ويبقى الأسيرْ

ويبقى الأسيرْ

ثريا نبوي

وقيلَ ظلامُ الزنازينِ يكفي لكي تستبينْ

معالي الطريقْ

إذا ما استعرنا من الأبجديةِ زهْوَ النُّسورْ

بثورةِ جوعٍ ووجبةِ مِلحٍ شديدِ الفجورْ

ودرسِ تَحدٍّ لظلمٍ جَهولْ

وموتٍ صئولْ؛

يُقسِّمُ رُزنامَةَ العمرِ بين مرافي السِّجالْ

ففي البدْءِ يُقعي انتهاءُ الرجالْ! 

يعيشُ الكسالى على وجْبةِ الثرثراتِ العقيمةِ

حين تمُجُّ الوجوهُ القديمةُ معنى النِّضالْ

ويبقى الأسيرْ

بوعيٍ يسيرْ

إلى آخرِ العُمرِ يرفِدُ نهرَ الحياةْ

بمِلحِ الحياةْ

ويحفُرُ معنى رسوخِ الجبالْ

وينثُرُ فوق الشطوطِ نوارسَ عشقٍ فريدْ

ويسكُبُ آخرَ ضوءٍ تَهَدَّلَ مِن قمرِ الحالمينْ

على مَركَبِ العُرسِ..والموجُ شوقُ المُريدْ..

ويَسقي الترابَ وميضَ الأملْ

فتنبُتَ فيه فسائلُ حُبٍّ جديدْ..

ويملكُ عينًا تُقاومُ خَرْزَ العيونْ

ويعقِدُ ذاكرةً لا تخونْ؛

فمِلءُ البيادرِ ظِلُّ الشجونْ.

وعُشبُ الخلودِ يُبارِكُ أحلامَه المَقدسيةْ:

بحِنَّاءِ عُرسِ الصبايا الغِزارْ

ولهوِ الصغارْ

ومفتاحِ عودتِهم للديارْ

= = =

فيا موسمَ الصبرِ أقبِلْ:

-قوافلَ وَردٍ تُعطِّرُ سِفْرَ المُحالْ

تُريقُ شذاها؛ يُتَبِّلُ في الليلِ جُرحَ الحنينْ

-فيُشعِلَ أفئدةَ الياسَمينْ-

ويجدلُ في الأسْرِ صمتَ الأنينْ

ويقطعُ صوتَ الظنونِ العِجافِ، بحدِّ اليقينْ..

-وذاكرةً مِن حنينِ المواني إلى المُبعَدينْ؛

تسيلُ نخيلاً.. كُرومًا.. وتينْ

وتلثِمُ خَدَّ الوداعِ الحزينْ

تُزَيِّنُ مملكةَ الثائرينْ

إذا ما التوى الدَّربُ كانت مشاعلَ للسائرينْ؛

يُرَى النخلُ مُبتسمًا للسيولِ إذا بَتَرَتْهُ سيوفُ الرمالْ

-وداليةً في حقولِ السنابلِ تُلقي عباءةَ فرْحٍ يليقْ

يُوَشَّى بحُمرةِ حَبِّ العقيقْ..

وتَسقي الزَّنابِقَ والزَّعتَرَ المُستَجيرْ

وتزرعُ في الأرضِ صوتَ النَّفيرْ

-بصومٍ عسيرْ-

فتُشرِقَ منها شموسُ الفِدا

يُغنّي الصباحُ.. يَرُدُّ الأثيرْ

يُردِّدُ صوتَ الفداءِ المَدى:

(فِلسطينُ يحمي حِماكِ الشبابُ

وَجَلَّ الفدائيُّ والمُفتَدَى)

(فلسطينُ تحميكِ منَّا الصدورُ

فإمَّا الحياةُ وإما الرَّدَى)

سلامٌ على إخوةٍ صامدينَ

صمودَ الرواسي أمامَ العِدَا

سلامٌ على إخوةٍ صابرينَ

وصحوُ الضميرِ يُراقُ سُدَى؛

إلى مذبحِ الشرِّ سَوْقُ البرئِ

وفوق الحريرِ عُداةُ الهُدَى

فلا نامتِ الأعينُ المُغمَضاتُ

عن الحقِّ.. مِرْوَدُها للصَّدا

= = =

إهداء: إلى كل إخوتِنا الأسرى الفلسطينيين الصامدين وعلى رأسهم

البطلان:  سامر العيساوي ، وأيمن الشراونة