سرائرُ الحرير

أ. د. عبد الله الفَيْفي

أ. د. عبد الله بن أحمد الفَيْفي

[email protected]

كَحُلْمٍ  مَشَى  في لُجَّةِ  اليَـمِّ  راهبُـهْ

******** تَجُـوْسُ  انتفاضَ  المـاءِ  فِيهِ  كَتائبُـهْ

وفي عَيْـنِ ذاتيْ سَافَـرَ الشَّوقُ، شَاهِقًا

******** تَخَطَّفُ ،  أو شِعْـبًا  تُغِـذُّ غَياهِبُــهْ

ولَمَّا تَوَلَّى مُنْتَهَـى الشَّـطِّ مُهْــرُهُ

******** وأَلْوَتْ بِواديْ التِّـيْهِ  شُـقْرًا  ذَوائبُـهْ

رَأَى  في  تَلابيـبِ  المَوامِـيْ  غَزالـةً

******** تُغَنِّي، فأَشْجَتْـهُ ، وجَاشَـتْ  غَواربُـهْ

تُقَـبِّلُ  ما يَنْداحُ مِنْ شَـجـْوِ صَدْرِهِ

******** بِنَبْعٍٍ  كَذَوْبِ الفِضَّةِ ،  العَذْبِ  ساكِبُـهْ

وفي غِـرَّةٍ، هَـبَّتْ  عَصُوْفًا بِوَجْهِـهِ

******** فغابتْ مرائيـهِ  وغـارتْ  كَواكِبُــهْ

فلا البَحْـرُ يُنْجِـيْهِ، ولا البَرُّ مُنْقِـذٌ،

******** وثارتْ بِـهِ الأريـافُ صُفْرًا تُواثِبُــهْ

تَقُوْلُ، إذا مَا جَـاءَ، والعِطْرُ صوتُهـا،

******** ومِنْ كُلِّ بـابٍ راحَ  بالوَجْدِ  آيِبُــهْ:

أُعانيْ ، حَبيـبيْ ، في حَرِيْرِيْ سَرائـرًا

******** مِنَ الوَرْدِ ، إذْ  نَادَى  على الوَرْدِ نادِبُـهْ

تَوَغَّـلَ بِيْ قَحْـطٌ قديـمٌ ، وغالَنـِيْ

******** مِنَ المـاءِ تَيَّــارٌ يُجَارِيْـهِ  راكِـبُـهْ

أرانيْ سَرابًـا. لا أَرَى الوَقْتَ  صاحِبي،

******** وهذا النَّدَى المُختالُ هل فيكَ صاحِبُـهْ؟

وَقَفْـتُ على كُلِّ  الدُّرُوْبِ ، وأَدْبَرَتْ

******** قِطاراتُ  ما أَبْغِـيْهِ ، والتَّـوْقُ خاطِبُـهْ

وحَطَّمْتُ شَـوْقًا في الموانيْ - ولم أزلْ-

******** فؤاديْ.  وتَـبْنِيْ كُلَّ رَكْـبٍ تَجَارِبـُهْ

إلى كَمْ مَواعِيْـدِيْ هَـواءٌ ، ورُؤْيَـتِيْ

******** ضَبـابٌ ، ووَجْهِيْ هاربٌ مِنْهُ  طالِبُـهْ؟

أَقِلْنِيْ ، فَتَى عُمْرِيْ ، تُنَاخِيْـكَ طِفْلَـةٌ

******** أَتَتْ بابَـكَ العَـاليْ تَدَهْـدَى جَوَانِبُـهْ

فأصغـيتُ ، لا أدريْ أَبِيْ  مَسُّ  طارِقٍ

******** مِنَ الجِـنِّ ؟ أم جِـنُّ ابْنِ آدمَ  كَاذِبُـهُ

"أَقِلْنِيْ"؟!..أنا مِنْ عَثْرَتِيْ الأرضُ تَنْزَوِيْ

