حديث في الأدب :

وأحدثكم عن رقة الأعراب ، ورفاهة مشاعرهم ، وأناقة ألفاظهم ، وبلاغة تراكيبهم ، وبديع صورهم ..ونقول من بدا جفا ، ولكنه جفاء غير جفاء اللفظ والمعنى والتفكير والتقدير وما أحب أن أكثر وإنما نحب أن نَطعم فنُطعم ..

وكثير منا يحفظ ويردد ..

ليس من مات  فاستراح بميْت .. إنمـا الميْت ميّت الأحيـاء

إنما الميْت مـن يعيش ذليـلا ..سـيّئا باله قليـل الرجـاء

يعجبنا في البيتين أنس الألفاظ ، وجمال المعنى ، ودقته ورقته ، وفلسفته ، ومقاربته لحقيقة الحياة والموت في آفاق الحقيقة والمجاز . ونظن حين نحفظه ونردده أنه سقي من لبن الحضارة ، وغذي على لباب الآداب ، وطُعّم بقطوف الحكمة ، وأن قائله وفاتق معناه قد عايش حضارة الإسلام ، وسمع من " كتاب الله ( أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء ) أو ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ) ثم تنظر فتجد أن البيتين لشاعر عربي قديم قديم .. حفظ شعره صاحب الأصمعيات فخلده ، وقدمه ..ولا تدري عندما ترويه ، أنك تروي كلاما مرت عليه القرون ، وانطوت دونه الآباد ، وأن هذين البيتين عمرهما في دوران السنين قريبا من ألفي عام ، وما تزال لغتهما غضة ، وحلتهما قشيبة ، وما زالا حبيبين إلى القلوب ، يدوران على الألسن ، مجسدين لواقع حال ..

ولكن الميْت ميت الأحياء ..

إنما الميت من يعيش ذليلا .. سيئا باله قليل الرجاء

والبيتان من مقطوعة رواها الأصمعي في الأصمعيات . والأصمعيات لعبد الملك بن قريب الأصمعي ، من أوائل المختارات من الشعر العربي . لم يسبق إلى هذه الطريقة في تخليد أجمل الشعر غير المفضل الضبي في مجموعته التي تدعى المفضليات . ثم نهج الأصمعي على نهجه . ثم تبعهما أبو تمام في مختاراته المشهورة تحت عنوان : ديوان الحماسة .

ومطلع المقطوعة كما في الأصمعيات :

ربما ضربة بسيف صقيل .. دون بصرى وطعنة نجلاء

والشاعر : عدي بن رعلاء الغساني - جاهلي قديم ..والرعلاء أمه . وغلبت على اسمه ونسي اسم أبيه . ولا تستغرب ذكر الشاعر بصرى فهو غساني . وكان يتردد على دمشق فيقيم فيها ..

ثم تحفظ من شعرهم وتظل تردد فما تمل الترديد..

ولقد مررت على اللئيـم يسبني .. فمضيت ثُمّت قلت لا يعنيني

غضبانَ ممتلئـا  علـيّ إهابـه ..إني وربـك سـخطه يرضيني

فتظن نفسك أمام شاعر إسلامي أموي أو عباسي ، كالذي يحكى عن حلماء العرب في الإسلام مثل الأحنف ابن قيس ونحوه . وتستأنس بالألفاظ حين لا تجد فيها غريبا ولا حوشيا ولا جافيا ولا بعيدا ، وترتاح إلى التركيب فلا معاظلة ، ولا تكلف ولا تربيع ولا تدوير ..

وربما تستوقفني وتستوقفك القيمة الأخلاقية الجميلة الكامنة في الأبيات أكثر . في الإعراض عن السفيه أو اللئيم - وما أكثر - ومع علم الشاعر أن هذا اللئيم يسبه إلا أنه يخرّج موقفه منه على طريقتين ؛ أن يتجاهله فيقول : سبابه هذا أقل من أن أفكر فيه ، وان أشغل نفسي بالجواب عليه ، أو أنه يقول لنفسه إن هذا السباب لا يعنيني بل إن هذا " الطعان " يريد رجلا غيري ..!!

ثم يزيدك : سأترك هذا الذي امتلأ - إهابه - جلده سخطا وغضبا عليّ ليموت بغيظه ، لأنني لو رددت عليه لفرجت عنه بأنني نزلت إليه .. ونتذكر أن ( قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ) قرآنية . ونتذكر أمام النهج الذي انتهجه الشاعر الكريم لنفسه ، قول الرسول الكريم : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .. وما أكثر ما قرأنا في الكتاب العزيز الأمر بالإعراض . وبمرور الكرام . و النهي ألا تقعدوا معهم ..

ومرة أخرى نجد أنفسنا أمام شاعر جاهلي قديم قبل البعثة النبوية بنحو قرن من الزمان. شاعر سيد من بني حنيفة سادة الصحراء . وكان الملك المنذر قد شرى من الشاعر الأمان فأبى أن يبيعه ، ثم عدا الشاعر على المنذر ملك الحيرة فقتله ، في حكاية تطول..

ومرة ثانية أسائلكم عن أنس الألفاظ ، وسمو المعاني ، وجمال التركيب ، ورقة الأسلوب ..

وكوننا نتواصل مع شاعر قضى قبل ألفي عام ..وتذكروا أن غير طالب الآداب الانكليزي لا يسمو إلى لغة شكسبير ، وغير طالب الأداب الفرنسي لا يقرأ حكايات لافونتين من 400 سنة فقط ..!! هي هي لغة القرآن ..

ثم أختم لكم المقام - وقد اشتهيت أن أقارف اختصاصي - بهذا البيت الجميل ، وكأنه قطيفة من مخمل ، أو طاقة ورد من حديقة وليس من بستان ..للمرقش الأكبر يصف نساء قومه وجمالهن وكمالهن في متتالية من الصور والتشبيهات الأنيقة البليغة :

النشر مسك . والوجوه دنانير . وأطراف الأكف عنم

ففي أي بادية نشأن هؤلاء الرعابيب ؟!

 والنشر الغمامة تنتشر من الإنسان حين يقبل عليك . يمر فيمر في غمامة من مسك. وليس في مفهوم حديث رسول الله " إن المرأة إذا استعطرت لتمر بمجالس الرجال فهي ..." ما يفهم منه بعض الناس . فالغاية من الاستعطار قيد عليه . فالنشر مسك يضوع ، والوجوه في صفائها ونعومتها ونضارتها مثل الدنانير وتذكروا يومها كانت الدنانير تضرب من فضة أو ذهب . ثم أطراف الأنامل عنم : نبت أحمر لطيف تشبه به أنامل وأظافر اللطيفات . ويبدو أن صنعة المنكير عمرها ألفا عام في بادية العرب يا قوم .. في بادية العرب حيث المها والظباء

والتأمل في هذه المعاني ، والعيش معها أجدى وأقرب وأمتع مما تدعونني إليه ..

فقط أحببتُ أن أحبب إليكم صنعة الأدب ..

وسامحوني إذا أسأت ..

على نمطٍ واحدٍ ومئة نمط عروضي تَنَمَّطَتْ مثلثاتُ سمرؤوت الخمسُ والمئة -إذ خضعت أربعٌ منها لأنماطِ أربعٍ غيرها!- ثم من داخل الحادية والمئة المختلفة الأنماط وزنَ بيتٍ أو طولَ بيتٍ أو رويَّ قافيةٍ أو مَجرَى رَويِّ قافيةٍ (حركةً)، كاد ظاهرُ المثلثات الرابعة والعشرين، والثامنة والعشرين، والتاسعة والعشرين، والثانية والستين، والسابعة والستين، والسبعين، والثمانين، والحادية والثمانين، والخامسة والثمانين- يُخْضِعُها على الترتيب، لأنماط المثلثات الخامسة عشرة، والثانية عشرة، والثامنة، والعشرين، والثامنة (2)، والثانية، والثانية عشرة (2)، والثامنة عشرة، والثانية والثلاثين، لولا اختلاف قوافيها تجريدا وإردافا أو تأسيسا، الغائب عن بيانات بطاقاتها التحليلية السابقة.

وهذه هي الأنماط الأربعة التي خضعَت لمثلثاتها غيرُها:

·      النمط السابع (ك/ت/م/ض)، وفيه خضعت المثلثةُ السادسة والتسعون "مُغْمِضُونَ":

"أُوتِيتُمُ الْأَبْصَارَ فَاسْتَعْمَيْتُمُ وَرَضِيتُ مِنْهَا مَا يَرَاهُ الْمُلْهَمُ

وَسَعَيْتُ فَاسْتَغْشَيْتُمُ أَعْذَارَكُمْ وَتَبِعْتُمُونِي رَيْثَما أَتَقَدَّمُ

مَا أَشْأَمَ الْمُتَجَبِّرِينَ عَلَى الرِّضَا ضَلَّتْ رُؤَايَ وَضَلَّ مَا أَتَنَسَّمُ"،

للمثلثةِ السابعة " أُسْتَاذ":

"طِفْلٌ يُعَلِّمُنَا فَهَلْ نَتَعَلَّمُ رُوحٌ مُحَلِّقَةٌ وَجِسْمٌ مُفْعَمُ

مَنْ يَنْتَظِرْ عَطْفَ الْحَنَاجِرِ يَنْتَظِرْ طَعْنَ الْخَنَاجِرِ وَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ

بِاللهِ خُذْنَا عَنْ يَمِينِكَ نَحْتَرِفْ صَبْرَ الشَّوَارِعِ وَلْيلمْنَا اللُّوَّمُ"-

الكامليّةِ الأبيات التامة الصحيحة العروض والضرب، الميميّةِ القوافي المضمومة المجردة الموصولة بالواو.

