مدارسُ الغَضَب

محمد مصطفى خميس

[email protected]

لا نقرأُ التَّاريخَ إلا للعَجَبْ

ذي قارُ يومٌ صفَّقتْ فيه العَرَبْ

وخالدُ اليرموكِ سطْرٌ...

قد توشَّى بالذَّهَبْ

وعينُ جالوتٍ نجومٌ سابحاتٌ...

في مرايا الحقِّ عِطْراً تنسَكِبْ

حطينُ في صدر الفرنجِ كاللَّهبْ

والقادسيَّةُ ارتمتْ كالطِّفل في حُضْنِ الأبدْ

الآنَ مَنْ يبكي سوى حمَّالةِ الحطبْ؟

كأنما في جيدها المبتورِ حبلٌ من مَسَدْ

وتدْمرُ الهيفاءُ فوقَ أهدابِ القُضُبْ

لتُلبسَ التيجانَ للأولادِ...

هل يقوى على حُكْمِ الدُّنى ولدْ؟!

لا تبحثوا في كتب التاريخِ عن أمٍّ وأبْ

لأنكم أسرابُ أمَّةٍ تلاشتْ كالزَّبَدْ

لا تبحثوا في كتبِ التاريخ عن مدارسِ الغضبْ

لأنكم موتى...

وفيكم بعضُ روحٍ ليس يرجُوها أحدْ

*    *    *    *

مثلُكُمْ كمِثْلِ حفَّارِ القبورْ

قال جدي: كان في الدَّيْرِ يصلِّي

وإذا ما مات أنصارُ المسيح يحزنُ

وحينَ تشردُ العيونُ يحفرُ القبورْ

ليسرقَ الأثوابَ والذهبْ

ويَلْبَسَ التاريخَ ريثما يأتي النُّشورْ

ومرَّةً رآه طفلٌ وهْو حولها يدورْ

فقال: لطفاً يا أبانا...

هل بُعثْتَ اليومَ من بينِ الزُّهورْ؟!

فاستجمعَ الترابَ قال: سيِّدي

إنَّ أباكَ في الظلام شبهي

فقال: لا

دعني أراكَ..

أنت حفارُ القبورْ!!

في الليل بابا أنت..

أمَّا في النهار أنت حفارُ القبورْ

فيا صغاري القابعينَ في مقاعد الدِّراسةْ

لا تحفروا أرضاً بها أجسادُهم

لأنها ليستْ لكم تاجاً...

ولا مقاعدَ الرِّئاسةْ

كي لا يراكم في ظلامِ ليلِكُم طفلٌ وليدْ

فيحسبُ الصغيرُ أنما عاشَ الرشيدْ

أو بُعِثَ الفاروقُ...

أو ابنُ الوليدْ