الدين لله والوطن للجميع

جاسم عبيات

تعد ظاهرة التسنن بين الشباب العربي الاحوازي ظاهرة إيجابية وصحية و ذلك لقطع العنصر الوحيد المشترك فيما بيننا كشعب عربي له خصوصياته الثقافية والاجتماعية و الدينية و بين الشعب والنظام المحتل الإيراني، حيث لا يجمعنا أي جامع من روابط أو أواصر اجتماعية او ثقافية أخرى اللهم إلا انتماءنا لمذهب واحد و هو مذهب التشيع مع العلم ان هناك اختلافا فيما بين مذهب التشيع النقي الذي كان و مازال يتمسك به معظم أبناء الشعب الاحوازي والذي لا يختلف كثيرا عن المذاهب الإسلامية الأخرى كالمذاهب الاربعة و بين مذهب التشيع الصفوي الذي عمد الفرس إدخال اساطيرهم و خزعبلاتهم ليخرجوه من إطاره الإسلامي العربي ليصبح مذهب خاصا بهم .

وحاول النظام وطيلة تسع عقود من السيطرة على مقدرات الشعب الاحوازي العربي بالعزف على هذا الوتر و التركيز عليه مثل ادعائه أن مذهب التشيع دخل علينا من بوابة الأحواز وهذا بحد ذاته يتنافى مع معطيات و حقائق تاريخية انطمست به الهوية السنية السابقة قبل مجيء الصفويين وتشيّع اهلها بقوة السيف ليجعل الشعب العربي رهينة عنده وذلك من خلال درايته بأن هذا الشعب هو شعب متدين لا يرغب بالخروج عن الاطر الشرعية الذي حدده له الدين الإسلام الحنيف مما جعلهم يستغلون هذا بإصدار فتاوى من قبل ما يطلق عليهم علماء الدين أو المراجع كما يحلو لهم تسميتهم والذين يصدرون تلك الفتاوى ليس لإصلاح شائبة أو بدعة من بدعهم التي ادخلوها إلى الإسلام وإنما خدمة للنظام الفارسي العنصري وإضفاء شرعية مصطنعة لسياستهم الاستعمارية تجاه الشعوب غير الفارسية الخاضعة تحت براثين استعمارهم و قمعهم واضطهادهم و سرقة ثرواتهم و خيراتهم لاسيما الشعب العربي الاحوازي و هذا الأمر لا يختصر على الجمهورية الاسلامية القائمه حاليا وإنما منذ أول يوم من وطئة أقدامهم على أرضنا و تدنيس ترابها الطاهر ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نود هنا التذكير بالفتاوى التي أطلقها علماء الدين أو المراجع لمساعدة المقبور رضا شاه عميل المخابرات البريطانيه في احتلال الأحواز عام 1925 وقتل وتنكيل شعبها المسلم حيث عدّوا جيش الاحتلال الفارسي جيش المهدي المنتظر و بقية القصة معروفة للقاصي و الداني .

وأما في وقتنا الحاضر وفي ظل النظام الملالي الذي يرتدي رداء الإسلام بالظاهر فاصدار الفتاوى اصبحت لا تعد ولا تحصى و صاروا يتاجرون بها خدمة لمصالحهم الشخصية و زيادة ثرائهم الفاحش والتي بمجملها تصب معظم تلك الفتاوى في تحريم الخروج و الاعتراض على السلطة القائمة و هي سلطة ولاية الفقيه الذي ينوب عن المهدي المنتظر حسب ما يطبلون و يزمورون لها ويعد كل مطالب بحقوقه أو من يقف في وجه ظلمهم و استبدادهم مرتد و مفسد في الارض ويجب اهدار دمه ,مهما بلغت هذه السلطة في تعسفها وظلمها و طغيانها.

ولكن رغم هذا الحنظل الذي نتجرعه كل يوم يجب علينا أن ننوه و بشدة من عدم الانخراط في التطرف الطائفي و قطع الطرق أمام الدسائس و المؤامرات التي تحاك ضدنا في أروقة قصور حكام طهران وقم ليصطادوا في المياه العكره و ذلك من خلال زرع الفتنة الطائفة بين أبناء شعبنا الأبي والذي هو بعيد كل البعد عن هذه الثقافة الطائفية المستورده من قم و حوزاتها لتغيير بوصلة نضالنا من نضال ضد الاستعمار الفارسي المحتل الغاشم لوطننا العربي الحبيب والذي هو نضال شرعي مكفول من كل الشرائع السماوية و الدنيوية الى صراع طائفي واقتتال داخلي حيث لا يسمن ولا يغني من جوع خدمة لاهدافهم المشؤومة واطالة عمر احتلالهم لاراضينا كما نشاهد اليوم ما يجري في عراقنا الجريح و بقية الأقطار العربية كلبنان وسوريه واليمن والبحرين...

فيجب علينا أن نضع شعار واحد نصب اعيننا الا و هو الدين لله والوطن للجميع وكل يعمل بطريقته الخاصة و من مكان تواجده و على النحو الذي يراه مناسبا وحسب امكاناته لتعزيز وحدتنا الوطنية عبر نضالنا ضد المحتل تشارك فيه كل الأطراف و القوى الوطنية و كافة مكونات المجتمع الاحوازي دون إقصاء أو تهميش لضرب العدو المحتل و اذنابه دون تخوين و تكفير فئة من قبل فئة اخرى و تعزيز أواصر الأخوة فيما بيننا و الابتعاد عن التعامل على اساس انتماءتنا المذهبية او السياسية والتي لا تخدم أحد سوا عدونا وإنما يكون منطلق تعاملنا مع بعضنا فقط على اساس انتماؤنا الوطني الاحوازي العربي لا غير.