عدم دستورية انتخاب رئيس الجمهورية

د. هدى حمودي

أوردت صحيفة البينة الجديدة خبراً نصه" بغداد: البينة الجديدة اجمعت اوساط نيابية وسياسية عراقية وخبراء دستوريون في بغداد ان المجلس النيابي لم يوفق في اولى جلساته الدستورية في احراز نجاح سياسي امام جمهوره العراقي واخفاقه في انتخاب (رئيس الجمهورية) وهو مخالفة دستورية ما كان لها ان تكون اذ ينص الدستور العراقي على انتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائبيه في الجلسة الاولى على ان يصار جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بعد فترة قصيرة. البعض علق قائلاً.. هذه انتخابات نقابة صحفيين وليس انتخابات رئيس جمهورية!".

إن مجلس النواب غفل الأوضاع الشكلية التي تعتبر من مقومات النصوص التشريعية كقواعد قانونية لا يكتمل كيانها أصلاً في غيبة متطلباتها الشكلية، والدستور العراقي النافذ أوجب شكليات وإجراءات يتعين أن تمر خلالها العملية التشريعية، وعملية انتخاب (رئيس الجمهورية) يوم الخميس الماضي الموافق 11 تشرين الثاني كان مخالفاً لنص الدستور بالمادة (69) منه، التي نصت على تنظيم قانون لأحكام ترشيح رئيس الجمهورية ونائبيه، والقانون الداخلي – اللائحة الداخلية- لمجلس النواب بالمادة (37) منه أكدت عدم جواز مناقشة موضوع لم يدرج في جدول الأعمال الا بعد عرضه للتصويت وأن يفوز بأغلبية الحاضرين، وهذا لم يحصل في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والمادة (138) من الدستور أكدت بأنه يعاد العمل بالأحكام الخاصة برئيس الجمهورية بعد دورة لاحقة لنفاذ هذا الدستور، وكذلك المادة (72) من الدستور حددت سقف لانتخاب رئيس الجمهورية بعد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه بمدة 30 يوماً لذا إن عملية انتخاب رئيس الجمهورية قد شابها عيب شكلي وهي مخالفة دستورية وانتهاك للنطاق الدستوري الذي يقوم على ضرورة حماية الأوضاع والإجراءات الشكلية المنصوص عليها في الدستور سواء اتصل ذلك باقتراح التصويت عليه أو مراحل النظر فيه أو إقراره أو إصداره، إضافة إلى ذلك فإن جلسة التصويت لم يتحقق فيها النصاب القانوني المنصوص عليه في المادة 70/1 التي تشترط أن يحصل منصب رئيس الجمهورية على أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 325 حيث أن عدد النواب مع النواب الذين لم يؤدوا اليمين الدستورية كان عددهم 213 نائبا وتم الحصول على هذا العدد من خلال عملية الاقتراع بانتخاب رئيس الجمهورية حيث حصل في الجولة الأولى على 195 صوت وحصل المرشح الآخر على 12 صوتا و6 بطاقات بيضاء ليصبح مجموع الحاضرين 213 نائبا في حين أن المادة 70 تنص على أن يحصل المرشح على ثلثي أعضاء مجلس النواب ولكي يتحقق النصاب القانوني بثلثي مجلس النواب يجب أن يكون عدد المصوتين 217 صوتا لذا يجوز الطعن بانتخاب رئيس الجمهورية أمام المحكمة الاتحادية العليا لأنه بني على مخالفة لنصوص تشريعية للأوضاع الإجرائية التي يتطلبها الدستور.

وهذا يستدعي إعادة النظر في شرعية انتخاب رئاسة الجمهورية إذا كان هناك ثمة حرص على بناء دولة المؤسسات القائمة على أسس الديمقراطية الحديثة ولكي لا يكون العراق شاذا في اعتماده معايير تتنافى مع ما مستخدم من المعايير القانونية والدستورية في بناء الحكومة، ولكي لا تكون مثلبة جديدة تضاف إلى كبوة المحكمة الاتحادية في تفسيرها الانتقائي للكتلة النيابية الأكبر.