هذا رصيدُكِ : إرثُه لم ينصرمْ
هذا رصيدك لم يزلْ بينَ الورى=ألقًا ينيرُ حياتَهم ومُبشِّرَا
والخطبُ قد لفَّ العبادَ بحقدِهم=والبغي في ليلِ المكارهِ زمجَرَا
كانَ الأبيُّ الشهمُ فيما قد مضى=يأتي المعامعَ بالسيوفِ مكبِّرَا
والشَّعبُ لم يرضَ الركون لفاجرٍ=وهو الذي بهُدى الحنيفِ قد انبرى
والركبُ من جندِ الإلهِ جهادُه=ماضٍ وما أثناهُ ظلمٌ قد عرَا
ماضلَّ دربَ العزِّ في خطواتِه=أوِ غابَ عن ساحِ الفداءِ وأدبرَا
هذا رصيدُكِ ربُّه لك ناصرٌ=نصرًا يكونُ وقد خَبَرْتَ مُؤزَّرَا
آنَ الأوانُ فهل لنا من أوبةٍ=فالركبُ فيها لايزالُ مكبِّرَا
دعْ عنكَ مَن ألقى السلاحَ ولم يزلْ=في غيِّه ولفضلِه لن يذْخَرَا
وخليلُه ذاك الشَّقيُّ لوهنِه=عادى المروءةَ قلبُه فتحيَّرَا
ولعلَّه غرَّتْهُ زهرةُ عيشِه=وقَد ارتضى الذُّلَّ المقيتَ تَعَثُّرَا
ولعلَّه خانَ الأمانة جاحدًا=وقلى العقيدةَ فاسقا وتنكَّرَا
هي حالُ مَن وهنوا ومَن تبعوا الهوى=ومَن ارتأوا عيشَ الهوانِ على الثَّرى
لكنَّه آنَ الأوانُ لصبحنا=فلعلنا فيه نزيلُ المنكرَا
إنَّا أُخيَّ وربِّكَ الأعلى كما=ألفيتَنا من قبلُ لن نتغيَّرَا
ومَن استساغَ العارَ في سوقِ الونى= ومِن الجناةِ المرجفين قد اشترى
هذا الذي أعمتْهُ شهوةُ نفسِه= فطوى رجولَتَها وأغطشَ محجرَا
ماعادَ يُبصرُ غيرَ مافي جيبِه= أو بطنِه . هذا إذا هو أبصرَا
فاربأْ بنفسِكَ عن مجاراةِ الذي= ركبَ الإهانةَ موجةً وتغيَّرَا
لم يدرِ أنَّ اللهَ بارئَه الذي= سوَّاه قد جعلَ الفؤادَ مخيَّرا
أعطاهُ عقلا لن يضلَّ لو اهتدى= أو أن يعيشَ مع الأراذلِ مجبَرَا
إنَّا وإنْ أرغى وأزبدَ حقدُهم= لن نستكينَ وإنْ تلظَّى مسعَرَا
لن يُركِعَ الطاغوتُ زهوَ إبائِنا= مهما اشمخرَّ ببغيِه واستكبرا
فجباهُنا أسمى وأعلى قِمَّةً= من كلِّ باغٍ يستبيحُ المنكرَا
كانت وما زالتْ برغمِ عُتُوِّهم = تأبى السُّجودَ لغيرِ خلاَّقِ الورى
عهدُ الطغاةِ المجرمين تناثرتْ=أوراقُه وعلى التَّبارِ تبعثَرَا
وهو الزمانُ العَذْبُ يرقبُ فجرَه =ليعيدَ للدنيا الكئيبةِ مفخرَا
ويطلُّ بالإسلامِ يملأُ أُفقَها=نورًا يزيلُ ظلامَه المتقهقرَا
طُويتْ مهازلُ غيِّهم وفسادهم=فالزيفُ عن وجهِ الحياةِ تبخَّرَا
هاهم جنودُ مَحَمَّدٍ قد أقبلوا =إذْ شيدَ من أجلِ الخلافةِ منبرَا
ومن اهتدى بعقيدةِ الإسلامِ لم= يسقطْ على عبثِ الطغاةِ معفَّرَا
تأبى النفوسُ المؤمناتُ إهانةً= رجعتْ بأُمَّتِنا الكريمةِ قهقرى
عادتْ جُذَى الدِّينِ الحنيفِ وعادَ في= إصباحِها وجهُ البشائرِ مسفرَا
وهُمُ الرجالُ المؤمنون توثَّبوا= وإلى الجهادِ أتى الأُباةُ كما ترى
والركبُ عافَ القاعدين مع الهوى= وَن استطابتْ نفسُه لغطَ المِرَا
ألفى بظلِّ الوهْنِ راحتَها وقد= عافَ النَّفيرَ وللتَّرهُّلِ آثرَا
اقعدْ فعميانُ القلوبِ : قعودُهم= أحرى بهم وبمَن هواهُ مَن افترى
ما أتعسَ الجبناءَ شانَ وجوهَهُم= قَتَرٌ ، وبئسَ الخوفُ من قدرٍ جرى
صنعوا المعاذير التي لم ترتحلْ= عن شُؤمِ آراءٍ لهم لن تؤثرا
أغرتْهُمُ الَّلذَّاتُ طابتْ مطعمًا= والوارفاتُ الظِّلِّ طابتْ منظرَا
ولربَّما وجدَ النِّفاقُ رفاقَه= فرأوا بسفسطةِ التَّحايلِ مفخَرَا
هذا هو الزَّمنُ الغنيُّ بفقرِه= للخيرِ إذْ باتَ المقاولُ أفقرَا
