؟! مرافئ هجر

أيُّ أحساء هذه التي شكلتنا كالفُسيفساء؟

وأيُّ ماءٍ هذا الذي أروى عطش الظمآن المتيم بسُعيفات النخيل؟

فسل العيون عن ذلك بالخدود، والحارة، وأم سبعة، وأطراف جبل القارة..

وترفق بأنامل الصرام بين تمر الخلاص والشيشي، وتدلل يا حبيبي بسفسيف الرزيز..

ولا تُغني للجنوبي، فقد تغنى به ابن السرور.. أوما يكفيك حرارة الزنجبيل وطعم السمسم؟!

فأيُّ سيرة تقف في ضواحي الدين المعاملة؟

وأيُّ كلامٍ يوفّي الذكر الطيب بعد الرحيل؟

وأيُّ فرحة تستنطقُها المُقل؛ وتصفق لها الأيادي بحضوركم الزاهر المُزهر بالأوركيد والزيزفون؟

نُقبل يد أمي في كل وقتٍ، فأيُّ صباحٍ قلنا: آهٍ يا رحاها؟! هي أمي وكفى!

إلى عمتي التي غيبها الثرى، فغدت أنفاسي تشتم شذاها في الطين..

احط قلبي على صدرك

وأناجي عمري واسنيني

واطلبك بقرب الساعات

تقطفينــي وتزرعينــي

توضأت عيني من سفح خدودها، فأوجست للأيام خيفة: "لا تذكروني"! كيف للماء أن يظمأ وشفاه الغيم تروي أطراف اشتياقه؟! أحن لأمي وأبي وتراب وطني..

وأخي المبحوح الذي يزف إليَّ البشرى.

لا تكابر بالمشاعر وحبه سطر العنوان. لا تُراهن بالكلام طالما تحلم بالوسادة. صباحي طفلة تتأرجح بين ثنايا الروح ورقصة الرمان. كيف للفجر أن يشكو صمته، وعلى ضفافه قُبلة وقارب؟! لا تكن رهينة الإعجاب المُقنع، فتصبح ورقة من دون يراع. أيها الصبح توقف

أنت آتٍ وهو مُرهف

فإذا كنت كذلك

فتذكر سوف تُلحف

حضورها حديقة، وأيُّ الورد أُهديه إليها؟! لا تُلقي الحجارة في الأفواه الآسنة كيلا يخنقك فحواها. إذا كانت الأرض تُحب الماء، فكيف بالقلب إذا اخضر مقامه؟ اليد التي لا تُعطي لا تُراهن عليها ساعة الحاجة. ثمة مرضى تقودهم الأفواه وتكسرهم الأتراح. أبدعوا، فكبر أمامهم الخيال بالجد والعمل. لا وصاية على المريض إلا بالدعاء والابتسامة. الحب وشاية المعنى، فكيف تُغني المفردات؟ لا خير في بوحٍ ضمنته المقادير، وأطره زُخرف الكلام بالصرير. آهٍ لأمٍ تجاهلت أُمومتها لتواسي أولاده! أنفاس القلم..

تعال اشوي واعطيني ورد فتان

تعال وشوف عقلي يا قلب فنان

تعال ولا تقول الناس

تعال ولا تقول إحساس

تعال وبس ارسمني بقايا اجروح

تعال وبس احرقني بحمم بركان

من عرف الحب ضل طريق العودة. جاثٍ على خطوات الأمل، وفي الصبر ننال المثوبة. إذا تأرجح العقل مالت العاطفة. من كان ماضٍ بني على النسيان. طوبى لمن هب النسيم بثغره، وعلى شفاه الحب تغنى بالغزل. العطر مُتعدد الألوان والروائح، فابحث عن ذاتك بين الزهور. أيُّ الطيب يروق لها، وفي صدري يتراقص السوسن؟! أخي والأخوة لا تنجلي إلا بشمس الروح وضُحاها. تين الجمال في عيون عبيرها، فكيف ينطق توت جيدها بالهيام؟! الوسادة: هي من تمسح عين الثكلى، وطفلها يُنادي: "أين أبي". لا تُسامر القمر، وفي قلبك قُبلة تائهة. من اقتات بقايا الرز شارك الدجاج طعامها. أُكتُبيني على شفاه الماء كيلا أنس اسمي. من تحدث بالأنا وضع تحت المجهر. من لا يعرف البكاء لا يعرف التعبير. كما تراه يراك، والسرير المكشوف لا تُغطيه الشراشف. إلى أمي مع التحية..

حين أزور قبرها أعزي العمر لفقدها..

تعذريني أجيك البيت

وامر المقبره أكثر

أمي ويا حلو ممشاك

وليش اللوم واتحسر؟!

الحياة كفيلة بإحياء الضمائر..

فكيف ينام المرضى وأرجلهم عارية؟!

من لم يعرف الطين امتدح العجين. عصاة الكهل قارعة للطريق. ما حال تلك الأنامل المُرتعشة، وهي تُلملم أعواد الرحيل؟! لا تندم على المعروف، فالعطايا لا تُساوم بالكتابة والحديث. لا تُفتش في الجدار طالما لا تُحسن الترميم. لا تؤرخ الصورة وثغرك فاقد الابتسامة. لا تُمني المريض بالحلوى وأسنانه ساقطة. من همه بطنه كثر حوله الذباب. إليه..

أيها الجاثي على رُكبتيك، أوما سئمت الدموع..

أم ظلت الذكرى تسكُنك، وتُطل عليك من أُحجية كفها ذات عمرٍ منصرمٍ؟!

كيف لا، وقد توسدت الأنفاس فوق تُرابها،

وتجلى الإحساس في " رغيف الذكريات "

لا غرو أن تكتب ذاتك بقصيد السجع، وأنين الوجع..

فهي أنت، وكفى!

أمي قصة الأرض ومطر السماء. آهات الرحيل

أبتاه مالي أشتم رائحة الطين في غيابك.. فقد ترمدت عينايَّ برحيلك، وارتعاشة كلام أمي تقول: "وداعاً يا ولدي"!

أي يتمٍ هذا الذي استنطق أنفاس ذاكرتي بزفير اللوعة لأمٍ تلوح لي برداء الكفن؟!

تعبت أعليك يا يمه بعد شتريد

صدق هاي السفر وبلايا رجعه

أخذ جسمي القبر ودموعك اتزيد

ورويحي ترف عصفور فجعه

أداوي الجرح يا قليبي ما يفيد

وسهام اليتم وعيون هزعه

أثاري الدرب يا وليدي ابعيد

واشناطه الحزن ورموش فزعه

يمه  يا  يمه  يا  يمه

اشلون تروحين وقليبه سهران

وكاروكه الحزن ويظل حيران

وديللوه الولد يا وليدي وجعان

ديللوه البخت ما وفى أوياچ

وعلى افرات الحزن كلنا يتاماچ

يمه أوصيچ لا تنسي وصاياچ

على قبرچ نهل دمعات لسنين

بقى وجهي چدم وياهو سرح وين

ويمر الطيف ونذكرها سويه

على ترابچ ترف جنح الفراشات

وسواد الليل يهتف يا ورد مات

عطيه رشفه وينضح بالشفيه

الخاطرة: هي الدمعة التي تسيل في أروقة المآتم. لست أدري ما الذي صار لنا

هل شموع الجهل باتت ديدنا؟!

قف ها هُنا

وارسم بقلبي سوسنا!

أيُّ عقلٍ هذا الذي يدفن الوعي ويكتحل برماد الحطب؟!

وسوم: العدد 690