هل يصمد اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والحوثيين؟

سيطر الحوثيون على ميناء ومدينة الحديدة غربي اليمن، في أكتوبر/تشرين الأول2014 بعد شهر واحد من اجتياحهم العاصمة اليمنية صنعاء. ومنذ ذلك التأريخ أي قبل ستة أشهرمن عاصفة الحزم بدأوا فعليا إدارة الموانئ واستخدام عائداتها لدعم المجهود الحربي.

خلال نصف عام من سيطرة الحوثيين على موارد البلاد ومن بينها موانيء الساحل الغربي بما فيها ميناء الحديدة ، كانت الحكومة عاجزة وضعيفة عن المواجهة حتى تدخل تحالف تقوده السعودية في مارس/آذار2015 لإنقاذ حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي ودعم شرعيتها، ووصلت القوات المشتركة التابعة للتحالف في مايو/أيار2018 إلى مشارف المدينة الاستراتيجية، وبضغوط غربية توقفت معركة تحرير المدينة والميناء.

في ديسمبر/كانون الأول2018 وفي مشاورات استمرت أسبوعاً في السويد ( بين 6 و13 ديسمبر/كانون الأول) تم التوصل في اللحظات الأخيرة إلى اتفاق مهم بين الحوثيين والحكومة اليمنية يجنب مدينة وميناء الحديدة القتال .

الاتفاق الذي تضمن إيقاف العمليات القتالية في مدينة الحديدة وموانيء الحديدة والصليف ورأس عيسى، إضافة إلى تفاهمات حول تعز (وسط اليمن) وقبلها اتفاق متعلق بالأسرى والمعتقلين برعاية الصليب الأحمر، تعزز بقرار مجلس الأمن 2451 في 21 ديسمبر/كانون الأول2018.

تبحث هذه الورقة إمكانية صمود اتفاق الحديدة والوصول إلى نتائج سريعة لتنفيذ الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة، وعلاقته ببقية الملفات العسكرية والسياسية.

اتفاق اللحظات الأخيرة

يوم 13 ديسمبر/كانون الأول2018م، تم الإعلان عن اتفاق "ستوكهولم" بعد المشاورات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي المسلحة، وجاء اتفاق الحديدة الذي كان خارج التوافق بين الطرفين حتى اللحظات الأخيرة من المشاورات ضمن ثلاثة اتفاقات أخرى:

 الأول: اتفاق الأسرى والمعتقلين برعاية الصليب الأحمر، الذي تضمن الإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين من الطرفين وتم تسليم وتسلم قائمة للطرفين ب16 ألف اسم للإفراج عنهم أو معرفة مصيرهم.

الثاني: تفاهمات حول تعز، وهي تفاهمات تتعلق بفتح المعابر للإغاثة والمسافرين حيث تخضع المدينة التي يعيش فيها 600 ألف يمني لحصار حوثي منذ 2015.

الثالث: الاتفاق على بدء مشاورات جديدة في يناير/كانون الأول.

كان مارتن غريفيث- مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن- قد أجل المشاورات من نوفمبر/تشرين الثاني2018 حتى ديسمبر/كانون الأول2018 لعدة أسباب أبرزها من أجل وقف إطلاق النار في الحديدة[1].

الطرفان كانا بحاجة لهذا الاتفاق، فالحوثيون يحتاجون لتخفيف الضغط العسكري عليهم وتجنب سقوط ميناء الحديدة وإعادة ترتيب أنفسهم على الأرض عسكريا وإعطاء إيران زخما بعد التواصل الأممي معها للضغط عليهم مقابل تفاهمات حول الاتفاق النووي.

كما أن الحكومة اليمنية بحاجة لتقديم تنازلات لإظهار مرونة أمام المجتمع الدولي الضاغط وإبداء حسن نوايا في إمكانية التوصل إلى حلول سياسية لحل المشكلة اليمنية، كما أن استعادة الموانيء دون حرب يجنبها ويجنب مدينة الحديدة التدمير المتوقع، وهي فرصة لعرقة مشروع بعض أطراف التحالف في السيطرة على الحديدة بطريقة تشبه ما حصل في عدن بعد تحريرها خاصة مع توسع رقعة خلافات الشرعية والإمارات الدولة الثانية في التحالف العربي التي تمكنت من تجنيد ميلشيات تابعة لها ترفض العمل تحت قيادة الجيش اليمني التابع لحكومة الرئيس هادي.

