أ- السنة النبوية الشريفة (الأحاديث)

وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، هي التفصيل الأمين لمجمل القرآن الكريم، فما لم يُفصل من القرآن الكريم توضحه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي قضية الأدب والشعر بشكل خاص جاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لتفصل الأمر في مجموعة من الأحاديث التي وجهت المعركة الأدبية التي كان يقودها الشعراء الصحابة ضد الشعراء المشركين، في (المرحلة المدنية) وفي هذه الأحاديث ما يكفي للإجابة على كثير من الأسئلة التي تطرحها نظرية الأدب أو نظرية الشعر كنوع أدبي متميز، وخاصة ما يُهم قضايا: غايات النظرية الأدبية وتفسير الظاهرة الأدبية، الالتزام في الأدب، قيمة الأدب وأثره في الحياة الإنسانية، ويمكن تصنيف الأحاديث الشريفة في قضية الأدب وبخاصة في فن الشعر إلى نوعين:

1- النوع الأول: وهو الذي يتناول قضية الشعر وتفاصيلها بشكل خاص ومباشر.

2- النوع الثاني: وهو الذي يتناول خطر الكلمة وأثر البيان وقيمة البيان والأدب بشكل خاص ومسؤولية الكلمة، ويمكن للسنة (الأحاديث) أن تكون مادة غنية للمنظر الأدبي، إذا جمع بين سعة الأفق والخبرة الكافية، في إدراك مقاصد النظرية الأدبية وأحسن الاستقراء والاستنتاج منهما، وسنفصل ذلك في المرحلة المدنية، وهي الوثيقة الشرعية الثانية بعد القرآن الكريم.

ب- الأحاديث الشريفة التي وجهت (قضية الشعر في المرحلة المدنية)(1)

أما الأحاديث الشريفة، التي فصلت مقاصد سورة الشعراء وخصصتها فهي كثيرة، والنبي ليس شاعراً، ولا يشبه حال الشعراء، لأن النبوة تنافي الشعر، كما بينّا سابقاً، وأحاديثه عليه السلام هي تشريع لشعراء الأمة وتفصيل لمقاصد القرآن الكريم في هذا المضمار، ويمكن تصنيفها في هذا المجال إلى نوعين:

1- النوع الأول: وهي الأحاديث التي فصلت مقاصد آيات سورة الشعراء، ووجهت شعراء الدعوة للنهوض بالفن الشعري خدمة لدين الله سبحانه وتعالى، كقوله عليه الصلاة والسلام:

1- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما قالت الشعراء بيتاً هو اصدق من قولهم إلا كل شيء ما خلا الله باطل)(2) حديث صحيح

2- عن أبي البراء قال: قال رسول الله عليه وسلم لحسان (اهج المشركين فإن جبريل عليه السلام معك)(3) حديث صحيح.

3- عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (جاهدوا المشركين بأنفسكم، وأموالكم، وألسنتكم) (4). حديث صحيح

4- عن البراء، قال: (رأيت سول الله صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الأحزاب وقد وأرى التراب بياض إبطيه وهو يقول:

والله لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا......)(5) حديث صحيح.

5- عن أُبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من الشعر حكمة)(6) حديث صحيح.

6- عن سماك قال: قلت لجابر بن سَمُرة أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، فكان طويل الصمت، قليل الضحك، وكان الصحابة يذكرون عنده الشعر، وأشياء من إليهم، فيضحكون، وربما تبسم صلى الله عليه وسلم)(7) حديث صحيح.

7- عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اهجوا قريشاً فإنه اشد عليهم من رشق النَّبل، فأرسل إلى ابن رواحة، فقال اهجهم، فهجاهم، فلم يُرضِ، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل حسان، قال: قد آن لكم ان ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم دلع لسانه، فجعل يحركه، ثم قال: والذي بعثك بالحق، لأفرينهم به فَرْي الأديم، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسباً، حتى يُخَلِّصَ لك نسبي، فأتاه حسان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله، قد خَلِّصَ لي نسبك، والذي بعثك بالحق، لأسلنك منهم كما تُسل الشعرةُ من العَجين)(8) حديث صحيح.

8- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشعر بمنزلة الكلام، حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام(9) حديث صحيح.

9- عن عائشة قالت: كان رسول الله يضع لحسان منبراً في المسجد، يقوم عليه قائماً، يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما يفاخر أو ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)(10) حديث صحيح.

10- عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال في الإسلام شعراً مقذعاً فلسانه هدر)(11) حديث صحيح.

11- عن أبي صالح قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إن أبا هريرة يقول: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خيرٌ من أن يمتلئ شعراًَ) فقالت عائشة رضي الله عنها: يرحم الله أبا هريرة، حفظ أول الحديث ولم يحفظ آخره، إن المشركين كانوا يهاجمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خيرٌ من أن يمتلئ شعراً من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)(12). حديث صحيح

ونلاحظ أن هذه الأحاديث، التي اخترنا منها ما لم يتكرر، كلها تركز على اهتمام الرسول عليه السلام بالشعر وتوجيه الشعراء للأخذ بمعاني آيات سورة الشعراء، وحيث أخذ الرسول على عاتقه قضية الأشراف على تدريب الشعراء، وتوجيههم إلى معالم الطريق التي يريدها الله سبحانه من هذا الفن، إنها مرحلة توجيه الأدب للالتزام بمبادئ الدعوة، وأجرهم في ذلك على الله سبحانه وتعالى ونلاحظ أن التشريع للحياة وضبطها، هو من سمات المرحلة المدنية، لأنها مرحلة تقنين حياة المجتمع الإسلامي وضبطه على شريعة القرآن الكريم بعد أن استقامت عقيدته لله في المرحلة المكية.

أما الحديث الأخير وغيره من الأحاديث (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً....) فقد أوضحه علماء التفسير، وتبينت مقاصده في تربية الأمة، قال الإمام القرطبي (13/151) من تفسيره: وهذا الحديث، أحسن ما قيل في تأويله (أنه الذي غلب عليه الشعر وامتلأ صدره منه، دون علم سواه، ولا شيء من الذكر، ممن يخوض في الباطل، ويسلك مسالك لا تحمد له كالمكثر من اللفظ، والهذر والغيبة، وقبيح القول، ومن كان الغالب عليه الشعر، لزمته هذه الأوصاف المذمومة الدنية لحكم العادة الأدبية)(13).

وقال أبو عبيد في (غريب الحديث): (ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر حتى يغلب عليه، فيشغله عن القرآن، وعن ذكر الله، فيكون الغالب عليه من أي الشعر كان، فإذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه، فليس جوف هذا عندنا ممتلئاً شعراً)(14).

وقال الحافظ في الفتح (10/550):(مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر، أن الذين خوطبوا بذلك، كانوا في غاية الإقبال عليه والاشتغال به، فزجرهم عنه، ليقبلوا على القرآن الكريم، وعلى ذكر الله تعالى، وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به، لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك)(15).

ومما يؤكد هذه المعاني التي ذهب إليها العلماء هو أحاديث الرسول عليه السلام في النوع الثاني.

2- النوع الثاني: وهي الأحاديث التي تكلم فيها الرسول عليه السلام عن أَهمية الكلمة وخطرها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:-

1- عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن، كالبيت الخرب)(16) حديث صحيح.

2- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)(17) حديث حسن صحيح.

3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه، ما لم تعمل به أو، تتكلم)(18) حديث صحيح.

4- وقوله عليه السلام في حديث طويل عن معاذ بن جبل رضي الله عنه (وهل يكب الناس في النار على وجوههم.. أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم)(19) حديث صحيح.

5- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(إن أخوف ما أخافه على أُمتي كل منافق عليم اللسان)(20) رواه احمد.

6- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(من تعلم صرف الكلام ليَسْبِيَ قلوب الرجال أو الناس لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً)(21) أبو داوود.

