مصر وسَدّ النهضة 10-12

علاء الدين حمدي شوَّالي

مصر وسَدّ النهضة

علاء الدين حمدي شوَّالي

[email protected]

ضبابية الواقع وتخوفات المستقبل (10)

تطور الأوضاع القانونية لعلاقات مصر بدول حوض النيل ـ3ـ

ثالثاً: إتفاقية مياه النيل لعام 1959

حددت إتفاقية مياه النيل 1929 حصة السودان بـ 4 مليار متراً مكعباً مقابل 48 مليار متراً مكعباً لصالح مصر، ومع إتجاه بريطانيا لتوسيع الرقعة الزراعية لأملاكها فى السودان قبل الجلاء، ثم رغبة أول حكومة وطنية سودانية يناير عام 1954 برئاسة اسماعيل الأزهري، حكم ذاتى، فى إستكمال ذلك المشروع التنموى، لم تعد حصة السودان كافية لتحقيق أحلامه، فظهرت الرغبة في إحياء مشروع خزان جديد يدعى "خزان الروصيرص" بعد وصول الطاقة التخزينية لخزان "سنار" إلى أقصاها .

بدأت الحكومة السودانية إتصالاتها بالسلطات المصرية للحصول على موافقتها وتمويلها لمشروع خزان "الروصيرص"، وكان اللقاء فى الخرطوم سبتمبر 1954، فربطت مصر بين مشروع الروصيروص ومشروع السد العالى، ودار الكثير من جولات المفاوضات

ـــ كانت اتفاقية 1929 التى وقعتها مصر مع بريطانيا، نيابةً عن مستعمراتها الأربعة السودان وكينيا وأوغندا وتنجانيقا، هى المنظم للعلاقات المائية بين البلدين ونصت على:

"أن يكون انسياب مياه النيل من 19 يناير وحتى 15 يوليو من كل عام، ما يعرف بزمن الانخفاض، موقوفاً على إستعمالات مصر ولا يحقّ للسودان إلا الري عن طريق الطلمبات وفي نطاقٍ محدود، بينما يكون من حق السودان إستعمال مياه النيل من 16 يوليو وحتى 18 يناير، ما يعرف بزمن الفائض، للري وللبدء في حجز المياه في بحيرة خزان سنار ولكن بكمياتٍ محددة وبزيادةٍ تدريجية ونقصان تدريجيٍ في تواريخ معيّنة."

لاحظ الفرق بين تعبير "موقوفاً" وبين تعبير "حق الاستعمال"

أيضا نصت الفقرة الرابعة ب من الإتفاقية على ألا تُقام أو تُجرى أي أعمال للري أو توليد الطاقة أو تُتخذ إجراءات على النيل أو فروعه أو على البحيرات التي تغذيه، سواءٌ الموجودة في السودان أو في الأقاليم الخاضعة للإدارة البريطانية، والتي قد تضرّ بأي شكلٍ بمصالح مصر، سواءٌ بتقليل كمية المياه التي تصل إليها، أو بتعديل وقت وصولها أو تخفيض منسوب المياه، إلاّ بالاتفاق مع الحكومة المصرية.

ـــ ثم فى يوليو 1958 وقعت أزمة جديدة:

احتجت الحكومة المصرية على فتح السودان بوابات خزان سنار للرى يوم 4 يوليو نفسه، أى قبل حد التاريخ المنصوص عليه في إتفاقية مياه النيل 1929 بـ 12 يوماً، مما إعتبرته مصر خرقاً للإتفاقية.

ردّ السودان أنه سبق وأخطر مصر بنيته ذلك، رغم أن الإتفاقية ليست ملزمةً له لأنها وُقّعت خلال الحقبة الإستعمارية بين بريطانيا ومصر، والسودان لم يكن طرفاً فيها !!

أصرت مصر على أن الإتفاقية ملزمة للسودان، بينما رفض السودان وإستعان بخبير قانوني هولندي يدعى الدكتور "فان سانتين Van Santen " لإعداد دراسةٍ ورأي قانونيٍ حول وضعية ومدى إلزامية إتفاقية مياه النيل لعام 1929 على السودان.

كان رأي "سانتين" المبدئي أن اتفاقية عام 1929 ليست لها صفةٍ إلزامية لأنها لا تمثّل أكثر من ترتيبات إدارية محلية بين شريكي الحكم في السودان مما يُفقدها صفة الاتفاقية الدولية، وأضاف أن حكومة السودان لم تعترف بهذه الإتفاقية عندما نال السودان استقلاله يناير 1956.

وللوصول الى يقين، حاول " سانتين" الاطلاع على الوثائق البريطانية في لندن وجامعة دارم البريطانية Durham University، ولكنّ بريطانيا إعتذرت أنها لاتريد أن تكون طرفا في النزاع بين مصر والسودان.

ثم تتغير الأمور بعد أسابيع قليلة من تقلبات السلطة فى السودان، فقرّر التوقف عن السير في الطريق القانوني، وأنهى تعاقد الدكتور فان سانتين.

ـــ وبعد المفاوضات، والكثير من التنازلات السودانية، كما يرى السودانيون، وفي الثامن من نوفمبر عام 1959 تم التوقيع على إتفاقية مياه النيل التى جاء إسمها: "اتفاق بين الجمهورية العربية المتحدة وبين جمهورية السودان للانتفاع الكامل بمياه نهر النيل".

 

موقف إتفاقية مياه النيل 1959 من إتفاقية مياه النيل 1929

خصّصت إتفاقية 1959 كلَّ مياه النيل بين مصر والسودان دون مشاركة بقية دول الحوض، وسمحت للسودان ببناء مشاريع للإستفادة من نصيبه.

وعليه، لم يعد ثمة إحتياج لإتفاقية 1929 كحجة بين مصر والسودان، إلا أن مصر أبقت عليها في علاقاتها المائية مع كينيا وأوغندا وتنزانيا "تنجانيقا"، وفى مواجهة السودان نفسه !

أما الدول الأخرى الثلاث الأطراف فقد رفضت اتفاقية 1929 رفضاً تاماً على أساس مبدأ "نيريرى"، راجع الحلقة الثامنة من الدراسة، الذى حدد عامين للتفاوض حول الإتفاقيات التي تمّ توقيعها خلال الحقبة الإستعمارية، فإذا لم يتم الإتفاق حولها ينتهى أجل هذه الاتفاقيات.

 

موقف إثيوبيا

تجاهلت مصر والسودان طلب بريطانيا الإفادة عن موقف إتفاقية 1959 من حقوق مستعمراتها من الدول النيلية الاستوائية " كينيا وأوغندا وتنجانيقا"، وطلب إثيوبيا، منذ سبتمبر 1957، بالمشاركة فى المفاوضات، كما تجاهلتا أيضاً الطلب البريطاني الإثيوبي في نوفمبر 1959 بأن تشمل المفاوضات كل دول حوض النيل.

وقد برز هذا التجاهل في عنوان إتفاقية 1959 نفسه، "اتفاق بين الجمهورية العربية المتحدة وبين جمهورية السودان للانتفاع الكامل بمياه نهر النيل"، الذي يوضّح أن مصر والسودان قد وضعتا أياديهما على كل مياه نهر النيل دون أى إعتبار لبقية الدول المشاركة.