كما ان الطرفين يتجنبان اتهام المجتمع الدولي بارتكاب جرائم حرب إذا توقف إمدادات الغذاء لليمنيين كنتيجة للحرب التي ستوقف ميناء الحديدة والذي يستخدم كنقطة عبور لـ80% من واردات البلاد، خاصة وأن ميناء عدن وموانيء أخرى في شبوة وحضرموت لم تقدم كبدائل آمنة لتمرير الغذاء لليمنيين منذ سيطرة التحالف العربي عليها قبل أكثر من ثلاث سنوات.

وعملت الخارجية البريطانية والأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي كقنوات خلفية لممارسة الضغط على الأطراف من أجل الموافقة على اتفاق الحديدة:

ليلة حدوث الاتفاق كانت هواتف عواصم الخليج تتلقى اتصالات من لندن ونيويورك، وضغط وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت والأمين العام للأمم المتحدة على أبوظبي والرياض من أجل إجبار الحكومة اليمنية على الموافقة على اتفاق الحديدة. تقول إيران ودول الاتحاد الأوروبي إن لطهران دور في الضغط على الحوثيين من أجل الموافقة، حتى يستمر الاتفاق النووي مع أوروبا، قالت المسؤولة في الاتحاد الأوربي فريديكا موغريني: هذه فوائد استمرار الاتفاق النووي الإيراني: نتيجة الحوار الذي وضعناه مع إيران حول القضايا الإقليمية، استخدمت إيران نفوذها على الحوثيين لبدء المناقشات في السويد، تحت رعاية الأمم المتحدة - وهو أمر أصررنا عليه وأيدناه بشدة[2]. وجود سفراء الدول الـ19 لدى اليمن في مكان انعقاد "المشاورات" من أجل الضغط على الطرفين للخروج باتفاق، ويبدو أن ذلك حدث فعلاً.

ساهمت هذه الضغوط مجتمعة إلى الدفع باتفاق يمكن اختصاره في ثلاث نقاط:

1- وقف إطلاق النار: سيكون وقف إطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة، الصليف، رأس عيسى، يبدأ منذ توقيع الاتفاق. وبدأت الهدنة المفتوحة في (18 ديسمبر/كانون الأول2018) وعاشت خروقات حتى نهاية الشهر، لكنها ليست بالقدر الذي يؤثر على سريانها.

2- إعادة انتشار مشترك لقوات الطرفين: يشمل مدينة وميناء الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى إلى مواقع يتم التوافق عليها عبر لجنة تشرف عليها الأمم المتحدة تتضمن ثلاثة من الحكومة اليمنية وثلاثة من الحوثيين. وبالفعل وبموجب تعيين من الأمم المتحدة ومصادقة قرار من مجلس الأمن فإن الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كامبيرت سيتولى قيادة هذه المهمة عبر نظام مراقبة "كفؤ وقوي".

ويمكن الإشارة إلى تطورات هذا المحور على النحو الآتي:

في الثلث الأخير من ديسمبر/كانون الأول2018، وصل "كامبيرت" إلى الحديدة بعد أن مرَّ بعدن وصنعاء، إلى جانب فريق أممي -بعضهم قادة عسكريين سابقين عملوا مع الأمم المتحدة-، واجتمع بالفعل داخل مدينة الحديدة بممثلي الطرفين، لمناقشة انتشار القوات. قَدم الطرفان خططا مفصلة عن إعادة انتشار كاملة إلى كامبيرت مطلع يناير/كانون الثاني 2019 ضمن الجولة الثانية للمباحثات بينهما[3]، وسيكون على "كامبيرت" أن يوفق بين الرؤيتين من أجل الوصول إلى رؤية مرضية للطرفين. في نهاية الجولة الأولى من المشاورات أعلنت الأمم المتحدة أن الطرفين اتفقا على الشروع في فتح ممرات إنسانية بدءا من الطريق الساحلي الرئيسي بين الحديدة وصنعاء. يسيطر الحوثيون على وسط المدينة وحتى أعتاب مدخل المدينة الشرقي حيث تسيطر القوات الحكومية في منطقة "كيلو16" على أن يتم إزالة الألغام. وكانت هذه الخطوة كثقة متبادلة بين الطرفين لتحقيق تقدم في إعادة الانتشار. كان من المقرر أن يُفتح الطريق في 29 ديسمبر/كانون الأول2018 في ظِل تواجد لجنة المراقبة الأممية لكن الحوثيين رفضوا ذلك وانقلبوا على الاتفاق. وعبر "كامبيرت" عن خيبة أمله "إزاء هذه الفرص الضائعة لبناء الثقة بين الطرفين". حسب الاتفاق فإن تنفيذه سيتم على مراحل يتم تحديدها من قِبل لجنة تنسيق إعادة الانتشار، على أن تشكل عملية إعادة الانتشار من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى والأجزاء الحرجة من المدينة المرتبطة بالمرافق الإنسانية المهمة في المرحلة الأولى التي تنتهي بعد أسبوعين من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (ما يعني الأول من يناير/كانون الثاني2019)، ولم يحدث ذلك في الموعد المحدد. يتم استكمال إعادة الانتشار المشترك الكامل لكافة القوات من مدينة الحديدة وموانئها خلال مدة أقصاها 21 يوماً من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. ما يعني أن هذه المرحلة تنتهي في الثامن من يناير/كانون الثاني2019. ولم يتم ذلك.

3- أمن المدينة والموانئ: يشير الاتفاق إلى أن أمن المدينة والموانئ سيخضع لقوات الأمن المحلية وفقاً للقانون اليمني.

ينص الاتفاق على أن "تقع مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، على عاتق قوات الأمن المحلية، وفقًا للقانون اليمني، ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، بما فيها المشرفون”. وهذا النص الفضفاض يحتمل الكثير من التأويل، حيث يرى الحوثيون أن المقصود بها القوات المحلية الحالية الخاضعة لسيطرة الجماعة المسلحة. فيما تقول الحكومة اليمنية إن المقصود بها هي القوات الحكومية التي كانت موجودة قبل دخول الحوثيين الحديدة عام 2014.

إضافة إلى هذا النص هناك نص أخر: "إخفاء المظاهر المسلحة في مدينة الحديدة"، من الواضح أن هذه الإشارة أيضاً تتناقض مع رؤية الحكومة بانسحاب الحوثيين من المدينة؛ فيما يُصر الحوثيين على المعنى الحرفي بعدم ظهور ميليشيا مسلحة في شوارع المدينة.

هذه النصوص ستنعكس سلباً على فهم مسارات السلطة التي ستكون متواجدة لبسط نفوذ الأمن وإدارة المدينة.

من المفترض أن يكون انسحاب الحوثيين من موانئ المحافظة الثلاثة، وهي الحديدة والصليف ورأس عيسى، أول خطوة في تنفيذ الاتفاق على أن يتبعها سحب الطرفين قواتهما من المدينة والمنطقة المحيطة. ولم يُقدم "الجنرال باتريك كامبيرت" الرؤية لحدود هذا الانتشار أو المناطق التي ستذهب إليها القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين حتى (الخامس من يناير/كانون الثاني 2019). وسيتمركز المراقبون غير المسلحين تحت قيادة كامبيرت "في مواقع رئيسية بأنحاء مدينة وميناء الحديدة، مزودين بآلية إبلاغ قوية. ووفق التصور، ستقدم تقارير أسبوعية إلى مجلس الأمن بشأن الامتثال للاتفاق"[4]. 