باعوا محاسنَه بسوءِ فِعالِهم= فإذا بوجهِ العصرِ باتَ معصفَرَا
لاباركَ الدَّيَّانُ بالأممِ التي= رأتِ التَّجَبُّرَ والتَّعالي منبرَا
تلقي على الأممِ الضَّعيفةِ بأسَها= نارًا وشرًّا لم يزلْ مستنفرَا
والعالمُ المعمورُ باتَ مهدَّدًا= جاروا عليه ، وأوسعوهُ تذمُّرَا
ورموه بالأرزاءِ لايدري بمَنْ= ساموهُ بالظُّلمِ الطويلِ تجبُّرَا
من حقدِ(بلقنةٍ ) (لأمركةٍ ) إلى= طاغوتِ ( صهينةٍ ) أتى متبخترَا
لاتسألَنِّي عن صياغةِ ( شرِّهم)= فالكلْمُ باتَ بشرِّهم متبعثرَا
أنغامُ ( عربدةٍ ) ترنُّ بمسعي= كدويِّ ( قنبلةٍ ) أذاها قد عرَا
هم يدَّعون حضارةً وتقدُّمًا= وهناءةً لبني الورى وتحرُّرَا
لكنَّنا لسنا نرى في سعيِهم= إلا عداءً للورى وتبخُّتُرَا
أخبرْ بني الإسلامِ أنَّ نهوضَهم= بيدِ الغزاةِ المجرمين تعسَّرَا
ما بكَّروا من غفلةٍ ممقوتةٍ= منها فؤادُ الأوفياءِ تفطَّرَا
ولْيأخذوا في ذي الليالي حِذرَهم= فبدونِه نيلُ الفلاحِ تعذَّرَا
فبظلِّ دينِ اللهِ كان عُلُوُّهم= وبغيرِه التَّغييرُ أخفقَ معسِرَا
لن يُنصَرُوا إلاَّ بدينِ مُحَمَّدٍ= فالمجدُ أزهرَ في هُداهُ وأثمرَا
قلْ : أخبِروني ويحكم عن حِقبةٍ= فيها انتصرتُم أو صنعتُم مَفخَرَا !
=
=
=
=
=
=
=
=
=
=
=
=
=
=
=
أو هابكم هذا العدوُّ ، وإنَّما= قد فازَ في مَيدانِكم وتصدَّرَا
يامن رأى كسرى تعجَّرَ هاربًا= ورأى بأثوابِ الهزيمةِ قيصرا
والصِّينُ دوَّى في بواديها الصَّدى= لمَّا أتى جيشُ النَّبيِّ مكبِّرَا
أنا لا أردِّدُ ما جرى فلقد مضى= لكنَّ ترديدي الجديدَ لِما جرى ...
في عصرِنا هذا ، وبينَ ربوعِنا= في ليلِنا ونهارِنا ، أولا نرى !
أنا لاألومُ إذا رأيتُ بواكيًا= وهُمُ الرجالُ الشَّاهدون لِما عرا !
يبكي الرجالُ مرارةً ويذوبُ قلبُ .= . الأوفياءِ تأسُّفًا وتأثُّرَا
فسلاحُنا الفعَّالُ أصدأهُ الونى= والفارسُ المقدامُ باتَ مسمَّرَا
يا أكرمَ الأُممِ التي ميدانُها= ساحُ الجهادِ ، وإنَّه طالَ السُّرى
فإلى متى هذا الرُّقادُ وأنتِ في= كنفِ الهوانِ تخاذُلاً وتصبُّرَا
ولمئزرِ الخذلانِ عارُ تعثُّرٍ= أمَّا التَّصَبُّرُ شأنُه لن يعثرَا
لاتجعلي منه استعارةَ خانعٍ= يعدو لخلفٍ هاربًا مستَصغَرَا !
أنتِ الرَّجاءُ لهذه الدنيا فلا= تتهيَّبي زيفَ الزمانِ مزوَّرَا
=
=
=
=
=
ولقد تهوَّدَ عصرُنا لمَّا رآكِ .= .مهيضةً بين الورى وتنصَّرَا
ومن العجائبِ أن يراكِ شقيَّةً= تشكين أرزاءً عرتْكِ وما نرى :
نجواكِ في محرابِ عزٍّ شامخٍ= للهِ ، يغشاكِ السُّمُوُّ مُنَشَّرَا
ماكانَ نومُكِ سرمديًّا فانهضي= دوَّى الأذانُ مهلِّلاً ومكبِّرَا
وأتى السَّنى من عالَمِ البشرى وقد= ألفاهُ مَنْ عانى الصُّروفَ وقصَّرَا
هذا رصيدُكِ : إرثُه لم ينصرمْ= أبدًا ، ولم يلحقْهُ شُؤمٌ أو مِرَا
وهم الجموعُ المفلساتُ وإن أتوا= بالمجدِ في ثوبِ الرقيِّ مُطوَّرَا
وحضارةُ الإنسانِ إنْ لم تأتِ في= إسعادِه بئسَ العطاءُ منَفِّرَا !
ماذا تفيدُ وأهلُها في شِقوةٍ= تؤذي ، وفي قلقٍ أراهُ مدمِّرَا
والليلُ طالَ على الأنامِ مشنِّعًا= فِعلَ اللئامِ وما تبلَّجَ مقمرا
اللهُ أنذرنا لسوءِ ذنوبِنا= والذَّنبُ بين المسلمين تكرَّرَا !
هلا أتينا بابَ توبتنا فقد =آنَ الأوانُ اليومَ كي نتغيَّرَا !
وسوم: العدد 1124