رياح الدم
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
سـكـتَ الجميعُ ونالَها الإحباطُ
وتـوشّـحتْ مُدني بثوبِ زناتها
مُـذ ضاعَ عمرُ النازفينَ شبابَهم
لـمْ يُـجدْنا سعيٌ وراءَ خلاصنا
واستدرجتءها نحو تيهِ المنتهى
فـإلـى مَ دنـيـانا تبيعُ بعزمنا
وإلـى مَ تـسلخُ جلدَنا أوجاعنا
ويـشـدّنـا خيطُ التأخّر نحوَنا
أمـم تـعـيش على فتاة موائد
مـا عـاد للماضي كنوز مدامة
هـم أسرجوا نار الحديد فأطفأت
فـتـجـيء أسئلة السماء بنزفها
بـغـداد أوحلت الدروب بدفقها
وشـوارع الإسـفلت يسكر ليلها
وتـفـز مـن كف البراءة لفحة
والـموت يفرش بالعراق ظلاله
ومـسـيـس ساسوه نحو ولاية
أولاء مـن حـبلت بهم أوزارهم
كـم هـالني ما قد رأيت ولمني
مـا لـلفرات محمحما في موته
فـإلـى م نـبقى والجناة تسومنا
وشـواطـئي نكرت بهار دلالها
لـم يـتركوا رأسا تدحرج حينه
فـلـقـد ذوى بشفاه مائي نذرنا
مـتـنا هنا ما بين شاطئ غربة
مـتـنا ودمعتنا تخارس صوتها
وصلاة سنبلتي بأرضي أحرقت
غـاب الهلال على مساء مواجع
حـتى احترقنا في سلال مجامر
والآن أجـلس في زوايا خيبتي
واستيقظت بي وحشة واستبدلت
أنـا اشـتـهي موتا يكفن قاتلي
أنـا فـاعـل والـفاعلون قبائل
كـم أطفـأت للشمس أنجم ليلها
فـمتى أرى شعبي يجوز همومه
مـتوضيء بالحزن وجه شماله
هو طفل هذي الروح يشهق نخلة
هـو بـاب عمري للخلود أناله
أواه مـن حـسرات يأس قطعت
أواه يـا وطـنـي وفيلق أدمعيوتـألّـه الـتـسـويطُ والسيّاطُ
وحَـدا بـهـا التفريطُ والإفراطُ
وطـوتْـهُمُ في سوءِها الأغلاطُ
مـا دامَ مـاتـت بيننا الضبّاطُ
نـفسُ الجنوحِ وصُودرَتْ أنواطُ
وتـبـيـعـُنـا بمماتنا الأقباطُ
عـَنتا . وتُلهبُ بالضلوعِ سياطُ
والـفـتـق طـال ومله الخياط
ويجوع من جوع الحزين سماط
كـلا ولا بـيـن الشهور شباط
مـدن وغـاب عن الوداع بساط
وبـطعم روح الموت زاد رباط
مـذ راح يـصنع موتها المطاط
بـدم الـريـاح ويـستباح قماط
وتـنوح في أذن الرؤى الأقراط
وتـرش حـفـنة موتنا الأنماط
أخـرى وأمـر المتعبين أناطوا
ودم الجنوح عن الجنوح أماطوا
صـوت المجاعة والدماء تحاط
وجـبـيـن دجلة لاح فيه عياط
لـدم الـنـهاية كي يعيش بلاط
وعـبـاءة الـرحمنِ فيّ تساطُ
إلا وحـاكـمـه لـديّ سـراطُ
وتـخـارست بعروقنا الأمشاط
وحـقـائـب فيها الامور تلاطُ
وبـهـا حـنـين الذكريا يماطُ
وتأرجحت بهوى الرؤوس نقاطُ
وتـكـفـنـت لـغيابه الأشواطُ
واسـتصرخت أنفاسنا الأشراطُ
وفـمـي بقضبان السياطِ محاطُ
وجـهـا بوجهي وازدهاه شماطُ
وتـقـيـئه فوق الرموس رياطُ
بـطـرت وقمطت الرياح نياطُ
والـغـيـم فـتق ثوبه الخرّاط
ويـنـال اسـبـاب العلا ويناطُ
وجـنـوبـه زهدت به الأسباطُ
واغـتـيـل منه بشاطئيه نشاطُ
بـدمـي ويـنـشرني به نغّاطُ
عـرق الضلوع وأوغلت أوساطُ
فـمتى سيوجز غصتي الإحباطُ