أَغاريدُ الْحُزْنِ الْقاتِل

صقر أبو عيدة

[email protected]

لَنْ أَحْزَنَ لِلنَّغَمِ الْمَفْقُودِ مِنَ الْخاطِرْ

لَمْ أَبْغِ شُجُوناً تُرْصَفُ في صُحُفٍ وَدَفاتِرْ

لَكِنّي أَحْزَنُ حِينَ أَرَى الْقُمْرِيَّ يُخَبّئُ صَوتَهْ

يَتَفَقَّدُ أَظْلالَ الأَشْجارِ..

وَلَمْ يَعْرِفْ مِنْ أَينَ يُلَمْلِمُ هُدْبَ القَشِّ..

لِيَبْنِيَ بَيتَهْ

وَيُخاطِرْ

***

ما كُنْتُ لأَحْزَنَ إِذْ تَهْرُبُ مِنْ قُدّامِي شَمْسِي

وَالْبَرْدُ يُقَلّبُ عَظْمِي مِنْ أَمْسِ

فَأَبيتُ بِحُلْمي دُونَ مَجامِرْ

لَكِنّي أَحْزَنُ يَومَ تَقِلُّ الأَقْدامَ لِتَحْفرَ رَمْسي

وَأَخي يَحْثُو بِيَدَيهِ وَداعي

وَيُغادِرْ

***

ما كَنتُ لأَحْزَنَ حِينَ تَهيجُ عَواصِفُ تَقْلَعُ كَرْمَتَنا

السَدُّ بِلا زُبَرٍ، لَمْ يَقْوَ يُخاطِرْ

بَلْ أَحْزَنُ إِذْ لا نَعْلَمُ كَيفَ نُعيدُ الْغابَاتِ لِبِيئَتِها

وَسُؤالٌ يَخْلَعُ أَوْتادَ الْخَاطِرْ

لِمَ تَقْطَعُها؟

هَلْ كُنْتَ تُشاوِرْ؟

***

وِلِمَنْ حَرَمَ الْفَقَماتِ مِنَ الْحَمّامِ عَلى الشَّطِّ

لِمَ تَحْبِسُها؟

أَمَلَكْتَ الشّمْسَ وَحَبْلُ الدّفْءِ لِعَينِكَ ناظِرْ؟

***

يا مَنْ تَرْمي الأَزْهارَ عَلى دَرْبِ الْفَوضَى

قُمْ وَارْوِ حَدائِقَها

وَاغْرِسْ في الْبالِ فَسِيلَةَ حُبْ

فَعَسَى الأَيّامُ تُعِيدُ لَها أُرْجُوحَةَ وُدْ

وَلَعَلَّ النَّفْسَ تُبادِرْ

***

وِلِمَنْ نَزَعَ الزّيتُونَ وَلَمْ يَرَ خُضْرَتَهُ

لا تَنْسَ جُدوداً قَدْ قَرحَتْ فِيها أَيدِيهمْ..

إذ تَرَكَتْ في الأَرْضِ أَظافِرْ

***

مَنْ لَمْ يَكْتُبْ بَينَ الْعَينَينِ بَراءَتَهُ

فَلْيُخْفِ بِصَمْتٍ عُرَّتَهُ

فَالنّارُ تُمُوتُ إِذا الأَنْفاسُ تُحاصَرْ

***

إِنْ لَمْ تَفْتَحْ أَبْوابَ فُؤادِكَ لِلصُّبْحِ

لا تَحْبِسْ شَمْعاتِ الصّفْحِ

لِمَ تَشْحَذُ ضِغْناً في جِيدِ الصّدْحِ

لَنْ تَمْنَعَ لَحْنَ جَناحَينِ انْتَفَضا مِنْ جُرْحِ

أَوْ تَبْنِيَ لِلضَّحِكاتِ مَقابِرْ

***

إِنْ لَمْ تَسْمَعْ دَمْعَ الْجَوعَى وَتُقاتِلْ مِحْنَتَهمْ

لا تَمْنَعْ هَمْسَةَ حُبٍّ تُرْقِي دَمْعَتَهُمْ!

أَرَأَيتَ خِصاماً أَشْبَعَ طَيرَ بَراريهمْ

مَنْ يُعْطِي أَجْوِبَةً تُغْنِي عَنْ أَشْعارٍ وَمَنابِرْ؟

***

لِمَ أَمْكِنَةُ الْمِيلادِ تُشَكِّلُ فَرْقاً في خُبْزِ الأَجْيالْ

وَرَحَى الْفُقَراءِ تَحِنُّ لِكَرْكَرَةٍ وَسَنابِلْ؟

يَاوَيلَ قُصُورٍ لَمْ تَكُ تَدْرِي كَيفَ تَسيرُ الأَحْوالْ

وَتُكابِرْ

لَمْ تُسْرِجْ مِصْباحاً، والشَّوكُ طِوالْ

وَعَلَى أَكْتافِ الأَرْضِ تَهِيجُ هُمومٌ..

تَمْضَغُها الأَشْبالُ..

وَلا يَجِدُ الْعُصْفُورُ بَيادِرْ

لَنْ يَنْسَى يَوماً تُبْلَى فِيهِ سَرائِرْ

***

كَثُرَتْ أَسْبابُ الدَّمْعِ..

وَبْحْرُ بِلادِي تَغْرَقُ فِيهِ ضَمائِرْ

لِمَ شِعْرُ عُرُوبَتِنا يَاقَومِ يِخَافُ عَساكِرْ؟

لِمَ أْنْثانا في الْعُرْفِ تُصادَرْ؟

لِمَ تُمْنَعُ دَنْدَنَتي لِلْحُبِّ وَحينَ أُسَامِرْ؟

وَأُعاتَبُ في غَضَبي أَنْ أَدْعُوَ كُلَّ مُحالْ

وَأُجاهِرْ

***

الصُّبْحُ بٍلا جُرْحٍ في الْبالِ جَميلْ

لِمَ أَحْمِلُ كُلَّ خَطايا دُنْياكُمْ

وَأُهاجِرْ؟