·      النمط العاشر (هـ/ج/ب/س)، وفيه خضعت المثلثةُ السادسة والثمانون "كُفُوف":

"هُمُ الطُّلَّابُ فِي الطُّلَّابْ إِلَى الطُّلَّابِ بِالطُّلَّابْ

شُعَاعُ الشَّمْسِ طَيْفُ الْهَمْسِ دِفْءُ النَّفْسِ وَالْأَعْصَابْ

طُيُورُ الْعِلْمِ عِلْمُ الْحُلْمِ حُلْمُ الثَّوْرَةِ الْخَلَّابْ"،

للمثلثةِ العاشرة "أَصْحَاب":

"وَمَاذَا يَرْهَبُ الْمَحْمِيُّ بِالْأَحْبَابِ وَالْأَصْحَابْ

إِذَا هَبَّتْ سَمُومُ الْبُغْضِ سَدُّوا دُونَهَا الْأَبْوَابْ

وَإِنْ خَفَّتْ وُفُودُ الْحُبِّ زَانُوا الْبَابَ بِالتَّرْحَابْ"-

الهَزجيّةِ الأبيات المجزوءة الصحيحة العروض والضرب، البائيّةِ القوافي الساكنة المردفة بالألف.

·      النمط الخامس عشر (ث/ج/ت/ك)، وفيه خضعت المثلثةُ الخامسة والسبعون "قُبُلَات":

"حَيَاتُنَا خُذْ وَهَاتِ بِأَعْدَلِ الْقَسَمَاتِ

فَلَا يَصُدَّكَ كِبرٌ عَنْ دَوْرَةِ الصَّغَرَاتِ

أَعُوذُ بِالْمَوْتِ مِنْ تُرَّهَاتِ هَاتِي الْحَيَاةِ"،

للمثلثةِ الخامسة عشرة "بَاب":

"لَا تَقْلَقِي سَوْفَ يَاتِي بَأَعْجَلِ الْمُعْجِزَاتِ

لِيَشْرَعَ الْبَابَ أُفْقًا عَلَى سَمَاءِ الْحَيَاةِ

فَكُلُّ مَنْ صَدَّ عَنْهُ مَضَى بِعَهْدِ النَّجَاةِ"-

المُجتثيّةِ الأبيات المجزوءة الصحيحة العروض والضرب، التائيّةِ القوافي المكسورة المردفة بالألف الموصولة بالياء.

·      النمط التاسع والأربعون (ب/و/د/ك)، وفيه خضعت المثلثةُ الخامسة والمئة "يَدَانِ":

"لَوْلَا يَدٌ كَيَدِي مَا اشْتَدَّ بِي كَمَدِي عَلَى الْهَوَى وَالْجَوَى وَالْعَهْدِ والْمَدَدِ

شَرَدْتُ فَاسْتَنْقَذَتْنِي كَيْ تُمَصِّصَنِي يَا لَيْتَها تَرَكَتْنِي طُعْمةَ الْأَسَدِ

وَأَيُّ عَارٍ عَلَى مَنْ ضَاعَ مُغْتَرِبًا مَا الْعَارُ إِلَّا عَلَى مَنْ ضَاعَ فِي الْبَلَدِ"،

للمثلثةِ التاسعة والأربعين "سُور":

"سُورُ الْحِجَارَةِ دُونِي وَالْحَصَى بِيَدِي مَا أَقْرَبَ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّرْدِ والطَّرَدِ

جَلَسْتُ أَعْصِرُ أَجْفَانِي فَمَا انْعَصَرَتْ وَلَا أَرِقْتُ لِذِكْرِ الْأَهْلِ وَالْبَلَدِ

وَقَدْ هَرِمْتُ وَلَمْ أَدْرُجْ وَلَا عَرَفَتْ مَشَاعِرِي خَطَرَاتِ الْبِنْتِ وَالْوَلَدِ"-

البَسيطيّةِ الأبيات الوافية المخبونة العروض والضرب، الداليّةِ القوافي المكسورة المجردة الموصولة بالياء.

لقد استولى بحر المجتث –وبيته مجزوء- على ثماني عشرة مثلثة (17.14%)، وبحر الكامل على أربع عشرة (13.33%)، وبحر البسيط على اثنتي عشرة (11.42%)، وبحر الطويل على إحدى عشرة (10.47%)، وبحر السريع على إحدى عشرة كذلك (10.47%)، وبحر الوافر على سبع (6.66%) ثلاث منهن مجزوءات الأبيات، وبحر المتقارب على سبع كذلك (6.66%) اثنتان منهن مجزوءتا الأبيات، وبحر الهزج –وبيته مجزوء- على ست (5.71%)، وبحر الرمل على ست كذلك (5.71%) أربع منهن مجزوءات الأبيات، وبحر المنسرح على ست كذلك (5.71%)، وبحر الخفيف على أربع (3.80%)، وبحر المديد –وبيته مجزوء- على واحدة (0.95%)، وبحر الرجز على واحدة كذلك (0.95%) مجزوءة الأبيات، وبحر المقتضب –وبيته مجزوء- على واحدة كذلك (0.95%)، ولم تُبقِ لبحرَي المضارع والمتدارك مِن شيءٍ!

واستولى حرف الراء على أروية قوافي ثماني عشرة مثلثة (17.14%)، وحرف اللام على أروية أربع عشرة (13.33%)، وحرف الدال على أروية إحدى عشرة (10.47%)، وحرف الباء على أروية عشر (9.52%)، وحرف التاء على أروية عشر كذلك (9.52%)، وحرف الميم على أروية تسع (8.57%)، وحرف النون على أروية سبع (6.66%)، وحرف الفاء على أروية أربع (3.80%)، وحرف الياء على أروية أربع كذلك (3.80%)، وحرف العين على أروية ثلاث (2.85%)، وحرف الكاف على أروية ثلاث كذلك (2.85%)، وحرف الهاء على أروية اثنتين (1.90%)، وحرف الحاء على أروية اثنتين كذلك (1.90%)، وحرف القاف على أروية اثنتين كذلك (1.90%)، وحرف الألف على أروية اثنتين كذلك (1.90%)، وحرف الذال على أروية واحدة (0.95%)، وحرف الزاء على أروية واحدة كذلك (0.95%)، وحرف السين على أروية واحدة كذلك (0.95%)، وحرف الواو على أروية واحدة كذلك(0.95%)، ولم تُبقِ من شيءٍ لحروف الهمزة والثاء والجيم والخاء والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والغين!

واستولت حركة الكسرة على مجاري قوافي ثلاث وثلاثين مثلثة (31.42%)، وحركة الفتحة على مجاري أربع وعشرين (22.85%)، وحركة الضمة على مجاري أربع وعشرين كذلك (22.85%)، واستقل التَّسْكين بقوافي اثنتين وعشرين (20.95%)، والقَصْر بقوافي اثنتين (1.90%)، ولا شيءَ وراء ذلك لشيءٍ!

ومن ثم ينبغي ألا يُستنكر على النمطين الخامس عشر، والتاسع والأربعين، تأثيرُهما المتجاوزُ مثلثتيهما إلى غيرهما –وليس أدلَّ على قوتهما من هذا التأثير- فعناصرُ كل منهما مستمدة من أوائل الأوزان والقوافي المستولية على المثلثات. أما النمطان السابع والعاشر فعلى رغم اشتمالهما على بعض تلك العناصر دون بعض، تجاوزا مثلثتيهما إلى غيرهما، وكأنهما ينبهان الشعراء والمتلقين جميعا على أن عناصر الأنماط العروضية القوية المؤثرة أغمض أحيانًا من أن تُتوقَّع!

إن ظهور حركة الكسرة على غيرها في موضع المجرى من قوافي المثلثات، غير منقطع من ظهورها العام على غيرها في سائر الكلام من قديم إلى حديث. وكذلك ظهور حرف الراء على غيره في موضع الروي من قوافي المثلثات، ولاسيما أنه أعلق منها بالإيقاع من حيث يختص دونها بصفة التكرار أصل حدوث الإيقاع. أما ظهور بحر المجتث على غيره من أوزان المثلثات فهو ما لا عهد للشعر العربي به من قبل، ولا يخلو من أثر قِصَره وتَركُّبه كليهما معا.

إن المثلثة نص مقصود القصر، ولا عجب مع هذا القصد أن تستولي الأوزان القصيرة على ست وثلاثين من مثلثات كتاب سمرؤوت الخمس والمئة (34.28%)، بل العجب أن تستولي الأوزان الطويلة على التسع والستين (65.71%)، ولعلها في سبيل النزول لها عنها!