نحن في عصر ادعاء وغرور . والغرور قبيح عندما يكون بالمال والبنين وبما يملك الإنسان من أرصدة وعقارات ومتاع ووسائل ؛ ولكنه أقبح ما يكون في أبواب المعرفة والعلم وما يصدر عن الجامعات ومراكز البحوث والدراسات !!

وما أقبح ادعاء الموضوعية والمنهجية من قوم مردوا على الابتسار والاختزال والاجتزاء والتشويه والكذب والافتراء ؛ سواء وقع ذلك في علوم المادة أو في علوم الإنسان أو في أبواب تقويم الحضارات والثقافات والشعوب والمجموعات ..

نرجو أن نجد وقتا لنشر قوائم بما يسمى " الاكتشافات العلمية " أو "الشواهد العلمية " المزيفة في ميادين الأنثربولوجيا وعلوم الإنسان لدعم نظرية ودحض أخرى ، ثم بعد أن يؤدي شاهد الزور وظيفته يتم الكشف عن زيفه واختلاقه .سنتجاوز اليوم هذا السياق العلمي الذي سطا عليه المزيفون وأصحاب الأغراض ، لنذهب إلى سياق آخر مما يسمى البحث العلمي في تفسير الظواهر الاجتماعية والأحداث السياسية ، وتقويم المفاهيم والأفكار ، وتوصيف الملل والنحل والمذاهب والجماعات ..

ولن نضيع الوقت في الحديث عن واقع ما يسمى " البحث العلمي " أو " التحليل السياسي " أو دراسة "الظواهر الاجتماعية " بكل مافي ذلك من وهن وسلبية ، إلى حد أن مركز دراسات علمي عالمي مرموق يحلل ظاهرة الربيع العربي فيتهم الأنثربولوجيا والتاريخ والثقافة والإنسان دون أن ينبس ببنت شفة عن واقع يحكمه الاستبداد والظلم والفساد والانكسار ..ثم تجد الناس إذا قال مثل القائمين على هذا المركز سمعوا لقوله ، وأذنوا له ، ورددوا ما يقول .

وعلى صعيد آخر نجد بعض الناس إذا أرادوا أن يتحدثوا عن مفهوم أو ملة أو مذهب أو جماعة تحدثوا بما تراكم في عقولهم أو ران على قلوبهم من نثارات محبين أو مبغضين ، ملبسين كل ذلك لباس المنهجية والعلمية والبحث العلمي !!

تجربة الإمام أبي حامد الغزالي 450 – 505 / في ميدان البحث والتقصي والحيادية في البحث عن الحقيقة كانت متقدمة ورائدة في مناهج البحث العلمي.

كان رحمه الله تعالى إذا أراد أن يدرس مذهبا أو فكرة لا يكتفي بقراءة كتب أصحابها والقائلين بها بل يعمد إلى معايشتهم ومخالطتهم والاستئناس بهم وأحيانا الانضمام إليهم كما فعل مع الباطنية ، وقد كانوا في عصره ، ومن أخطر وأعمق التنظيمات السرية ، وأشدها انتشارا وفتكا ..

ثم يعمد هذا الإمام " حجة الإسلام " على عرض مذهب القوم ، وأفكارهم على نحو من التمام والكمال والجمال بأسلوبه الرائق البديع ببلاغة وطريقة لا يقدرون على مثلها هم لو أرادوا .

لا يدس عليهم ، ولا يتهمهم ، ولا يزور أقوالهم ، ولا ينسب إليهم آراء لا يتبنونها ، وإنما يبالغ في الدقة والبيان والفصاحة في عرض عقائد وأفكار مخالفيه كما هي وعلى أجمل ما تكون ؛ حتى انتقده على ذلك جملة من علماء المسلمين وقالوا : تزين الباطل وتجمله ثم لعلك لا تنجح في هدمه!!

كان الإمام أبو حامد الغزالي يفعل كل ذلك مع مذاهب خصومه من باطنية وفلاسفة وعدمية وشكاك ثم يكر على مذاهبهم وأقوالهم فينقضها برأيه وعلى طريقته .