خدعة الحوثيين

عندما كان فريق المراقبة الأممية بقيادة الجنرال كامبيرت ، موجود في ميناء الحديدة لتدشين فتح الطريق الذي يصل إلى صنعاء، قام الحوثيون بتنفيذ عملية تسليم وانسحاب في الميناء ولم يكن فريق الأمم المتحدة على عِلم بنيّة الحوثيين ودون وجود ممثلين من الحكومة اليمنية[5]. فأعلن الحوثيون تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار بانسحاب مسلحيهم من الميناء وتسليم الأمن لقوات خفر السواحل المحلية. وصفت الحكومة اليمنية ذلك "بالمسرحية ومحاولة الالتفاف على الاتفاق". وشككت الأمم المتحدة في مزاعم الحوثيين وقالت إن ذلك يجب ألا يتم دون وجود جميع الأطراف.

قال الحوثيون إنهم نفذوا المرحلة الأولى بتسليم الأمن لقوات محلية، ولن تتراجع عن ذلك؛ على الرغم من أن القوات التي تسلمت الميناء ليست "خفر السواحل" في المدينة، وقام الحوثيون باستبدال 300 جندي من قوات خفر السواحل بعناصرهم إذ أن جنود هذه الوحدة في منازلهم منذ أكثر من عام ولم يتم استدعائهم أو تسليم مرتباتهم. كما أن قائد خفر السواحل الذي تسلم أمن الميناء هو قيادي حوثي بارز تم تعيينه قبل أسابيع في منصبه من قِبل الجماعة برتبة لواء[6] ويدعى عبد الرزاق المؤيد وكنيته (أبو جهاد).

وعلى الرغم من أن الحوثيين يصرون على أنها قوة خفر السواحل المحلية وأنهم لن يسلموها لقوات الأمن التي كانت موجودة عام 2014م، إلا أنهم يحاولون الحديث أن هذه القوة كانت موجودة قبل وصولهم. وقال محافظ الحديدة المُعين من الحوثيين محمد قحيم إن: مقاتلي الجماعة انسحبوا من الميناء وفقا لاتفاق السلام وسلموا المسؤولية إلى وحدات محلية من قوات خفر السواحل اليمنية التي كانت مسؤولة عن حماية الموانئ قبل الحرب. وسيكون هذا تحت إشراف الأمم المتحدة[7]. فيما يبدو أنه اعتراف بأن القوة الموجودة يجب أن تكون تلك التي كانت موجودة قبل سيطرتهم على المدينة والموانئ، وكان يرأس قوات الأمن في المدينة الضابط "محمد المقالح" وهو عسكري كفؤ ونشط[8].

المخاطر التي تواجه الاتفاق :

كأي اتفاق في اليمن، هناك احتمالية فشل كبيرة ، وهذا الاتفاق الذي جاء في مشاورات استمرت أسبوعاً واحداً بعد عامين من القطيعة، قد لا يصمد إلا بوسائل ضغط دولية كبيرة. ولا يبدو أن المؤشرات خلال 20 يوماً الأولى بعد توقيع الاتفاق تشير إلى وجود ثقة بين الطرفين.

ويمكن الإشارة إلى إجراءات بناء ثقة أخرى قد تدفع باتجاه بناء ثقة في الحديدة. ولعل الإجراء المتعلق بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين الذي تضمنه قرار الأمم المتحدة، هو الملف المناسب لإجراء بناء ثقة يمكن للأمم المتحدة من خلاله إنقاذ اتفاقها الذي يبدو أنه بدأ في الانهيار.

لكن هذا الاتفاق مهدد بالفشل، فمن المقرر أن يتم تبادل 16 ألف أسير ومعتقل من الطرفين بحلول 20 يناير/كانون الثاني2019م، لكن الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي تتبادلان الاتهامات بمحاولة الالتفاف على الاتفاق. وقالت جماعة الحوثي إن الحكومة اليمنية لم ترد على أسرى للجماعة في سجون إماراتية وسعودية داخل وخارج البلاد. وحول الكشوفات المقدمة من الطرف الأخر (الحكومة الشرعية)، قالت: إن هناك 2171 اسماً مكرراً، و1144 تم إطلاقهم مسبقا، 1460 اسماً وهمياً وغير مستكمل البيانات.