وهذه هي الأوزان القصيرة مرتبة بمقادير ما استولت عليه:

1     المجتث المجزوء (28 حرفا)، ثماني عشرة مرة:

دن دن ددن/ دن ددن دن/ دن دن ددن/ دن ددن دن

مستفع لن فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن

2     الهزج المجزوء (28 حرفا)، ست مرات:

ددن دن دن/ ددن دن دن/ ددن دن دن/ ددن دن دن

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

3     مجزوء الرمل (28 حرفا)، أربع مرات:

دن ددن دن/ دن ددن دن/ دن ددن دن/ دن ددن دن

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

4     مجزوء الوافر (28 حرفا)، ثلاث مرات:

ددن دددن/ ددن دددن/ ددن دددن/ ددن دددن

مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن

5     مجزوء المتقارب (30 حرفا)، مرتين:

ددن دن/ ددن دن/ ددن دن/ ددن دن/ ددن دن/ ددن دن

فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن

6     المديد المجزوء (38 حرفا)، مرة واحدة:

دن ددن دن/ دن ددن/ دن ددن دن/ دن ددن دن/ دن ددن/ دن ددن دن

فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن

7     مجزوء الرجز (28 حرفا)، مرة واحدة:

دن دن ددن/ دن دن ددن/ دن دن ددن/ دن دن ددن

مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن

8     المقتضب  المجزوء (28 حرفا)، مرة واحدة:

دن دن دن د/ دن دن ددن/ دن دن دن د/ دن دن ددن

مفعولات مستفعلن مفعولات مستفعلن

وهي قسمان: الأول ستة أوزان (1-4، و7، و8)، والثاني وزنان (5، و6). أما الثاني فقد أبعده عن الصدارة زيادة طول وزنيه (30 حرفا، و38 حرفا). وأما الأول فأطوال أوزانه الستة سواء (28 حرفا)، ولكن أربعة منها (2-4، و7)، مفردة التفعيلة، ربما أخلت برغبة المقصر في تعويض الاستسهال بما يتيسر من التركيب. أما الوزن الثامن الباقي فهو الذي كان جديرا بمنافسة الأول على الصدارة، لأنه هو نفسه غير أنه أخذ من آخره سببه الخفيف، فجعله في أوله، فثقل بتوالي ثلاثة مقاطع طويلة، وتوحَّش بقلة الاستعمال؛ إذ يأتي في الاستعمال العام خامس عشر، على حين يأتي قرينه المتصدر حادي عشر، على طرافة هذه الصدارة!

في "سَمْرَؤُوتٍ" خمس ومئة مثلثة شعرية، أحللها فيما يأتي عَروضًا ولُغةً وعَناصرَ رسالةٍ ورِسالةً، على ترتيبها بعناوينها في "سَمْرَؤُوتٍ"، مُختصًّا كلًّا منها بـ"بِطاقة تَحليليّة"، مضطرًّا فيها إلى أربعة إجراءات: أولها الرمز التَّرتيبيّ في العروض وزنًا –ولا مُضارِعيَّةَ ثَمَّ، ولا مُتدارَكيَّةَ!- بالطاء إلى بحر الطويل، وبالدال إلى بحر المديد، وبالباء إلى بحر البسيط، وبالواو إلى بحر الوافر، وبالكاف إلى بحر الكامل، وبالهاء إلى بحر الهزج، وبالجيم إلى بحر الرجز، وبالراء إلى بحر الرمل، وبالسين إلى بحر السريع، وبالحاء إلى بحر المنسرح، وبالخاء إلى بحر الخفيف، وبالضاد إلى بحر المقتضب، وبالثاء إلى بحر المجتث، وبالقاف إلى بحر المتقارب- ثم بالتاء إلى البيت التام، وبالواو إلى البيت الوافي، وبالجيم إلى البيت المجزوء- وقافيةً، بالحرف منفصلا إلى الروي، ثم بالكاف إلى كسر الروي، وبالضاد إلى ضمه، وبالفاء إلى فتحه، وبالسين إلى سكونه. وثاني الإجراءات الاقتصار التَّرتيبيّ في وصف اللغة، على عدد الكلمات، ثم عدد الجمل، ثم متوسط عدد كلمات الجملة الواحدة. وثالث الإجراءات الرمز التَّرتيبيّ في العناصر، بالشين إلى المشكلة، وبالعين إلى الدعوى، وباللام إلى الدليل، وبترتيب ذِكْرها إلى ترتيب وُجودها. ورابع الإجراءات التعبير عن الرسالة تعبيرا مُوجزًا مُكرمًا بضبط حروف كلماته ضبطا كاملا:

1     إِبْهَامٌ:

·      عروضها: ك/ت/ع/ك،

·      لغتها: 27/9/3،

·      عناصرها: ش/ع/ل،  

·      رسالتها: خِيَانَةُ الْفَاسِدِينَ وَالطَّامِعِينَ.

2     أَبُو عُمَانَ:

·      عروضها: ب/و/ق/ض،

·      لغتها: 30/2/15،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: فَضْلُ الْحَاكِمِ الْمُصْلِحِ.

3     أَخَوَانِ:

·      عروضها: ر/ج/د/ك،

·      لغتها: 19/4/4.75،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: خِدَاعُ الْكِبَارِ لِلصِّغَارِ.

4     أَذَانٌ:

·      عروضها: ج/ج/ر/ف،

·      لغتها: 16/1/16،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: صَبْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُتَفَائِلِ.

5     أُرْجُوحَةٌ:

·      عروضها: و/ج/ك/س،

·      لغتها: 20/6/3.33،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: الْعَدْلُ أَسَاسُ نَجَاحِ الْحُكْمِ.

6     أَرْنَبٌ:

·      عروضها: و/ج/ل/ف،

·      لغتها: 23/7/3.28،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: سِيرَةُ أَدَاةِ الِاحْتِيَالِ.

7     أُسْتَاذٌ:

·      عروضها: ك/ت/م/ض،

·      26/8/3.25،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: دَرْسُ الْأَطْفَالِ الْمُجْتَهِدِينَ.

8     أَسْلَاكٌ:

·      عروضها: س/و/ل/س،

·      لغتها: 25/4/6.25،

·      عناصرها: ع/ع/ش،

·      رسالتها: التَّعَالِي عَلَى الْقُيُودِ.

9     أَسْوِرَةٌ:

·      عروضها: ق/و/ر/ك،

·      لغتها: 19/6/3.16،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: التَّطَلُّعُ إِلَى الْإِصْلَاحِ.

10                       أَصْحَابٌ:

·      عروضها: هـ/ج/ب/س،

·      لغتها: 19/4/4.75،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: أَمَانُ الِاحْتِمَاءِ بِالْأَحْبَابِ.

11                       أَطْفَالٌ:

·      عروضها: ب/و/ت/ك،

·      لغتها: 29/4/7.25،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: التَّقْصِيرُ عَنْ شَأْوِ الْأَيْتَامِ الْمُتَفَائِلِينَ.

12                       إِفْطَارٌ:

·      عروضها: ث/ج/ب/ض،

·      لغتها: 17/3/5.66،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: الِافْتِتَانُ بِالسَّهْلِ الْمُتَيَسِّرِ.

13                       إِلْهَامٌ:

·      عروضها: س/و/م/ك،

·      لغتها: 24/4/6،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: خَفَاءُ سِرِّ الْمَحَبَّةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَحَابِّينَ.

14                       إِيَابٌ:

·      عروضها: ط/و/ب/ض،

·      لغتها: 29/5/5.80،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: الِاعْتِذَارُ عَنِ الرَّحِيلِ.

15                       بَابٌ:

·      عروضها: ث/ج/ت/ك،

·      لغتها: 19/3/6.33،

·      عناصرها: ش/ش/ش،

·      رسالتها: التَّفَاؤُلُ بِسَلَامَةِ الْمُصْلِحِينَ.

16                       بُشْرَى:

·      عروضها: ث/ج/ر/ف،

·      لغتها: 22/5/4.40،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: تَعْوِيضُ الرَّاحِلِ بِالْقَادِمِ.

17                       بُطُونٌ:

·      عروضها: ب/و/ر/ك،

·      لغتها: 26/6/4.33،

·      عناصرها: ش/ش/ل،

·      رسالتها: تَفَلُّتُ الْحَقِيقَةِ مِنْ بَيْنِ الْأَبَاطِيلِ.

18                       جُذُوعٌ:

·      عروضها: هـ/ج/ر/س،

·      لغتها: 21/4/5.25،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: عَاقِبَةُ تَعَانُدُ الْمُتَعَارِضِينَ.

19                       جِسْرٌ:

·      عروضها: ك/ت/د/ك،

·      لغتها: 27/5/5.40،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: امْتِزَاجُ الْمُعْتَزِلِ وَالْمُعْتَزَلِ.

20                       جَمَلٌ:

·      عروضها: ث/ج/ل/س،

·      لغتها: 21/5/4.20،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: هِمَّةُ الصَّابِرِينَ الْعَالِيَةُ.

21                       حَافِلَةٌ:

·      عروضها: ط/و/ا،

·      لغتها: 32/4/8،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: اسْتِمْرَارُ الْمَسْؤُولِيَّةِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.

22                       حِذَاءٌ:

·      عروضها: ث/ج/ل/ك،

·      لغتها: 20/3/6.66،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: افْتِضَاحُ دَخَائِلِ النَّاسِ.

23                       حُرِّيَّةٌ:

·      عروضها: ك/ت/د/ض،

·      لغتها: 26/4/6.50،

·      عناصرها: ل/ل/ش،

·      رسالتها: فَسَادُ عِيشَةِ الْأَذِلَّاءِ.

24                       حِضْنٌ:

·      عروضها: ث/ج/ت/ك،

·      لغتها: 22/7/3.66،

·      عناصرها: ل/ع/ش،

·      رسالتها: حَدَبُ الرَّاعِي عَلَى الرَّعِيَّةِ.

25                       حَكَمٌ:

·      عروضها: و/و/م/ف،

·      لغتها: 28/2/14،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: جُرْأَةُ الْفَنَّانِ الْعَالِمِ.

26                       حِمَارٌ:

·      عروضها: ر/و/ر/ف،

·      لغتها: 28/6/4.66،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: سُخْرِيَّةُ الْمُسْتَعْبَدِ مِنَ الْمُسْتَعْبِدِ.

27                       حَمَامَةٌ:

·      عروضها: ب/و/ن/ك،

·      لغتها: 30/12/2.50،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: انْكِشَافُ الْحَقَائِقِ لِلْمُخْلِصِينَ.

