الزيتونة التميمية، إلى عهد التميمي وأترابها

tamimi762.jpg

استهلال:

سيقولون لماذا لم تعد للحبّ تعزفْ؟

أتُــــراه الشّيبَ ينهاك وظلُّ الموت أشرفْ؟

أم هو الدّين عن الأهـــواء واللـــــــــذَّات يَصرِفْ؟

عجباً ممّن له الغفلة تخطفْ

أوليس الحبُّ كلُّ الحبِّ أن أحميَ شعبي

من طغاةٍ لا يرون العيش إلا لذّةً في ظلّ مقصفْ؟

فليكنْ شعريَ سيفاً لرؤوس البغي يقطفْ

وليكن شعري ورداً للتميمية

    وهي الـــــــــرَّعدُ للعدوان يَــــــقصفْ

                            ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتدلّى القمرُ الأخضرُ من شرفة عينيكِ ويرشُفْ

من ندى نجمةِ صبحٍ

لم تزلْ، يا قدسُ، تهتفْ:

خبّئيني خلْفَ أحلامكِ،

 هذا ألفُ قنّاصٍ إلى لحمي تشوّفْ

وعلى برجك أبياتٌ من الـــزَّهرِ روتْها انْخَــــــدِوَانا،

 عن أبينا يشحذ الـــمُـــدْيةَ قُــربـــاناً إلى الله،

ومن سُــومَرَ تنسلّ الفراشاتُ إلى القدسِ،

   ومن دجــلةَ ينصبُّ حنينٌ ليس يوصفْ

وجفون الليلِ، ليلٍ نابغيّ، من نصال الغدرِ تذرفْ

(نهرُ غسّـــانَ الذي كان رحيقاً

    بابليّ الدنّ إن صُـــفّــقَ

                    هاروتُ به مالَ

     كأنّ الشمس من رؤياه آصَـــــــفْ

وجرى من تحت حسّـــانَ يُناجي

مسمع الطير فسيقتْ زُمــراً

    منْ سحْــر شبّـــابةِ معشوقٍ مشنّــفْ

ذلك الـــــنّــــــــهـــْـــر الذي كان بِــــــقُـــــرْطي مريمٍ يزهو ويُــــــتْحفْ

أصبح اليوم ظهيراً لسيوف الرومِ،

                  حتّى ويدٌ منه إلى الثّــــوّار تهتفْ

وسوى الروم وراء الفارس المقدام رومٌ

                          قادها رمْـــح مثقّـــفْ

                                 يصطفيهِ كلّ مترفْ

               داسَ أحلام المساكينِ، وللعلج تزلّـــفْ)

ومرشّات الصبايا السومريّاتِ

 ترشُّ الودَّ والورد على أمّ شهيدٍ،

قد تجلّى في ربى القدس، وعيناه عروجٌ:

ما لحــبّي من ضفافٍ،

أتراه من أحب السّدرة الغــــرّاء يُسرفْ؟

نجن ما قلنا إذا ما عرضتْ سنبلةَ الصيف العذارى:

"هل رأى الحبُّ سكارى"

فعذارانا لها من مريمَ العذراءِ طهرٌ

   ولها ســـــــرٌّ عظيمٌ ليس في غير الميادين سيُكْـــشَفْ

فــهْــو من بأسٍ شديدٍ

كم يغار البأس منه

ويخاف الخوف منه

 وهْــــو، َمن لينٍ وإشفاقٍ،

                      من الشّادن بالمظلوم أرأفْ

                         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسطــــتْ ساجدةُ الحبْــلَ لعهدٍ،

فوصلنا الحبْـــلَ، لكنّ مقاريض تمرلنكَ

كحَــبلٍ حول جيد القمَــرِ المأسورِ ملتفّْ

وتقول انخدوانا: أنا إذ أبكي عراقي

فإلى القدسِ اشتياقي

وإلى طينة جدّي أتلهّــفْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصحابيات رابطن على بوّابة القدسِ.

فما من نجمة إلا تدلّت من سماها

واستقرّت في حجور المريميات وقد ألقت سناها

وعيون الزينبيات رماحٌ تختلي أعناق بيزنطة

إذ تغرزُ ألف ابن سلولٍ كالــــمُــدى

في جسد الأمة من طنجةَ حتى كواللمبور،

 التميميات في اليرموك سدٌّ يتصدّى

للذي يبغي هروباً، فطريق القدسِ إقدامٌ،

ولا يعفي سوى من لقتالٍ قدْ تَـــــحَــرّفْ

                             ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التميميةُ قامت كشهابِ القذفِ ترمي

          كلّ شيطانٍ إذا الخــطْــفــةَ يخْـــطفْ

نفخت عهدٌ بوجه الجند في الصُّور

                   فكرسيّ يهوذا يتقصّفْ

وبعــينيْ جؤذرٍ قد أرسلتْ إنذارها

من فوقِ كِتْف الحارس المذعورِ،

قالت: أيّما زيتونةٍ جرّفتموها

 سوف تنمو فوقها زيتونةٌ أخرى،

 وينمو حولها جيلٌ جديدٌ، عزمُـــه عَـــزْم المــــُــــــثَــــــــنّى،

هو للظامئ للنّورِ شرابٌ

وهو للباغي سرابٌ

       وعذاب الله عن كلّ ظَلوم ليس يُصرفْ

همست ربة أيك ساعة الفجر بأحلام العذارى

كل من سار على آثار عهدٍ

فعن النار تناءى

وإلى الجنة أزلفْ

لم يبالوا قتلَ راشيلَ ولا

        صدرها العاري المجـــرّفْ

أتراهمْ سيبالون بعهدٍ؟

ومتى كان لهم عهدٌ، وإسرائيلُ عهدَ الله تُخْــلف؟

كلّ سيفٍ همجيٍّ لا يبالي بالصبايا،

    حين يمتصّ ترابُ الأرضِ ما تنفثُ من آلامها،

           أو تتحدّى كِــــبْر شاليت المزيّفْ

   بين راشيل "شوازنبرغ" و"كوري"

             خندقٌ من سالف الحقد مجوّفْ

                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قام جلعادُ بن قزمانَ يناجي صوتَـــــــه:

ما كان أجدادي هنا من ألف عامٍ

                         فلماذا نتفلسفْ؟

كان أجدادي بغرناطةَ في سوق البيازين،

     يبيعون حريرا شنغهانيّا،

                        وجلدا قُرَظيّا،

وابن عمّي كان إسكافاً فقيراً،

والرضا كان لنــــا ثوباً جميعاً،

         هكذا كنّا، وكانَ الوضعُ ألطفْ

وأبي كان على إيقاع حزن (المندلينا) من قريبٍ،

يقرأ التاريخَ:

كانتْ عندنا دارٌ جوارَ المسجد المحزونِ،

في مدخل غرناطةٍ الغربِيّ، في أقصى زقاقٍ،

والمصلّون إذا ما فرغوا

كانوا يمرّون بدكّان أبي،

يبتاعون مقداراً من الزيتون والتّين المجفّفْ

وعلى وقع المآسي

كان (عمّي مصطفى) يمنحُ "عــبّــاسيّــةً "

[i] العباسية: هدية يقدمها التجار من أصحاب الطعام، فوق ما يشترى. وتنسب إلى أبي العباس السبتي، الأندلسي المراكشي، وقد كان يدعو إلى الإكثار من الصدقات.

وسوم: العدد 762