ومجزرة حماة

عقاب يحيى

ومجزرة حماة حاضرة أبداً.. تأكيداً وبرهاناً على الجوهر الحقيقي لنظام الحقذ والجريمة ..

في مثل هذا اليوم من عام 1982 كانت مجزرة حماة الشهيرة...

في مثل هذا اليوم جرت أنهر الدماء غزيرة في أهلنا بحماة.. تحت عنوان : محاربة الإسلاميين.. وكان ذلك ذريعة لغزو المدينة  وتدميرها، وقتل عشرات الآلاف من أبنائها ظلماً، وبشكل جماعي، ونسف عديد آثارها وبنيانها التاريخي.. وجعلها عبرة، واتخاذها درساً لإخضاع السوريين، وإرعابهم..

ـ " القائد الصغير" المجرم رفعت الأسد، ابو سرايا الدفاع والصراع، والدم.. كانت له نظرياته " العبقرية" حين طالب في المؤتمر القطري لحزب البعث المركوب، والمنكوب، والمعطوب.. بتسوية حماة بالأرض، وتحويلها لمزارع للبطاطا.. وقد فعل ما يشبه ذلك رفقة المجرم : الطاغية الأكبر.. حين وجهوا مدافعهم وطيرانهم وراجماتهم نحو المدينة.. بلا استثناء.. ثم استباحوها وسط انفجار خزين طائفي لم تغسله جميع الأكاذيب اللاحقة، ووسط صمت عالمي أقرب للتواطئ ..

ـ حماة المنتفضة على الجور والفئوية.. سلسلة التاريخ الوطني.. ومدرسة الشجاعة والوطنية الشهيرة، وصاحبة السجل الطويل في الكفاح ضد المستعمر والاستغلال، ومنطلق حركة الاشتراكيين العرب،  ونصرة الفلاحين، ومحاربة جور الإقطاع... كانت الأيقونة الضحية.. والمحطة الانعطافية في عمر مملكة الرعب والاستبداد. لم يشفع لها تاريخها، ولا حتى عديد بعثييها الذين يعتاشون من النظام التفحيحي.. فكانت المجزرة عامة..تتجاوز الثلاثين ألف ضحية، في حين تؤكد بعض المصادر على بلوغهم الخمسين ألفاً.. لم يكن لمعظمهم اية علاقة بالمسلحين الذي لم يتجاوزوا بضعة مئات، والذين خرجوا من المدينة بعد حصارها من الجيش وبدء القصف الشامل عليها..

ـ وحماة التأكيد على إيغال ذلك النظام بالدم السوري، واستعداده المفتوح لقتل الآلاف، وموضعة الطائفية وتحويلها إلى رأس حربة، وقد نصبّ الطاغية الأكبر نفسه حامي حماها، وقد صنّع الخوف من الآخر، وأثقل ذلك بالقصص والروايات، وببعض ممارسات عدد من المتشددين، والساذجين سياسياً كي يصيد" الأقليات" ويحوّلها إلى مرتع، وحجارة في مملكة النهب والرعب والفساد.. تماماً كما يفعل الوريث المُشبع بأمراض النرجس، وأوهام الخوف من الآخر، والذي لعق دماء الشعب فتياً.. فنما وتكوّن في تلك الحاضنة الحاقدة على الشعب، وعلى أي مطالب بالإصلاح، والتعبير..

ـ وحماة المليونية التي عرّست للثورة.. هي حماة الأصيلة . حماة النبض الحي العاشق للحرية والتغيير، وحماة الرجولة التي تأبى الخنوع، وقد لمّت جراحاتها، وقررت الثأر عبر الثورة.. ذلك الثأر المشروع الذي يضع النظام المجرم هدفا، والحرية مطلباً..

ـ تنهض حماة.. وفي الذكريات ذكريات المجزرة بكل تفاصيلها ونكباتها وفواجعها.. وفي القلوب الكثير، وفي العقول إرادة التغيير.. وتغني النواعير ألحان خلودها... فترددها حمص الجارة.. عاصمة اتلثورة.. وتنتشر الحرية أغنية شعب توّاق لها..

وتستعيد حماة جذورها... والعيون تشرأبّ لليوم الموعود..