بل وتتوسّع ديباجة الاتفاقية في هذه المسألة فتعلن "نظراً لأن نهر النيل في حاجةٍ إلى مشروعات لضبطه ضبطاً كاملاُ ولزيادة إيراده للإنتفاع التام بمياهه لصالح جمهورية السودان والجمهورية العربية المتحدة ..."

ورغم وجود نصٍ في الإتفاقية يُشير إلى إحتمال أن تُطالب الدول النيلية الأخرى بنصيبٍ في مياه النيل، إلاّ أن هذا النص يعطي مصر والسودان الحق في تحديد هذا النصيب، أو حتى رفض الطلب، ومراقبة عدم تجاوزه، لأن كل مياه النيل المقاسة في أسوان قد تم توزيعها بموجب إتفاقية مياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان فقط بعد خصم التبخّر في بحيرة السد العالي، ولم تتبق أية مياهٍ لدول النيل الأخرى.

كما أن النص يشير إلى أن أية كمية من المياه تُخصّص لأىِّ من هذه الدول فسيتم خصمها مناصفةً بين مصر والسودان، وليس بنسب أنصبتهما بموجب الاتفاقية.

 

مضمون إتفاقية مياه النيل 1959

تتكون اتفاقية مياه النيل لعام 1959 من ديباجة وسبعة أقسام رئيسية وثلاثة ملاحق.

تتناول الديباجة ثلاث مسائل:

الأولى تتعلّق بالحاجة إلى مشروعاتٍ لضبط نهر النيل ضبطاً كاملاً ولزيادة إيراده للإنتفاع التام بمياهه لصالح مصر والسودان

الثانية تتعلّق بإحتياج هذه الأعمال إلى إتفاقٍ وتعاونٍ كاملٍ بين الدولتين لتنظيم الإفادة من هذه المشروعات.

الثالثة تتعلّق بإتفاقية مياه النيل لعام 1929 فتقول "ونظراً إلى أن إتفاقية مياه النيل المعقودة في سنة 1929 قد نظّمت بعض الإستفادة بمياه النيل ولم يشمل مداها ضبطاً كاملاً لمياه النهر ..." ، وهى إشارة تعني أن إتفاقية مياه النيل لعام 1959 تعتبرإتفاقية عام 1929 إتفاقيةً ناقصة في علاقات مصر والسودان النيلية ولكنها نافذة.

أما الأقسام فجاءت كالاتى:

تخصيص مياه النيل بين مصر والسودان

مشروعا السد العالي وخزان الروصيرص

تعويضات السودان عن إغراق منطقة وادي حلفا

مشروعات إستغلال مياه مستنقعات جنوب السودان

إنشاء الهيئة الفنية الدائمة المشتركة

مطالب دول حوض النيل الأخرى.

السلفة المائية من السودان لمصر.

 

أولاً: حسابات تخصيص مياه النيل بين مصر والسودان:

أشارت الإتفاقية إلى أن صافي مياه نهر النيل مُقاسةً عند أسوان بعد بناء السد العالي هي 84 مليار متراً مكعباً، وأن الحقوق المكتسبة لمصر، حسب إتقافية 1929 وحتى قبل توقيع إتفاقية 1959، هي 48 مليار متراً مكعباً، وأن حقوق السودان المكتسبة هي 4 مليار متراً مكعباً، أيضاً محسوبةٌ عند أسوان.

وعند خصم هذه الحقوق المكتسبة للدولتين (48 + 4 = 52 مليار مترا مكعبا)، وخصم فاقد التخزين المستمر في بحيرة السد العالي، أو فاقد التبخر، المقدّر بنحو 10 مليار متراً مكعباً، (52+ 10 = 62 مليار متراً مكعباً)،

فإنه يتبقى 22 مليار متراً مكعباً من المياه (84 - 62 = 22 مليار متراً مكعباً)، تذهب تقريباً فى البحر المتوسط.

نصت الإتفاقية على توزيع هذه الكمية، 22 مليار، بواقع 14.5 مليار للسودان و7.5 مليار لمصر، وعليه فإن نصيب السودان يصبح 18.5 مليار متراً مكعباً (4 + 14.5)، بينما يصبح نصيب مصر 55.5 مليار متر مكعب (48 + 7.5).

 

ثانياً: السد العالي وخزان الروصيرص:

تضمّنت الإتفاقية موافقة مصر والسودان على إنشاء مصر للسد العالي عند أسوان، وذلك لضبط مياه النيل والتحكّم في منع إهدار مياهه إلى البحر، وأشارت إلى السد العالي "كأول حلقة من سلسلة مشروعات التخزين المستمر على النيل" ، لكنها لم توضّح أين ستكون بقية حلقات مشروعات التخزين المستمر.

وربما كان في ذهن المفاوضين أن تكون حلقات التخزين المستقبلية في البحيرات الإستوائية وبحيرة تانا فى إثيوبيا، دون ملاحظة إرهاصات إستقلال دول البحيرات الاستوائية، ومع تجاهل مصر والسودان لطلبات إثيوبيا المتكرّرة للمشاركة في مفاوضات مياه النيل.

 

ثالثاً: تعويضات أهالي حلفا:

تحدد التعويض بمبلغ  15 مليون جنيه مصري.

 

رابعاً: مشروعات إستغلال مياه مستنقعات جنوب السودان:

أشارت الاتفاقية إلى ضياع كمياتٌ من مياه النيل في مستنقعات جنوب السودان، بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال ونهر السوباط، ووضعت مجموعةً من الإجراءات لإقامة مشاريع لزيادة مياه النيل من هذه المستنقعات على أن يُوزّع صافي المياه والتكاليف مناصفةً بين البلدين.

غير أن الإتفاقية أعطت مصر الحق في بدء هذه المشروعات إذا دعتْ حاجتُها للتوسع الزراع، وذلك فقط بإخطار السودانَ بالميعاد الذي يناسبها للبدء في المشروع، على أن يتقدم كل من البلدين في خلال عامين من تاريخ الإخطار ببرنامجه للإنتفاع بنصيبه في المياه، وبعد إنتهاء العامين تبدأ مصر في التنفيذ بتكاليف من عندها، وعندما يتهيأ السودان لإستغلال نصيبه فإنه يدفع نسبةً من جملة التكاليف تتفق مع نسبة المياه التي سيحصل عليها، على ألا تتجاوز حصة أيٍ من البلدين نصف الفائدة.

 

خامساُ: الهيئة الفنية الدائمة المشتركة:

أنشأت الاتفاقية هيئة فنية دائمة مشتركة بين مصر والسودان، كما أشارت إلى أنه عندما تدعو الحاجة إلى إجراء أي بحثٍ في شؤون مياه النيل مع أي بلدٍ من البلاد الواقعة على النيل خارج حدود الجمهوريتين، فإن حكومتي جمهورية السودان والجمهورية العربية المتحدة تتفقان على رأيٍ موحدٍ بشأنه، بعد دراسته بمعرفة الهيئة الفنية المشار إليها.

