وقفاتي على كتاب المهندس الشايب الأخير: "إحنا في هذه الحياة"

drtgwy912.jpg 

بطبيعة الحال لا أحب أن أشوه أيّ كتاب بخربشتي فوق أوراقه..

من هنا لن أتحدث عن المهندس عبد الله الشايب كأديب، ومحاور، ومعماري، ومهتم بالتراث، وصاحب خبرة، وأغانٍ عاشقة للوطن، وللأحساء ونخيلها على وجه الخصوص عبر دعمه ونشره..

فطبيعة الكتاب “إحنا في هذه الحياة”

يحكي يوميات المهندس عبد الله بليل العزل لجائحة كورونا كفانا الله شرها ومقرها..

فهو يحكي بسرده العذب، وشفافيته المعهودة عن الأرض، والإنسان، والأسرة، والرعاية، والأبوة، والأجداد، والصداقة، والسيرة، والاستشهاد، والتضمين للمكان والمكين لكتاباته ومن أرسل له بهذا السياق..

الجميل بهذا الكتاب أنك تعيش مع "أبو إليسع"، كما هو بين اللهفة والاشتياق، وكذا الاضطراب ليوميات هذه الجائحة المعاشة، وإحساسه المرهف تجاه من يحيط به أو يأتي إليه في بيته، أو مركزه النخلة، أو المكتب الهندسي الذي يشرف عليه أبنه "المقداد"..

فحبيبنا المهندس “الشايب” في كتابه هذا، وكأنه يجلس أمامك، ويتحدث إليك بأريحيته المفرطة، وصداقته، وأبوته، وبساطته، وكرمه، وكأن أمامه زخرفة (قفة) الخوص والحصر، وأقفاص رطب (الطيار، والغر، والمجناز الحساوي)، وأعواد الخيزران، وسدوة (الحايچ)، (وبلول) الخيوط..

فهو يحاكي ما اكتنزته خبرته، وعمره المديد بالصحة والعافية (بإذن الله)، من طفولته، وشبابه، وتجاربه، ودراسته، وصداقته، ورفاق دربه، وأساتذته، وإخوانه، وأخواته، وأحفاده، وأصهاره، وقرابته من الأهل والجيران، ومتابعته وزياراته لأصدقاء والده، وقرابة أمه، وأخواله، وعشيرته، وعلاقته مع والده الشيخ عبد المحسن، ووالدته الشيخة أم ناصر (رحمها الله).. وأثره وتأثيره على أولاده وبناته، بالتحفيز والتحصيل العلمي من خلال ثقته فيهم، وكذا الحوار الهادف الذي دار فيما بينهم بليالي الحجر المنزلي (أذهبه الله)..

حتى أنه وثق في كتابه من عمل معه ومن رحل عنه.. وحتى من اختلف معه بوجهات النظر، وأن لا تنعكس هذه الإرهاصات اليومية والعلمية والاجتماعية والأسرية على جوانب الود والاحترام والاهتمام بين أولاده وبناته وأحفاده بنصائحه وكلماته المعهودة، والمتناغمة باللهجة الجبيلية والأمثال الأحسائية.. مروراً بالأمكنة والشخوص والأزمان لمراحل حياته العلمية والعملية والتوثيقية..

فرحمة الله على فلذة كبده “الإسراء”، وكريمة طبيبها حجّي الزويد “غفران”، ومن فقد من أهله وأحبته آمين يا رب العالمين..

وحتى وريقات وقصاصات ما اكتنزه صندوق والده المعتق استنطق غباره من آثاره، وشهادات تفوقه الفصلية والممهورة بالمال من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المرسلة لوالده تجاهه..

ليظل يحاكيها ويناجيها بملامحه، ونبرة صوته، ووجدانه المرهف الأصيل..

دمت شمعة منيرة، ونخلة غزيرة، بتمرك المتساقط بين ضواحي البساتين، وأرغفة المساكين..

وسوم: العدد 912