الخـــــلل المدمر .. ؟

د. حامد بن أحمد الرفاعي

أحسب أن أخطرَ خللٍ ينتابُ التحاركَ الفكري بين أبناءِ الأمةَ..يكمنُ في إصرار كلِّ شخصٍ أو فئةٍ أو تيارٍ أو جماعةٍ أو حزبٍ أو مذهبٍ على أنه:

v           الأكثر فهماً وإحاطة بتعاليم الإسلام.

v           والأكثر ائتماناً على قيمه ومبادئه.

v           والأخلص في الثبات عليه والدفاع عن حرماته.

v           والأجدر في تطبيق رسالته وتحقيق مقاصده.

v           والمؤتمن الوحيد على هوية الأمة ومصالحها وسيادتها وارتقائها.

وهذا يعني أنه وحده دون غيره مرآة الإسلام..ومرجعيته الوحيدة في فهمه وترجمة قيمه ومبادئه..وأن الأمة لا تنهض إلا به دون سواه..وبحقيقة اعتقاده ورؤاه تستمر..وبقدراته تُصان سيادتُها..وبكفاءاته تتحقق طموحاتها..وبمهاراته تستأنف مسيرتها الحضارية..وبسداد فهمه ودرايته تكون خير أمة أخرجت للناس..لعمري إن مثل هذا الادعاء لهو تعظيم للذات وتزكيتها على الله سبحانه..ولو أجرى هذا الصنف من المسلمين مراجعة لأقوال السلف الصالح لما فكّر أحدُهم ولو للحظة واحدة على هذا النحو المعتل..ألم يستحضر أحدهم قول أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم بيعته:"يا أيها الناس إني قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم،فإن أحسنت فأعينوني،وإن أسأت فقوِّموني.."أولم يعلموا أن أئمة المذاهب الإسلامية على تنوعها أجمعوا على منهجية:"قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب"أولم يبلغهم أن أهل العلم اجتمعت كلمتهم على القاعدة الفقهية"كلٌ يُؤخذُ منه ويُردُ إلا المعصوم عليه الصلاة والسلام"أجل إن تعّظيم الذات والرأي على حساب رأي الآخر وإقصائه لآفة مدمرة..ولا علاج لهذا الخلل والوباء الكبير إلا بالإيمان الراسخ بأن تعدد الرأي والاجتهاد في فهم النصوص القرآنية والنبوية لأمر محمود ومرغوب..بل هو إثراء لقدرات الأمة وخياراتها في مواجهة تحديات عمارة الكون وإقامة الحياة.   

وسوم: العدد 753