والذي يهمنا في هذا السياق هو الرغبة الصادقة في العلم والفهم . والمنهجية الصادقة في التقصي عن الحقيقة . والاستعداد الكامل لتبني الحق والإذعان له . ثم التفوق الدائم في نصرة ما يعتقد أنه الحق والصواب .

ليس مهما أن نتفق على أن الإمام أبا حامد الغزالي قد أصاب الحقيقة في كل ما اجتهد فيه بل المهم في هذا السياق أنه كان حريصا عليها ، ملتزما في "وضع الهناء موضع النقب " كما تقول العرب .

البحث العلمي ، والنقد المنهجي الايجابي والسلبي على السواء ، ليس تعبيرا عن رغبات خفية في الادعاء والانتقام . أن يشوه الإنسان خصمه على الورق لا يعني أنه انتصر عليه بل يعني أنه يشوه نفسه أمام العقلاء الذين لا تنطلي عليهم الأحابيل ولا الأساليب .

البحث العلمي المنهجي هو القول السديد الذي يكون مدخلا للصلاح والإصلاح .( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ).

والباحث المنصف هو القاضي الفاضل الذي يملك المرجع ويملك المعيار ليضع الحقائق والأباطيل في إطارها بكلمات تخرج من بين شفتيه .

وأهم المراقي على طريق هذه المنصة:

توثيق المصادر – عدالة أصحابها بمفهوم للعدالة يليق بكل قضية – تعدد هذه المصادر في القضايا التي تختلف فيها وجهات النظر – البعد عن التنميط السائد وإماطة مشاعر الحب والكره المسبق عن مدخلات الأحكام – ثم استخدام المعايير العلمية المتبعة في كل ميدان بحسبه للوصول إلى النتائج ...

كل أولئك شروط أولية للبحث العلمي والتقويم الحضاري والتحليل السياسي والقول السديد ..

ثم نقرأ وتقرؤون ...

والله من وراء الخلق جميعا محيط .

عن منشورات "النّوارس للدّعاية والنشر"في الاسكندرية صدرت عام 2017 مجموعة "أكاليل الغار" القصصية للكاتبة الفلسطينيّة أسمهان خلايلة. وتقع المجموعة التي صمّمت غلافها شاهندة عبد الوهاب في 120 صفحة من الحجم المتوسط.

ولدت الكاتبة أسمهان خلايلة في قرية مجد الكروم في الجليل الفلسطينيّة، وهذه المجموعة القصصيّة ليست الأولى لها فقد سبق وأن صدر لها مجموعتان قصصيّتان ورواية وخمس قصص للأطفال.

القارئ لهذه المجموعة سيجد أنّ الكاتبة غارقة في بحر هموم شعبها ووطنها، تماما مثلما هي غارقة في هموم بنات جنسها اللواتي يعانين هموما مضاعفة، فعدا عن الاضطهاد القومي والعنصري فإنّهن يعانين من سطوة المجتمع الذّكوريّ. ومع ذلك فهي منحازة لأبناء شعبها الذين أصبحوا أقلّيّة في وطنهم بسبب ما تعرّض له هذا الشعب من مؤامرات وحروب امبرياليّة، لكنّها لم تستسلم ولم ترضخ لواقع مفروض عليها وعلى غيرها من أبناء شعبها.

وسيلاحظ القارئ أنّ الكاتبة تلتقط أفكار ومضامين نصوصها من الواقع الذي تعيشه، وتتفاعل معه، وكأنّي بها تضيق ذرعا بما ترى وتعيش وتعايش، فتبثّ همومها بكلمات ترسمها على الورق أو على شاشة الحاسوب؛ لتجمعها في كتاب تضعه بين أيدي الباحثين عن معرفة حقيقة ما يجري، تكتبها دون ضجيج وإن كانت مغلّفة بصراخ مكتوم. وهي منحازة في كتاباتها إلى المظلومين والمسحوقين والمغلوبين، لكنّهم ذوو عزّة وكرامة، ويحلمون بفجر صبح قادم لا محالة.