وهكذا خلقت الاتفاقية تكتّلاً من مصر والسودان كان أحد الأسباب التي أدّت إلى ميلاد تكتّل دول عنتيبي المضاد في عام 2010.

 

سادساُ: مطالب دول حوض النيل الأخرى:

تُشير الفقرة الثانية من الجزء الخامس من الإتفاقية إلى مطالب البلدان النيلية الأخرى بنصيبٍ في مياه النيل، وإلى اتفاق مصر والسودان على أن يبحثا سوياً مطالب هذه البلاد ويتفقا على رأىٍ موحّد بشأنها، وإذا أسفر البحث عن إمكان قبول أية كمية من إيراد النهر تخصّص لبلدٍ منها، فإن هذا القدر، محسوباً عند أسوان، يُخصم مناصفةً بينهما. وتُلزم الإتفاقية مراقبة الهيئة الفنية الدائمة المشتركة عدم تجاوز هذه البلاد للكمية.  

وعليه فإن هذه الفقرة من الإتفاقية منحت مصر والسودان حق تحديد نصيب أية دولةٍ نيليةٍ أخرى إن هي تقدمت بطلبٍ للدولتين، كما منحت الدولتين حق رفض ذاك الطلب أو قبوله، وتحديد كمية المياه التي ستمنح لتلك الدولة حال القبول، والتي ستقوم الهيئة الفنية بمراقبة عدم تجاوزها.

خلقت هذه الفقرة مشكلة إجرائية كبيرة، فلا يُتوقع بأي حالٍ من الأحوال أن تتقدم أية دولة مشاطئةٍ أخرى بمطالبها في مياه النيل لمصر والسودان ليبحثاها ويقررا فيها، لأن ذلك يعني الإعتراف بإتفاقية 1959 التي هي ليست طرفاً فيها، وإعترافها بهيمنة مصر والسودان على نهر النيل، بما في ذلك حق مصر والسودان في عدم قبول تخصيص أية كمية من المياه لذلك البلد، وتنازلها عن حقٍ يكفله القانون الدولي لكل الدول المشاطئة في الانتفاع المنصف والمعقول من أي نهرٍ مشترك.

 

سابعاً: السلفة المائية لمصر:

نصّ الملحق رقم (1) من الإتفاقية على منح السودان لمصر سلفة مائية لا تزيد عن مليار ونصف من نصيبه في مياه السد العالي، ولم تحدد تاريخاً لرد السلفة، ولا للطريقة التي ستُرد بها.

مع ملاحظة أن السودان حتى اليوم يستخدم فقط 12 مليار مترا مكعبا من الـ 18.5 مليار حصته حسب الإتفاقية، وبالتالى تحول موضوع السلفة هذا الى نص شكلى لا أكثر.

بعد كل ما سبق، يمكننا الإستنتاج أن إتفاقية 1959 إستندت الى ظروف سياسية معينة داخل الإطار السودانى المفاوض وقتها، ساعدت مصر على إخراجها بهذا الشكل غير المستشرف للمستقبل.

 

جمهورية جنوب السودان واتفاقية مياه النيل لعام 1959

ـــ فى 22 مارس عام 2013، اليوم العالمي للمياه، وبعد يومٍ واحدٍ فقط من زيارة الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء المصري وقتها، لجوبا، عاصمة جنوب السودان، لمناقشة قضايا مياه النيل والتأكّد من وقوف جمهورية جنوب السودان في الجانب "المصري- السوداني" الرافض لإتفاقية عنتيبي، أعلن "بول مايوم"، وزير الري والموارد المائية بجمهورية جنوب السودان، عدم إعتراف حكومته بإتفاقية مياه النيل 1959 بين مصر والسودان، قائلاً:

"كنا وقتها تحت سيطرة السودان عندما وُقِّعتْ الاتفاقية، لذلك لم نكن نستطيع أن نقول شيئاً، أما اليوم فنقول إنه لا علاقة لنا بهذه الإتفاقية، وقد إلتحقنا بمبادرة حوض النيل، فبراير 1999 بين دول حوض النيل العشرة، ونحن في طريقنا للإلتحاق بإتفاقية عنتيبى، التي من خلالها يمكن لدول حوض النيل الإلتقاء لمناقشة أفضل الطرق لاستغلال مصادر المياه."

ـــ هنا نعود الى إستخفاف اتفاقية 1959 بجنوب السودان ومستنقعاته، التى رأتها كمياهٍ ضائعةٍ يستوجب إعادة تجميعها وإضافتها إلى نهر النيل لصالح التوسّع الزراعي في مصر والسودان من خلال مجموعة من المشاريع من بينها قناة جونجلي، راجع الحلقة الأولى من الدراسة، دون أي إعتبارٍ للتأثيرات البيئية والإجتماعية والإقتصادية السلبية، ولا للحقوق المائية لسكان جنوب السودان الذين يعيشون حول هذه المستنقعات ويعتمدون عليها في حياتهم وحياة مواشيهم، وبدون إستشارتهم أو حتى التحدث إليهم.

لذلك، كان إعلان جمهورية جنوب السودان رفضها للإتفاقية بعد إستقلالها أمراً متوقعاً، تماماً كما أعلنت دول المنبع من قبل عدم إعترافها بالإتفاقية أيضاً بعد إستقلالها، وذهبت أكثر من هذا بتبنيها إتفاقية عنتيي فيما بعد.

ونستكمل فى الحلقة القادمة عن الخطر والأثر الشامل لسد النهضة، إن أراد الله، ثم أذن مضيفونا وكان فى العمر بقية.

تنويه: سيتم نشر توثيق الدراسة ومصادرها الرسمية فى الحلقة الأخيرة بإذن الله.

مصر وسَدّ النهضة

ضبابية الواقع وتخوفات المستقبل (11)

الأثر الشامل لسد النهضة وخطورته على دولتى المصب السودان ومصر

من الخطأ الجسيم أن تضيق نظرتنا الى مشكلة سد النهضة فى كونه مشكلة تخص الشأن المصرى وحده، وإنما هى أحد خيوط فخ العنكبوت الذى يُنصَب على سماء المنطقة، إستدراجاً لكل قواها وتفجيرا لكل مشاكلها، شبكة تغزلها العنكبوت الأم على مساحة شاسعة من العراق الى اليمن الى السودان الى ليبيا الى تونس، هدفها التغيير العضوى للبيئة الإستراتيجية للمنطقة، تلك التى لن تتم إلا بإخضاع مصر.

