ميج وميراج-الأخيرة

ميج وميراج

13

( الأخيرة )

د. خالد الأحمد

في الثانية والنصف ليلاً تناثـرتْ كلماتٌ هنا وهناك تقول : أين المفاجـأة ؟ أين المفاجأة؟ ولَمَّا وَصَلَتِ المفتشَ العام صَعِدَ إلى المنصة، وقال :

- المفاجـأة أيها النسورُ البواسل هي هذه اللعبة الظريفة الخفيفة، تعلمون أن اليهود الأنذال حرمونا من مشاهدة منظر كُنَّا نحلم به ونعدُّ له منذ سنوات، لأنهم انهزموا سَلَفاً ولم يُمَكِّنونا من مشاهدة الميج تَنقَضُّ على الميراج، لكن.. إذا حُرِمنا ذلك في الواقع، فَلَنْ نُحرَمَ منه في الخيال، خاصة وأن المرء أحياناً يَصعُبُ عليه تمييزُ الواقع من الخيال !!!.

     ويَسُودُ القاعـةَ صَمتُ الشَّوق لهذه المفاجأة، فيتابع (آرام):

- نسورُنا البواسل هم طائرات الميج، والمدموزيلات طائرات الميراج، أما القتال فإنه قتالٌ ليلي بالأشعة تحت الحمراء..

     وتعالَتِ الضحكاتُ وتحفَّزتِ الطائرات وتناثرتْ عباراتُ المدح والثناء لهذه العبقرية الفَذَّة المبتكِرة لكلِّ وقت ما يناسبه، وتعالت صيحات: الله يفتح عليك.... ويتابع (آرام):

- سأطفئُ النورَ طِيلةَ المعركة، وهي نصف ساعة فقط، حيث يُسقِطُ طيارو الميج طائرات الميراج كلَّها، ونأمل أن نفتح النورَ في الثالثة، وسأبقى حارساً للنور، لأن القتال كما قلتُ ليلي، فهل أنتم موافقون؟

- موافقون.. موافقون.. موافقون.. نعم موافقون.

     ثم أطفأ (آرام) النورَ، وقال: بدأت المعركة...!!!

*       *       *

وعلى مدى ثلاثين دقيقة كان الصراخ المفتعلُ والعـواء والمـواء، وأصناف أخرى من النباح والخوار والنهيق أحياناً، وأصناف أخرى يخجل القلم أن يَصِفَها.

- الثالثة إلا خمس دقائق، سنتفح النورَ في الثالثـة.

ثم فتح النورَ في الثالثة، وعاد العزفُ والرقصُ والطرب، وعاد السكارى الفاشلون يبحثون في الصناديق الفارغة عن زجاجة مملوءة، وفي الزجاجات الفارغة عن بقايا يطفئون بها النـار.

وفي الرابعة صباحاً وصلتْ سـريةٌ من الشرطة العسكرية يقودُها عقيد اقترب من الفريق (لطفي) وحيَّاه، ثم قال:

- سيدي ، لَدَيَّ أمرٌ خَطِّيٌّ من الفريق (فوزي) بتفريق الحفلة.

- وإذا ما تفرقنا؟ رَدَّ (لطفي) بصوت مخمور.

- آسف أن أستخدم القوة. قال ذلك والألم يعصره، وقبضة يده تتحفَّزُ لِتَصفَعَ الفريقَ (لطفي) قبل أن تصفع الأمةَ الإسلامية كلَّها.

- بالقـوة !

     وشحب وجهُ الجبان (الفريق لطفي)، فأسرع (آرام) إليه، وهمس: انتهت الحفلة.

- لكني لا أقبل الوصايةَ من أحد.

     أجاب (لطفي)، وأضاف بلهجة مخزية:

- أنا قائـ...ـد سـ...ـلاح الجـ...ـو المصـ...ـري، وأنا حُرُّ التَّصـ...ـرف فيه!

- سأذهب إلى بير كفكفا، وآمل أن تبلغهم الآن أن يناموا، سأستعمل القوةَ معهم حال وصولي إن وجدتُهم يسهرون.

     ثم حيَّاهُ بقرفٍ وانصرف إلى طائرته.

- ألو، بير كفكفا، هل شبعتم؟ انصرفوا إلى النوم، وَلَمَّا يَصل إليكم غلامُ (فوزي) قولوا له: أمرنا الفريق (لطفي) أن ننام، ونحن نتلقَّى الأوامرَ منه وليس منكم.

