أنتُمْ جمالُ الدنى والحبُّ والنغمُ = يا مَنْ جعلتُمْ لنا الأكوانَ تبتسمُ
وَطرقُ بابِكُمُ دومًا لنا شرفٌ = إن لم أزُركُمْ يكادُ القلبُ ينقصمُ
القلبُ في ولهٍ والروحُ ترتجفُ = لمَّا أراكمْ ونارُ الوجدِ تضطرمُ
إحساسُنا مُسْتمَدٌّ مِن مكارمِكمْ = لولا وجودكُمُ أيامُنا سأمُ
وفي البعادِ سُهوبُ العُمرِ مُقفرةٌ = وفي الوصالِ يكونُ الرَّغدُ والنّعَمُ
وغايةُ النفسِ صفوٌ في نسائمِنا = ولا تُعكّرُ أمجادًا لنا طغمُ
نحيا الحياةَ ودنيا الحُبِّ في فرح = ولا يُهَرْوِلُ في أجوائنا البُهُمُ
أنهارنا نحنُ طول الدهر جاريةٌ = من جودِنا كم تغارُ السُّحبُ والدّيمُ
مفاتنُ الروحِ طول الدهرِ مُشرقةٌ = حيثُ اتَّجَهنا يزولُ الحزنُ والألمُ
أحلامُنا تزنُ الأطوادَ في كرمٍ = متى غضبنا يحلُّ الليلُ والظلمُ
نحنُ الشُّموسُ مدى الأزمانِ ساطعةٌ = لنا الحياةُ .. تلاشى الموتُ والعَدمُ
ونحنُ دوما شبابٌ خالدٌ نضرٌ = مثلُ الطبيعةِ لا شيبٌ ولا هرمُ
الطهرُ معدنُنا والحقُّ غايتنا = المجدُ عانقنا والعزُّ والشَّمَمُ
أبياتُ شعريَ بالإبداعِ قد نُسِجَتْ = أنوارُها انبثقَت .. أبعادُهَا قيمُ
وشعريَ الدُّرُّ لا شعرًا يعادلهُ = كأنَّهُ الوَحيُ يُؤْتى كلهُ حِكمُ
شعري هوَ السِّحرُ لا نظمٌ يُشابهُهُ = وَتُسحرُ العُربُ بالإبداعِ والعجمُ
كأنَّما المُتنبّي قام من جَدثٍ = وَردَّدتْ شعرَهُ الأقوامُ والأممُ
وإنَّني مُتنبِّي العصرِ كم شهِدُوا = الشعرُ يقضي إذا ما متُّ والتّغمُ
وإنَّني رائدُ التجديدِ في زمني = من بعدِ موتي يموتُ النظمُ والكلمُ
ورايةُ العلمِ من بعدي مُنكّسَةً = وفي رحيلي عذارى الخٌلدِ تضطرِمُ