قمْ ترنَّمْ فللهدى أشعارُ=ولراياتِ عزِّه أنصارُ
ومن الهائمين في كلِّ وادٍ=تعتريهم بنارِها الأكدارُ
إنه النورُ فالمغاني ربيعٌ=فاحَ فيها الإبا وغنَّى الفخارُ
وخُطاهُ على المدى نيِّراتٌ=وسحابُ ابتهاجِه مدرارُ
فيدٌ تزرعُ الفصولَ رخاءً=ويدٌ في العلى لها إعمارُ
وله قمتٌ أسكبُ الشِّعرَ حبًّا =فتثنَّى مع النشيدِ النَّهارُ
ذاك نهجي وموئلي واعتفادي=ليس عندي لغيرِ ديني اعتبارُ
والكتابُ المبينُ زادي وقولي =إذْ تلاشتْ بزيفِها الأفكارُ
فاحمل اليومَ في الظلامِ ضياءً=لشعوبٍ طعامُها الأوزار
وامشِ بالنورِ مؤمنا لاتبالي=فجدارُ الإسلامِ لاينهارُ
ربَّ ليلٍ فيه ادلهمَّتْ صروفٌ=نبعتْ من ظلامِه الأنوارُ
سيعودُ الربيعُ بالأملِ العذبِ = ويهفو بعطرِه الجلَّنارُ
وتهبُّ البراعمُ الزُّهرُ نشوى=فإذا الدوحُ في الحقولِ ثمارُ
وإذا الأرضُ جنَّةٌ ليس ترضى=بالمآسي فما طواها البوارُ
ربما يشعلُ الجناةُ عليها =نارَ حقدٍ فتنزوي الأطيارُ
غيرَ أنَّ الإسلامَ ردَّ مُناها=مصلحا ما قد خرَّبَ الكفارُ
مايئسنا وليس يذهلُنا الكربُ = فصبرا سترحلُ الأخطارُ
حللُ الفتحِ والسيوفُ المواضي =والمثاني وأهلُها الأبرارُ
وشبابُ الإسلامِ يملأُ دنيانا = سُمُوًّا له الفدا مضمارُ
والقلوبُ الظِّماءُ للألقِ الحُلْوِ = وهذا النَّدى وذاك المنارُ
جلبتْها لحومةِ العصرِ روحٌ =ما سفاها بحقدِه التَّيَّارُ
أُمَّتي أمةُ المآثرِ والمجدِ = فهبْ للخلودِ مايختارُ
ظمئَ الناسُ بعدَ كوثرِنا العذبِ = وماجتْ ببؤسِها الأقطارُ
وسمانا : وكم تألَّقَ نجمٌ =في سمانا وكم رنتْ أنظارُ !
والمروءاتُ ماتلفَّتَ فيها =لسوانا على المدى أحرارُ
قد حملنا بشائرَ الخيرِ فانداحتْ = على الخَلقِ بالهدى أثمار
مكَّةُ النورِ والعلى غشيتْها=فاستضاءتْ بآيِها الأمصارُ
وتدلَّتْ على البريَّةِ أمنًا=وتناءى الضلالُ فيه النَّارُ
والمواعيدُ آتياتٌ بفتحٍ=ليس يطويه عصرُنا الموَّارُ
***= ***
أنا أحيا لشرعتي وفؤادي =لِسَنَا المجدِ موئلٌ محبارُ
والقوافي شذا الحنايا إذا ما =رفَّ فيها جناحُها الخطَّارُ
والأماني رياضُها تتثنَّى =بهدى اللهِ شأنُها استبشارُ
فاضَ نبعُ القريضِ عطَّره = الصدقُ فما في دفوقِه إنكارُ
لعنَ اللهُ مَنْ أسالوه كفرًا=وفسادًا وللفسادِ اندحار
كم لعنَّا من شاعرٍ ذي مجونٍ=وإباحيٍّ دينُه استهتارُ
عرفَ العيشَ خمرةً ونساءً =قد تعرَّيْنَ دأبُهُنَّ العارُ
فالحداثاتُ دعوةٌ للتنائي=عن أُصولٍ فيها العلى والفخارُ
باتَ يلهو والشَّعبُ باتَ بضيقٍ=داهمتْهُ الأخطارُ والأوضارُ
هو في الخيرِ ليس منَّا ولكنْ =سيَّرتْهُ الأهواءُ والأوزارُ
وبدعواهُ أنَّه عربيٌّ=جاءَ بالزورِ فولُه المُستعارُ
برِئتْ منه فاسدًا ليس ترضى =بالمعالي عروبةٌ وديارُ
لبسَ اليومَ ثوبَها فعلاها =نالَه من فمِ السفيهِ احتقارُ
فالهُويَّاتُ يعربيَّةُ رسمٍ=وهواهم لغيرها والمزارُ !