     ثم قام الفريق (لطفي) مُتَثاقلاً يُعلنُ عن نهاية الحفلة، فانصرف الحاضرون إلى طائرات النقل التي أوصلتهم إلى قواعدهم.

 *      *      *

     عندما كانت الميج تنقَضُّ على الميراج في بير كفكفا وأنشاص، انقَضَّ السفيرُ الروسي على عبد الناصر في الثالثة صباحاً، وحسب تعليمات موسكو جاء السفير الروسي إلى بيت عبد الناصر وطلب إيقاظَهُ من النوم لِيُسلِّمَهُ برقيةً من موسكو تُلِحُّ فيها ألاَّ تبدأ مصرُ الحرب، لأن الذي سيبدأ الحربَ سيخسَرُ القرارَ السياسي والرأيَ العام العالمي، لذلك يجبُ ضَبطُ النفس وعدمُ الانفعال، وألاَّ تكون مصر هي البادئة بالحرب، وعندما طَمأَنَ عبد الناصر موسكو بأن مصر لن تبدأ الحرب، وأن (زكريا محيي الدين) مسافر بعد ساعات إلى واشنطن من أجل التفاهم حول تيـران، عند ذلك شعر السفيرُ الروسي بالارتياح، وعاد إلى بيته في الرابعة صباحاً وهو ينظر في ساعته كأنه يَستَحِثُّها على الجري، لأن ساعات العرب والمسلمين واقفة، بل نائمة، فلتسبقها في هذه الغفلة من الزمن.

 *       *       *

قبل الخامسة وصل (الفريق لطفي) و(آرام) إلى فيللا (آرام)، ومعهما (سهير زكي) وإحدى وصيفاتها، وانفَرَدَ كلٌّ بكلبته بعيداً عن الآخر، ونظر (آرام) إلى عاهرته العارية وقد غَلَبها النومُ الذي هَرَبَ من مُقلَتَيْ (آرام)، لأن الساعات الأخيرة في الانتظار تكون مضطربة، وخاصة إذا كان انتظارَ ستةَ عشر عاماً.

ونظر إلى جسدِها العاري وقال: الآن مصرُ عاريةٌ أمام سلاح الجوِّ الإسرائيلي، تماماً مثل هذه العارية أمامي، وأنا الذي عريتُ هذه من ثيابها، كما عريتُ مصر من سلاحها الجوي.

 *        *        *

نهض الفريق (لطفي حبيب) في السابعة من صباح يوم الخامس من يونيه 1967م من فراشه مُخَلِّفاً فيه (سهير زكي)، نهض وهو يَفرُك عينيه الحمراوين، مهدوداً من التعب، ويـَوَدُّ لو ينام ثلاثة أيام متواصلة، لكنَّ وعداً من المشير (عبد الحكيم عامر) أجبره على ذلك، وقبل الثامنة كان في المطار لِيُشارك المشير في رحلته التاريخية إلى سيناء.

بعدَهُ بدقائق استحمَّ (آرام نوير) لآخر مرة في القاهرة، واتَّصل بالمطار:

- ألو.. مدموزيل فيفي.. صباح الخير يا أمورة.

- يسعد صباحك يا بيه، صباح الفلّ والياسمين. ونظَرَتْ إلى أعلى وهي تُرَدِّد: يا فتَّاح يا رزَّاق. فقد عوَّدها أن ينقدَها ضِعفَ راتبها الشهري كلَّما حَجَزَتْ له مقعداً على الطائرة، مما جعلهنَّ يتنافَسْنَ على تقديم أيِّ خدمـة له.

- ممكن تحجزي لي في أول طيارة إلى أثينا.

- من عينيّ الاثنتين يا بيــه.

- سأكون عِندَك في السابعـة والنصف.

     وما هي إلاَّ خمس دقائق حتى حجزت له فيفي في الطائرة المنطلقة إلى أثينا في تمام الثامنة.