28                       خِنَاقَةٌ:

·      عروضها: ث/ج/ب/ض،

·      لغتها: 19/4/4.75،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: أَزْمَةُ الْمُتَعَادِينَ الْمُتَسَاوِينَ.

29                       خُيُولٌ:

·      عروضها: س/و/ل/س،

·      لغتها: 27/11/2.45،

·      عناصرها: ع/ش/ل،

·      رسالتها: فَسَادُ طَبَائِعِ الْمُدَجَّنِينَ.

30                       دَجَاجَةٌ:

·      عروضها: ث/ج/و/ف،

·      لغتها: 21/8/2.62،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: التَّبَرُّمُ بِالْمُتَسَلِّطِ الْكَرِيهِ.

31                       دُخَانٌ:

·      عروضها: ب/و/ل/ك،

·      لغتها: 33/7/4.71،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: تَرَبُّصُ الْمَظْلُومِ بِالظَّالِمِ.

32                       دَرَجٌ:

·      عروضها: س/و/هـ/س،

·      لغتها: 30/5/6،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: احْتِمَالُ صِعَابِ التَّحَرُّرِ.

33                       دُفٌّ:

·      عروضها: ب/و/م/ك،

·      لغتها: 27/1/27،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: التَّقَوِّي بِالْفَنِّ عَلَى الْحَوَادِثِ.

34                       دَنَانِيرُ:  

·      عروضها: هـ/ج/ر/ض،

·      لغتها: 15/6/2.5،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: رَحَابَةُ الْإِقْبَالِ عَلَى الْحَيَاةِ.

35                       دَوَائِرُ:

·      عروضها: ك/ت/ف/ض،

·      لغتها: 27/7/3.85،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: اخْتِلَافُ حَالَيِ الْمُبْدِعِ وَالْمُخَادِعِ.

36                       دِيكٌ:

·      عروضها: س/و/ك/س،

·      لغتها: 31/9/3.44،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: إِيثَارُ الِاعْتِزَالِ وَالتَّكَبُّرِ.

37                       رَائِحَةٌ:

·      عروضها: ط/و/ر/ف،

·      لغتها: 34/7/4.85،

·      عناصرها: ل/ل/ش،

·      رسالتها: هَيْبَةُ مَطَامِحِ الْمَطْحُونِينَ.

38                       رَاكِبٌ:

·      عروضها: ث/ج/ن/ك،

·      لغتها: 20/4/5،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: تَمَنِّي مُكَافَأَةِ الْبِرِّ بِالْبِرِّ.

39                       رَأْسٌ:

·      عروضها: و/و/ل/ك،

·      لغتها: 27/4/6.75،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: حَيْرَةُ الْمُتَفَكِّرِينَ الْمُحْرَجِينَ.

40                       رَضِيعٌ:

·      عروضها: ك/و/ت/ك،

·      لغتها: 25/6/4.16،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: الِاسْتِشْفَاعُ بِمَنْ لَا يُرَدُّ.

41                       رُوْمِيَّةٌ:

·      عروضها: س/و/ت/ض،

·      لغتها: 25/7/3.57،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: كَرَاهَةُ الْبَقَاءِ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ.

42                       زَائِرٌ:

·      عروضها: ط/و/ن/ف،

·      لغتها: 33/9/3.66،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: تَفَاؤُلُ الْمُؤْمِنِ الصَّابِرِ.

43                       زَوَاجٌ:

·      عروضها: ط/و/ف/ف،

·      لغتها: 32/10/3.20،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: نَعِيمُ الزَّوَاجِ الْمُبَارَكِ.

44                       سَرِيرٌ:

·      عروضها: ث/ج/ف/ف،

·      لغتها: 18/5/5.60،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: سَخَافَةُ الْمُتَحَكِّمِ السَّفِيهِ.

45                       سَلَاحِفُ:

·      عروضها: ث/ج/ي/ف،

·      لغتها: 20/6/3.33،

·      عناصرها: ل/ع/ش،

·      رسالتها: سَفَاهَةُ الطَّمُوحِ الْعَاجِزِ.

46                       سَلَامٌ:

·      عروضها: ط/و/د/س،

·      لغتها: 36/12/3،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: طَمْأَنَةُ الْأُسْتَاذِ عَلَى تَقْدِيرِهِ.

47                       سُلَّمٌ:

·      عروضها: ك/و/ت/ض،

·      لغتها: 28/8/3.50،

·      عناصرها: ش/ع/ش،

·      رسالتها: عَجَائِبُ رِحْلَةِ الْحَيَاةِ.

48                       سَمَاءٌ:

·      عروضها: ط/و/ب/ك،

·      لغتها: 30/3/10،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: تَكَامُلُ بَعْضِ الْأَعْمَالِ الطَّيِّبَةِ.

49                       سُورٌ:

·      عروضها: ب/و/د/ك،

·      لغتها: 31/6/5.16،

·      عناصرها: ع/ش/ش،

·      رسالتها: ضَيْعَةُ الضَّعِيفِ بَيْنَ الْغَافِلِينَ.

50                       شَبَابٌ:

·      عروضها: ح/و/ي/ف،

·      لغتها: 25/4/6.25،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: هِزَّةُ الطَّرَبِ الْعَرَبِيِّ.

51                       سَيْفٌ:

·      عروضها: ب/و/م/ض،

·      لغتها: 30/4/7.50،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: فَضْلُ الصُّحْبَةِ الطَّيِّبَةِ.

52                       شُبَّاكٌ:

·      عروضها: ت/ج/ن/س،

·      لغتها: 20/2/10،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: لَهْفَةُ الْأَحْبَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

53                       شَجَرٌ:

·      عروضها: ض/ج/ر/ض،

·      لغتها: 14/3/4.66،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: ضَيَاعُ مَعَالِمِ الْحَيَاةِ.

54                       شَجَرَةٌ:

·      عروضها: ك/و/ل/ض،

·      لغتها: 28/6/4.66،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: أَمَانَةُ الْبَيَانِ.

55                       شَهِيدٌ:

·      عروضها: خ/و/د/ض،

·      لغتها: 24/2/12،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: بَغْيُ الْفَاسِدِينَ عَلَى الصَّالِحِينَ.

56                       شَيْخٌ:

·      عروضها: و/ج/ن/س،

·      لغتها: 22/7/3.14،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: عَاقِبَةُ قَهْرِ الْكَبِيرِ.

57                       صِدَارٌ:

·      عروضها: هـ/ج/ي/س،

·      لغتها: 18/4/4.50،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: لَهْفَةُ الْجَائِعِ الْمَفْجُوعِ.

58                       صَدْرٌ:

·      عروضها: ق/و/ت/ك،

·      لغتها: 24/7/3.42،

·      عناصرها: ع/ش/ل،

·      رسالتها: انْكِسَارُ الْمُحِبِّ الْمَخْدُوعِ.

59                       صَفْوَانٌ:

·      عروضها: ح/و/ر/ض،

·      لغتها: 28/9/3.11،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: كَشْفُ مَوَاطِنِ ضَعْفِ الْمُتَكَبِّرِ.

60                       صَقْرٌ:

·      عروضها: ك/و/ك/ك،

·      لغتها: 27/6/4.50،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: تَوَعُّدُ الْمُصْلِحِينَ لِلْمُفْسِدِينَ.

61                       طُعْمٌ:

·      عروضها: ث/ج/م/ض،

·      لغتها: 18/1/18،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: عَارُ افْتِدَاءِ الْإِنَاثِ لِلذُّكُورِ.

62                       طَوَائِفُ:

·      عروضها: ث/ج/ل/س،

·      لغتها: 20/5/4،

·      عناصرها: ع/ع/ش،

·      رسالتها: عَاقِبَةُ إِفْسَادِ ذَاتش الْبَيْنِ.

63                       عَازِفَةٌ:

·      عروضها: د/و/ر/ك،

·      لغتها: 18/3/6،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: حَيْرَةُ الْغَرِيرَةِ فِيمَا تُجَرِّبُ عَمَلَهُ.

64                       عَرُوسَانِ:

·      عروضها: ر/ج/ت/ض،

·      لغتها: 21/6/3.50،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: ظَرْفُ الشَّيْخِ الْعَاشِقِ.

65                       عُصْفُورٌ:

·      عروضها: ح/و/ح/ف،

·      لغتها: 25/8/3.12،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: حُلُولُ مَوْعِدِ الْبَوْحِ بِالْحَقِيقَةِ.

66                       عَوَّامٌ:

·      عروضها: ر/و/ب/ف،

·      لغتها: 25/3/8.33،

·      عناصرها: ش/ل/ل

·      رسالتها: سَفَرُ الْقَارِئِ بِمَا يَقْرَأُ.

67                       عَوِيلٌ:

·      عروضها: س/و/ل/س،

·      لغتها: 27/4/6.75،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: وَهْمُ اغْتِيَالِ الثُّوَّارِ الصَّادِقِينَ.

68                       غَارٌ:

·      عروضها: ق/و/س/ف،

·      لغتها: 21/5/4.20،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: رِحْلَةُ التَّرَقِّي الرُّوحِيِّ.

69                       غُصْنٌ:

·      عروضها: ط/و/ت/ك،

·      لغتها: 38/13/2.92،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: اشْتِبَاهُ الْكَائِنَاتِ بِالْمَحْبُوبِ الْمُفْتَقَدِ.

70                       فَرَاشَاتٌ:

·      عروضها: ب/و/ق/ض،

·      لغتها: 30/6/5،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: الْحَيْرَةُ فِي بَرَكَةِ الْمُقَامِ الطَّيِّبِ.

