همسات القمر 154

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*أجعل من خيالي ممرا أمشي عليه،يأخذني إلى حيث يريد

على ضفة نهر أمام كوخ صنعته أحلام بريئة رهيفة... أجد نفسي أحدّق بشغف في عالمي الوهمي..

أهو الهروب من واقع تصرخ به النفس بصوت أخرس: ألف لا..

أم اللهو يحمل الروح على جناح المرح يسوقها نحو الوهم اللذيذ؟

ماذا لو اختار المرء الإقامة في كوخ أحلامه؟ أيشتاق لواقعه وعالمه الحقيقي؟

أيعض أصابع الندم على حماقة هذا الاختيار؟

لست أدري.. ولكن، لا أظن ذلك!

*حروف شرهة تتحلق حول مائدة خواطري وأحاديث نفسي تبتغي سد رمقها وبل صداها الذي أرهقها ..

أضع حاجزا بينها وبين مرامها.. أتركها نهبا لجوعها وعطشها..

تغافلني منزلقة إلى محبرة أفكاري ومشاعري

ما تكاد تلامسها، حتى تولّي هاربة متسلخة الجلد محمّرة الإهاب

ترمقني بعتاب متألم وكأنني فتحت لمواجعها ألف باب

من منا الملام؟

يتردد هذا السؤال كثيرا بين طرفيْ نزاع

من الملام؟

لربما أنا، لربما أنت، لربما أنا وأنت، ولربما لا أحد.. 

كلٌ يدير النار على قرصه، وكلٌ مقتنع أنه وحده على صواب، ولو تأمل مرآة الحقيقة وتمعّن بها جيدا، أدرك ما خفي عنه وغاب!

أنفتقد الشفافية، أم أن جرأة مواجهة الحقيقة تنقصنا؟

متى تمتلك حروف الهجاء صحيح حركاتها .. ومتى تستلقي الفواصل والنقط بأمان بين صادق حروفها؟

*منسيّ في سجون الاحتلال 

منسي في ذاكرة القريب والبعيد

تساهر النجوم بخيال يعشق الحرية 

تتنفس غبار السجن برئة تشتاق أنسام الزعتر والليمون

تدفع ثمن سكوتنا وذلنا، وتدافع عن كرامة ما عدنا نفقه معناها أو ندركها

أتسامحنا وأنت الحر بقيدك، ونحن العبيد بحريتنا المزعومة الموهومة؟

*لا أحد يشعر بهمّك سواك..

لا تذرف حروف وجعك على صحيفة تجتمع على مائدتها العيون، تلتهم حزنك بفضولها والقلب لاه غير مبال بعناك..

اطرق باب الرجاء.. وانثر دموع أنينك بين يدي من وسعت رحمته كل شيء..

وحده من يعلم حالك ، وحده من يعلم صدق ألمك، وحده من ينشلك من وهدة أساك.

* يحترقون بالكيماوي فلا يجدون غير الموت محضنا ينهى الأنين

ونحترق بنار ذلنا وعجزنا وعارنا، فلا نجد غير نبض ثائر ودمع سخين

تنتهي معاناتهم من حيث تبدأ معاناتنا، وتصطف عساكر البؤس ببنادق تسلطها على جنبات أرواحنا!

يتوكأ الحزن عصا القهر صوب نفوس ما عادت قادرة على اقتراف الأمل في ليالي اليأس والانكسار

يثرثر بلغة عاجزة، يتمتم كشبح مصلوب على أبواب الخيبة والخذلان

وحين يأخذ الجوع منه مأخذه.. ينقضّ على قلوبنا ينهشها وكأن بيننا وبينه ثأرا من سالف الزمان..

أيتها الشعوب الغافلة النائمة، أيتها السياسات الظالمة، أيتها الأمم المتحدة الكاذبة..

هل من بقايا ضمير؟

* البعض يقرؤك على مهل متأملا في تفاصيلك ودقائق معانيك

والبعض يقرؤك على عجل مكتفيا برؤوس أقلام يصدر عبرها حكمه فيك

والبعض يفتح صفحات ويترك أكثر، ويكمل كتابتك بما تمليه عليه رغبته وما يفكّر!

والبعض ينظر إليك بلمحة لا تبصر، ويجعلك في زوايا حكمه وفق ما يهوى ويخمّن ويحزر

أو لا يستحق كلٌ منا قراءة متأنية واعية ممهورة بنية حسنة وقلب عادل وعقل حصيف؟!

وسوم: العدد 724