 *         *        *

في حوالي الرابعة صباح الخامس من حزيران ( يونيو) 1967م ، تجمَّعتْ لدى الدوريات الأمامية لوحدات نطاق الأمن مشاهداتُ أنوار وسَماعُ أصوات عربات في مناطق فتح وحدات العدوّ واستعداده للهجوم، ووصلت هذه المعلومات إلى مكتب مخابرات العريش، وهو مركز استطلاع تعبويّ للجيش، فأرسل في الحال إشارةً إلى قيادته العُليا  بمكتب وزير الحربية (شمس بدران)، واستقبلَها الضابط المناوب، وأرسلها إلى المشير، حيث كان نائماً في مقر القيادة العامة بمدينة نصر، تسلَّمها المقدَّم (علي شفيق) مديرُ مكتب المشير وعَرَضَها عليه في غرفة نومه، ولم يُعَلِّقْ عليها المشير، وَعلم فيما بعد أنها وصلتْ إلى هيئة العمليات في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة، أي بعد الضربة الجويـة.

وفي الثامنة بتوقيت مصر أقلعتْ طائرةُ نقل عسكرية، على متنها المشير و(لطفي حبيب) قائد سلاح الجو المصري ،وغيرهما من القادة يوم الخامس من يونيه، مُتَّجِهَةً إلى بير ثمادة في الجبهة، لذلك أمرت القيادة مُمَثَّلةً بغرفة العمليات كافَّةَ أسلحة الدفاع الجوي بعدم إطلاق النار، وقالت: "يُمنَعُ التَّصَدِّي لأيِّ طائرةٍ في الجَوِّ، لأن المشير وكبارَ القادة في رحلة إلى سيناء.."، وهكذا بَقِيتْ طائرةُ المشير ومعظم أفراد القيادة معلقةً بين السماء والأرض بعد أن ضَرَبَتِ الطائراتُ الإسرائيلية مدارجَ الهبوط، وطائرة المشير معلقةٌ في الجوّ، بينما تسبقُها طائراتُ إسرائيل إلى ضرب المدارج، والأمر ساري المفعول بمنع التَّصَدِّي لأَيِّ طائرةٍ في الجَوِّ خوفاً على حياة الفيلد ماريشال الغاليـة!.

واستمرَّت طائرةُ المشـير أركـان حرب (عبد الحكيم عامر) القائد العام للجيش والقوات المسلحة، ومعه (لطفي حبيب) قائد سلاح الجوّ، تحوم في سماء مصر، ومئات الطائرات اليهودية تُنفِّذُ ضربَتها التاريخيةَ، حتى كاد أن ينفدَ وَقُودُها، فَهَبَطَتِ اضطراراً في أحد المدارج المُعَطَّلـة!.

 *       *       *

وفي نفس الساعة الثامنة بتوقيت مصر السابعة بتوقيت إسرائيل، أقلعَتِ الطائراتُ اليهودية من قواعدها في الأرض المحتلة غرباً فوق البحر المتوسط على ارتفاعٍ مُنخَفِضٍ جداً، كي تُفلِتَ من الرَّادار المصري، حتى وَصَلت مرسي مطروح، فانعَطَفَتْ يساراً، وتوزَّعَتْ على قواعد مصر الجوية كما توزَّعت عليها عام 1956م، ومعظم قادة الأسراب ما زالوا في الخدمة أو استُدْعُوا إليها، وَوَصَلَتِ الأفواجُ الأولى فوق القواعد المصرية في الثامنة وعشر دقائق، فوجدتِ الطائرات مَصفوفةً بشكلٍ مُتقَنٍ على المدارج، طائرات عارية في العراء، دفع الشعبُ المسكينُ ثَمَنَها لِيُدافِعَ بها عن كر امته، وكانت قذيفة لواحدة منها تُفَجِّرُ الأُخرياتِ المصفوفات على نفس الخط، وَتُوَفِّرُ الوقتَ والجهدَ والذخيرةَ على اليهود، ولم تكن أيُّ طائرة مصرية مقاتلة في الجَوِّ آنذاك.

وَلَمَّا أقلَعَتِ الطائراتُ اليهودية ارتَسَمَتْ ظِلالُها على شبكة الرادار الأردني في الثامنة بتوقيت مصر، وبعثت الإشارة إلى القيادة المصرية تقول: "في الثامنة أقلعت طائرات يهودية كثير ة جداً..."، ولكن..

