من صنع الإرهاب اليهودي ؟

مركز القدس لدراسات الشأن الإسراءيلي والفلسطيني

لا يخفى على المتصفح لأوراق التاريخ الحديث بأن تداول مصطلح “الارهاب اليهودي” لم يكن وليد هذه الأيام، بل أنه اقترن باليهود اثناء وجودهم في أوروبا ، وأن احتلال فلسطين في عام 1948 قام اصلاً على ذاك الأرهاب لأن اعتقادهم السائد في تلك الفترة كان يرى بأن تحقيق الهدف السياسي المتمثل بإقامة ” اسرائيل ” لا يمكن تحقيقه إلا باستخدام العنف ضد السكان الفلسطينيين، وبالتالي فإنه ينبع من ايدولوجية الحركة الصهيونية التي وظفت الدين اليهودي في سبيل أفكارها ومشاريعها، لذلك لا يمكننا أن نرى في هذا ” الارهاب ” المستمر شيئاً من ردة الفعل تجاه المجريات السياسية و الميدانية عبر الأيام.

لعب المستوطينن دوراً هاماً وبارزاً في الثأثير على النظام السياسي في ” اسرائيل “، حيث سعت جل الأحزاب اليمينية لنيل رضا دولة المستوطنين، وذلك بالعمل على دعمهم و اطلاق يد العنان لهم دون حسيب أو رقيب، بالاضافة الى توظيف مقدراتهم في الاعتداءات على الفلسطينين وممتلكاتهم، اذ باتت تلك الاعتداءات تأخد طابعاً منظماً ومدروساً وموجهاً لتحقيق اهداف تصب في بحر المصالح السياسية والضغط على الفلسطينيين للقبول بالأمر الواقع، وتسعى جاهدة لضم الضفة الغربية، وتهجير سكان القرى المجاورة للمستوطنات من اراضيهم وفصلهم عن بعضهم البعض.

عملت المؤسسة الحكومة بما فيها مؤسسة الجيش بشكل عام وجهاز الشاباك بشكل خاص على تعزيز وجود جماعات متطرفة أمثال ” تدفيع الثمن ” و” فتية التلال ” بين أوساط المستوطنين تحمل على عاتقها تنفيذ وتبني الاعتداءات على الفلسطينيين، دون حسيب ولا رقيب، حيث يمارس الجيش دوراً هاماً ايضاً في حماية تلك الجماعات، اثناء تنفيذها الاعتداءات والهجمات على القرى والمناطق الفلسطينية، – لكنه فشل في السيطرة على تلك الجماعات -، أضف الى ذلك ما يتعرض له الجيش لسيل الانتقادات من قبل قادة المستوطنين متهمة اياه بـ ” التسامح ” مع الفلسطينيين، حيث لوحظ في الآونة الأخير أن هنالك ارتفاعاً في الاصوات داخل مؤسسة الجيش المطالبة بكبح جماح المستوطنين، والحد من اعتداءاتهم لأنها طالت الجيش، كما حدث مع قوة من جيش الاحتلال حينما تعرض للرشق بالحجارة من قِبل مستوطني مستوطنة يتسهار جنوب نابلس، ما نتج عن ذلك اصابة مجندة.

وهنالك ارتفاعاً ملحوظاً في مستوى الاعتداءات التي تنفذها مجموعات المستوطنين ” فتية التلال ” و ” تدفيع الثمن “، حيث سجلت قرابة 482 حادثة من ذلك النوع في عام 2018 مقارنة بـ 140 حادثة سجلت في عام 2017، وتشمل تلك الاعتداءات ضرب الفلسطينيين، رشق الحجارة، تخريب المنازل والسيارات، قطع الأشجار في أراضي الفلسطينيين.

ويأتي هذا الارتفاع في اعتداءات المستوطنين، نتيجة عدة عوامل:

– تلعب المدارس الدينية الخاصة بالمستوطنين والتي تنتشر في معظم مستوطنات الضفة دوراً محورياً وهاماً في التعبئة والتوجيه والتحريض ضد الفلسطينيين، وأهم تلك المدارس مدرسة “يوسي فحاي” الدينية في مستوطنة يتسهار جنوب مدينة نابلس، والتي تعتبر إحدى معاقل جماعات ” تدفيع الثمن “.

– وقوف بعض الجمعيات والشخصيات الثرية الاسرائيلية خلف تمويل تلك المدارس الدينية المتطرفة مثل جمعية ” متآن ” تترأسها شيري آريسون عملت على تحول الملايين من الشواقل، لـ”جمعيات وتنظيمات اليمين اليهودي المتطرف، ومن بينها تنظيمات تقدم الدعم لمنفذي الاعتداءات ضد العرب”.

– لا تخضع تلك الجماعات للقوانين أو انظمة المحاكم المعمول بها في دولة الاحتلال، حتى وإن تم تقديمهم للمحاكمة فإنه سرعان ما يتم تبرأتهم والافراج عنهم دون اي شروط.

ختاماً، يتعامل جهاز الشاباك فيما يتعلق بقضية ” الارهاب اليهودي ” بنوع من الحساسية العالية، ففي اللحظة التي يرى فيها الشاباك ان الاعتداء يمكن له ان يؤجج ساحة الضفة الغربية الساخنة أصلاً يعمل بجهد واضح على منعه أو احتجاز المنفذين ان وقع.

وسوم: العدد 806