بئسَ أحزابُهم ، وبئسَ هواهم=والمآتي وبئست الأشعارُ
إنَّما الشِّعرُ بالعروبةِ يروي=ماروتْهُ بطهرِها الأسفارُ
زيَّنتْه الآياتُ بالقيمِ العليا = فناغتْه في الفضا أقمارُ
وتسامى فللمعاني جلالٌ =وتراءى فللبيانِ ادِّكارُ
وله في نهوضِنا صرخاتٌ=وله في ربْواتِنا سُمَّارُ
حكمةٌ فيه أو نفيسُ حديثٍ =لم تُشِبْهُ الطلاسمُ الخرساءُ
***=
هذه دعوةُ النبيِّ r لقومٍ =جمعتْهم بفيئِها الأذكارُ
وإذا آمنوا ولبُّوا نِداها=أدركتْهم في ليلِهم أنوارُ
فرباها نعمَ الجنائنُ تزهو=وسماها سحابُها مدرارُ
ومشى البِرُّ في مرابعِها يهمي = نديَّ الحِباءِ والإيثارُ
وحبتْها في المؤمنين نجاوى=في ثناياها تنجلي الأسرارُ
ومن اللهِ رحمةٌ و قبولٌ =فيهما تُدركُ الأماني الكِبارُ
بركاتُ السماءِ تبتهجُ الأرضُ = بنعماها إنْ هفتْ والدِّيارُ
وبها تحيا في البلاد قلوبٌ=أشغلتْها الأوهامُ والأوطارُ
كم أفاضتْ على العبادِ بخيرٍ=شهدتْه الآصالُ و الإبكارُ
فزهتْ بالرخاءِ بستانَ جودٍ=ملأتْهُ ثمارَها الأشجارُ
والمروجُ الخضراءُ بعضُ جناها=وشذاها النسرينُ والنَّوارُ
نعمت الأرضُ وجهُها من ربيعٍ=يتهادى عطاؤُه المهمار
فتقلَّبْ بنعمةِ اللهِ واعلمْ=ماليُسْرٍ يُنيلُه إعسارُ
واحمدِ اللهَ يُؤتِكَ اللهُ خيرًا=إنَّ ربِّي لشاكرٌ غفَّارُ
ومن الحقِّ أن تؤوبَ بوعيٍ=و رشادٍ وللأبيِّ اختيارُ
نورُ قرآنِنا مناهجُ مجدٍ =ماعليها مدى العصورِ غبارُ
ونهارٌ فيه الشموخُ تجلَّى =ماطواه على الصدورِ البوارُ
و هدانا به الشبابُ استقاموا =وبآياتِ وحيه واستناروا
والجباه الكريمةُ اليومَ تأبى =ذلَّ قومٍ وللصِّغارِ صَغارُ
وافترارُ الوفاءِ في المقلِ الظمأى = سُمُوٌّ وللسُمُوِّ افترارُ
أمتي لن تموتَ فاللهُ يرعى =بالمثاني مَنْ عاهدوه و ساروا
تلك أمجادُ شرعِنا وصداها =لم يُرنِّمْهُ للهوى مزمارُ
فبنوه الفرسانُ لم يعرفوا المعزفَ = يغوي وللفدا أبرارُ
ذهبوا بالفخارِ في حقبِ الدهرِ = وما زال للرجالِ الفخارُ
كلما يشرقُ الصباحُ فمجدٌ =بعلاهُ تشقشقُ الأطيارُ
وتحنُّ الأرواحُ للملعبِ الأسنى = ويجلو ميدانَه الأحرارُ
كم تراءتْ على الدروبِ خطاهم =فتثنَّى النَّدى وفاحَ العَرارُ
ومضتْ تمخرُ البحارَ بهديٍ =فأجيبي تكلمي يابحارُ !
ماحملنا إلى الشعوبِ فسادا=فاستُبيحتْ لديهمُ الأوزارُ
أو نشرنا قرآنَنا تحتَ قسرٍ=هي تسري بنورِه الأفكارُ
قد مشينا بهديِه فطمسنا=فلسفاتٍ عهودُهُنَّ التَّبارُ
أمرعَ الخيرُ في المشارقِ أفياءً = مديدُ ابتهاجِها محبارُ
فاسأل الغربَ والليالي سجالٌ = يومَ فضَّتْ أسرارَها الأقدارُ
بهُدانا مشى الضياءُ نديًّا=والنهارُ الفوَّاحُ فيه الغارُ
جاء نورٌ من السماءِ فأحيا=ما أماتَ الظلامُ والكفارُ
هو دينُ الهدى تعالى سُمُوًّا=لم تنلْهُ الشموسُ والأقمارُ
ياليالي الأمجادِ هل غادرَ السُّمَّارُ = واستوحشَ الدجى أحرارُ !