71                       فِسْبُوكِيَّةٌ:

·      عروضها: س/و/د/س،

·      لغتها: 30/4/7.50،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: تَغْلِيبُ الرِّيبَةِ عَلَى الِاخْتِيَالِ.

72                       فَمٌ:

·      عروضها: س/و/ن/ف،

·      لغتها: 27/8/3.37،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: كَمَدُ الْوَطَنِيِّ عَلَى وَطَنِهِ.

73                       فِيَلَةٌ:

·      عروضها: ك/و/ب/ك،

·      لغتها: 27/4/6.75،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: انْحِرَافُ الْأَهْوَاءِ بِالْمُتَحَابِّينَ.

74                       قَائِدٌ:

·      عروضها: ق/و/ذ/ف،

·      لغتها: 23/8/2.87،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: خَيْبَةُ الْجَاهِلِ الْمُدَّعِي.

75                       قُبُلَاتٌ:

·      عروضها: ث/ج/ت/ك،

·      لغتها: 17/3/3.66،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: فَسَادُ أَحْوَالِ الْمُرْتَشِينَ.

76                       قَتِيلٌ:

·      عروضها: ح/و/د/ف،

·      لغتها: 27/2/13.50،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: إِقْبَالُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الشَّهَادَةِ.

77                       قَتِيلَانِ:

·      عروضها: ق/و/م/س،

·      لغتها: 30/14/2.14،

·      عناصرها: ع/ش/ل،

·      رسالتها: تَفَادِي الْمُخْتَلِفِينَ.

78                       قَدَمٌ:

·      عروضها: ق/و/ل/ف،

·      لغتها: 23/6/3.83،

·      عناصرها: ع/ش/ل،

·      رسالتها: الِاسْتِخْفَافُ بِقَاهِرِي الْعَجْزِ.

79                       قِرْدٌ:

·      عروضها: س/و/ر/ك،

·      لغتها: 24/5/4.80،

·      عناصرها: ل/ع/ش،

·      رسالتها: غَضَبُ الْمُقَلِّدِ الْأَعْمَى عَلَى فَاضِحِيهِ.

80                       قَلْبٌ:

·      عروضها: ث/ج/ب/ض،

·      لغتها: 19/5/3.80،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: انْتِصَارُ الْجَلْدِ الصَّبُورِ.

81                       قِمَّةٌ:

·      عروضها: هـ/ج/ر/س،

·      لغتها: 20/4/5،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: جَبَرُوتُ الْمَكَانِ الرَّائِعِ.

82                       كَأْسٌ:

·      عروضها: و/و/ن/ك،

·      لغتها: 25/4/6.25،

·      عناصرها: ش/ل/ل،

·      رسالتها: جُرْأَةُ الْقَادِرِ الْمُسْتَخِفِّ.

83                       كُتُبٌ:

·      عروضها: ث/ج/ر/ك،

·      لغتها: 20/3/6.66،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: أَثَرُ الْعِلْمِ فِي الْمُتَعَلِّمِ.

84                       كُتْبِيُّونَ:

·      عروضها: ب/و/ب/ك،

·      لغتها: 31/7/4.42،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: سَلَامَةُ فَهْمِ الْكُتْبِيِّ الْمُصْلِحِ.

85                       كُرْسِيٌّ:

·      عروضها: س/و/هـ/س،

·      لغتها: 27/6/4.50،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: عِلَاجُ مَرَضِ السُّلْطَةِ.

86                       كُفُوفٌ:

·      عروضها: هـ/ج/ب/س،

·      لغتها: 21/1/21،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: فَأْلُ الطُّلَّابِ الثُّوَّارِ.

87                       لِسَانٌر

·      عروضها: ك/ت/ل/ك،

·      لغتها: 27/3/9،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: اخْتِلَافُ مُدَّعِي الْوَطَنِيَّةِ.

88                       مَائِدَةٌ:

·      عروضها: و/و/د/ك،

·      لغتها: 27/3/9،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: اخْتِلَافُ تَأْوِيلِ الظَّوَاهِرِ.

89                       مُتَنَبِّيَّةٌ:

·      عروضها: ق/و/ا،

·      لغتها: 25/6/4.16،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: جَدَارَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْحِسَانِ بِالتَّقْدِيرِ.

90                       مُحَمَّدٌ:

·      عروضها: ط/و/ز/ف،

·      لغتها: 31/8/3.87،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: شَطَطُ الْمُتَمَرِّدِ عَلَى ثَقَافَتِهِ.

91                       مَخَالِبٌ:

·      عروضها: ر/ج/ل/س،

·      لغتها: 18/3/6،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: غَلَبَةُ الطَّبْعِ عَلَى التَّطَبُّعِ.

92                       مُحْتَضَرٌ:

·      عروضها: ث/ج/د/س،

·      لغتها: 23/5/4.60،

·      عناصرها: ع/ش/ش،

·      رسالتها: ضَيْعَةُ الْيَتِيمِ بَيْنَ اللِّئَامِ.

93                       مُسَدَّسٌ:

·      عروضها: ح/و/ر/ف،

·      لغتها: 26/7/3.71،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: افْتِضَاحُ الْخَائِنِ لِلْغِرِّ الْمَخُونِ.

94                       مُصْطَفًى:

·      عروضها: ك/ت/ف/ف،

·      لغتها: 34/7/4.85،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: ثَقَابَةُ نَظَرِ الْحَكِيمِ.

95                       مُطَأْطِئُونَ:

·      عروضها: خ/و/ي/ف،

·      لغتها: 27/9/3،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: بَغْيُ الظَّالِمِ الْمُتَكَبِّرِ الْمُتَجَبِّرِ.

96                       مُغْمِضُونَ:

·      عروضها: ك/ت/م/ض،

·      لغتها: 24/9/2.66،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: جِنَايَةُ الْيَائِسِينَ عَلَى الطَّمُوحِ.

97                       مِفْتَاحٌ:

·      عروضها: خ/و/ح/ف،

·      لغتها: 24/7/3.24،

·      عناصرها: ل/ش/ع،

·      رسالتها: فَسَادُ الْإِصْلَاحِ الْأَعْمَى.

98                       مَمَرٌّ:

·      عروضها: ب/و/ر/ض،

·      لغتها: 30/12/2.50،

·      عناصرها: ع/ل/ش،

·      رسالتها: سِيَاسَةُ طُلَّابِ الْعِلْمِ.

99                       مِيزَانٌ:

·      عروضها: ح/و/ع/ض،

·      لغتها: 22/4/5.50،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: ثَوْرَةُ الْعَبِيدِ عَلَى الْمُسْتَعْبِدِ.

100                نَائِمَةٌ:

·      عروضها: ك/و/ع/ض،

·      لغتها: 23/8/2.87،

·      عناصرها: ل/ع/ش،

·      رسالتها: كَمَدُ الْأُمِّ عَلَى بَنِيهَا.

101                نَسَبٌ:

·      عروضها: خ/و/م/ك،

·      لغتها: 26/6/4.33،

·      عناصرها: ش/ع/ع،

·      رسالتها: اتِّصَالُ عَمَلِ الْمُبْدِعِينَ الْمُخْلِصِينَ.

102                هُدْهُدٌ:

·      عروضها: ط/و/ر/س،

·      لغتها: 34/11/3.09،

·      عناصرها: ش/ل/ع،

·      رسالتها: اسْتِنْكَارُ الْغَفْلَةِ وَالْإِهْمَالِ.

103                وَرْدَةٌ:

·      عروضها: ر/ج/ر/ك،

·      لغتها: 19/7/2.71،

·      عناصرها: ش/ش/ع،

·      رسالتها: التَّفَاؤُلُ بِأَلْعَابِ الْأَطْفَالِ.

104                وَلِيمَةٌ:

·      عروضها: ط/و/ل/ض،

·      لغتها: 28/3/9.33،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: افْتِضَاحُ الْكَرَمِ الْمُزَيَّفِ.

105                يَدَانِ:

·      عروضها: ب/و/د/ك،

·      لغتها: 35/7/5،

·      عناصرها: ش/ع/ل،

·      رسالتها: بَشَاعَةُ خِيَانَةِ الْأَخِ.

ربما مرَّت العين بالبطاقة من هذه البطاقات بعد البطاقة، فشغلتها عنها، حتى إذا ما أضافت النَّظير مِن مُخرَجاتها إلى نَظيره تَفجَّر لها من المرائي ما يستغرقها فيما يأتي! 

clip_image002_7a3f9.jpg

clip_image003_a8d52.png

ما زال غسان كنفاني مستعادا؛ مقرؤءا ومدروساً، على الرغم من مرور ثمانية وأربعين عاما على استشهاده بأيدي حقد نادر هو وابنة اخته الطفلة "لميس" ذات الثامنة عشر ربيعا، قصفها الاحتلال ليستشهدا معا في مشهد ما زال متفوقا في تراجيديته وعنفه كل مشاهد العنف السينمائية، حيث تم التقاط لحم غسان وأعضائه ولملمتها من مسافات متباعدة، وكأن ذلك الحقد الصهيوني الذي تربت عليه أجيال من الدولة الصهيونية توظف أحلام عبقريتها في الخيال الدرامي في مشاهدها الحياتية في الاغتيالات التي تحرص على أن تكون معدّة جيدا، لترسم مشاهد لا تكرر نفسها في كل مرة، إلا أن مشهد اغتيال غسان وابنة اخته يظل المشهد الأكثر سينمائية ورعبا ودرامية وخيالية من بين كل تلك المشاهد.