ولعانا نستعرض بعض أراء الخبراء على عجالة:

ـــ يرى الدكتور مغاوري شحاتة، خبير جيولوجيا المياه في جامعة المنوفية، أن السد الإثيوبي أصبح أمراً واقعاً، بعد أن ثبتت إثيوبيا قواعد البنية الأساسية الخاصة به، ونتيجة لبعض الأمور الجيولوجية والدراسات العلمية والخواص الفنية لجسم السد، فسيكون لدينا نحو90 مليار طن من المياه مخزنة فوق منطقة من الجرانيت المتشقق الذي يعاني من الفواصل والكسور، بمعنى أن أى هزة أرضية بقوة 6 ريختر ستهدد جسم السد بجزئيه وتعرضهما للإنزلاق والإنهيار، مما يعرض السودان إلى خطر الفيضان والإغراق، لدرجة إختفاء مدينة الخرطوم بالكامل كما ستطال الأراضي المصرية بعض هذه الكوارث*

*نفس ما ذكره مهندس الرى المصرى إبراهيم زكي‏,‏ ونشرته الأهرام يومي‏11‏ و‏12‏ نوفمبر عام‏1927

هذا إلى جانب مشكلات أخرى هندسية وفنية، كشفتها دراسات وتقارير اللجنة الثلاثية الدولية، حيث أشار الجانب الألماني إلى أن السد يقع فوق منطقة متحركة وغير آمنة، ما يعرض السد للتدمير بسبب كتلة المياه الضخمة، إلى جانب مخاطر تتعلق بحدوث تفاعلات بين المياه والصخور.

وأكد د. شحاتة أن الجانب الإثيوبي وضع مواصفات السد على عجل، على غير المألوف في مثل هذه المشروعات العملاقة، ذلك لسباقهم مع الزمن والسرعة في إتمامه، رغم أن المفروض هو إنجازه على مراحل وفق دراسات علمية متخصصة، وأن هناك خطأ في تصميم السد، يجعل عمره الافتراضي نحو 15 سنة !!!

ـــ وذكر الدكتور أحمد علي سليمان، الخبير الدولي في مجال المياه بمصر، أن تقرير اللجنة الفنية المشتركة الذي تسلمته الحكومات الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، قال "إن معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبي بها قصور في منهجية عمل تلك الدراسات التي لا ترقى لمستوى مشروع بهذا الحجم على نهر عابر للحدود، وأن الجانب الإثيوبي لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدى خطورتها على دولتي المصب".

ـــ ويقول الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة والخبير الدولي في مجال المياه، وغيره من الخبراء، أن هذا السد يتراوح عمره الإفتراضي ما بين 25 و50 عامًا، نتيجة الإطماء الشديد، 420 ألف متراً مكعباً سنويًا، وما يتبعه من مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص في كفاءة السد تدريجيًا، ومن ثم تزيد فرص تعرض السد للإنهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق، والتي تصل في بعض فترات العام، شهر سبتمبر، إلى ما يزيد على نصف مليار متراَ مكعباَ يوميًّا، وهو الأمر الذي يهدد بتدمير معظم القرى والمدن السودانية، خاصة الخرطوم، التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه "تسونامي اليابان" 2011، كما أنه من شأنه زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان، نظرًا لوزن المياه التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة أصلاً.

أما إذا إنهار السد وكانت بحيرة ناصر ممتلئة، فسينهار السد العالي تماما، وإذا كانت البحيرة غير ممتلئة فإن المياه ستغمر السد العالي وتنساب فوقه بمعدل مليار متراَ مكعباَ يومياً.

ـــ ويحذر مدير المخابرات العامة الأسبق، اللواء ممدوح قطب أن معامل الأمان للسد هو 1.5 درجة، مقارنة بمعامل الأمان بالسد العالي الذي يبلغ 8 درجات ! مما يعني أنه في حال إنهياره، نتيجة إحتجازه كميات هائلة من المياه، يمكن أن يمحو السدود التي بنتها السودان، وتصل المياه إلى مصر بعد 18 يوماً".

ـــ ويؤكد الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه الدولي، "أن بناء إثيوبيا لسد النهضة وحده سيؤدي إلى نقص حصة مصر من المياه بنسبة 9 إلى 12 مليار متراَ مكعباَ في العام، أما إذا قررت إثيوبيا بناء حزمة السدود كاملة فإن ذلك سيؤدي لنقص ما لا يقل عن 15 مليار متراَ مكعباَ من المياه سنويًّا". ومن ثم سيتسبب في بوار من4 إلى5 مليون فدانا، وتشريد من 5 إلى 6 مليون فلاح، وقد ينجم عن ذلك مجاعات ومشكلات واجتماعية يستحيل السيطرة عليها.

كل ذلك في ظل ما يتوقعه الخبراء من أنه بحلول عام 2050م ستحتاج مصر إلى 21 مليار متراَ مكعباَ فوق حصتها الحالية لسد احتياجات سكانها من المياه، والذي يتوقع أن يصل إلى 150 مليون نسمة.

ـــ ويقول الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية السابق، : " أن هناك عنصرين رئيسيين يتمثلان في السعة التخزينية للسد وفي إستهلاك المياه في الزراعات المروية، فكلما زادت السعة التخزينية وزادت المساحة المروية زادت الاثار السلبية، لأن السعة التخزينية للسدود ستكون خصما من مخزون المياه أمام السد العالي الذي يستخدم لسد العجز المائي لإيراد النهر في السنوات التي يقل فيها الإيراد عن قيمته المتوسطة، وبالتالي سيظهر بعد إنشاء هذا السدود ظاهرة الجفاف والعجز المائي في سنوات الفيضان المنخفضة كما كان الوضع قبل بناء السد العالي، أما المياه التي سوف تستخدم للري فستكون خصماً مباشراً من حصتيّ مصر والسودان السنوية، والعنصرالثانوي الذي قد يؤثر أيضا في إيراد النهر، ولكن بدرجة أقل، يتمثل في السياسة التشغيلية للسدود.

ربما يقصد أن يقول أن السد العالى لن تصبح له قيمة !

ـــ ويرى الباحث إبراهيم منشاوى أن تحويل المجرى قد لا يؤثر حاليًّا على تدفق المياه إلى مصر والسودان، ولكن بعد اكتمال بناء السد وملئه بــ74 مليار متراً مكعباَ، فسيكون لدينا عجز يقدره البعض ما بين 11 و19 مليار متراً مكعباَ ، بمتوسط 12 مليار متراً مكعباَ ، مع ملاحظة حديث الإثيوبيين عن واحد من أربعة سدود؟  

وهو ما يعني أن إثيوبيا ستتحكم في أربعة بوابات لتدفق المياه إلى باقي الدول، وبالتالي التأثير على تدفق المياه إلى دول المصب، وخاصة مصر، والتأثير على حصتها من المياه، وتخفيض حصتها إلى 20 مليار م3، مما سينتج عنه كارثة، نظرًا لإعتمادها شبه الكامل على مياه النيل، مما سيكون له أثر سلبي على الزراعة والثروة الحيوانية والتنمية، فضلاً عن تأثيراته البيئية المدمرة، ودخول دول حوض النيل في صراعات وحروب على المياه.
أبضا العجز الذى سيصاحب فترة ملء خزان السد، وهي تقدر بـ 6 سنوات، سيصاحب ذلك عجز في إنتاج الطاقة المائية في مصر، إلى جانب انخفاض مستوى بحيرة ناصر إلى حوالي 15 متراً، ذلك إلى جانب حدوث فترات جفاف وتدهور في نوعية المياه.