لاتردِّي سجلَّنا الطاهرَ الخالدَ = فالدنيا قد عراها التَّبارُ
وأعيدي القرآنَ يحملُه اليومَ = إليها فرسانُنا الثُّوَّارُ
وارفعي راية الخلاصِ جهادا =تتجلَّى لخفقِه الأسفارُ
باسمِ ربٍّ له الجحافلُ لبَّتْ =ولديها من الوفاءِ قرارُ
ماارتضينا غيرَ الشريعةِ نهجًا=وسواها للمرجفين شنارُ
المغاني الحِسانُ والحللُ الفيحاءُ= والخيرُ فاضَ والأمطارُ
و رمالُ الصحراءِ أضحتْ مروجًا =قد سقتْها فراتَها الآبارُ
فإذِ الخضرةُ البهيَّةُ تحلو=والسهولُ الفِساحُ والأغوارُ
هل رأى الناسُ أمةً باركتْها=رحمةُ اللهِ أهلُها الأخيارُ !
إنها صحوةُ الشعوبِ بدينٍ =ليس في عدله المقدَّسِ عارُ
***=***
يارفيفَ الخيامِ في مهجِ الأرضِ = أعدنانُ قد أتى أم نزارُ !
يطويان الظلامَ ثوبُهما النورُ = يغذَّانِ ، فانتفض ياثارُ
جاءَ دينُ الإسلامِ يوم اشرأبَّتْ=مقلُ القومِ ، إنها الأنوارُ !
وسنى الوحيِ في السماءِ تجلَّى =في رؤاه القدسيَّةِ الأسرارُ
ياصباحَ الربيعِ في أُفقِ الكونِ = فهذا محمَّدٌ r يُختارُ
كم فرحنا وللقلوبِ نجاوى = لابتساماتها مُنىً وافترارُ
و بكينا على فراقِ سناها = وشكونا ، وللبعادِ اعتبارُ
و صبرنا ولم نزلْ في حصونٍ=نيِّراتٍ للدِّينِ لا تنهارُ
ستعودُ الراياتُ بعد غيابٍ =فَلْتُجدِّدْ أفراحَها الأمصارُ
و يهزُّ الأذانُ عالمَنا الغافلَ = هزًّا وترحلُ الأكدارُ
ليس بالوهمِ إنه الدِّينُ والفتحُ = قريبٌ والفارسُ المغوارُ
دعوةُ الله والهدايةُ منه =بعضُ مافي انطلاقِنا والغارُ
وبغيرِ الإسلامِ ضلَّتْ خطاهم=وتلوَّتْ بثكلِها الأقطارُ
لن يذوبَ الإسلامُ في وهجِ الحقدِ = فأحقادُهم عليهم تُدَارُ
وغدًا يأذنُ الإلهُ بنصرٍ =ماؤُه العذبُ للورى مدرارُ
ويحها ! ما أجلَّ بيضَ الأماني =والمغاني أريجُها معطارُ
فطرةُ اللهِ في القلوبِ يداها =ليسَ يبقى على اليدينِ الإسارِ
لايُجافي الإسلامَ إلآ شقيٌّ = أو غبيٌّ أو حاقدٌ غدَّارُ
فعلاهم و ذكرُهم وغِناهم=فيه لولا العنادُ والإدبارُ
فيه روحُ الثَّباتِ إن عصفَ الشرُّ = وعجَّت بالعالم الأخطارُ
و زوالُ الطغاةِ فيه كتابٌ =ما أضلَّت حروفَه الأسطارُ
وبه الخيرُ والمُنى ليس تُنسَى =والبوادي ممَّا يفيضُ النُّضارُ
ومع العسرِ يسرُ ربٍّ رحيمٍ =يتلاشى ببرِّه الإعسارُ
للدواهي وللرزايا أفولٌ =عن ربانا وللخطوبِ اندثارُ
لجلالِ الصحراءِ مجدٌ و فضلٌ =وبنوها الفرسانُ والأنصارُ
ما أظنُّ البنيانَ يعلو بِوهمٍ=أو يباهي بعزمِه خوَّارُ
والحضاراتُ قد بناها رجالٌ=بين أيديهُمُ يكون اليَسَارُ
يوم هبُّوا من الخيامِ كرامًا=ما قلتْهُم أخلاقُهم إذ ساروا
هي لولا الإسلامُ والعملُ الصالحُ =أخوتْ وعاثَ فيها الدمارُ
هي لولا القرآنُ والجودُ والصبرُ = لألقى على الخيامِ البوارُ
إنما توهبُ المآثرُ زهوا = فترى العزَّ حقلُه محبارُ
ويعيشُ الأنامُ في هدأةِ الأمنِ = وتحلو بساكنيها الديارُ
حُكمُ ربي فليس من عنتٍ يأتي = به الغيُّ والعنا والعثارُ
الأذانُ الصَّدَّاحُ والآيُ تُتلَى= والقلوبُ الرِقاقُ والأخيار
والجِباهُ الأبيَّةُ اليومَ تعنو =لإلهي : وَلْيَخْسَأ الكفارُ