غريب على ضفاف بردى
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
على ضفافكَ فاضَ النزفُ يا بردى
يـخـتـضُّ قلبي على واديكَ شرنقةً
نـهـارُ بـؤسٍ أنا قد عشت مرتحلاً
أنـسـاحُ فـيـك شـراييني تعمّدني
وتـكـتـوي بـرؤى فكري مُخيِّلتي
أجـوبُ وحـدي دروباً لستُ أعرفها
نِـصالُ قرباي مرَّتْ عند خاصرتي
ومـا جـفـلـتُ ولكن عانقتْ شفتي
جـلـسـتُ عندك والشهقاتُ تلبسني
وحدي ورجْعُ الصدى يكتظُّ في وجعي
أقـيـلُ روحـي من عثراتِ أزمنتي
أنـا مـسـيحُ الأسى أعلنتُ مقبرتي
تـخـذْتُ هـمـسَكَ قرآناً يؤانسني
أغـفو على الضيمِ ساعاتيَ احترقتْ
رأيـتُ ثغري ارتمى في سلّتي عطشاً
فـأطـلـقـتني شظايا النار مُحرقةً
فـحـوّمت في مدى رؤياي أخيلتي
شـالـت مـويجاتُ أنفاسي طراوتَها
سـهدْتُ حتّى اكتوتْ بالوَهم جمجمتي
وعـنـد جـرفِكَ أوحت لي بنفسجةٌ
وأنّ غـيـمي جَفا رعشاتِ مزرعتي
ألِفْتُ روحَ انكساري واحتوى عطشي
سـكـبـتُ خمرَ جراري عند شاطئِهِ
وأشـعـلـتْ مُقلي في موجِ رهبتِهِ
يـا رعـشةَ الدهشةِ الكبرى بأضلعِنا
وعـنـد بـابِـكَ ألـقـيـنا حقائبَنا
أطـوي دروبـي ويطويني بها قلقي
بـحـثـتُ عنه وجئتُ الموج أسألًه
قـد كـنـت فيها وقد كانتْ تراودني
واعـدتْـهُ ، غـمراتُ التيهِ تلسعُني
هـذا إطـاري مـليءٌ في مواجعِنا
سـجـني حروفي وأفكاري تقيِّدُني
فـي كل دربٍ أرى خطواتِ أجنحتي
أنـا الـمغنّي وإنْ كان المدى قفصي
* * *
يـا طـائرَ الروحِ في أغصانِ غربتِه
قطعتُ شوطي على صمتٍ وأدهشني
ألـمُّ نـفـسي شظايا طاردَتْ مطري
وقـد أجـيءُ ولـكنْ لا وجودَ إلى
كـنّـا عـقدْنا لأرضِ الشامِ رحلتَنا
وكـم طـرَقـتُ لبابِ الريحِ منفرداً
تظمى جراحي وحزني صارَ مقصلةً
حـتـى احترقنا وجمرُ الندِّ ضوّعنا
أقـمْـتُ عـنـدك قدّاسي فخذْ بيدي
خـذنـي إلـيك ووسّدني على رَهقي
جِـدْ لـي صـديقي ولو ظِلاً أنامُ به
ردّي بـقـاياي يا شامَ العُلا جسداً
وَعـوِّضـيـنـي لـدفءٍ فيّ أفقدُهُ
سـبـعـاً مشينا ونارُ الويل تحصدُنا
سـبـعـاً مـشينا على كرْهٍ مواجعَنا
عـشْـنـا احـتراقاً فمَنْ منّا سينقذنا
غـداً أعـودُ ولـكن قد لنْ أعودَ إلىوفـوق رمـلِكَ حرفي من دمي وُلِدا
ومِـنْ شـفاهكَ تُسقى الوردةُ الشَّهَدا
مـنّي أعاني ، وصدري باللظى اتَّحدا
ويـغسلُ القهرُ في جمرِ الردى السَّعدا
وعـنـد قلبي يبابُ العمر قد سَجدا
وقـد أُعـيرُ فمي صمتي الذي ارْتعدا
وكـنـت أعرفُ أنتَ الكنتَ لي سَندا
نـزفـي وكـنتَ إلى أقواسِهِ الزّندا
وطينُ روحِكَ أضرى في دمي المَسَدا
ومـخـرزُ الموتِ في جنبيَّ قد نَهَدا
وفـيَّ تـسـقـطُ أفكاري بها شُرُدا
فـي مـقـلتيكَ فكنْ يا سيّدي المَهَدا
فـنـامَ قـلـبي على شطّيكَ واتّسدا
وَهَـدْهَـدَ الروحَ حزنٌ ثارَ ما هَجدا
ومـاءُ صـبري غدا في واحتي بَددا
وجـمَّـعـتـنـي بعينِ اللهفةِ الرّمدا
ونـقّـلـتْ رقصةُ الأفياءِ ما اطّردا
ودغـدغـتْ شـهقتي أضلاعَها مَيدا
وكـنتُ وحدي إلى نفسي التي مَددا
أنّ الـحـبيبَ الذي في القلبِ قد بَعُدا
وغـازلَ السنبلُ المجروحُ مَنْ وَجَدا
روحي،وجرحي على ما كان ما بَرَدا
ونـزفُ قـلبي تراءى فيّ وانْعَقدا
صـوتي ، يغنّي على أوجاعِه غَرِدا
شـمسي بأفقِكَ صاغَت دمعَها رَصَدا
فـكـنْ لقلبي الأبَ المحرومَ والوَلَدا
أضـعـت مَنْ كان بي للسّاحةِ الأسدا
لـكـنـه ما كانَ عند الدربِ قد قعَدا
ويـغـسلُ الصبحُ في أجفانِها البَرَدا
وجـئتُ لكن لِوَعدي خابَ مَنْ وَعدا
وفـيـه نـاري التي قد صغتُها وَقَدا
ونـبـضُ قـلبي على أضلاعِهِ رَقدا
تـلـمُّ نـفـسي على أشجانِها بَددا
أشـعـارَ حـزنٍ، بها قلبي قد انفردا
* * *
غـرِّدْ فـمـثـلـك حزني للغِنا رَفدا
كـأسي بخمرِ النوى قد أحرقَ الجلدا
بـاقـاتِ وردٍ بها شعري يسيحُ ندى
بـعـضـي ، فأسكنُ في مقلتيَّ غَدا
أنـا وجـرحـي حيارى نذرعُ البلدَا
وكـم رجـعْـتُ وغيري فيّ ما وَفَدا
تـدقّ ضـلـعي وجرحي بالدّما خَلُدا
في موسمِ الصمتِ وابتلّ الشذا غَيدا
لا لا تـردَّ يـداً مَـدَّتْ إليكَ يَدا
وَجِـدْ بـروحِـكَ مِمّا ضقْتُ مبترَدا
فـكـم طرقْتُ وما ردَّ الصّدى أحَدا
فـقـد فـقـدتُ أنا في أمتي الجَسدا
فـمِـنْ سـواكِ تـزيحُ الهمَّ والنكدا
وشابَ حتى الردى من كثرِ ما حَصدا
ومـا يـئـسْـنا وفينا الصبرُ ما نفَدا
ومَـنْ يـكـونُ لنا لو ضاقتِ اللحَدا
واديـكِ ، قـولي هنا قد كانَ وابتعدا