ــ أما الدكتور محمد البسطويسي ومعه الدكتور محمد حجازي من أساتذة "الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء" في مصر، فقد قدما بحثاً علمياً عكفا بعد دراسة صور فضائية التُقطت لمنطقة السد بواسطة القمر الاصطناعي "لاندسات 8 " عام 2013، وعن طريق البعثة المكوكية لرسم الخرائط الطوبوغرافية بالرادار.

كانت أبرز ملامح البحث:

إفترض البحث أسوأ الأحوال بأن يجري ملء خزان السد خلال 4 سنوات، حيث أن سدًّا بهذا الحجم لا يمكن ملؤه في أقل من ذلك.

مما يزعج مصر أن تعلن إثيوبيا عن بناء سد ارتفاعه 90 مترًا، وسعته التخزينية 14.5 مليار مترا مكعبا من المياه، ثم تقوم تغيير خططها ليكون المعلن حتى الآن 145 مترًا، يحتجز خلفه 74 مليار مترا مكعبا من المياه

الطبيعة الجغرافية في المنطقة تفرض حجز فائض المياه، وعليه فسيتم بناء سد مساعد إرتفاعه حوالى 75 متراً، بينما إرتفاعه المعلن من الجانب الإثيوبي، يصل إلى 45 مترًا، ولو نُفذت مواصفاته كالمعلن فسيخصم نحو 70% مما يرد سنويًّا لمصر من النيل الأزرق، خاصة ومساحة بحيرة السد ستكون 1954 كيلومترا مربعا، وليس 1680 كيلومترا مربعا كما تعلن إثيوبيا، وهي الجهة المسؤولة هناك، وهو ما يعنى اختزان البحيرة لكمية 80 مليار متراً مكعباً من المياه.

تكمن المشكلة في هذا السد المساعد، وستزيد مع إحتمال بناء سدود أخرى ترفع سعة تخزين البحيرة وتزيد مساحة سطحها، وعمقها.

تقدر الدراسة أنه قد يصل ارتفاع السد المساعد إلى 80 مترًا، ما يجسد سيناريو شديد القتامة، إذ يمكن آنذاك تعلية السد الأصلي إلى 180 مترًا، فيسع خزانه 173 مليار متراً مكعباً من المياه، حيث تمتد عندئذ مساحة سطح البحيرة خلف السد إلى 3130 كيلو متراً مربعاً، وبالتالى فكمية المياه المخصومة من حصة مصر في هذه الحالة ستعادل إيراد النيل الأزرق في 3 سنوات.

ـــ و يؤكد دكتور حسين العطفي، وزير الرى المصرى الأسبق أمين عام المجلس العربي للمياه، أن نتائج ملء خزان سد النهضة ستفرض سيناريو أشد قتامة مما ورد ذكره فى يحث البسطويسى ـ حجازى، حيث سوف ستستهلك مصر مخزون بحيرة ناصر أثناء فترة الملىء، وبالتالي ستتوقف التوربينات المولدة للكهرباء عن العمل.

أما بعد انتهاء ملىء الخزان، فستحتاج مصر إلى 20 عاماً لإعادة ملىء خزان أسوان، وهو ما يستحيل تحمله.

أيضا، هناك آثار أخرى لا بد من دراستها، ومنها إنخفاض منسوب مياه النيل، وأثره على حركة الملاحة، وعلى بوار حوالي مليون فدان.

ـــ ونصل الى تلخيص الإجابة عن السؤال، كيف يمكن أن يشكل سد النهضة خطرا على مصر؟

هنا يمكن الحديث من عدة أوجه:

أولا: الفترة اللازمة لملء خزان السد 74 مليار طن، حتى يمكنه العمل بكامل طاقته، فبإفتراض كون هذه الفترة 5 سنوات مثلا، فهذا يعنى استهلاك السد لـ 15 مليار متراَ مكعباَ من الماء سنويا على مدار 5 سنوات تخصم من مصر والسودان بنسبة حصتيهما، بما يعنى تناقص حصة مصر السنوية بحوالى 12 مليار متراَ مكعباَ على الأقل، وهو ما قد يمثل كارثة بالنسبة لمصر التى تصنف كإحدى الدول الفقيرة مائيا، كما أنه في مقابل كل مليار متراَ مكعباَ تنقص من حصة مصر المائية فإنه من المتوقع أن تخسر مصر مقابلها مساحة 200 ألف فدان زراعي.

 

ثانياً: نقص مخزون المياه خلف السد العالي سيؤثر سلبا على الطاقة الكهربائية المتولدة منه بما يتراوح بين 20 و40%، بحسب خبراء في مجال المياه مما سيعمق من أزمة الكهرباء التي تعيشها مصر.

 

ثالثاً: خطورة استخدام إثيوبيا لجزء من هذه المياه للزراعة، بمعنى أن حصة من مياه الخزان الـ 74 مليار طن سيتم تفريغها لأغراض زراعية، بما يعني الحاجة لإعادة ملئها من جديد، وساعتها لن تكون الأزمة متعلقة بفترة ملء الخزان فقط ولكن بتناقص دائم في حصة مصر السنوية في مياه النيل.

 

رابعاً: إشعال الصراعات والتوترات السياسية والحروب بين مصر والسودان وإثيوبيا.

 

خامساً: خطورة الاستهداف العسكري للسد لأى سبب أو توظيفه لأغراض عسكرية، أو احتمالية إنهياره بسبب أي أخطاء في التصميم أو لطبيعة المنطقة التي أقيم فيها، أو لتدنى معامل الأمان، 1.5%، كما يؤكد بعض الخبراء، أو صحة تقديرات عمره الإفتراضى، مما يؤدي إلى فيضانات هائلة وغرق لمساحات شاسعة في السودان ومصر وإلحاق أضرار بالغة بالسد العالي قد تصل إلى تدميره كاملا في حالات معينة وضحناها.

بمعنى أننا ننتظر حرب إبادة لا يمكن مواجهتها، أو على طريقة "تقرير لوجانو" عن فقه العولمة "إننا لا نستطيع أن نبقى على نظام السوق الحر الليبرالي ونستمر في الوقت نفسه في السماح بوجود هذه المليارات الزائدة من البشر، والطريقة الوحيدة لضمان سعادة ورفاهية الأغلبية، أن يكون إجمالي سكان الأرض أقل نسبيا " !!

ونستكمل فى الحلقة القادمة عن سد النهضة والتغلغل الاسرائيلى، إن أراد الله، ثم أذن مضيفونا وكان فى العمر بقية.

مصر وسَدّ النهضة

ضبابية الواقع وتخوفات المستقبل (12)

سد النهضة والتغلغل الاسرائيلى

 ( لكي نحمى إسرائيل ينبغي أن تصبح قوة إمبراطورية إقليمية مع ضمان تقسيم الدول العربية إلى دول عديمة الحيلة في مواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية ) ـ ذلك ما عبر عنه الملحق الصحفي بوزارة الخارجية الإسرائيلية "أوديد ينون" 1982، صحيح أنه مبدأ من بديهيات الصراع العربى الاسرائيلى، إلا أننا نستخدمه هنا كمدخل للدور الاسرائيلى فى أزمة سد النهضة، خاصة إذا عدنا الى مقدمة البحث وفرضية استحالة تحقيق نصر اسرائيلى عسكرى حاسم له أثره على الأرض فى أى حرب مستقبلية مع الدولة المصرية، فأصبح العبث فى أمنها القومى بكل تفريعاته هو السبيل الأكثر إيلاما لمصر، والبديل الأجدى نفعاً للعدو.