وانحيازها لبنات جنسها يبدأ من الكلمات الأولى في كتابها عندما تهدي كتابها لوالدتها ولجدّتها الملهمتين لها، كما تهديها للنّساء الفلسطينيّات أمّهات الشّهداء والأسرى، وهذا الإهداء محفوف بأمنيات الفرح القادم بعد كلّ هذه المآسي.

ويبدو أنّ الكاتبة كانت معنيّة بإيصال فكرتها للقارئ أكثر من عنايتها بالتّصنيف الأدبيّ، لذا جاءت بعض نصوصها بشكل تقريريّ لا قصّ فيه، ولو أنّها أعطتها قليلا من العناية لتوفّرت فيها شروط القصّ، خصوصا وأنّ الكاتبة تملك ناصية اللغة.

clip_image002_e582d.jpg

 

clip_image003_1bc44.jpg

    قدّم البرفيسور والنّاقد المسرحيّ العراقيّ غنام محمد خضر من جامعة تكريت مسرح الأديبة د. سناء الشّعلان في المهرجان الدّوليّ لمسرح الطّفل في أم العرائس التّونسيّة بمشاركة عربيّة نخبويّة، وذلك عبر تقديمه لبحث بعنوان "مسرح الطّفل بين الخيال العلميّ والتّخييل الفنيّ: قراءة في مسرحية اليوم يأتي العيد لسناء الشعلان" الذي نال عليه درع المهرجان وشهادات تقديريّة من الملتقى العلميّ للمهرجان ومن الرّابطة الثقافيّة الوطنيّة الفلسطينيّة.

  وقد ذكر في معرض بحثه: "ولقد تجسدّتْ في المسرحية قيد الدراسة -اليوم يأتي العيد- العديد من الجوانب التربوية التي امتزجت بالخيال العلميّ والرّؤيّة المستقبليّة للأحداث والقفز بين الأزمان واعتماد الأزمان والعوالم المتجاورة، وغيرها من الأحداث والشّخصيّات الفضائيّة، ومما يُحسب لهذه المسرحيّة، اعتمادها على الخيال العلميّ من أجل تمرير القيم والتّقاليد التّربويّة والأخلاقيّة متخذة من ثيمة العيد المحور الرّئيس لها، وذلك لما يحتله العيد من قيمة عليا لدى الأطفال وانتظارهم لمجيء العيد بفارغ الصّبر، كما أنّ عنصر المفاجأة كان حاضراً على مدار صفحات المسرحيّة؛  إذ أعطى بعداً جمالياً للنّصّ، فكثير من المشاهد كانت تعتمد عليه، وسوف نقف في بحثنا هذا عند عناصر المسرحية الأساسية( الشّخصيات، الحوار، الفضاء) محاولين الرّبط بين الخيال العلميّ والتّخييل الفنيّ بين هذه العناصر، والوقوف عند أهمّ القيم التّربويّة والأخلاقيّة التي أرادت الشّعلان تمريرها.

  "... نقول إنّ نصّ مسرحيّة( هل يأتي العيد) من المسرحيّات المهمّة الموجّهة للأطفال التي عالجت إشكاليّة مهمّة استشرت في ذهن الكثير من الأطفال، ألا وهي قضيّة عدم الاعتراف بفضل الله وبنعمه، ومن خلال وقفتنا مع هذا البحث لاحظنا أنّ الشّعلان قد نجحت في لفت انتباه الأطفال تجاه ثيمة مهمة من ثيمات التّعاليم الإسلاميّة والأخلاقيّة؛ فأدخلت الأطفال في وسط مشكلة كبيرة من وجهة نظرهم، وجعلتهم أمام مواجهة حقيقيّة، واستطاعوا أن يلتزموا بها، وأن يتخلصّوا من كلّ الأفكار القديمة التي تتعارض مع القيم والأخلاق".