نامتْ نواطيرُ مصر عن ثعالبها    فبشمن وما تفنى العناقيـد

وربما منعت الباخرةَ ليبرتي وصولُ برقية الأردن، لكن ولو وصلت، هل يستطيع المخبولون من السُّكر أن يُقلِعُوا بطائراتهم خلال خمس دقائق؟ لقد حاول بعضُ الطيارين ذلك، لكنَّ الشَّظايا المتناثرةَ من الطائرات المتفجِّرةِ على المدارج قَتَلَتهم قبل أن يصلوا إليها.

والقاعدة الوحيدة التي نَجَت هي أســوان، التي لم يَرْضَ قائدُها (اللواء شحاتة عبد العظيم) -قائدُ سلاح الجَوّ بعد الخامس من حزيران- أن يُشارك في الحفلة اللعينة، ولم يَسمحْ لِطيَّاريه بالمشاركة فيها، وعندما ارتسمت على شاشة الرادار عندَهُ طائراتٌ كثيرة ثم تَعطَّل الرَّادار، اتَّصَلَ بالقيادة ولم يردَّ عليه أحد، وكرَّر الاتصالَ دون جدوَى، فأدرك الخطرَ، وأمر كلَّ طيَّاريه بالإقلاع بطائراتهم إلى السودان فوراً، وما إن فرغَتْ قاعدةُ أسوان حتى جاءت طائراتُ اليهود تُعَطِّلُ مَدرَجها.

*       *         *

قبل الثامنة صعد (آرام) سُلَّمَ الطائرة الجاثية على مطار القاهرة الدولي، وأسند ظهرَهُ إلى المقعد يُحاوِلُ أن يُرخِيَ أعصابَهُ المشدودة، وَيُذهِبَ عنه القلقَ المُتَحَفِّز، خاصة وقد أكمل مهمَّتَهُ على أحسن وَجه، وقد قطع مُعظَمَ طريقِ النَّجاة، ولم يَبقَ إلاَّ أن تُقلِعَ الطائرة.

وعندما نظر إلى ساعته التي تُشيرُ إلى الثامنة، شحب وجهُهُ، وبدأ يربط حزامَ المقعد كأنه يَحُثُّ الطائرةَ على الانطلاق، وفي الثامنة وعشر دقائق سَمِعَ أصوات انفجارات رَقَصَ لها قلبُه فرحاً، وصار يُدَندِنُ في سِرِّهِ، ولم يبق إلاَّ أن تُقلعَ الطائرة.

مضت ربعُ ساعة والطائرةُ جاثمة، وتَعَجَّبَ الناسُ وقلقُوا من أصوات الانفجارات، وتَذَمَّرُوا من الشركة ومن مواعيدِها.

وبعد أن انتهت الموجةُ الأولى التي تَرَكَتْ مدرجَ مطار القاهرة الدولي للموجة الثانية، واكتفَتْ بتدمير المدارج الاحتياطية فقط، على عكس العادة المُتَّبَعـة، بعد الثامنة والربع قالت المُضِيفةُ بصوتٍ مُرتَجِف: آنساتي سادتي.. نعتذرُ عن هذا التأخير الخارجِ عن إرادتنا، نرجو أن تَشُدُّوا الأحزمة، لا تُدَخِّنُوا.. شكراً.

وضحك (آرام) عندما شَعَرَ بالطائرة ترتفع عن أرض مصر، أرض مصر التي عاش عليها ثلاثة عشر عاماً، وَرَدَّدَ في سِــرِّه:

- وُلِدتَ من جديد يا (باروخ ماندل).. سأَتناوَلُ غداءً دسماً في أثينا، وسأقضي وقتاً سعيداً هانئاً قبل العودة إلى أرض الميعاد .

*     *    *

وفي الواحدة بعد منتصف الليل، من صباح الثلاثاء (6/6/1967م) نقلت محطة صوت إسرائيل وقائع المؤتمر الصحفي للجنرال ( مردخاي هود ) قائد السلاح الجوي الإسرائيلي في بيت سوكولوف بتل أبيب ليعلن عن :

1- يقول دمرنا اليوم (416) طائرة للعدو ، بعضها على الأرض ، وبعضها في معارك جوية .

2- خلال الضربة الجوية لمصر دمرنا (19) مطاراً مصرياً ، و(25) محطة رادار ، و(309) طائرة قتال مصرية .

3- ودمرنا( 60 ) طائرة لسوريا ، و(12) في العراق ، وطائرة واحدة لبنانية من طراز هنتر .

