هاجَمتني الضِباع

عز الدين المناصرة

هاجمتني الضِباعُ مع الغسقِ النرجسيِّ،

تلمّستُ ناراً وجرَّدتُها من ثيابِ الكلامْ

كلُّ أنحائها خاطبتني بصوتٍ رقيقٍ:

نعمْ، لا تُلامْ

فاعلنْ تتمدّدُ عُريانةً، وفعولنْ تبادلني

الغمغماتِ، وسادتُها من رحيقِ المتونْ.

وبها أستعينْ

ضدَّ هذا الخرابِ اللعينْ.

- هاجمتني الضباع... وشاهدتُ أرجوحةً،

قَبَساً ﻓﻲ وريدِ النباتْ.

كنتُ ذاهبةً ﻓﻲ المساءِ ﺇﻟﻰ دارِ خالي

وﻟﻢ أستطع أن ألامسَ أسوارها الرائعة

فاتجهتُ شمالاً ﺇﻟﻰ التلّة الفارعة

لاحقتني الضباعُ ﺇﻟﻰ التلّةِ الفارعة

تشممتُ رائحةً ما تبيّنتُها

ﻟﻢ أجد شبهاً لتفاصيلها

فهربتُ ﺇﻟﻰ تينةٍ ﻓﻲ شقوقِ الصخورِ الحرامْ

كان دافورها مثلَ كوزِ الذُرة

فوجدتُ أمامي هنا مجزرة.

- هاجمتني ضباعُ البراري، وسدّت أمامي الطريقْ

فاتجهت يساراً، وﻟﻤَّﺎ أجدْ ثغرةً،

دُرْتُ صوبَ اليمينْ

خلعتُ المناديلَ، ﺛﻢ السراويلَ،

قماُ خلعتُ، الذي تَعْلَمينْ.

- تراجعتُ للخلفِ

حتى أرى نقطةً من يقينْ

فوجدتُ اليمينْ

ابنَ عمّ اليسارْ

ووجدتُ اليسارْ

ابنَ عمّ اليمينْ.

- هاجمتني الضباعُ،

وراحتْ تحاصرني من جميعِ الجهاتْ:

رأيتُ أمامي مباشرةً... مِشْنَقَةْ

رأيتُ الخناجر، وجهاً لوجهٍ،

وأحسستُ مخرزها ﻓﻲ العيونْ.

دُرتُ نحوَ الأشقّاء،

ﻟﻢ يستمعْ ﻟﻲ أحدْ

وما شفْتُ لو دمعةً ﻓﻲ عيونِ البناتْ

وﻟﻢْ يستمع ﻟﻲ أحدْ.

- يطفحُ الذُلُّ ﻓﻲ الكائناتْ

تمّحي من قبائلنا الرعويَّةِ،

حلو الشمائلِ، أُذبحُ،

حتى البلاغةُ سوف تصيرُ من المعجزاتْ

فأين ربيعُ الصفاتْ.

- دُرتُ عشرينَ، ﺛﻢ اتجهتُ لناحيةٍ ﻓﻲ الأمامْ

أمامكَ رومٌ، وخلفكَ رومٌ، وﻓﻲ الجَنَباتْ

فقرّرتُ أن أطلقَ النارَ،

نحو جميعِ الجهاتْ.

وسوم: العدد 882