سيظل أدب غسان في الواجهة والاستحضار؛ لأنه أنتج أدبا متنوعا لا يموت، وأثبت الزمن أنه عصيّ على الموت. إن هذا ليس إنشاء مجانيا في حق شهيد وكاتب كبير كغسان كنفاني، بل إنها حقيقة تجدها في كل مقال عن غسان كنفاني أو إشارة إليه، عدا أننا على ما يبدو ما زلنا نجهل كل الجوانب الإبداعية التي كتب فيها غسان كنفاني. فعدا كونه روائيا وقاصا وناقدا ساخرا، فقد كان رساما أيضا، وجرب كتابة الشعر، وله في ذلك محاولتان منشورتان في كتاب "مدارج الإبداع". ربما رجعت إلى تينك القصيدتين وكتبت عنهما، ولكنني سأتحدث فقط هذه المرة عن غسان كنفاني وحضور الأطفال في قصصه وكتابته للأطفال.

لا يكاد يخلو أي مشروع أدبي لأي كاتب فلسطيني من التوقف عند الأطفال، فهم حاضرون بقوة في الشعر والسرد، قبل انتفاضة الحجارة، وبعدها، فتجد كتب متعددة احتل الأطفال ثيمة أساسية فيها، فهناك "الأطفال يطاردون الجراد" للشاعر عبد اللطيف عقل، و"حكاية الولد الفلسطيني" للشاعر أحمد دحبور، وقد كتب محمود شقير العديد من الروايات التي كان الأطفال محورها وأبطالها، ويكفي أن أذكر من تلك الروايات رواية "أنا وجمانة"، وليس ببعيد عن ذلك ما كتبه جبرا إبراهيم جبرا في الجزء الأول من سيرته الذاتية "البئر الأولى" إذ يتناول فيه الحديث عن طفولته المعذبة.

يشكل حضور الطفل في الأدب الفلسطيني ظاهرة لافتة، فقد غرف هؤلاء الأدباء من طفولتهم الكثير من المشاهد، بل إن ما عاشوه من طفولة تعيسة وخاصة من شرد من الأدباء طفلا، حمل ذلك الإحساس معه طوال عمره، وصار عصبا حيا يسري في كل أعماله. ولم يكن غسان كنفاني إلا واحدا من هؤلاء الذين أثرت فيهم طفولتهم بشكل ملحوظ، ولم يتوانَ الأدب الفلسطيني الذي تحدث عن الأطفال في أن يحمّل وجودهم في القصص والروايات والأشعار رمزيّة تشير إلى المستقبل، فقد أثر عن غسان قوله "الأطفال هم مستقبلنا".

لا أريد أن أتتبع وجود شخصية الطفل في أدب غسان كنفاني كله، فهذا يلزمه دراسات متأنية وصبورة، ولكنني سأشير إلى كتاب "أطفال غسان كنفاني والقنديل الصغير" تلك المجموعة القصصية التي نشرت في طبعتها الأولى عام 1975، أي بعد استشهاد كنفاني بثلاث سنوات، ثم أعيدت طباعتها عام 2002، عن دار المدى، ثم في طبعة خاصة، لتوزع مجانا مع جريدة القاهرة.

تتألف المجموعة من ستّ قصص قصيرة عن الأطفال وهي: (المنزلق، بيروت، 1961، ورقة من الرملة، دمشق، 1956، الصغير يذهب إلى المخيم، آذار، 1967، هدية العيد، كانون1، 1968، كان يومذاك طفلا، بيروت، أيار، 1969، البنادق في المخيم، بيروت، 1969). هذه قصص كتبها غسان كنفاني وكان البطل فيها طفلا، أو كان ساردا وبطلا معًا. لم تكن هذه القصص قصص أطفال كما هو متعارف عليه في قصص الأطفال، فأن تكتب قصصا عن الأطفال لا يعني أن تلك القصص قصص أطفال، فثمة فارق كبير بين المسألتين، فقد كانت ذات أجواء قاتمة وفيها مشاهد العنف والفقر والمعاناة، وذات منطق أكبر من الطفل ولغة أكبر من عمر الطفل المتحدث حتى، وهي بالتأكيد لغة غسان الكاتب وليس الطفل الذي يتحدث عنه أو يتركه يتحدث.

لقد أضاءت تلك القصص جوانب مهمة من معاناة الأطفال في جغرافيات مختلفة، سواء في فلسطين قُبيل النكبة، حيث أجواء الحرب والاشتباك، أو في أماكن اللجوء في المخيمات، حيث معاناة الأطفال هناك لها طعم من المرارة الخاصة، لقد كتبت تلك القصص ليرى القارئ المتأمل تلك المعاناة، وليس ليقرأ الأطفال تلك القصص عند النوم، فليس فيها ما يمتعهم أو يشير إلى ما يسعدهم.

ربما بقي الهدف مجهولا في ضم هذه القصص الست لأن تكون في كتاب تحت هذا العنوان "أطفال غسان كنفاني"، ولعل جامعها أراد أن يشير إلى طفولة الفلسطيني المعذبة والمنكسرة، بل ربما أن الفلسطيني المشرد وأحيانا المقيم في الأرض المحتلة، الطفل الذي لم تُتِح له الظروف أن يعيش طفولته كما ينبغي، كما أشار غسان كنفاني في تلك القصص وفي غيرها، سيغادر الطفل طفولته باكرا ليكون رب أسرة؛ لأن الأب قد استشهد أو أُسِر أو أصبح مريضا معاقا لا يستطيع العمل، يترك مقاعد دراسته ليصبح عاملا، وأحيانا يترك طفولته ليداعب حلمه في العودة ويلتحق بالثورة صغيرا، وتصبح "المرتينة" صديقته ولعبته بديلا عن كل تلك الألعاب التي يحلم بها الطفل الذي يعيش حياة طبيعية.

ولكن، انضم إلى هذه القصص الست قصة سابعة، وهي قصة "القنديل الصغير"، وهي قصة للأطفال وليست قصة عنهم، وهي القصة الوحيدة في هذه المجموعة التي يمكن إدراجها تحت هذا التصنيف "قصة أطفال". وقد أهداها غسان لابنة أخته الطفلة "لميس" في عيد ميلادها، كما جاء على غلاف طبعة دار الفتى العربيّ.

لقد كتبت هذه القصة بوعي الطفولة وبأجوائها السحرية الشائقة، إذ يتوفر فيها عناصر أدب الطفل، ويلاحظ أيضا أن تلك القصة هي النص الوحيد المضبوط في حروف كلماته، ضبطا صرفيا ونحويا، وابتعدت عن أجواء القصص الست التي سبقتها، قصة كان البطل فيها فتاة ستصبح ملكة بعد موت أبيها الملك، ولكن عليها استحضار الشمس إلى القصر، فتتعامل أولا بمنطق الطفولة، فتذهب إلى الجبل وتصعد قمته لتمسك بالشمس وتأتي بها إلى القصر، تكتشف أنها لن تستطيع لأن الشمس بعيدة، وتتوالى الأحداث بسرد ممتع وشائق يجذب عالم الأطفال، وتهتدي في النهاية إلى المراد، فتنتهي بتحطيم أسوار القصر لتستطيع أشعة الشمس الدخول إلى القصر عندما أمرت الحراس بتحطيم تلك الأسوار ليدخل الرجال الذي يحملون القناديل الصغيرة ليشكلوا في ساحة القصر قرصا مضيئا شبيها بقرص الشمس. وبهذا المشهد تنتهي القصة.

لقد اعتمد غسان كنفاني في بناء تلك القصة على ما تعتمد عليه الحكاية الشعبية من إقحام بعض التدخلات غير المبررة لمساعدة الفتاة على التفكير، فقد ساعدها على أن أوجد لها ورقة صغيرة مرتين قريبا من باب غرفتها؛ ليساعدها على الاستمرار في العمل. لا ندري من أين جاءت تانك الورقتان في كل مرة، ربما لن يسأل الطفل من أين جاءتا، لأن أفكاره تذهب بعيدا نحو الحدث الأهم وتفكيك اللغز، وهو "كيفية إحضار الشمس إلى القصر"، فاليد الغامضة التي تساعد الأطفال أمر اعتاد عليه الأطفال في الحكايات التي يقرؤنها أو يستمعون إليها، فكل همهم إذًا أن تحل العقدة الكبرى في القصة.

لقد جاءت القصة بلغة سهلة وواضحة بعيدة عن التعقيد، وهذه أيضا سمة من سمات أدب غسان كنفاني، وهي سمة واجبة الحضور في أدب الأطفال، حتى يستطيع الطفل الاستمتاع بالقصة، ولا يذهب نحو تفكيك المعاني فتفقد المشاهد اتصالها وحيويتها في ذهنه، لأن قطع حبل السرد في قصص الأطفال قد يؤذيهم نفسيا أو يزعجهم على أقل تقدير.

أما النهاية فقد أوصلت الطفل إلى مرفأ الأمان، وتم توضيح الرمز والهدف اللذين بنيتا عليهما قصة "القنديل الصغير"، وأن عملية هدم الأسوار لم تكن أكثر من رمز، فلن تستطيع أحد أن تجد الشمس في غرفة مغلقة، وأصبحت الفتاة ملكة وتم تتويجها لأنها نفّذت وصيّة والدها بأن أدخلت الشمس إلى القصر، وبذلك تكون القصة حملت أملا للمستقبل ولم يتخلّ غسان كنفاني أيضا عن نفَس المقاومة، فربما أشارت نهاية القصة إلى ضرورة أن نحمل الشمس/ الحرية إلى فلسطين/ القصر، وأن علينا، نحن الجيل المولود بعد غسان الأبناء والأحفاد أن يحطموا الأبواب والأسوار، تلك الحدود المصطنعة التي تحول دون تحرير فلسطين. ربما لم يقصد غسان ذلك وهو يكتب للصغيرة قصته، ولكنه في لاوعيه القائم على المقاومة والمسكون بفلسطين وحلم العودة قد يجعل كل ذلك تفسيرا مقبولا وسائغًا. وأما ما بعد القراءة فتستدعي القصة أسئلة يثيرها الطفل، ليفكّر فيما وراء الأحداث ليربطها بواقعه وتساعده على تطور أفكاره ومشاعره، إضافة إلى ما سيحصل عليه الطفل من متعة السرد والأحداث.