ـ هذا المخطط الشيطانى إستند الى أن كل علاقة ديبلوماسية جديدة تضاف الى إسرائيل هى بالضرورة إنتقاص من قوة العلاقات المصرية خاصة الإفريقية، حتى ولو بالموقف الحيادى، حسب نظرية المعادلات الصفرية.

لذلك سعى الكيان الصهيونى الى توثيق علاقاته الإفريقية منذ نشأته 1948، بوضع استراتيجيات هدفها السيطرة على القارة الافريقية خاصة دول حوض النيل، وبطريقة تسمح بتطويق مصر من جنوبها، أى من خلف خطوط المواجهة العسكرية المباشرة مع اسرائيل، بدول حليفة أو بدويلات وكنتونات تابعة للكيان الصهيونى أو تدور فى فلكه.

ثم تنامت هذه السياسة خاصة مع استيعاب العدو لدروس حرب اكتوبر 73، وكيف وفر الموقع الاستراتيجى للسودان، بساحله الطويل الممتد على البحر الأحمر، كل الأمان لعمليات البحرية المصرية من باب المندب، فسهل عليها إغلاقه من الجنوب حتى "أم الرشراش" المصرية شمالا، التى احتلها العدو منذ 10 مارس 1949 واطلق عليها ميناء "ايلات"، وهو نفسه السبب الذى دفع بالعدو الى اقامة محور تعاون استراتيجى مع اريتريا وإثيوبيا.

ـــ أيضا استطاع العدو توطيد علاقاته مع القائد الجنوبى التاريخى "جون جارنج" الذى أشاد في احدى زياراته للعاصمة الإرتيرية "أسمرة" ولقائه فيها مع مسئول إسرائيلي كبير في وزارة الدفاع، بفضل إسرائيل عليه وعلى حركته قائلا ( أنتم ظهر الجماعات والأقليات المقهورة ، ولولاكم لما تحرر الأكراد من العبودية العربية، ولما نفض الجنوبيون في السودان عن كاهلهم غبار الخضوع والخنوع والذل والعبودية، ونحن نتطلع إلى استمرار هذا الدور، حتى بعد أن يتمكن الجنوبيون من تشكيل كيان سياسي وقومي خاص بهم متسلحاً ومنفصلا ًعن سيطرة الشمال( .

ـــ أيضا كان رأى المخابرات  الاسرائيلية على لسان احد ضباطها، "موشي فرجي":

( أن دور إسرائيل بعد إنفصال الجنوب وتحويل جيشه إلى جيش نظامي سيكون رئيسيا وكبيرا، ويكاد يكون تكوينه وتدريبه وإعداده صناعة كاملة من قبل الإسرائيليين، وسيكون التأثير الإسرائيلي عليه ممتدا حتى الخرطوم، ولن يكون قاصراً على مناطق الجنوب، بل سيمتد إلى كافة أرجائه ليتحقق الحلم الإستراتيجي الإسرائيلي في تطويق مصر، ونزع مصادر الخطر المستقبلي المحتمل ضد اسرائيل )

وعندما استفاق "جارنج" فيما بعد وحاول أن يعترض أو يعدل مسار التوظيف الإسرائيلي للجنوب وتبنى خيار السلام، تم اغتياله بالتنسيق مع أوغندا، أحد مستنقعات التغلغل الاسرائيلى فى افريقيا، كما تقول زوجته السيدة "ريبيكا" وكما تناقلت وكالات الأنباء فى 18 يونيو 2007 تصريحها لشبكة "كينيا تيليفيجن نتوورك" المستقلة:

( دعوني أقول لكم ما أخفيته دائماً في عقلي وقلبي، فعندما مات زوجي، لم أقل إنه قتل، لأني كنت أعرف العواقب، لكني كنت أعرف أن زوجي قد اغتيل ) .

ـــ رغم كل ذلك، تركنا السودان وحيدا يلقى مصيره الذى هو جزء من مصيرنا جميعا، وكعادتنا، لا ننتبه لما يدبر لنا فى وضح النهار، أو ربما يتعامى عنه سادتنا وكبراؤنا على حساب أمننا القومى، تحت وطأة ضغوط معينة تدفع فى اتجاه تقديم تنازلات أو "انبطاحات" لن يغفرها التاريخ أيا كانت أسبابها وما ورائها.

ـــ يقول الكاتب الصحفي الأستاذ عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية السابق حول أزمة سد النهضة:

(إن مصر تتعرض لمأزق حاد، فالنظام المصري السابق اتبع سياسات كارثية في إفريقيا، ودول حوض النيل على وجه الخصوص، وتصرف بطريقة متعالية متكبرة حاقدة مع دولة السودان لحوالى عشر سنوات، الأمر الذي أدى بإسرائيل إلى التسلل وملء الفراغ، ومحاربة مصر من فنائها الخلفي وضرب أمنها القومي والشقّ المائي منه على وجه الخصوص).

ويستطرد عطوان :

( إن بناء هذا السد هو نتيجة التحريض الإسرائيلي، وأن ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، هدد من قبل بقصف السد العالي وإغراق مصر، كما قام بجولة في خمس دول إفريقية في عام 2011م على رأس وفد إسرائيلي يضم أكثر من مائة شخص معظمهم من رجال المال والأعمال فضلا عن الخبرات الهندسية المتخصصة في مجال بناء السدود، وعرض خدمات إسرائيل في بناء السدود وتمويلها لتحويل مياه النيل، وكان من أبرز الثمار المسمومة لهذا التحريض اتفاقية "عنتيبي". ولم نفاجأ بهذه الطعنة، مثلما لم نفاجأ بتوقيع شركات إسرائيلية اتفاقا لتولي توزيع منتوج الطاقة العائد من السدّ الجديد".

محددات وأهداف سياسة إسرائيل تجاه القارة الإفريقية

ـــ لعبت اسرائيل على كل المحاور المتاحة لإستقطاب افريقيا دولا وحكاما وشعوبا، فمثلاً:

استغلت الصراعات التقليدية بين إثيوبيا والعرب

مارست تأثيرها فى السياسات الأوغندية

دعمت الحركات الانفصالية فى السودان، ثم نيجريا بثقلها الاسلامى

حملات التبشير اليهودية بما تقدمه من اغراءات

دعمها لخطط المجتمع المدنى وقضايا الزراعة والتنمية

اهتامها بالقضايا الطبية التى تعد من اهم المداخل فعالية لكسب القلوب الإفريقية الطيبة الفقيرة التى أنهكتها منظومات الحكم المتتابعة بكل الأيدولوجيات المتنافقضة التى عرفها التاريخ البشرى

العبث المخابراتى لاسقاط الانظمة التي تسعى للتقارب مع الدول العربية

الاستقطاب الشعوبى بدعوى الإضهاد الذى يتساوى الزنوج واليهود فى التعرض له عالميا

إثارة مخاوف الأفارقة من المد الإسلامي والحركات السياسية الإسلامية بما تقدمه من صور الإرهاب والعنف وعدم قبول الآخر

تقديم خدماتها الأمنية للحكومات الأفريقية باعتبارها الخبير الأول في هذا المجال.