    وقد ترأس ندوة الخيال العلميّ في مسرح الطّفل د. نادر القنة من فلسطين، وشارك فيها كلّ من د.غنام محمد خضر من العراق، ود. إيمان عبد الستار الكبيسيّ من العراق، ود. نوال الشوملي من فلسطين، ود. هيثم يحيى الخواجة من سوريا.

   ويُذكر أنّ البرفيسور المسرحيّ غنام محمد خضر يشغل منصب معاون عميد كلية التّربية للعلوم الإنسانيّة في جامعة تكريت، وهو مدير فرقة مسرح جامعة تكريت، وهو حاصل على درجة الماجستير والدكتوراه في النقد المسرحيّ، كما شارك في التّمثيل في عدّة مسرحيّات، وله الكثير من الكتب المؤلّفة في المسرح، مثل: مسرح محيي الدين زنكنة – مسرحية الفصل الواحد أنموذجاً،  مسرح سلطان القاسمي دراسة نقدية.إلى جانب أنّه قد شارك في الكثير من المؤتمرات والمهرجانات المسرحيّة، مثل:  مهرجان أيام الشارقة المسرحية للعام 2008، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية للعام2010.وقد كُتبت الكثير من المقالات عن مجهوده المسرحيّ، مثل: التجريب في مسرحيات الفصل الواحد: د. فيصل القيصري، المسرحية ذات الفصل الواحد: أديب أبو نوار، ومسرح محيي الدين زنكنه – مسرحية الفصل الواحد أنموذجاً: د.فائق مصطفى، ومسرح محيي الدين زنكنه والمسكوت عنه نقدياً : بشار عليوي،وغيرها.

clip_image002_edfc8.jpg

عن منشورات "وليم فوسكرجيان!" صدر نهاية عام 2018 كتاب " أنا العشق ومنك المطر" للكاتب وليم فوسكرجيان، ويحمل  غلاف السردية التي تقع في ١٣٦ من القطع المتوسط لوحة للفنان الفلسطيني فايز الحسني.

صنّف الكاتب نصوصه في هذا الكتاب بأنّها "سرديّة" والسرد هو:" الطريقة التي يُعرض بها العمل النثري أيًّا كانَ نوعه". وبناء على هذا التّعريف فإنّنا نجد أنفسنا أمام سرديّات وليس سرديّة واحدة، أي أنّنا أمام سرد متقطّع. وبهذا فإنّ الكاتب قد جانب الصّواب عندما صنّف كتابه هذا "سرديّة."

اللغة: معروف أنّ الكاتب فوسكرجيان يحترف الموسيقى، ويجيد العزف على أكثر من آلة موسيقيّة، وهذا ينعكس على كتاباته، فهو يختار مفرداته بعناية فائقة، لتكون ذات إيقاع موسيقيّ، وهذا يسجّل للكاتب وعليه، فهي له بجماليّاتها وموسيقاها، وعليه عندما يلجأ إلى الإكثار من تكرار بعض الكلمات وبعض الجمل، وكأنّه في وصلة غناء طربيّة.

والكاتب فوسكرجيان ليس جديدا على الكتابة، فقد صدرت له بضعة كتب قبل هذا الكتاب، وبعضها صنّفه على اعتبار أنّه قصص قصيرة، مع أنّه لا تنطبق عليه شروط القصّة. ولو أنّه أعطاها قليلا من العناية لكانت قصصا.

والمتابع لكتابات فوسكرجيان سيجد أنّه يركّز بالعزف على جماليّات اللغة أكثر من تركيزه على إبداع صنف أدبيّ كالقصّة أو الأقصوصة، ويبدو أنّ هذا نابع من احترافه للموسيقى. كما يلاحظ أنّ الكاتب لم ينتبه إلى قدراته في كتابة قصيدة النّثر، فبعض فقرات نصوصه قصائد نثريّة تعجّ بالموسيقى والإيقاع.

ويلاحظ أنّ الكاتب قد وقع في بعض الأخطاء اللغويّة مثل " وتهمس في أذنيّ الّتين لم تأكلا طعاما" ص9، والصّحيح "اللتين".

المزيد من المقالات...