صاحبت القصة مجموعة من الرسومات التي تجسد بعض أحداث القصة، كما أن القصص الأخرى لم تخلُ من الرسومات أيضا، وبهذا يكون العمل متكاملا في قصة "القنديل الصغير" بين الكلمة والرسم والهدف الأخير من القصة. ويؤخذ على الطبعة الأخيرة من القصص التي اعتمدت عليها ضمن كتاب "أطفال غسان كنفاني والقنديل الصغير" أن الرسومات كلها بالأبيض والأسود، ما يفقد رسومات الأطفال بعض بهجتها وهدفها التي وجدت من أجلها، علما أن القصة في طبعتها المستقلة الصادرة عن دار الفتى العربي كانت الرسومات ملونة واضحة في تجسيدها لأحداث القصّة.

لقد شكلت قصة "القنديل الصغير" في هذا الكتاب "أطفال غسان والقنديل الصغير" ضدا ما لشيء ما كان يتمناه غسان، فهذه الطفولة المغتالة بطريقة أو بأخرى في القصص الأولى كانت تحلم بأن تعيش حياة طبيعية تقرأ القصص الخيالية والحكايات وتستمتع بروايتها والاستماع إليها بدلا عن تلك الطفولة التي عاش الفلسطيني فقيرا مشردا لاجئا يبحث عن الخبز والطعام والحرية قبل أن يبحث عن اللعبة التي لم تعد تشغل أي حيّز من تفكيره. تُرى كم كان الاحتلال بشعا ونحن فقط نفكّر بهذه المسألة فقط؛ عذاب الأطفال جرّاء الاحتلال وتبعاته التي لم تجلب للطفولة أي سعادة بل كانت مصدرا أساسيا لاغتيال أحلامه منذ أن يصرخ صرخة الحياة الأولى على هذه الأرض.

clip_image002_4cc08.jpg

تضاريس لا بد عنها:

الكتاب بقلم الأستاذ: علي عطا أبو سرحان، صدر عن مطبعة أبو خليل، الطبعة الأولى سنة 2020

يقع الكتاب في 188 صفحة، وقد جاءت على النحو الآتي:

تقديم الأستاذ جمال الدرعاوي من صفحة 1 – صفحة 6

ثم مدخل بقلم الأستاذ علي أبو سرحان من صفحة 7 – صفحة 14

من صفحة 15 – صفحة 110 بعنوان "خلف العبيدي"

من صفحة 110 – صفحة 188 بعنوان " أنا والأعراف البدوية "

ليس صعباً على القارىء المتأمل أن يرى بوضوح إمكانية قسمة الكتاب في كتابيْن، القسم الأول بعنوان " خلف" وفيه تحدث الكاتب عن سيرة خلف العبيدي، والثاني عن الأعراف العشائرية.

لقد نجح الكاتب أبو سرحان، في تحويل السيرة الغيرية إلى سيرة ذاتية، وصرّح بذلك منذ الصفحة الأولى، بأنه صاغ هذه السيرة من خلال طرح أسئلة على بطلها، وكانت الإجابات بضمير "أنا المتكلم " " خلف العبيدي، ولدت لأبوين كادحين، هما... " واستطاع الكاتب أن يبلغ مستوى سامقا من الموضوعية والمصداقية في تحويل الهُوَ إلى أنا، حيث كانت هذه الأنا تتحدث بلغة بسيطة، تسلسل الحدث من لحظة الولادة للحظة الراهنة... تبوح هذه الأنا بما لديها من معلومات عن الأنا... وعن ممارسات هذه الأنا التي تتفاعل مع المحيط وتندغم معه... وعند التأمل في العنوان " عتبة النص" فإننا نجد جملة اسمية... و"خلف العبيدي" إمّا أن يكون مبتدأها أو يكون خبرها، وهذه الجملة الاسمية عرّفت، بجملة أخرى " رجل من هذا الزمان" فهل كان العنوان دالّاً على سيرة؟ أم كان ملخصاً لممارسات شخصية في الزمان وتفاعلاتها في المكان...؟ وكيف رُسِمَت الشخصية؟ ثابتة، أم نامية منسجمة وتطور الحدث؟ هل تشكلت من فردانية الذات؟ أم مثلت نموذجاً لشريحة، وربما لشعب؟ كل هذا يمكن استخلاصه من القراءة التحليلية لهذه السردية.

إذن، فإن الذي أمسك ناصية السرد هو خلف العبيدي، لكن بقلم " أبو سرحان " ... وقد جاءت هذه السردية/ السيرة غنية بمبناها، وغنية بمحتواها أيضاً، فهي قصصية مشوقة، ترسم الحدث بأسلوب (القصة الومضة) بتكثيف الحدث في الزمان والمكان، ثم تنتقل إلى ومضة أخرى، يتحرك خلالها البطل بكل موضوعية في الزمان والمكان، وينتج عن هذه الحركة تعايش المتلقي واندغامه في هذه الومضات، وكأنه يسمعها لأول مرة... وأتت هذه الومضات تحمل المضامين كلها في حزمة واحدة نوّعت الحدث والمكان والممارسة اليومية، لكنها أبقت على البطل الذي ظل يهاجم وعينا وتوقعاتنا في كل لحظة من لحظات القراءة...نعم، إن جيلا ولد في خمسينيّات القرن الماضي، هو من مجاييل شخصية السيرة (خلف) لكن أثناء القراءة، يعود هذا الجيل، ليعيش تلك اللحظات التي عاشها البطل، يعيشها بحلوها ومرها، بسعادتها وتعاستها... فيشعر أثناء القراءة، وكأنه يصعد جبلا... كطريق مدرسة خلف أثناء الذهاب... ويهبط واديا... كالطريق نفسه أثناء العودة... لكنك – أيها القارىء العزيز-  حتما ستتنفس الصعداء... بين كل مجموعة من العبارات، ومجموعة أخرى... أمّا للجيل الأصغر، فسيرى في هذه السيرة مجموعة من الأساطير والملاحم، وتلك الحياة البدائية التي يصعب عليه تخيلها أحيانا، ومن هنا كانت جماليات هذه الكتابة السردية، فمن جهة فتحت لنا بابا نحو الجمال نستمتع عندما ندلف عتبته، وبابا آخر يطلعنا على معلومات غنية، وممارسات – ربما تكون غريبة- لكنها كانت طبيعية واقعية في زمانها، وتلك المعتقدات وأنماط التفكير التي أثّرت على تلك السلوكات.

اللافت في الأمر أن مسرح الأحداث كان في بيئة تلامس البداوة، في هيكلة الإنتاج، وهذا بدا من دور المجتمع وتسلطه الذكوري، وفي تقسيم الأدوار الإنتاجية الاجتماعية بين الجنسين... " فالرجل كان جنّى، والمرأة بنّا " كما يقول المثل الشعبي، فالوالد يعمل مع ابنه البكر مع حميرهما، يجوبان الأسواق لنقل بضائع الناس من مطلع الشمس إلى مغيبها، بينما تعمل المرأة في رعي الحلال (الغنم) وحلبها، وتجبين الجبن أو صنع الجميد، أو اللبن، وتسويق المنتج... كما تعمل في غزل صوف الغنم على النول، وفي النسيج اليدوي، هذا إضافة لأعمال البيت الروتينية من طبخ وكنس وغسيل... وقد برع الكاتب عندما شابه ما يعتري هذه العمليات شبه البدوية وقاربها بأعمال الفلاحة في القرى... إلا أن نكهة البداوة بقيت في طعم فنجان القهوة المرّة، التي تدلل على بيت الشَّعْر، وسرعة التنقل، والبحث عن كلأ وماء، والسكن في بيوت الشعر، أو بيوت الحجر، في أمكنة كثيرة، تفرضها الأحداث أو الظروف الخارجية، وما يؤثر ذلك على تطور الشخصية/ البطل ونماء هذه الشخصية... نعم لقد كان للبيئة دور فاعل في تشكل الشخصية، بل لا أبالغ إذا قلت أنها ربما شاركت الشخصية الرئيسة بطولتها.

لقد رصدت هذه السيرة تجليات الحياة الشعبية الفلسطينية في مختلف جوانبها، فمن الجميل بل الرائع، أن تقرأ عام 2020 عام التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد، أن تقرأ وتستذكر النظام المدرسي البسيط الذي خضع له تلاميذ ستينيّات القرن الفارط، حيث تجد نفسك في مدرسة من غرفة واحدة أو غرفتين اثنتين، بمعلم واحد أو معلميْن اثنيْن، في كل غرفة صفان (مستويان) من الطلاب، مدرسة بلا مرافق، بتعلم تحفيظي تلقيني استظهاري، فيه العقاب أكثر من الثواب... وفيه قضاء التلميذ يومه كله في المدرسة على نمط الفترتيْن، فيه النسخ العقابي، والضرب العقابي، والحبس العقابي في غرفة الدرس... والأهل يوافقون برضاهم عن هذه العقوبات كلها تحت شعار " خذو لحم ورجعو عظم" أساليب تربوية رغم عقمها وقساوتها إلا أنها خرجت قادة في الفكر والسياسة والتربية والاقتصاد... وغيرها.