ـــ وتتركز أهداف السياسة الإسرائيلية في بناء علاقاتها الإفريقية فى أسباب رئيسية على النحو التالي:

إسرائيل تنظر إلى إفريقيا باعتبارها ساحة للنزال بينها وبين العرب وفقاً لقواعد نظرية المعادلات الصفرية.

تأمين متطلبات الإستراتيجية البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.

ضمان الاتصال بالجاليات اليهودية مع استمرار هجرة اليهود من إفريقيا.

تامين متطات الاقتصاد الإسرائيلي في مجالات التسويق والعمالة والمواد الخام وتصدير الأسلحة.

تحقيق السيطرة والهيمنة لتأمين أصوات الدول الإفريقية في الأمم المتحدة فى أى نزاع عربى اسرائيلى حتى فى حالة عدم وجود علاقات ديبلوماسية معها.

إسرائيل لها علاقات دبلوماسية مع 46 دولة أفريقية من مجموع دول القارة البالغ عددها 53 دولة، منها 11 دولة بتمثيل مقيم بدرجة سفير وسفارة، و33 بتمثيل غير مقيم، ودولة واحدة بتمثيل على مستوى مكتب رعاية مصالح، ودولة واحدة أيضا بتمثيل على مستوى مكتب اتصال، علما بأن لإسرائيل 72 سفارة و13 قنصلية، و4 بعثات خاصة على مستوى العالم، وهذا يعني أن البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا بالمقارنة مع بعثاتها في العالم تشكل 48%، في حين تبلغ نسبة العلاقات الدبلوماسية الأفريقية الإسرائيلية بالمقارنة مع نسبتها بالعالم 28%.

العمل على تحقيق أهداف أيديولوجية توراتية خاصة بتقديم إسرائيل على أنها دولة "نموذج" لشعب الله المختار.

إستقطاب القيادات الإفريقية عن طريق خلق كوادر عسكرية تدين بالولاء لإسرائيل وتعمل في نفس الوقت على تحجيم النشاط العربي

تقديم المساعدات الفنية والعسكرية وتدريب الباحثين والخبراء الأفارقة داخل إسرائيل خاصة في مجال الزراعة.

العلاقات العسكرية بين إسرائيل وافريقيا ودول حوض النيل

في بحث عن علاقات إسرائيل بالدول الإفريقية، صنف البروفيسور "شلومو أهرونسون" أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، دول إريتريا، إثيوبيا، أوغندا، الكونغو برازافيل، رواندا، بوروندى وكينيا، ضمن المستوى الأول في التصنيف بما يعني تركيز إسرائيل جهودها فعليا على دول حوض النيل.

وقد سعت 'إسرائيل' لإقامة قواعد عسكرية فى عدة دول إفريقيا، منها قاعدة بحرية في ميناء "مصوع" عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، بالإضافة إلي القواعد الجوية في كل من إثيوبيا وكينيا، ووجود جوي في غينيا، وقواعد جوية في تشاد علي الأخص في المنطقة المجاورة لحدود السودان، تمثلت في ثلاثة مطارات أحدها مطار بحيرة "اير" والثاني مطار "الزاكومة" والثالث مطار "مفور"، وبعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين تشاد وإسرائيل تبين أن مهمة تلك القواعد كانت مراقبة الحدود الليبية والسودانية بالإضافة إلي إمكانية استخدامها ضد مصرلضرب أهداف محددة في مؤخرة الجبهة المصرية عند الضرورة.

أيضا هناك عدد كبير من المستشارين الإسرائيليين فى أوغندا يعملون فى مجال القوات الجوية والدفاع الجوى والقوات البرية والقوات الخاصة والدروع.

وكانت تقارير قد أعدتها عضوة الكنيست "بغما حزان" عن حركة "ميرتس" قد أماطت اللثام عن تدفق الأسلحة الإسرائيلية إلى كل من بوروندى، ورواندا ، والكونغو برازافيل، وعرضت "حزان" صوراً من الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة فى ساحة الحروب الأهلية ودور المستشارين الإسرائيليين المتواجدين هناك فى إذكاء هذه الحروب.

اسرائيل والنيل

اقترنت المحاولات الإسرائيلية للإستفادة من مياه النيل بالتفكير الاستيطاني في الوطن العربي منذ بداياته، وظهر ذلك بوضوح عندما تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، عام 1903م إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء، واستغلال ما فيها من مياه جوفية والاستفادة من بعض مياه النيل، إلا أن مشروعه قوبل برفض الحكومتين المصرية، فى إطار دولة الخلافة العثمانية، والبريطانية لأسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية والاقتصادية في ذلك الوقت، إلا أن الحلم بقى دائما داخل الوجدان الإسرائيلى الذى حاول تحقيقه من خلال عدة مشروعات او اقتراحات كان منها:

1ـ مشروع استغلال الآبار الجوفية:

قامت (إسرائيل) بحفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، لاستغلال انحدار طبقة المخزون المائي صوب اتجاه صحراء النقب، وقد كشف تقرير أعدته لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري في يوليو 1991م أن إسرائيل تعمدت خلال السنوات الماضية سرقة المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار إرتوازية قادرة على سحب المياه المصرية.

2 ـ مشروع اليشع كالي:

في عام 1974م طرح المهندس الإسرائيلى "اليشع كالي" تخطيطاً لمشروع نقل مياه النيل إلى إسرائيل، ونشر المشروع تحت عنوان "مياه الســلام"، ويتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفـق المياه فيها، ثم نقل هذه المياه عن طريــق سحارة أسفل قناة السويس، وقد كتبت صحيفة معاريف في سبتمبر 1978م تقريراً بأن هذا المشروع ليس طائشاً؛ لأن الظروف أصبحت مهيأة الان لتنفيذه بعد اتفاقيات السلام .
3 ـ مشروع ياؤور:

قدم الخبير الإسرائيلي شــاؤول أولوزوروف، نائــب اسبق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية، مشروعـــاً للرئيس السادات خـلال مباحثات كامب ديفيد يهدف إلى نقــل مياه النيل إلى إسرائيل عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، لنقل مليار متر مكعب من مياه النيل لري صحراء النقب، منها 150 مليون متر مكعب، لقطــاع غزة.
4 ـ مشروع ترعة السلام 1:

هو مشروع اقترحه الرئيس السادات في حيفا عام 1979م، وقالت مجلة أكتوبر المصرية: "إن الرئيس السادات التفت إلى المختصين وطلب منهم عمل دراسة عملية كاملة لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة القدس لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى".