الحكومة اليمنية من جهتها اتهمت الحوثيين بالتلاعب ورفض كشف مصير كثير من المعتقلين السياسيين وإنكار وجود حوالي ثلاثة آلاف من الأسرى والمختطفين المحتجزين في معتقلات تابعة لها، وعدم تقديم أي إفادات بشأن القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان واللواء فيصل رجب، ورفع أسماء حوالي 2612 في قائمة الحوثيين "لا وجود لهم ضمن الأسرى"، وقد يكونوا ضمن القتلى أو ممن فقدوا في الحرب .

هناك مخاطر أخرى تتعلق بالاتفاق:

الثغرات: بعض فقرات الاتفاق فيها الكثير من الثغرات، فلم تكن واضحة بما فيه الكفاية لإلزام أي من الطرفين وتفتح المجال أمام تأويلات الحكومة والحوثيين، وتحتاج الأمم المتحدة إلى تفسير ذلك بشكل واضح حتى لا تُعلق الآمال على بناء هش فوق اتفاق غير مفهوم. تثبيت وقف إطلاق النار: هذا مهدد أخر للاتفاق فدون تثبيت وقف إطلاق النار وبدء فريق مراقبة من يخرق الهدنة قد تعود الحرب في الحديدة. إعادة الانتشار: على الرغم من أن مكان انتشار القوات سيمثل جدلاً متصاعداً من الطرفين في المستقبل القريب إلا أن إعادة الانتشار بما يسمح بعودة الاشتباكات سريعاً قُرب مدينة الحديدة سيجعل من الاتفاق سببا في حرب جديدة ربما أكثر عنفا من ذي قبل. اللجنة الاقتصادية: حسب الاتفاق فإن الإيرادات من الموانئ ستذهب إلى البنك المركزي في الحديدة ولذلك يحتاج الاتفاق إلى آلية سريعة لإدارة الاقتصاد ودفع مرتبات الموظفين. 

قرار مجلس الأمن الدولي 2451

صدر قرار مجلس الأمن الدولي داعم لاتفاق "ستوكهولم"، وهذا القرار هو الأول منذ عام 2015 إذا ما تجاهلنا القرارات الصادرة بين 2015-2018 المتعلقة بتمديد العقوبات وعمل لجنة الخبراء. القرار الجديد على الرغم من كونه يأتي تحت مظلة القرار 2216 إلا أنه صدر ضمن متغيرات إقليمية ودولية ومحلية مختلفة عن القرار 2216 الذي يدعم الحكومة الشرعية ويدعو الحوثيين للانسحاب وتسليم السلاح. ويخشى من استخدام هذا القرار لفرض اتفاق سلام هش لا يؤدي إلى سحب أسلحة الحوثيين ولا يدعم عودة الحكومة الشرعية.

سيناريوهات مستقبل الاتفاق

يرتبط هذا الاتفاق بمساري السلام والحرب في اليمن على الرغم من كونه خطوة صغيرة للغاية مع زيادة الفاعلين المحليين والإقليميين، على الرغم من أن الصراع الرئيسي بين الطرفين الحوثيين والحكومة الشرعية.

وإذا كان هناك احتمالية النصف في فشل الاتفاق واحتمالية النصف -أيضاً- في نجاحه، هناك سيناريوهات متغيرة في كِلا الأمرين.

سيناريو فشل الاتفاق:

فشل هذا الاتفاق سيقضي على اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين الذي يترنح بالفعل، وسيقضي أيضاً على تفاهمات تعز. وما يعزز هذا الاحتمال: خرق الحوثيين لاتفاق فتح الطريق السريع لمرور الإغاثة من الميناء، وخدعتهم في تسليم الميناء لقوات محلية، كما أن ما يعزز الفشل هي المخاطر المحدقة. وفي حال حدث ذلك فإن الحرب ستعود بقوة لتدك المدينة الساحلية وستستمر أسابيع، لن تتحقق معها إلا إنهاك للطرفين على الرغم من أن هزيمة الحوثيين ستكون مؤكدة لكن على مدينة مُدمرة. فلا حرب أسوأ من حرب الشوارع.