ترى كل جزئية في الحياة على فطرتها، تعيش جُرْح البطل والناس، وقد غمسوه بالرماد أو البنّ حتى لا ينزف، تعيش مطاردة الإنسان للحيوانات البرية والبواهش كالأفعى ( التي كانت تبتلع الفراخ ) وربما كشرت عن أنيابها للدغ البشر... تعيش نشل المياه من الآبار العميقة بدلو من الجلد (الركوة)، وشرب العطاشى منها مباشرة، وشربهم من ظحاظيح الشتاء التي تحتوي الطفيليات والأشياء المتحركة والساكنة... تسكن في مغارة، وتخرج منها لأن حاملا ستضع مولودها فيها.

لقد تحركت هذه الموتيفات القصصية بشكل فعّال وفاعل وحركت فينا الإحساس بالماضي، وعشنا البطولة مع الشخصية لأنّها حياتنا... حياتنا التي تشكلت من النظام نفسه مع اختلاف في بعض الشكليات البسيطة... وهذا سر الجمال في النص، حيث استطاع الكاتب أن يشرك كل واحد فينا في الأحداث، فحركنا كما تحرك البطل، وبذا تشكلت الدهشة، وتولد الانبهار بالجغرافية والتاريخ والموقف الاجتماعي بل الإنساني... وكانت ملحمية النص التي اقتربت من الأسطورية في رسم الصور الجميلة، وتحقيق المفارقات التي تقارب العجائبية، وتحريك الشريط البانورامي بلغة راقية رائقة كأنها النسيم العليل.

يحسب للكاتب، رصده الدقيق للأحداث، ووضعها في سياقها الاجتماعي السياسي الاقتصادي، فمن حياة الرعي والزراعة البسيطة، ومن عمل الطبقة الكادحة، ومن غزل النساء واستخدام النول، والخبز عل الصاج... ومن وصف التعليم البدائي، والزواج المبكر، زواج العزوة، والعائلية، والحياة الاجتماعية البسيطة، ومعتقداتها ونظمها القيميّة البسيطة التي أنتجتها ممارسة هذه الطبقة على الأرض... من كل هذه البساطة، ينتقل بنا كاتب السيرة، فيرينا وجها آخر للحياة، وجها يقوم على الصراع، ويتأسس على مأساة الفلسطيني في شتّى أماكن تواجده... يرينا نكبة الفلسطيني، والمذابح التي تعرض لها... يرينا تشرده في منافي الأرض، وتشرده حتى في وطنه، يرينا الحروب التي خاضها، وهو لا يمتلك من السلاح سوى الانتماء والعقيدة... وهنا تبرز في هذه السردية صور كثيرة من النضال والجهاد ضد الصهيونية المتغطرسة، الصهيونية التي سرقت الأرض، والحلم والفرح... وهنا يظهر البطل أو أحد جدوده في علائق نضالية مع قادة فلسطينيين عظماء، أمثال الشهيد عبد القادر الحسيني، وبهجت أبو غربية، وفؤاد نصار... ونعيش حركة الجهاد المقدس، والكف الأسود، ومعركة القسطل، وصورا لشهداء ضمخوا الثرى الفلسطيني بدمائهم الزكية.

وفي صفحات السردية، تسمع رثاء شهداء بلدة السموع، في بلدة السموع، ترى صور شهداء أردنيين، جاؤوا من مناطق الأردن كلها، وشهداء فلسطينيين جاؤوا من مناطق فلسطين كلها. رجال دافعوا عن أرضهم حتى الرصاصة الأخيرة، واستشهدوا، وترى بيوتا آمنة نسفت، وأرواحا مدنية ذبحت، بآلة الغطرسة الصهيونية... كان ذلك سنة 1966... وفي سنة 1967تسمع أزيز طائرات الميراج الصهيونية، تغير على مواقع العروبة، وترى الجيش الغازي يتقدم لسرقة ما تبقى من فلسطين، والجولان، وقطاع غزة، وسيناء، في حرب أطلقوا عليها حرب ال 1967، أو النكسة... وتستذكر صوت المذيع اليعربي أحمد سعيد، يهدر من صوت العرب، ربما من مذياع وحيد في المنطقة، إلا أنه يصرخ حتى تسمع المنطقة كلها... وترى التشريد يتجدد، والترحيل والتهجير لأبناء هذا الشعب... وفتح منافٍ جديدة... وترى جموع المتظاهرين في مصر، يهتفون لعبد الناصر، ويرفضون استقالته... إثر الهزيمة...

إنها لحظات صراع قومي، ولحظات حروب دامية، ومآسٍ جديدة تجسدت في احتلال الأرض، وسرقة مقدرات الإنسان، هذا كله عظّم من صراع الشخصية في السيرة، فعلاوة على همّها اليومي، وشقائها وكدّها جاءت طقوس هذه الحياة الجديدة شديدة البؤس، وأجبرت الشخصية في التعامل معها، وهذا بلا شك أثّر في مسار الشخصية، سواء أكان ذلك في الجانب المعرفي، أم القيمي، أم المعاشي اليومي بما في ذلك العمل وكسب الرزق... وبالتالي وقفنا على نتائج تفاعل هذه المعطيات... وكانت المخرجات تتجسد في استواء الشخصية على سوقها، وتأهل صاحبها ليكون من شيوخ العرب، ورجال إصلاح ذات البين...

نعم، بكل براعة استطاع الكاتب توثيق مختلف هذه الجوانب التي أحاطت بالشخصية، الجوانب الجغرافية المكانية، والجوانب التاريخية السياسية، والجوانب الاجتماعية القيمية... استطاع أن يرصدها ويوثقها ويحللها أحيانا... ويربط بعضها ببعض من خلال الشخصية، التي انزاحت من مكانتها الفردية؛ لتمثل شريحة اجتماعية كاملة... بل ربما لتجسد همّ شعب.

هذا في الكتاب الأول (إن دقّ التقدير، وصحّ التعبير) وهو الذي امتد من صفحة 1- صفحة 110 وتفرّد فيها البطل بأحداثه التي شكّلتها حياته، أو شكّلها في حياته. وهو كتاب مشوّق بكل ما تعنيه الكلمة، تبدأ بقراءة الصفحة الأولى فلا تغادر الكتاب إلا في آخر صفحة منه.

أما الكتاب الثاني، الذي امتد من صفحة 110- صفحة 188 والموسوم ب( أنا والأعراف العشائرية ) أنا (خلف العبيدي) وقد انخرطت في العمل العشائري شيخا ومصلحا. برؤيتي المتواضعة هنا، واجتهادي الشخصي، فإنني أقول" حبذا لو تم فصل هذا الكتاب عن الأول... وبقيت السيرة الرائعة التي استمتعنا بقراءتها كتابا منفصلا عن الجزء الثاني... وجاء الكتاب الثاني في العادات العشائرية والقضاء العشائري وحده منفصلا عن الجزء الأول.

لقد حاول الكاتب أن يرينا ما وصل إليه البطل، والمركز العشائري الذي تبوأه، وهذا مبَرّر ضمن مفهوم السيرة، لكن الذي لم يكن مبرّرا، ولا تفرّد فيه، ولا تميّز، جاء في إعلاء قيمة القبلية وتعظيمها، وفي سرد مسهب عن العادات والتقاليد العشائرية، والقضاء العشائري، وأصوله... وآليات الحياة العشائرية اليومية، حيث استفاض في شرح قيمة القهوة بين العشائر، وطريقة صناعتها وتقديمها وربما فوائدها، ثم تناول أنواع القضاة عند العشائر، وأنواع المشاكل العشائرية والقضايا، وآليات الفصل في المحاكم العشائرية، لدرجة أنه تحدث عن (البشعة)، وأصلها واعتقاد الناس بها... وأعتقد أن كل ذلك جاء في سياق صيرورة البطل، الذي أصبح يتذوّت هذه الحياة بقضّها وقضيضها، بل أصبح له كلمة فاصلة فيها، من خلال مهنة القضاء العشائري... أي إن هذا الشرح المسهب عن الحياة القبلية جاء لإكمال دور البطل فيها... لكني – وآمل أن أكون على خطأ – أعتقد أن هذه المعلومات والمعارف عن الحياة العشائرية والقضاء العشائري،  وثّقها وكتب فيها غير باحث، وهي مكتوبة في صفحات الحياة البدوية، وكتب القضاء البدوي هنا وهناك... وهي معلومات نظرية معرفية، وان استجدّ فيها بعض القصص والقضايا التي قامت الشخصية في حلّها... وقد ظهرت من خلال وثائق، لتظهر الزمان والمكان، والحكم فيها... لكن مع كل هذا فإن التفصيل في معارف البادية أصبح من الأمور البدهية، لكثرة تناول هذه المعارف وبحثها في الكتب والمصادر والمراجع التي تتعلق بذلك.

في الخلاصة، أرى أن كتاب " خلف العبيدي- رجل من هذا الزمان" يوثق لمرحلة تاريخية مهمة في حياة الشعب الفلسطيني بتفاصيلها كافة، بأسلوب أدبي مشوّق جميل أخّاذ، وأرى أن أجزاء كثيرة منه تستحق التأمل والدرس والإطالة بالوقوف عندها... كما تستحق أن تمسرح، لأنها تعزز وعي الأجيال، بهويتها وانتمائها، وتعزز الاعتزاز بهذا التاريخ الذي ضحّى فيه الفلسطيني بأعز ما يملك – بروحه – من أجل صناعة الحياة ضد غزاة لا همّ لهم إلا إعدام الفرح في عيون الأطفال... رجل من هذا الزمان، سيرة رجل تستحق القراءة، والاستمتاع بهذه القراءة.

المزيد من المقالات...