وإزاء ردود الفعل على هذه التصريحات، سواء من إثيوبيا أو المعارضة المصرية، ألقى الدكتور مصطفى خليل، رئيس الوزراء المصري وقتها، بياناً أنكر فيه هذا الموضوع قائلاً: "عندما يكلم السادات الرأي العام يقول: أنا مستعد أعمل كذا فهو يعني إظهار النية الحسنة ولا يعني أن هناك مشروعاً قد وضع وأخذ طريقه للتنفيذ بالفعل!!.

العلاقات العسكرية بين إسرائيل وإثيوبيا

تولت اسرائيل مهمة تطوير القوات المسلحة الإثيوبية بداية من عام 1995، حيث عملت على تنفيذ خطة خمسية لإعادة هيكلة وتنظيم وتسليح الجيش الإثيوبى ليكون قادراً على مواجهة أية تحديات من داخل القارة، الأمر الذى قد يعنى أن إثيوبيا كانت تخطط لاتخاذ خطوات بشأن ملف المياه منذ عقدين من الزمان.

بدأت إسرائيل ومنذ عام 1996، فى ضخ كميات كبيرة من الأسلحة إلى إثيوبيا شملت طائرات نقل واستطلاع، كما شملت دبابات من طراز (ميركافا) السوفيتية التى استولت عليها أثناء حرب 67 وقامت بتحسينها، إضافة إلى منظومات رادار وصواريخ بحرية، ومنظومات صواريخ، وصواريخ ومدافع مضادة للطائرات .

العلاقات العسكرية بين إسرائيل وأريتريا

تضم إريتريا أكبر قاعدة للوجود العسكري الإسرائيلي فى إفريقيا، وهو ما كشفته وثيقة صادرة عن إدارة التعاون الدولي بوزارة الدفاع الإسرائيلية فى شهر أغسطس عام 1997، تناولت الأرقام التالية:

وجود ما بين (500-700) مستشار عسكرى، وقتها، من مختلف الأسلحة لتدريب القوات الإريترية وقيادة بعض الوحدات المهمة مثل بعض القطع البحرية والمنظومات الإلكترونية، ووسائل الدفاع الجوي والبحري، ومحطات الرادار .

تمد إسرائيل إريتريا بمنظومات قتالية متطورة مثل الطائرات وقطع البحرية كالزوارق الحاملة للصواريخ، وصواريخ مضادة للأهداف البحرية، وصواريخ مضادة للدروع

يؤكد التقرير، وقتها، أن إريتريا ستكون فى عام 2000 قادرة على امتلاك قوة  عسكرية فاعلة ومؤثرة وقادرة على منازلة الخصوم،وهو الأمر الذى من المفترض علم الدولة المصرية بتطوراته بعد مرور ما يقرب من عقدين على التقرير.

الأهداف الإسرائيلية

تأمين البحر الأحمر لصالحها خاصة بعد درس اكتوبر 1973 واغلاق باب المندب بالبحرية المصرية وبمساعدة الدول الإفريقة المؤثرة فى نطاق المضيق، الذى ساعد عليه الإهمال المصر لإفريقيا .

السيطرة على منابع النيل وتحويله الى سلاح اسرائيلى فى أى حرب محتملة مع مصر، أو كورقة ضغط تجبر الدولة المصرية على تقديم تنازلات سواء فى سيناء أو فى توصيل مياه النيل لإسرائيل عبر ترعة السلام.

حصار مصر من الجنوب حتى باب المندب، ومن الجنوب الغربى ومن شواطىء البحر الأحمر شرقاً

اثارة الإضطرابات فى الجبهة الداخلية المصرية نتيجة نقص مياه النيل.

ربط الجاليات اليهودية في دول إفريقيا بإسرائيل

الحصول على تسهيلات عسكرية واستخباراتية .

مشاركة إسرائيل في بناء وتنظيم الأجهزة الأمنية لبعض الدول في إفريقيا.

تسويق إنتاجها العسكري.

تطويق الدول العربية بحزام من الدول الإفريقية المناهضة مع التقليل من أي نفوذ عربي داخل القارة مستغلة في ذلك تعميق الخلافات العربية مع بعض دول إفريقيا، كما هو الحال مع إثيوبيا.

لماذا إثيوبيا ؟

المميزات الكبيرة لإثيوبيا سياسيا وجغرافيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا من خلال مواردها الطبيعية الكبيرة، حيث يجري في أراضيها العديد من الأنهار بالإضافة إلى بحيرة (تانا) التي تشكل مخزون المائي الرئيسى لنهر النيل، ووفرة الموارد المعدنية التي تخدم الصناعات الإسرائيلية خاصة العسكرية منها، بالإضافة إلى معادن الذهب والماس والفضة.

تعتبر إثيوبيا، رغم عزلتها عن دول الجوار، قلعة في محيط إسلامي لا زال يموج بالصراعات، والمشاكل، وما يزال يواجه أنماطاً عديدة من العنف والأزمات المتعددة، مما يجعلها المفتاح المناسب للتغلغل في إفريقيا وضرب الأمن القومى المصرى والعربى.

تطويق عدد من البلدان العربية من بينها مصر والسعودية واليمن والسودان

التلاعب بورقة النزاع الإثيوبي الاريتري وتطويعها لمصلحة إسرائيل

ضرب تحالف "نادي صنعاء" الذى يضم اليمن إثيوبيا والسودان، والذى سبب إزعاجا لإسرائيل خشية إخراج إثيوبيا من عزلتها الإفريقية وجرها إلى النادي الشرقي والعرب، وبالتالي خسارتها كحليف استراتيجي لتل أبيب.

اعتبارات مسألة يهود الفلاشا

رغبة اسرائيل في الحصول على مياه نهر النيل بدفع إثيوبيا للتشكيك في حصة مصر من مياه النهر، وبناء سدود إثيوبية على النيل للسيطرة عليه فى مواجهة مصر، حيث توفر إثيوبيا ما يقرب من 87% من مياه النيل الى مصر.

التنوع العرقي واللغوي والثقافي والديني، لعب دوار أساسيا في وسائل التغلغل الإسرائيلي لإثيوبيا الذي يستند على إثارة النزعات ونشر الفوضى وعدم الاستقرار تمهيدا لفتح الطريق أمام المساعدات الإسرائيلية وتجارة السلاح والسيطرة على الثروات.

وأخيرا، ننقل تصريح البروفيسور "جابرى سيلاس زيودي" الأستاذ بجامعة أديس أبابا، فى محاضرة ألقاها ضمن فعاليات مؤتمر نهر النيل الذى نظمته جامعة تل أبيب  مايو 1997:

" وجهة نظر الإثيوبيين تجاه مسألة النيل، تتمحور فى أن إثيوبيا، ومنذ عام 1950، تؤكد على حقها فى مياه النيل لاحتياجاتها، ومن ثم يحق لها أن تنفذ أياً من المشروعات التى انتهت إليها الدراسة التى أعدت بمكتب الاستصلاح الأمريكي"

يقصد تقرير المكتب الأمريكى لاستصلاح الأراضى الزراعية (U.S. Bureau of Land Reclamation)

خلال الفترة 1958-1964 .

ونستكمل فى الحلقة القادمة عن المشروعات المائية الإثيوبية الحالية والمقترحة، ذلك إن أراد الله، ثم أذن مضيفونا وكان فى العمر بقية.