مواقف ثلاثة تستحق الشكر، والإشادة من الثورة السورية
مواقف ثلاثة تستحق الشكر،
والإشادة من الثورة السورية
محمد عبد الرازق
كلَّ يوم يمرّ من عمر الثورة السورية تكون مواقفُ ذات أبعاد إيجابية عليها؛ ممَّا يؤشر على أنها ثورة مباركة، و مؤيدة بتوفيق من الله، و من عباده المنصفين.
و من هذه المواقف ما كان في الأيام القليلة الماضية على الساحتين: المحلية، و الإقليمية؛ و لنبدأ بالحدث الإقليمي نظرًا لاعتباراته الرسمية، و هو:
1ًـ رفض الرئيس ( محمد مرسي ) التهنئة التي بعث بها نظام الأسد إليه بمناسبة انتخابه رئيسًا لجمهورية مصر العربية. حيث ذكرت قناة العربية وفق ما نقلت عنها وكالات الأنباء أن الرئيس (محمد مرسي) قد رفض برقية التهنئة التي بعث بها ( بشار ) يوم (الثلاثاء: 26 حزيران ) قائلاً له: ( إننا لا نعترف بشرعيتكم، ومن يمثل السوريين هم الجيش الحر، ومجلس قيادة الثورة، وتعيش سورية حرة أبية ).
إنَّ هذا الموقف المشرف، و المتوقع من رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في ظل تنافس أشادت به كثير من لجان المراقبة، أمر متوقع؛ و ذلك أن نوافذ الحرية لا يدخل منها إلاَّ ( الريح الطيب )، و أما ( الخبث ) قرين الاستبداد فيذهب جُفاء. لقد زال عن ( مصر ) عهد كانت تأتي فيه البيانات الختامية إلى الرئيس المصري قبل أن يلتئم شمل المؤتمرات، التي كانت ترعاها لأخذ العرب إلى مهاوٍ، جلبت البؤس و الدمار على المستويات جميعها؛ و لا سيما ( الداخلي منها، و الإقليمي ).
و لذلك فإن المعول عليه في مثل هذا التغير على الثورة السورية سيكون كبيرًا، و ستشهد البوصلة تغيرًا في وجهتها نحو المزيد من التأثيرات الإيجابية على مستقبلها؛ فلم يعد هناك مواقف مصرية خارجية مائعة لا أرضية لها تجاه قضايا الأمة المصيرية، و تجاه الثورات العربية، و على الأخص السورية منها، و ليس ببعيد أن يكون شيء من ذلك على مواقف ( الأمين العام ) للجامعة العربية، لأنه لا يخرج عن دائرة السياسة الخارجية لمصر.
2ًـ الزيارة التي قام بها الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري ( د. برهان غليون ) إلى عدد من مدن، و قرى محافظة ( إدلب ) في الأيام القليلة الماضية، التقى فيها عددًا من قيادات الحراك الداخلي ( من المدنيين، و العسكريين )؛ بغرض التنسيق في المواقف، و تقديم الدعم الذي يحتاجونه، وقد أشار المرافقون له إلى أن أجواء الزيارة كانت إيجابية جدًا، و قد أَطْلعَ فيها ( الدكتور غليون ) القيادات التي التقاها على عدد من الأمور المتوقع حدوثها على الصعيد الدولي، و سيكون لها تأثير إيجابي على الثورة السورية، و وقف على مدى تفكك النظام على المستوى الميداني.
لقد جاءت هذه الزيارة ضمن سلسلة زيارات قامت، و ستقوم بها قيادات المعارضة في الخارج إلى الداخل السوري، و كان منها زيارة عضو المجلس الوطني ( محمد سرميني ) التي اطلع فيها على الوضع الميداني في مناطق خاضعة لإرادة الجيش الحر في ( حماة، و إدلب )، و زيارات مماثلة لعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذين اضطروا للهجرة من سورية منذ ثلاثة عقود، و أخرى لقيادات من المعارضة من غير هذين الحراكين.
و هذا مؤشر على مدى انحسار سلطة ( الأسد ) على الأراضي السورية في مقابل تمدد قوات الجيش الحر فيها، حيث تشير التقارير إلى خضوع خمسين بالمائة من الأراضي لسيطرته، و لا سيما في الآونة الأخيرة التي شهدت انسحابًا ملفتًا للنظر لقوات ( الأسد ) من كثير من المناطق، ولا سيما في ( حمص، و إدلب، و حلب، ودير الزور، و درعا، و ريف دمشق ) تحت وطأة ضربات الجيش الحر الذي تحسن أداؤه ( نوعًا، و عددًا )؛ ممَّا نتج عنه مزيدٌ من الانشقاقات ( أفقيًا، و عموديًا ).
3ًـ انشقاق المقدم المظلي (حافظ جاد الكريم فرج ) من أبناء جبل العرب ( قرية الغارية ـ صلخد )، و هو الضابط الأعلى رتبة من أبناء الطائفة ( الدرزية ) الذي يعلن انشقاقه عن قوات الأسد، و انضمامه الى الجيش السوري الحر، و يعمل في مرتبات الفرقة الجوية ( 22 )، اللواء الجوي ( 14) في مطار ( أبو الضهور ـ شرق محافظة إدلب ).
يأتي هذا الانشقاق في ظل تحول في مواقف مكونات المجتمع السوري من النظام، و لا سيما الطائفة (الدرزية ) التي أخذت مواقفها تشهد تحولاً نوعيًا بسبب التحول الكبير في مواقف الزعيم الدرزي اللبناني (وليد جنبلاط )، من الأزمة السورية؛ و هو ما كان له صدى ملحوظًا في صفوف ( دروز ) سورية المؤيدين له.
و هذا الانشقاق النوعي قد سبقته انشقاقات أخرى أقل رتبة لعسكريين آخرين من ( الدروز)، و هناك انشقاقات مماثلة في صفوف ( العلويين )، و ( المسيحيين )؛ سيكون لها تأثير إيجابي على مستقبل الثورة في قابل الأيام.