******** حِذَارًا ، ورِجْلِيْ  كُلّ  خَطْـوٍ تُجَانِبُـهْ!

أنَـا بَعْضُ ما أَبْقَـتْ لَيـالٍ بمِخْـلَبٍ

******** وما خَلَّـفَ  الإنشـادُ  مِنِّي  وحَاطِبُـهْ

أنا مَنْ أنا؟ ما عُدْتُ أدريْ! ومَن هُنـا؟

******** وما أمسِ مِنْ يَوْمِيْ؟  وما الصُّبْحُ كاسِبُهْ؟

وما هذه الدُّنيـا؟ ومـا  في بطونِهـا؟

******** لكَمْ  دَبَّ  في هذا النسـيمِ  عقاربُـهْ؟!

تَرُوْغُ بِنا الأيـّامُ، شـمطاءَ، ما غَوَتْ،

******** ولكنْ عَـدَتْ في الكَرْمِ أُسْـدًا ثعالبُـهْ

ومُذْ (كُنْفِشُوْسِ) الصِّيْنِ  ما لاحَ  بـارقٌ

******** إلى اليومِ في صَحْـرَاءَ شاختْ تُراقِبُـهْ

و"يُوْتُوْبِيانا": غيمـةٌ.. ثُـمَّ  أَجْدَبَـتْ،

******** وطارتْ بـ(تُوْمَسْ مُوْرَ) عَنْها رَغائِبُـهْ

وكَمْ مِنْ نَبِـيٍّ حـاربَ  الناسُ سِلْمَـهُ

******** وكَمْ مِنْ غَـبِيٍّ حاربُوا  مَنْ  يُحارِبُـهْ

فبينا عـَتا شَـكِّي  وثـارتْ حمـائـمٌ

******** مِنَ القَلْبِ مـا حَطَّتْ بقَلْبٍ  تُجاوِبُـهْ

تولَّـتْ.  أكـانتْ هاهنا؟  أم تَلَبَّسَـتْ

******** بكَوْنِيْ؟ وبَـذَّ البـَثُّ بابًـا تُوارِبُـهْ؟

ذَوَى الصَّوْتُ في صَوْتِيْ، فأَمسيْتُ مُفْرَدًا،

******** وغابَتْ بذيْ غَابٍ مِنَ الوَحْشِ  غالِبُـهْ

فيا نَفْسُ ، بِيْ مِنْ واكِـفِ  الهَمِّ  وارِفٌ،

******** رُزِئـتُ الأَنِيْـسَ الحامِلَ الهَمِّ غارِبُـهْ

رَمَـتْ بِيْ تَضارِيْسَ البِدايـاتِ  بَغْتَـةً،

******** وأفضتْ ، فَمَنْ لِيْ بَعْدَها مَنْ أُعَاتِبُـهْ؟

وهَلْ دُونَما قَدْ دَوَّنَـتْ  في  صَحائفـيْ

******** فَتـاتيْ قَصِيْدٌ يُشْعِـلُ اللَّيـلَ ثاقِبُـهْ؟

كحُلْمٍ أَتَتْ مِنِّيْ ،  وغابَـتْ  بآخَـرِيْ،

******** وما بَيْـنَ فِعْلَيْهـا  وُجُـوْدٌ  أُناهِبُـهْ

إذا ماتَ هَمْـسُ الصادحـاتِ بخافِـقٍ،

******** فكُلُّ عُـواءٍ- لا  أبا لَكَ –  جاذِبُـهْ!

ذَكَرْتُ  أبا تَمَّامَ ، والسَّيـْفُ  صـادِقٌ،

******** وَ"بَـاءً" يُدَارِيْهِ بِـ"هَـاءٍ"  تُعـاقِبُـهْ

"قِفـا نَبْكِ من ذِكْرَى حَبيبٍ وسَيْفِـهِ"،

******** يقولُ صَدِيْقِيْ ، إذ تَغَشَّـاهُ واصِبُــهْ

فأَيْقَنْتُ  أنَّ اللَّيْـلَ ما انفَـكَّ مَرْكَـبًا

******** "وَأَخشَـنُ  مِنهُ  في المُلِمَّـاتِ راكِبُـهْ"!