وفي حال سيطرة الحكومة على مدينة مُدمرة فعلاً مع توقف عمل الميناء خلال الحرب ستكون المجاعة قد ضربت معظم البلاد فالميناء مسؤول عن مرور 80% من احتياجات اليمنيين الغذائية. كما أن إثارة مخاوف حول الجهة التي تريد الإمارات وضعها في إدارة المدينة تبدو مشروعة. ولا يبدو أن وضع ميناء عدن في الجنوب جيدا لاستقبال المعونات حاليا.

في تقرير سلمه الأمين العام للأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن في 28 ديسمبر/كانون الأول اشتكى من أن المنظمة الدولية خسرت مليوني دولار في ميناء عدن لتخزين المواد الغذائية التي تأخرت عدة أشهر بسبب بطء الإجراءات في الميناء. كما أن تكلفة النقل باهظة للغاية.

سيناريو نجاح الاتفاق:

يمكن بذلك إعلان نجاح الإنجاز الأول للمبعوث الأممي "مارتن غريفيث"، لكن مع ذلك فالوصول إلى إتمام المرحلتين سيأخذ وقتاً طويلاً يتجاوز الجدول الزمني الذي وضعه الاتفاق، فحتى الآن لم يتم تحقيق المرحلة الأولى منه، فضلاً عن الشروع في الأخرى. وهذه هي خطورة خُطَّة "غريفيث" التي يبدو واثقا من نجاحها "خطوة خطوة" لكن جدولها الزمني طويل الأمد، الوضع في اليمن لا يحتمل الكثير من التحرك الدبلوماسي والسياسي قبل أن تنفجر الأمور وتخرج مجدداً عن السيطرة.

قد يعزز احتمالية نجاح هذا الاتفاق الضغوط الدولية التي تُمارس على الحكومة وعلى الحوثيين من أجل صناعة سلام، لكن هذه الضغوط في حال نجحت في دفع الأطراف إلى مشاورات جديدة في يناير/كانون الثاني الجاري فإن الوصول إلى اتفاق شامل سيكون بعيد المنال أيضاً بالنظر إلى شروط الطرفين لتحقيق الإنجاز وعدم حصول اختراق في اتفاق ستوكهولم حتى الآن ؛ وزيادة عدد الفاعلين الإقليميين والمحليين واقتصاد الحرب الذي سيناضل المستفيدين منه لإبقاء الحرب والحصول على امتيازات في المرحلة المقبلة.

 وفي حال الوصول إلى اتفاق شامل كحلول وسط لإيقاف الحرب مع استمرار بقاء سلاح الحوثيين وتنظيم الجماعة في التسلسل الهرمي دون حله فإن تلك حرب مؤجلة وحزب الله جديد في دولة يمنية قد لا يختلف وضعها عن وضع لبنان حاليا. 

هوامش

[1] Yemen peace talks 'to resume next week' after long delay- Sky News- https://news.sky.com/story/yemen-peace-talks-to-resume-next-week-after-long-delay-11565051

[2] Remarks by High Representative/Vice-President Federica Mogherini at the press conference following the Foreign Affairs Council - eeas.europa https://eeas.europa.eu/headquarters/headquarters-

[3] Yemen's Houthis start redeployment in Hodeidah as part of U.N. deal - https://uk.reuters.com/article/uk-yemen-security/yemens-houthis-start-redeployment-in-hodeidah-as-part-of-u-n-deal-idUKKCN1OS04R

[4] مقابلة مع "غريفيث" نشرت في موقع أخبار الأمم المتحدة يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2018 https://news.un.org/ar/story/2018/12/1024001

[5] مسؤول حكومي بارز مطلع على ملف إعادة الانتشار في الحديدة تحدث لمركز أبعاد في 30 ديسمبر/كانون الأول 2018، عبر الهاتف.

[6] ضابط في خفر السواحل متواجد في منزله في إحدى قرى الحديدة تحدث لـ"أبعاد" عبر الهاتف يوم 31 ديسمبر/كانون الأول2018.

[7] لاحظ المصدر رقم2

[8] وثائق للمدينة وقياداتها قبيل سيطرة الحوثيين أطلع عليها "أبعاد"

وسوم: العدد 806