4- وكانت خسائرنا : (19) طياراً منهم ( 8) قتلوا ، و(11) مفقوداً . وتم إخطار أهل المقتولين ، والمفقودين .  كما خسرنا (19) طائرة مختلفة في المعارك .

*     *     *

وعلى الرغم من أن سلاح الجو الإسرائيلي بدأ هجومه على مصر في الصباح،(في السابعة والربع صباحاً )، ولم يترك لحماية سماء الأرض المحتلة ومطاراته سوى اثنتي عشرة طائرة فقط،ولوُُ شـن هجومٌ جوي عربي(سوري عراقي أردني)؛على مطارات العدو بعيد السابعة صباحاً وحتى الثانية عشرة لدمرمطارات العدو، واعترض طائراته عند عودتهامن سماء مصر بدون وقود وذخيرة، ومن السهل إسقاطها عندئذ . ولكن الطائرات السورية - وسوريا هي الداعية إلى الحرب - نفذت أول وآخرهجوم في الثانية عشرة ظهراً، أي بعد أن فرغ الطيران الإسرائيلي من تدمير السلاح الجوي المصري وهي ست ساعات!!!!ولم نسمع عن غارة سورية ثانية بعد تلك الغارة على مصافي حيفا. ونجد الجواب في كتاب ( حربنا مع إسرائيل ) للملك حسين إذ يقول :

كنا ننتظرالسوريين فبدون طائرات الميغ لايمكن قصف مطارات إسرائيل الجوية، ومنذالتاسعة والنصف اتصلت قيادة العمليات الجوية بالسوريين، فكان جوابهم أنهم بوغتوا بالأحداث !!! وأن طائراتهم ليست مستعدة !!! وأن مطاراتهم تقوم برحلة تدريبة !!! وطلبواإمهالهم نصف ساعة، ثم عادواوطلبوا إمهالهم ساعة، وفي العاشرة والخامسة والأربعين كرروا الطلب نفسه فوافقنا، وفي الحادية عشرة (أي بعد فراغ العدو من القضاء على سلاح الجو المصري)لم يعد بالإمكان الانتظار!!، فأقلعت الطائرات العراقية وانضمت إلى سلاحنا الجوي لتساهم في المهمة، ولذلك لم تبدأ عملياتنا الجوية إلا بعدالحادية عشرة ( أي بعد فراغ الطيران الصهيوني من تدمير الطيران المصري ) .

يقول الملك حسين: (فوت علينا تأخر الطيران السوري فرصة ذهبية كان يمكن أن ننتهزها لمصلحة العرب، فلولا تردد السوريين!!! لكنا قدبدأنا عمليات القصف الجوي في وقت مبكر،ولاستطعنا اعتراض القاذفات المعادية، وهي في طريق عودتها إلى قواعدها بعد قصفها للقواعد المصرية، وقد فرغت خزاناتها من الوقود ونفذت ذخيرتها، وكان بإمكاننا حتى مفاجأتها وهي جاثمة على الأرض تملأ خزاناتها استعداداً لشن هجمة جديدة، فلو قيض لنا ذلك لتبدل سير المعركة وتبدلت نتائجها، وتغير مجرى التاريخ العربي، كل ذلك الأمل فوته علينا السوريون   .

الزمن وحده سيكشف تفسيراًلأمورعديدة، لكن ماتأكدت منه أن الطيران السوري لم يكن جاهزاً للحرب يوم(5) حزيران، وكانت حسابات الإسرئيليين صحيحة، عندمالم يتركوا سوى اثنتي عشرة طائرة لحماية سمائهم، بينما استخدموا كل سلاحهم الجوي لضرب مصر). انتهى كلام الملك حسين .  

*       *      *

وهكذا انتهت حرب الساعات الست ، التي حطم سلاح الجو الصهيوني السلاح الجوي المصري فيها ، ليسيطر الصهاينة على سـماء المعركة ، وليقتل الصهاينة بضعة عشر ألف جندي مصري ، ومئات الأردنيين والسوريين ، ويحتلون سيناء كلها ، والضفة الغربية ، والجولان، وفي الأسبوع التالي كانت إذاعة النظام السوري في دمشق تؤكد أن الصهاينة لم ينتصروا في الحرب ؛ لأنهم أرادوا إسقاط النظام التقدمي في دمشق ولم يستطيعوا ...!!!

تمت  وإلى اللقاء في رواية دماء على القناة إن شاء الله